ديلان شوقي...شاعرة معمدة بالمكان و مسكونة باللغة الكردية...!!.
بقلم عبدالوهاب بيراني*
ديلان شوقي ...الشاعرة الكردية السورية و قراءة سريعة في متن مجموعتها الشعرية( لقاء الرسل) hevditina pexemberan هذه المادة التي كتبها قبل أكثر من عقد من الزمن إبان صدور مجموعتها المذكورة و وجدت من الضرورة بمكان نشرها مجددا ضمن مادة تعريفية و ربما كمساهمة مني لتقدير شاعرة كردية اسهمت و ما تزال في رفد المكتبة الأدبية المزيد من الأعمال الشعرية و الأدبية المتميزة بأسلوبها الكتابي العميق و الرصين و الجريء...
.......................
شعرها، وفي مجموعتها الجديدة ( لقاء الرسل ) و الصادرة مؤخراً عن دار آراس للنشر وباللغة الكردية ، شعر مكتوب برحيق المرأة , وعطرها، غموضها و نقائضها ، أناقتها و لذتها ، بتناسق عناصرها ، وأحزانها و ذاكرتها ، هو شعر لا يمكنه التنفس خارج كينونة المرأة ، كما كان الحال أيضاً بالنسبة لمجموعتها الأولى (قبلات حمراء) التي صدرت قبل أعوام عدة، حيث يجد القارئ نفسه مباشرة أمام قصائد تتجه بخطابها إلى العنصر الأخر في الحياة: الرجل.
حيث تحاور عالمها بأسلوبية خاضعة لتأثيرات الواقع نفسه و احتمالاته فهي لا تفصح عن ملامحها ، و حدودها بقدر ما نتوهمه في المشاهد التي تحركها ، وترسمها "بالكلمات" ذاكرة مبصرة وحادة، فهي ليست ذاكرة فردانية أو مجرد استطرادات تتوالى لتخضع الخاص إلى العام فحسب بل هي إحالة مرجعية إلى الصورة الجمعية "المكان" حيث تقف بحذر على جوانب المكان و تقود نصها الشعري مع مراقبة قطيع كلماتها .. وتدهشنا بأنها تطلق قطيع عصافيرها حرة و بدون أية حدود ... حيث حشدت الشاعرة عالماً فنياً ثرياً، فهي حاضرة بحلمها ، و آمالها و بجسدها و أمنياتها الصغيرة "المشروعة" ، فقصيدتها تبدأ من تلقائية غير مسبوقة بإشارة انبثاقها، لا تفصح عن نهاياتها .. فقصائدها لا تنتهي بمجرد وضع نقطة النهاية في آخر القصيدة ..، و إنما النهايات لم تكتب بعد!!.
و هي لا تجد في طلب المعنى من المفردة.. وإنما ثمة ما يحث على المتابعة خالقة حنيناً غامضاً..، و شعوراً مبهماً لتعيد نقش كلماتها و بالتالي مفرداتها وفق احتمالات الواقع.. فعياراتها تنقلنا إلى عالم المكان و عمق الصورة.. والحدث، ذات حركة و إيقاع فتتابع لا تتوقف عند الوظيفة البلاغية كالتشبيه و الاستعارة ، بل لخلق المزيد من الدلالات في سياقات نصوصها التي تقوم بموازاة الواقع وتفاصيله الصغيرة الحزينة ، والبهيجة .. فهي تسترد زمناً مفقوداً..، و أمكنة تغيرت ملامحها و هياكلها .. وأشجارها ، و طيورها، و رائحتها ، و ألوانها، ثم تصر على حضور الدار و فضاءاتها و عرائش الورد و اللبلاب وأفراد العائلة.. و الجيران اللذين مازالوا على قيد الحياة .. أو أولئك اللذين رحلوا..
