67 Minuten Lesezeit
Wenn ich ein Zuhause hätte, würde ich darin leben


"إذا لم تكن سباحاً ماهراً إياك والسباحة في بحر جميل داري"

غيفارا معو  

صورة الغلاف للفنان رحيمو حسين 

قيل:موهبة الشعر
ماتت لديه
من يؤجرني نصف بيت
لأسند روحي إليه..؟
من يعيد إلي
قليلا من الشعر
يبكي علي
وأبكي عليه...؟


لست أصلح إلا لحزني الجميل
ولأمي التي تركتني
منذ.. منذ قليل
لست أصلح إلا لفجر يجيء..
يجيء كحلم ضئيل
كهمسة نجم لجارتها
كربيع قتيل
جئت للحزن...
منه إليه السبيل



فمتى سأموت قرير الروح
غدا أم بعد غد ؟
بيد القابلة القانونية أم بيد العبث ؟
في أي مكان من هذي الأرض المكتظة بالجثث ؟
رحم الله زمانا
كان رقيقا كحذاء طغاة
كان جميلا كعيون الأموات
كان مضيئا كالظلمات



سوف أمضي دون أن أدري إلى أين
واستدرج موتي
سوف أمضي تاركا أهلي وصحبي وبيتي
جارح حلمي كنصل زمني
سأنادي الوقت حتى تتشظى نار وقتي
سوف أمضي حاملا ظل صليبي
لن أرى عبر طريقي
غير حلم مستحيل ليس يأتي



ولا شيء إلا صدى الموت
الموت بين أجاج الكلام
يروح ويغدو
ننام وليس ينام
وأنت هناك على شاطئ الموت ظل إله
توهج بالضوء
تحت الظلام



أحس الطبيعة قبرا
وقلبي جثه..
أحس الشموس التي
تتناسل عبر القصائد
رثه..
أحس بأني ضليل
وشعري لوثه..


لا شفاء من اليأس..
يأسي من الحب والحرب
والميتين الذين
يجوبون أنحاء نفسي
ويأسي من البحر والحبر
والعاشقين الذين
تراهم بلا أي نفس
ويأسي من الكلمات التي
تتراكض مذعورة
في خرائب نفسي
ويأسي من اليأس..
من يوم مولده..
وتلذذه بعذابات نفسي



الضياء الذي خانني
قد تلوث
بالظلمات
الضياء الذي حين رافقني
ضرج القلب
بالكلمات
وأخيرا
أصيب بداء غريب
ومات..!



أنا الموت أداهمك في عقر غربتك ومنفاك
أنا الموت حرا طليقا
أقيد وقتك بالحزن والألم
فلا تبك يا صاحب القلم
وسطر جنونك
في النار والريح والندم
لقد ترك الموت راياته
وأنا أعض على العدم



في مهب الغياب

دومي لقلبي زمانا ليس يبرحني ** فدون عينيك حتى النور يجرحني
دومي مناي وأشواقي وغاليتي ** فمن سواك ربيع القلب يمنحني
صبي بكأسي رؤى فياضة ..سحبا ** فهذه السحب الخضراء تفرحني
مهما نأيت فإن الشعر يغمرني ** الشعر يكتبني ..لا شيء يمسحني
غيابك الآن جرح ملء قافيتي ** لذا رياح الأسى السوداء تلفحني
كنا معا نتقرى الفجر مندلعا ** ونسكب الآه فالآهات من محني
يا أيها الزمن المنسوج من تعبي ** كتمت حزني.. لماذا أنت تفضحني
غيبي فجهك محفور بذاكرتي ** وكل زاوية للوجه يسفحني
غيبي فإني مع الأيام أرشفها ** نارا مؤججة والريح تلفحني
غيبي فعندي ضلال ليس يبرحني ** كم كان وجهك يهديني وينصحني



أعمى المعرة فيلسوف الشعر
وخلوده في الكون طول الدهر
إن حطموه ورأسه فياضة
بالعبقرية والرؤى والفكر
لن يستطيعوا إطفاء نور حقيقة
إن الحقيقة مبدأ للحر
يا أيها الخلاق فكرا نيرا
حي صداك وإننا في القبر
أسكرتنا برؤى نهلنا طقسها
لا لا نريد سوى طقوس السكر
راحت قرون أنت نورظلامها
لم تكترث بالنهي أو بالأمر
يا حاضن الإنسان في صبواته
ما زلت حيا في ضمير العص





تعتقي كخمور الشعر قافية
وزلزلي عالمي المشبوب بالقهر
وشذبي شجر الأشواق في كبدي
وأخرجي سلسبيل الوجد من بئري
ولملمي لي مرايا الظل عابقة
بالماء ينساب في أضمومة الزهر
وفجري الأرض عينا جد آنية
وكومي شذرات النور في ثغري
فما أنا غير طواف الدنا أبدا
أرتاد ظل الرؤى في بوحها السحري
الشعر والحب والأحلام إن جمعت
فربما خرج الموتى من القبر





