1 Minuten Lesezeit
06 Jun
06Jun

ما يتأكّد أكثر فأكثر أن منظومة الحكم في لبنان دخلت مرحلة ما بعد الانهيار، في تنازع محموم على تركة الدولة، وهو ما ينعكس على اداءٍ بائس لحكومة بائسة لا دور لها غير تأمين الخدمات لـ "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار العوني". هذه الأطراف تعلم جيداً أن "ثورة 17 تشرين" حاكمتها وحكمت عليها وأسقطتها، ولم يتأمّن بقاؤها حتى الآن بحسن ادارتها، بل بفائض "تشبيحها" الطائفي والفئوي.
من هنا أن ما يجري تحت شعارات كـ "معالجة الأزمة" و"وقف الانهيار" و"انقاذ البلد" لا يعني لـ "المنظومة" سوى فرص: 1) لمواصلة أسر المجتمع في الأزمة المعيشية والوبائية، 2) لحماية مصالح تأتّت لأطرافها من طريق الفساد والسلاح غير الشرعي، 3) لمحاولة ابتزاز المجتمع الدولي ومساومته على "تسوية" خاصة تبقي لبنان في القوقعة الايرانية، و4) لكسب الوقت في انتظار نهايةٍ ما (قريبة؟) للأزمة السورية. ويعتقد "حزب الله" وحلفاؤه أن أي حلٍّ في سوريا لن ينتقص من مصالح إيران، وأنه في أسوأ الأحوال لا بد أن يعتبر لبنان من "حصة" إيران، لا لشيء بل اعترافاً بـ "كفاءة" "الحزب" في حكمه وإدارته!..
وسط هذه المعمعة بأوهامها وحساباتها خاطئة يضيع البلد، بين الخوف من الوباء الفيروسي والمعاناة من الأوبئة السياسية. وفجأة يُصار الى نبش وساوس قديمة وتلميعها: الفيدرالية، التقسيم، إعادة النظر في الخريطة بمناسبة مئوية انشاء "لبنان الكبير". بل تُطرح مجدّداً قضية تغيير "صيغة الحكم"، لكن من يريدون تغييرها خرّبوا البلد ولا يوجد بينهم مَن يضاهي بشارة الخوري ورياض الصلح، لا بالوطنية ولا بالحرص على التعايش... أكثر من ذلك، يُراد إيهام الداخل والخارج بأن "التفاهم" الاستراتيجي بين "حزب الله" و"التيار العوني" يقارب نهايته، لأن جبران باسيل يريد ضمانات مبكّرة لترئيسه، لكن كلّاً من الحليفين لا يزال بحاجة الى الآخر، ثم أن تيار باسيل لا يملك خيار فكّ التحالف، وتأخّر في استشعار سخونة الاستحقاقات الدولية الآتية (قانون "قيصر") وهشاشة الضمانات التي يوفّرها له "الحزب".
هذه الاطروحات والبهلوانيات تعني أمرين: أولهما، أن أطراف "منظومة الحكم" تحاول تفصيل صيغٍ على مقاساتها وصنع مظلة حلول مطاطة لإخفاء عوراتها. لدى التدقيق في مطلب الفيدرالية يتضح أن أصحابه "العونيين" لم يعودوا قادرين على التعايش مع أحد، لذلك يريدون "إقطاعاً" خاصاً يمارسون فيه البزنس الكهربائي وغير الكهربائي من دون محاسبة، ولعل الحزب الحاكم/ "حزب الله" لا يمانع، فهو دائم التبرير بأن الفساد وحمايته ضرورة لحماية سلاحه غير الشرعي، ولا تضيره "الفدرلة" لأنه يتعامل أساساً مع لبنان كجزء من امبراطورية إيرانية. أما الأمر الآخر فهو أن أطراف "المنظومة" أدركوا أن التفاوض مع صندوق النقد الدولي لن يثمر في أحسن الأحوال سوى مساعدات محدّدة للغذاء والدواء والوقود، ولذلك فإن "انقاذ البلد" لا يستحق منهم عناءً ولا اهتماماً.

DIESE WEBSEITE WURDE MIT ERSTELLT