تعود إلى الماضي ، إلى الأمكنة التي غادرتها .. لتعود إليها بالتفاتة مفاجئة كما لو أنها ستغادرنا بعد قليل .. مكونة ذاكرة محكمة ، ناصعة قاهرة للنسيان عبر مفردات تخرج من حالة الإشارة إلى التمعن إلى الذاكرة التي تعيد تشكيل الصورة و اللهاث مجدداً لحضور لقاء مقدس .. حاضر تتنفس حدودها و ملامحها في تفاصيل اللقاء اللاحق.
و الشاعرة تكتب معاناتها وآمالها بإشراك الآخرين في كل ذلك عبر شراكة تعتمد على الثنائيات: الحضور و الغياب ، الجسد والجنس ، الجرأة في كشف المستور و المكبوت في مقابل الانهزامية والتخفي في أماكن عاصية عن الوصول.
فقصائدها مشحونة على الدوام بالرومانسية و الألم و التفرد و الغربة و الغياب ، تعتمد على دهشة اللغة وتجديد مساراتها و مصادرها، و اقتناص اللحظة الطامحة بالأمل الغارق في لجة العتمة ، و الطاعنة في عتمة الحزن الشفاف، حيث تلهث وراء البحث الدائم و خلف مسارات تيارات جديدة ترسمها على الضفة الأخرى من الحياة.. كأنهر مالحة ، فخزائن ذاكرتها ، و عيناها مفتوحتان على المدى التاريخي الزماني والجغرافي المكاني لحياة أفراد و شعب جريح ممزق مازال يبحث عن موطأ قدم تحت شمس الله.. وتتقد تلك الذاكرة بعهود ألزمت نفسها بإيفاءها، الشعر عندها مسكون بالحب و الحياة ، محكوم بالضجر و الملل من روتين الأوقات الرديئة، راهن بحالة الفقدان القسري ، فهي لا تستطيع نسيان بلدتها الصغيرة في أقصى شمال البلاد التائهة بين الـ"سَرخَط" و الـ"بِن خَط" و المنشطرة بين علمين.. و لغات وشعوب وأمم لا تستطيع فكاكاً من ملامح دارها ، و أهلها ، و أعراس المدينة و أحزانها و مقبرة المدينة وأثارها التاريخية و تلالها وأطفالها ، نسوتها و عجائزها، و عصافيرها الخائفة ... وأشجارها التي ماتت واقفة..
و ذلك عبر مشاهدة غير حيادية، و إنما شاعرة تتعرف معنا على المفردات و توغل في المراقبة و نحت الماضي لرسم صورة الحاضر.. لمكان جديد بهي، و تمارس اختراقاً سرياً لشهوة و رائحة المكان و ضجيجه، و هدوءه و أولئك الأبطال المسنين عبر محاور عاطفية ، قومية، قلقة مفتوحة على أكثر من سؤال مبهم وكأنها بانتظار أجوبتنا.
بقي أن نقول بأن الكاتبة و الشاعرة ديلان شوقي من جيل الكاتبات اللواتي برزن في بداية التسعينات من القرن الماضي ، في الوقت الذي كانت كتابات المرأة و الشعر الكردي "النسوي" يعيش حالة الغيبوبة و يرزح في غرف العناية المشددة..
و ما زالت تجاربها الإبداعية تساهم في رفد حركة الأدب الكردي و هي عبر مجموعتها الأولى "قبلات حمراء" و مجموعتها الحالية " لقاء الرسل " تمثل صورة قوية عن إلتماعات و اجتراحات شعرنا الكردي مضيفة إليه حيوية و نداوة وبكارة متجددة و مصورة أجواء ساحرة ، و قاسية لعزلة و وحدة و اشراقات الوعي و المثقف الكردي الذي مازال يعمل بمعاول الهدم و البناء و البناء عبر كلماتها و خطوطها و ألوانها ، و لقاء الرسل ، تأتي كإضافة حقيقية إلى حقل الإبداع الأدبي الكردستاني المعاصر و التي تصر ، ديلان، على خلق نوع من العلاقة النفسية والجمالية بل وحتى الخاصة مع هذا العالم الذي ينحدر نحو الهاوية .. و هي تسعى لحضور لقاءها المرتقب مع الأنبياء و الرسل.. في مكان نظيف و متألق و بهي.. .