يا دافئ الشعر..لا حر ولا برد
مثل الربيع تهادى عنده الورد
يا دافئ القلب والدنيا مكابدة
أمام سطوتها الإحساس ينهد
يا واثق الخطو ..إن الحلم فاكهة
في ظلها الشوق .. نار الشوق تشتد
حروفك الغاديات الرائحات هنا
مثل الكواعب ..طاب الجيد والنهد
رسمت لوحة حب لست أدركها
من كل فج يضيء البرق والرعد
أنت الجمال .. جمال الشعر تكلؤه
من الضياع إذا ما غيرك ارتدوا
فدم لنا شاعرا صناجة أبدا
إن البياض بغير الشعر يسود



أي عيد للحب والموت يسعى
وجموع العشاق مرضى وصرعى

أي عيد يضمخ القلب جرحا
فكأن القلوب للموت مرعى

أيها العيد المستحيل تبدد
خلني وحدي أسكب الآن دمعا

"من وحي اللحظة"



هذه صورتها المشتعله *** في إطار حالم ..ما أجمله

هذه صورتها عاشقة *** حررت أحلامها المعتقله

آه..حدق في هواها عاليا *** تجد السر وسرب الأسئله

أخذتها برؤاها عزة *** فالرؤى من مائها مغتسله

من دمائي جئت عودي لدمي *** أتريدين مزيد الأمثله

لغتي البكر بها قافيتي *** لا أحب اللغة المستعمله

فدعيني في نبيذي مثملا *** جربي مثلي وكوني مثمله

ليس لي معضلة واضحة *** إنما الصحو فقط لي معضله

ارسميني ألما في أمل *** ألم الحب يساوي أمله

أنت ما أنت سوى ملحمتي*** فاصعدي مثلي أعالي الجلجله

وإذا ما هدني الليل هنا *** فارشقيني بليال مقبله

إن قلبي بالأماني مثقل *** وأماني بقلبي مثقله



أمي التي :

تلوذ بظل الحنـان وتشـدو
لديها الأمومة مهـد ولحـدُ

تطوف بأشواقهـا كـل واد
على شفتيهـا صـلاة ووردُ

تنام وسادتها الحب ، تصحو
فكل الوجود رضيـع ونهـدُ

هي الأم أمي التي من عبيـر
له من صداها خلود ومجـدُ

خلقت من الحب كلـك حـب
فلا أرتوي منك قبـل وبعـدُ

قوافي الطبيعة حولـك عقـد
فنجم يـروح وآخـر يغـدو

وأنت الصباح المضرج عطرا
على راحتيك سرور وسعـد

فأنت الطبيعة خصبا عطـاء
ووجهك برق وقلبـك رعـد

وأبقى على العهد أرفو خطاي
على طرقات الطفولة أعـدو

أنـا طفلـك الأبـدي انــا
بقلبك حيـن الزمـان يشـد

ألوذ أجل كـل شـيء لديـه
حدود وحبـي لهـا لا يحـدُّ.



صحوت على صوت محمود درويش هذا الصباح قلت له:

في ظلالك.. خبأت ظلي
ورحت أرتل للعشب
آية نعشي
كان ثمة أمك..
ترنو إلى أفق غامض
وعلى مطر الموت تمشي
...
كيف غادرتني..
فبقيت يتيما
على كل باب..؟
كيف أسلمتني للرياح المريضة
حتى الخراب..؟



ما عندكم يخبو.... وما عندي يشع
وما يشع هو المدى المخضوضر المجبول من
ألق البنفسج والرصاص
فاذهب جفاء
أيها الزبد المهدد بالقصاص
كانت تباغتني مساء
كل قافلة الثكالى واليتامى..
كل عشاق الخلاص
..


لي صاحب..
سكران.. في حان القصيده
يتخيل امرأة
تقاتل...
في السماوات البعيده...
25-
لي صاحب ..
يبكي..
يحن إلى صداه
فتراه متكئا
على المنفى
ينام على هواه...
26-
لو كنت حيا
لاحتفظت بماء موتي
27-
لو كنت ظلا
لشكرت من يأوي إلي
28-
لو كنت خيطا
لرقعت أثواب القصيده
29-
لو كنت بحرا
لوهبت موجي للسماء
30-
لو كنت شيئا
لدخلت في حزب القطط
لكنني..
لا شيء.. قط
31-
لن أرتقي الجبل الأشم
ولن أغني للسماء..
في السفح..
كل الأصدقاء
32-
يمتد رجس من هنا
حتى هناك
فحذار مني..
أيها الملأ /الملاك
..



هذي يدي حزينة
كراية منكسه
وصاحبي المنفى على عادته
مصوب مسدسه
ولم أزل مفتشا عن نجمة شاردة
وغيمة مقدسة
..



في الصباح الذي لا تكونين فيه
يموت الحجل
وتكف السواقي عن الجريان
وينضب ماء الأمل
في المساء الذي لا تكونين فيه
أهيم على الوجه
تخبو بعيني السبل
وأفتش ما بين جرح وجرح
عن النار..
نار أقل
منذ أن غبت عني
تعثرت بالدمع..دمعي
فهل أنت مثلي ..فهل؟
يا حبيبة روحي التي شبعت من الموت
حتى الملل
وحده الحب أقوى من الموت
ماذا إذا الحب صار البدل ؟
فتعالي نحب ..نحب
نؤجل فينا الأجل
..



كلما اقترب الموعد ابتعدا
لا أرى خلف هذا الصدى أحدا
كلما قلت: هذا الفضاء لهيب الرؤى
خمدا
كلما اقترب البحر مني
مضغت أنا الزبدا
آه..
حزني وحيد وحيد
كأغنية في الغروب
كذئبي الذي شردا
..



من فؤادي العاشق المضطرب
أحتسي طيفك ..هيا اقتربي

اجعليني غيمةسارحة
انفضي عني غبار التعب

لست إلا طائرا مستيقظا
ألثم الفجر بحب مسهب

منذ عينيك وفجري طالع
من ينابيع الخيال الأرحب

راسليني بالإشارات أنا
شبه أمي وقلبي صبي

منذ دهر أذرع الحلم أنا
مثل طفل باحث عن لعب

أقتفي آثار روحي باحثا
عن صلاة خلف أفياء نبي

سيدي.. يا أيها الحلم.. غدا
سفر الأنجم بين الغيهب
..



في دمشق الفيحاء تنزف روحي *** وهي تحيا ما بين نار وريح
إنها نجمة الإله بقلبي *** نجمة قد تعطرت بجروحي
يا إلهي.. ألست تبصر شامي *** مبتلاة بكل وجه قبيح
استباحوا طفولتي وشبابي *** ثأروا من محمد والمسيح
قاسيون الشموخ أصبح يبكي *** وهو يرنو إلى الدم المسفوح
وصباح الشآم شهقة فيروز *** تغني بصوتها المبحوح
يا حمام السلام عطر شآمي *** ما ألذ الهديل بعد الفحيح.



ذكرياتي قصائد محروقة
ونزيف وطن

وصلاتي بيارق منكسة
وخرير يتيم بنهر الزمن

وحياتي رحيل إلى الموت
دون كفن..



في الصباح الذي لا تكونين فيه
يموت الحجل
وتكف السواقي عن الجريان
وينضب ماء الأمل
وأفتش ما بين جرح وجرح
عن النار..
نار أقل
منذ أن غبت عني
تعثرت بالدمع..دمعي
فهل أنت مثلي ..فهل؟
..



إلى صديقي ابراهيم اليوسف الذي الصق بي تهمة : امبراطور :

لقلبك ومض القصيدة
رفرفة الياسمين
وأنت هنا وهناك
سماء من الماء والعاشقين
وأنت تؤرخ موت الطغاة
وميلاد يوم جديد
على راية الثائرين
أتذكر حين دمشق وأنت
وبعض من الآخرين
أكلنا ..شربنا
بكيت أنا
كنت أنت من الضاحكين
ضحكنا طويلا طويلا
إلى أن أحس بنا قاسيون
"دمشق الحرائق" والمبدع ال:زكريا
تحدث حينا عن النمرالمستحيل ..الحزين
ولا سيما يومه العاشر المستكين
وكنا معا نتدفأ بالحلم...
حلم الذي يتشهى القصيدة وهو سجين
وكانت دمشق تؤذن للحب قبل الصلاة
على الأنبياء الذين
أتونا على فرس الضوء
ممتشقين
سيوف الزمان الجديد
فشقوا الظلام
إلى أن دخلنا بيوتهم آمنين
فشكرا لجمر توهج بين الرماد
وشكرا لسورية الفتح والفاتحين



ليس لي في الزمان زمان
ليس لي في المكان مكان
أأنا لهب أم دخان..؟

***
يدي الآن ممدود للرياح
يدي الآن مقطوعة
حيث حاولت أن أسرق اليوم نور الصباح
..



يا ليتني كنت فتـى غضـا

أحتضن السمـاء والأرضـا

أجوب في بحر بـلا ساحـل

بغير موج الحلم لا أرضـى

لكننـي فـي هرمـي قابـع

بعضي يذوب تاركـا بعضـا

الذكريات فـي دمـي مـرة

أنيابها كـم تتقـن العضـا

والحلم قـد أهملنـي تاركـا

إياي في مستعـر الرمضـا

كم كنت في رياضه شاعـرا

لكن فقدت الشعر والروضـا

وكنت أحيا ثائـرا.. ماخـرا

عبابه.. والطول والعرضـا

لم يبق لي إلا صدى باهـت

وحوله كل الـرؤى مرضـى

أحصي نجوم القلب مستسلما

لظلمة من نصلـة أمضـى

أفر من عمري ومن بطشـه

أراه كالنسـر قـد انقـضـا

فها أنا مستسلـم ..خانـع

كأنني لـم أدمـن الرفضـا

ما أضيق الدنيا بـلا خافـق

ينبض فـي آفاقهـا نبضـا



لا تليق بقلبي سماء
لا يليق بقلبي تراب
كيف أخرج مني
أدخل في
وحولي جوف رجال
وأرض يباب..؟
سوف أسرق كحل القصيدة
أكتب عنوان قبري
على كل باب
وأرش على الموت
ماء نشيدي
وأحضن ظلي الذي
في مياه القصيدة ذاب




أنا أول الداخلين
إلى الريح والأسئله
أنا آخر الخارجين
من النار والمرحله
ألوذ بقلبي فقط
وهو يسعى
إلى الجلجله
..