.......................................
من اصداراتها :
Hevditina pexemberan لقاء الرسل
Ramusanen sorقبلات حمراء
Ez tev de pencere me كلي نوافذ
و رواية بالكردية أيضا بعنوان xate
و روايتان تحت الطبع
و مجموعة شعرية أيضا تحت الطبع بعنوان cave sefeqe vedibin(Rojava)
و كتابان مترجمان من اللغة التركية للغة العربية
_ ديوان الشاعر أحمد عارف (من أجلك عتقت قيودي) عن دار سماكرد بدبي
_ ترجمة مجموعة مختارة من القصائد التركية للغة العربية (اتحاد كتاب العرب بدمشق)
مع العلم انها عملت في ترجمة بعض الأعمال الدرامية من اللغة التركية الي اللغة العربية
نشرت قصائدها في المجلات و الصحف الكردية
ترجمت أعمالها للغة العربية
ترجمت بالمشاركة مع جوان ايو مذكرات الشاعر الكردي الكبير الراحل جكر خوين الي العربية
عضو مؤسس لجمعية روانكة الأدبية (المرصدالادبي) في الجزيرة السورية
شاركت في العديد من المهرجانات و الامسيات الشعرية و الأدبية في عدة مدن كردية و دمشق
تتقن اللغات الكردية و العربية و التركية
تقيم في تركيا مؤقتا
مواليد مدينة سري كانية (راس العين) _ سوريا
.......................................
و هذه نماذج مترجمة من بعض نصوصها الشعرية
Meyo
Xwêyo
Ji hestên min re bav û dê yo
Cano
Nano
Barano
Gava qala te dibe
Ez ji perîkekê siviktir dibim
Çavên min tije ronî dibin
Her der dibe tu .
Ne tu bî
Ne demsal hene ne piyal .
Tu avî
ez tim tî me .
ey her tişto
Ez wek tejikeke raxistî me
Hemû rengên te li min xuya dikin
Ez wek pelek şîn li xwe gerandî me
Bi bayê te ez vedibim
Bêyî te ez qeşmerim
Ez hîtlerim
Qetqetîme
Çawa tu min kedî dikî
Çawa tu min mêşin dikî
Çawa tu min tînî hevdû ez nizanim .
ايها...
التائب
كن لمشاعري الاب و الام
يا روحي
و خبزي
و يا مطري
حينما يذكرونك أمامي
اتحول إلى ريشة خفيفة
و عيناي تمتلئان بالنور
كل الآمكنة تصبح انت
لو لم تكن انت
لما كانت الفصول و المواسم
انت الماء
و انا العطش دوما
يا كل الأشياء
انا كسجادة مفروشة
كل الوانك واضحة فيّ
كورقة خضراء ملفوفة انا
هواءك يفتح أوراقي
بدونك انا مهرج
انا هتلر
الفاشي
كيف روضتني؟
كيف دجنتني؟
كيف لملمتني؟
لا أعرف...!.
Şev ji her alî tê
Çavên te bi min re ne.
Ez zanim
dawiya van nerînên te birûske
barane
tê kêlîka bi gul û sinober kî
wê dar qaşilê xwe deyne
ezê wek nîskê hêrandî zû bikelim .
van kêlîka ‘
tu jî ji xwe derdikevî
qey ko hêlîn talan nebin
çivîk ji şaxan dûr naçin !
bela çivîk bêdengiyê bi xwe re bifirînin
mihtava di çavên te de
baranê nêzîk dike
keskesor tê rêzê
xwîna sipî diherike
û qeymax ji ber tihnê
ruyê şîr dikenîne .