إلى بلد المحبوب خذني قريبا
أقبل أرضا حرة وحبيبا

إلى تربة العشاق من بعد غربة
فكم عشت في الدنيا وحيدا غريبا

بلادي تفيض الآن نبعا من الدما
تعلم كل الناس حلما خصيبا

أعانق أطياف الأحبة كلهم
كأن بقلبي الذي يغلي لهيبا



طالت الحرب وراح البلد ** غرق البحر وظل الزبد
ثورة قد شوهتها بدع ** وفتاوى ما لها مستند
وطني المنكوب أضحى مذبحا ** بأساه ليس يدري أحد
كلما قلت غدا إنقاذه ** ضاع في دوامة الحرب الغد
تلكم النفاثات ما زالت هنا ** تتمطى في رقاها العقد
فلماذا نحن في آلامنا ** لا نهز الكون.. لا نتحد
هذه الثورة لا يدركها ** غير شعب قلبه متقد
هذه الثورة دمع ودم ** منهما للثائرين المدد
أي معنى لحياة دونهم ** ألف طوبى للذين استشهدوا
ليس يجدي الشرق والغرب معا** فلدينا كل شمس توجد
ففساد في فساد في فسا ** د ألا كيف يعيث الأفسد
ثورة في ثورة في ثورة ** فربيع الكون منها يولد
بلد أكبر من كلهم ** سيد التاريخ..نعم السيد
كل شبر قد تروى من دم ** غدا الجنة فيها الموعد
أيها الشعب الذي أخرجنا ** من ظلام.. فتباهى الفرقد
وحدك الآن تنقي دمنا ** بعد أن كاد زمانا يفسد
آه..ما أكثر من قد هبطوا ** وحدها شمس بلادي تصعد
ساقط من يبتغي إذلاله ** فهو للذل فؤوس تحصد
يدك البيضاء يا سوريتي ** كم تلقاها زمان أسود
كنت للحب سماء ثرة ** عارض الناس له أو أيدوا
دمك الآن مباح كله ** وأريق الروح ثم الجسد
وطني .. يا أيها الحلم الذي ** تنفد الدنيا ولا ..لا ينفد
وطني إيمانه لا ينثني ** فهو والإيمان دوما معبد
رب ليل جاثم في صدرنا ** خلفه مشكاة نور توقد
إنه الفجر سيأتي غردا ** بورك الفجر الجميل الغرد
..



في فمي غيمة مرة
ومذاق عدم
في يدي هواء ذبيح
وفي الأفق دم
أتضور موتا
فأرفو رحيلي المدوي
بخيط الألم



الكتابة عن الجميلات أمر جميل
سواء أكانت الكتابة
غدوا على ظهر غيمة
أم مراحا تحت ظلال الكلام
كل يوم أمني النفس بوجبة جميلة
من الكلام الذي يمتشق البحر
ويذهب الى” طروادة ” العشق
في نزهة مع العشب الذي
يتدفأ بأنفاس” أنكيدو”
فأشم رائحةالصلصال والنعناع
رائحة المطر الخريفي
في عامودا المبنية من تراب شرمولا
وأنا أتوجه إلى المعري الجميل
طالبا ومعلما وشبه شاعر
بقوة الخيال..
أطوف معه في “رسالة الغفران”
في الجنة ذات الحور العين
والكواعب الأتراب
والحوريات اللواتي
ينتظرن فرسان الأحلام
المبشرين بهن
هن كثيرات
لكنهن لسن فائضات عن الحاجة
لأن القلب يجف دونهن
دون رذاذهن الذي يأتي بعد غياب
هن صديقات الحرف.. وسرادقات الحب
هن ربات الجمال وضحايا الشرائع
هن أيضا ضحايا تاء التانيث ونون النسوة
وضحايا أنفسهن
وضحايا التاريخ بأنفاسه الكريهة
سأتحدث عنهن ذات قصيدة بإسهاب
وبأسلوب الفانتازيا
واللون السيرقوني
سأسرق ظلالهن وخلاخيلهن
وألصق ” عقيدتهن ” بجدار القصيدة
وأرشق أنوثتهن ببلاغة الصمت
والهذيان
أنا الآن أمام قامة جميلة ” أم الإسعاف ”
في تحقيق صحفي ” المرأة اليوم ”
ذكرتني بتحقيق أو استطلاع حول:
“جميلة بو حيرد” في” المرأة اليوم” أيضا
هذه التي تعيش الآن عزلتها
في الطابق الثامن من عمارة
بوسط مدينة الجزائر
المدينة التي تفتك بأحلام جميلة بو حريد
المرأة التي تعيش
لتشقى بما ترى
وذكرتني بامرأة اسمها ” جميلة ” في بلدي
في إحدى قرى عامودا
ربما إحدى السنجقات الثلاث..!؟
كانت تصارع الإقطاع.. وتواجه الشرطة ..تدافع عن حق الفقراء
امرأة شجاعة أكثر من “عليكي بتي ”
و أبطال حنا مينة
إذا أنا أمام حفيدة الجميلتين
امرأة تواجه النار.. وقد تحترق
لينبع النور
امرأة أحسن من ملايين الرجال في مقاهي الشرق
يصطادون الذباب على حد قول ” البياتي ”
نعم.. رأيتني أكتب ما يشبه الشعر
- كل ما أكتبه ما هو إلا أضغاث شعر-
طالما لا يدخل قلوب الجميلات اللواتي
يغتسلن بحليب الكلام
ويرفلن بماء النشيد
جميلة التي تكتب ” بالنار على جسد غيمة ”
جميلة التي تجعل حياتنا أقل دمامة
جميلة التي تحتاج الى ملحمة لنرسم وجهها المضمخ
بالأرض والسماء
جميلة الواسعة كقلب أم
كفضاء خيال
آه… لقد تذكرت جميلة رابعة
إنها ” جميلة ” رائعة القرغيزي ” جنكيز ايتماتوف ”
التي قال عنها أراغون:
” إنها أجمل قصة حب في العالم..”
هل تعرفون أراغون..؟
فتشوا عنه في عيني إلزا
هل تعرفون ايتماتوف..؟
ابحثوا عنه في :
” الكلب الأبلق الراكض على حافة البحر ”
أو في سهوب قرغيزيا
أو عند قبر أبيه الذي قتله ستالين
إنه روائي رائع..ربما
بحجم نجيب محفوظ
وحمزاتوف..معا
” الجميلات هن الجميلات ”
على حد تعبير الجميل:
محمود درويش الذي
تغزل بهن في وضح القصيدة
بعد أن يئس من الثورة قليلا
ترى..من قتله..؟
الثورات الخائبات..
أم ” الجميلات القاتلات “..؟..



تعمقت في حنايانا الجراحات
واستحكمت في قضايانا الحثالات

عامودتي أمس كانت ملء محنتها
متى ستعلو لها في الكون رايات

ثارت وفي الثورة البيضاء حكمتها
هامت بها في مجال الدرس ثورات

كأنها في صميم الشعر قافية
بل إنها وحدها شعر وأبيات

عبر العصور سماء العز وجهتها
بنورأنجمها تحلو السماوات

قد حاولوا كسر عامودا وشوكتها
وكيف تكسر للثورات شوكات

لن ينحني بلدي ..لن ينحني أبدا
وفيه للمجد آيات وآيات
.....



كفكف همومك واذرف موتك الآنا
وعانق الوطن الدامي الذي هانا

الموت يحصد أوطانا برمتها
لن يترك الموت بعد اليوم إنسانا

فقاتل وقتيل أرخا زمنا
من التوابيت ..دعنا نحص قتلانا
..



إلى حبيبتي المزمنة ..عامودا

عانقيني مع العصافير فجرا
فأنا طفلك الصغير الواني

وافتحي لي بوابة الكون يوما
لأضم السماء بين بناني

فمتى أحتمي بظل ظليل
ضقت ذرعا بألسن النيران

طالما..طالما فتحت عيوني
لأرى حولي نبضك المتفاني

فخذيني إليك ..لمي شتاتي
ولديني قصيدة من حنان

أنت عامودتي ونبع قصيدي
وفؤادي مضرجا ولساني

أنت مهما احترقت دهرا فعنقاء
حياة على مرور الزمان
...



نصحو على وقع الحروب
منذ الشروق إلى الغروب

فصباحنا متألم
ومساؤنا طوع الخطوب

أحلامنا ..آمالنا
بين البراثن والنيوب

وحياتنا مرهونة
ما بين مكلوب وذيب

وكأنما الدنيا غدت
طعما لألسنة اللهيب

والحلم صار كنجمة
عمياء تاهت في الدروب

وأنا هنا أحصي الخرا
ئب عبر تاريخ الشعوب

قمع ونطع فيهما
بؤس المؤذن والصليب

إن المحبة محنة
بين الحبيبة والحبيب

إن العدالة طرفة
في عالم رث كئيب

دمع ..دم ..تجار حر
ب.. جمرة بين الهبوب

يا شعر بدد حرقتي
واجبر بربك كسر كوبي
..



تبا لكم يا أيها الإخوان
في قلب كل منكم شيطان

لا تنتمون إلى الديانة إنما
أنتم ضلال بين..بهتان

أنتم عصابات ..شرور كلكم
فعليكم اللعنات يا إخوان

لا تعبدون الله بل أوثانكم
الله أكبر أيها الأوثان

عودوا إلى رشد وليس "لمرشد"
أوليس بينكم هنا إنسان؟

خربتم مصر البهية كلها
ومثيلكم في موطني قطعان

هيا اخرجوا من أرضنا وسمائنا
يكفي لهيب خانق ودخان

هيا اخرجوا ..لوثتم أجواءنا
هيا اخرجوا لو فيكم إيمان
..



سوريتي ضحية النظام و"الثوار"
ترملت نساؤها
تيتمت أطفالها
تشردت رجالها
في أبعد الأمصار
قد بدأت ثورتها حقيقة
لكنما الأقدار
قد غيرت
قد شوهت
وفاحت الأسرار

سوريتي
ظامئة ..جائعة ..عارية
بغيرما حماية
مغتالة على يدي عصابة
ومجرم جبار
لم ينتصر فيها سوى حثالة
من بشر
أو فئة التجار
لم يتركوا فيها سوى الأنقاض والقتلى
على بنيانها المنهار
لا ماء لا طعام
لا جمالها المدرار
الكل أعمى ..لا يرى طريقه
ووحده الشيطان باق في فناء الدار
مقهقها ..معربدا
في يده القرار
يا من "صرعتم ربنا "
بالنور لا بالنار
دعوالنا شموسنا ..أقمارنا
وحلمنا المعطار
هيا اتركوا بلادنا
قصيدة عذرية
بين فتى متيم
وامرأة تغار
سوريتي ..حبيبتي
لكم أنا معذب منهار
لكم حياتي رثة
ورايتي ناكسة
وموعدي غدار

سوريتي
يا بلد الأنهار
جفت ينابيع الزمان والمكان
جفت الأنوار
فكيف نحيا بعدها
وكيف نفتح الكوى
في هامش الجدار؟
في كل حرب خط نار واحد
وفيك يا سوريتي
كل خطوط النار
وفيك كل تاجر وفاجر
وجاهل مثقف
وعالم حمار
هناك من يبيعك اللحظة
بالكيلو وبالأمتار
وإنني في غربتي
حرائقي مجنونة
قصائدي محروقة
على جدارها أنا مسمار
فليس للشعر صدى
في عالم صلاته للعبد
لا لربه القهار
فسافري وانتحري
أيتها الأشعار
فلن تطيقي أبدا
رؤية جو خانق
ومسجد يحتله الكفار

سوريتي
يا بلد العشاق والأحرار
متى تعودين لنا
نقية كمريم
نبية كسيد المهاجرين
سيدالأنصار

.....



بلا مذاق هو الصباح
حرائق جمة..رياح

كأن في حلمنا شياها
للموت يا صاحبي نباح

فيروز ..للفجر لا تغني
فكلنا..كلنا جراح

الفقر والبؤس والمنايا
لها غدو..لها رواح

وموطني..موطني ذليل
يهان حينا ويستباح

إنسانه أرخص البرايا
عن أرضه مرغما يزاح

الحرب لم تبق من أذان
فلا صلاة ولافلاح

يا أيها الموت كن جميلا
قربانك الأوجه الملاح

فيا بلادا بلا حياة
لدي لكي ينتهي النواح

عودي إلى الكون من جديد
لك اغتباق..لك اصطباح
..



رسائل قصيرة إلى الموت
1
أيها الموت
خذ جهة الشرق
فالغرب قد غاص بالميتين
أوليس من العدل توزيع نفسك
ذات اليسار وذات اليمين؟
2
أيها الموت
قد تعب الناس منك:
أب دون أم هنا
لهما طفلة واحده
استرح يا أخي
لحظة واحده
3
أيها الموت
لا..لا تفرق بين أحد
غير أنك تأخذ أنفعنا
وتخلي الزبد
4
أيها الموت
كنت قديما تبيد البشر
ما الذي قد دعاك إلى
أن تبيد الحجر؟
5
أيها الموت
يا صاحبي
ارحم الأرض
وارحم هبوب الهواء
كي تنال غدا
رحمات السماء
6
أيها الموت
إني أقبل عينيك
لملم ضحايك وانحر
فرحيلك عنا قليلا
سيجعلنا نعبد الله أكثر
7
أيها الموت
أعرف أنك أعمى أصم
وأرجل كرسي
هات نخبك
واضرب بكأسك كأسي
..



رحلة سياحية قصيرة
1
من دمشق إلى حلبا
قد رأيت حماة وحمص
ومسجدها الخربا
2
من دمشق إلى الدير
شاهدت جسرا قديما
قتلته الرياح
فصار رميما
3
من دمشق إلى المخيمات
قد رأيت المساء قتيلا
ومن أجله الفجر مات
4
من دمشق إلى الحسكه
قد رأيت بلادي ممددة
خارج البحر...
كالسمكه
..



أسئلة

كيف لي أن أخيط السماء
وعلى الأرض كل خيوط الدماء ؟
2
كيف أطفئ نار الشجن
وأفتش في وطني عن وطن ؟
3
أفي سبيل قطرة واحدة
من شجر الحريه
دماؤنا المدرارة السخيه؟
4
متى تنتهي الحرب
فالأرض فاضت بصوت الرصاص
أليس من النار أي خلاص؟
5
من يحصي شهداء القلب
من يطفئ نار الحرب
عاش "القائد" مات الشعب؟
6
من يحميني من هذا الحامي موتي
من يفرج عن صوتي؟
7
يا بلادي ..أأنت حق بلادي
أم حريق مضرج برمادي؟
8
لماذا يا أيها الوطن الحبيب
نغيب ..وأنت عنا لا تغيب ؟
9
"هرمنا ..هرمنا "وجاء الربيع
أعاشت "هرمنا "..أمات الربيع ..؟
10
متى يجيء ربيع العاشقين..متى
وكل حلم من الدنيا قد انفلتا ؟
..



لملم خطاك وضمد قلبك التعبا
وعانق النجم وقادا وملتهبا

فهذه ثورة الأحرار أججها
كرامة وعليهاالبعض قد ركبا

غدا ستنقشع الظلماء راحلة
ووحده الحر للميدان منتسبا

فتاجر الدين مهزوم ومنحسر
وتاجر الوطن المسلوب قد غلبا

سوريتي ..يا أنين الروح في جسدي
توقدي نجمة واستدرجي الشهبا

كم من صباح حزين مر من عمري
قضيته في فضاء الله مغتربا

أليس لي فيك إيمان ومعتقد
وأنت تدرين عني الحب ملتهبا

عامودتي ..في حنايا الروح عاكفة
كعاشق يقرأ الأشواق لا الكتبا

لكم شقيت بحبي وهو يحرقني
وكم سعدت بأني أعشق اللهبا
..



أيها الفجر هل لثمت بلادي
وعليها بشائر الميلاد

كن ودودا بها وكن سلسبيلا
فهي من نسل كوثر ووداد

أيها الفجر ما بك اليوم تأتي
مكفهرا براية من سواد

لا تخيب ظني فقلبك حان
وعلى راحتيك سرب شوادي

في قديم الزمان كنت نديمي
ومعا كنا للحياة ننادي

وبنينا معا صروح أمان
وركضنا ما بين واد وواد

هب لقلبي قصائدا من ضياء
وأزح كل غصة عن فؤادي

..



من نفسه مل الأمل
قد هزت الريح الجبل

الموت يحصد أهلنا
في السهل ..في أعلى الجبل

أعمارنا مقصوفة
ومصيرنا خطب جلل

سوريتي .. كيف السبيل
إليك ..ما أنأى السبل

ظمآن .. ماؤك غائض
حيران ..لكن ما العمل؟

دام صباحك دائما
أما المساء فلا أقل

أرنو إليك بحرقة
القلب نار والمقل

عامان مرا نزهة
دموية ..شعب أفل

وجوامع وكنائس
تحت الدمار ولم تزل

ومدارس وحداثق
بزوالها ضرب المثل

والسيد الإرهاب ..سي
دنا فله القبل

الفعل مثل نقيضه
فكلاهما صوت الأجل

إن النظام ونصرة
صنوان من نفس الوحل

أين المعارضة التي
بين الفنادق والفلل

يا ثورة الكلمات.. يا
حبرا على ورق الملل

الناس في أوطاننا
صاروا أساطير الأول

صاروا غيابا كلهم
كل تلاشى في طلل

ضاعوا وضاعت أرضهم
والكل والله استغل

رمضانهم بمجاعة
أعيادهم عيد قتل

أجواؤهم موبوءة
وجنونهم لا يحتمل

ومياههم مسمومة
وطعامهم حجر الأزل

قالوا لهم: فلتعبدوا
من دون ربكم هبل

لكنهم رفضوا ..أبوا
إيمانهم بهم اكتمل

يا أيها الوطن الغريق
وهل تخاف من البلل؟

كل المواقع ها هنا
بوركت موقعة الجمل

بوركت من ريحانة
في ظلها نوم العسل

يا عارض العضلات في
شعب مصاب بالشلل

هل تحكم الأنقاض ..هل
هل تشرب الأنخاب ..هل؟

حتى الحمير استشهدت
حتى الحجارة والحجل

إن الجنون يقودنا
فالعقل من زمن أفل

حتى النجوم توجست
من خوفها أن تعتقل

والشعر منتحر الؤى
لا حب فيه ولا غزل

الكون موت كله
لم يحتمل هذا الخلل

ولربما من موتنا
نحيا ولكن لا تسل

سيظل في ساح الوغى
شعب عظيم لا يذل

شعب من الدم طالع
هو وحده بطل.. بطل
...



1

بعيداعن الحب:

هنا في بلادي يموج الدمار
وليل الدماء يليه نهار

هنا الأرض تبكي وتبكي السماء
ويضحك منا الغبار المثار

أيا سيد الحرب ..آن السلام
لماذا تسيل لعابك نار ؟

هنا الحرب برا وبحر وجوا
متى يا إلهي يفك الحصار؟

2
بعيدا عن الحرب:

دعيني أحبك أكثر أكثر
أرش على الموت كمشة سكر

دعيني أمد عيوني إلى
صباح ..فقلب المساء تحجر

دعيني أفاوض لهيب الحنين
إلى بلد بالسكاكين ينحر

دعيني أشق عباب الزمان
مع النجم ..نجم النبوءات أسهر



أصحو على وقع الخراب
لا شمس تسطع خلف بابي

لا غيم يروي غلتي
لا نجم يعرف ما بي

الموت يسرح وحده
ويهد أحلام الشباب

ويدمر الوطن الذي
أضحى مزارا للذئاب

أصحو على وقع الخراب
متجرعا سمي وصابي

الأرض قد ضاقت علي
فلا أرى غير السراب

غير الأحبة كلهم
ما بين أنياب الغياب

أين القصائد والرؤى
مسكوبة ملء الخوابي

أين القرى برعاتها
بربيعها عذب الملاب

إن السؤال يذيقني
يا صاحبي نار الجواب

لا شيء في وطني الحبيب
يعيد لي حلم الإياب

أرفو هواي وأحتمي
بالشمس في هذا الضباب

سوريتي.. يا مهد
أحلامي ويا نبع انتسابي

عودي إلي قصيدة
خضراء في خضرالروابي

عودي ..كفاك حرائقا

أو ما ارتويت من الخراب ؟

أصحو وحلمي نائم
بين اكتئابي واغترابي

والنور مضطرب الخطا
وكأنه شرب اضطرابي

وأنا المكبل بالظلام
بعالم فظ..مراب

الكل يولغ في دمي
وكأنني مرعى الكلاب

لا ..لا فراشة ها هنا
فالأرض مزرعة الذباب

الياسمين مضرج
بأنينه تحت التراب

قد آن أن تنفجر العيون
كؤوسها عذب الشراب

قد آن أن تحيا بلادي
حرة دون استلاب
..



أسمعت عن المذبحه..؟
عن ربيع تضرج بالشمس والأضرحه..؟
عن طيور الإله التي فقدت
في سماواتها الأجنحه..؟
عن زمان أصيب بمس الجنون
فراح يقلب في عقله الأسلحه ..؟
أسمعت مكالمة الشهداء
وهم يضحكون على الموت
والموت ما أقبحه ..
لا يزال هنا وهناك طليقا
ونحن نتابع - يا صاحبي - مسرحه



كنت أرفو رميمي
كنت أمشي على ضفة الوقت
أحسو جحيمي
وأفتش عني
وراء التخوم
لم أجد – في الحقيقة -
إلا سماء منكسة
وبكاء نجوم
ووجدت هناك دمشق وغوطتها
في عذاب مقيم
ووجدت صديقي الشهيد حزينا
يعاتبني
ويشعل نيرانه في هشيمي

..



قد كان ذات زمان عندنا وطن
والآن لا زمن فينا ولا وطن

في كل زاوية أشلاء أغنية
فليس ثمة إلا الموت والكفن

يا أيها الوطن المنفي خلف دم
تصارعت حولك الشذاذ والفتن

وما لنا غير هذا الدمع منسكبا
كأنما عمرنا للحزن مرتهن

قد أقفر البحر فالأمواج واهية
ولا عباب على أنغامه السفن

من سوف يرجع لي حلما ألوذ به
وفي المنافي يدب الشوق والوهن

فلا حياة لمن في روحه ظمأ
الروحم ميتة.. لا ينفع البدن



إلام تبقى جريحا أيها البلد
أما كفاك من النيران ترتعد؟

إلام كل فؤوس الموت تحصدنا
فلا أب قد نجا منها ولا ولد

هذي الجماهير كم من أجلها هتفوا
وها هي الآن لا عيش ولا رغد

هذي الجماهير تحت الأرض مولدها
ففوقها طائرات المجد كم تئد

أما البراميل فالأطفال حصتها
يا أمة في دماء الطفل تتحد

إني لأبكي بلادي وهي ضائعة
مصيرها بيد الشذاذ ينفرد

كل الشعارات قد أضحت مقززة
في ظلها المترامي أهلنا شردوا

حرية ..وحدة.. عدل ..ثلاثتها
مشنوقة فهناك الحبل والمسد

أهدافنا الآن أن نحيا بلا هدف
فربما عن لهيب الموت نبتعد

أرى بلادي بلا روح ولا جسد
هل يستعاد إليها الروح والجسد؟

لا.. لا أصدق أن الموت يتركنا
حياتنا بدد.. أحلامنا بدد

ما أصعب البحر حين البحر نعبره
يوما فترفضنا الأمواج والزبد

ما أصعب الموت حين الموت يحضننا
كأنه الأم في ساحاتنا تلد

إن الحياة بلا شك ولا ريب
أقسى من الموت فهي الموت والكمد

يا أيها البلد المدرار في دمه
ماذا أقول وقولي فارغ ددد

وكل يوم بحبل الصبر معتصمي
أراه دون غد ..متى يجيء غد ؟
...



ها هم غزاة الأرض جاؤوا
منهم تقززت السماء

جاؤوا على صهواتهم
وإلى أمانينا أساؤوا

وضعوا الإله بلحية
كانوا فكان لنا الوباء

سوريتي معلولة
وكأنما عز الدواء

وكأنما هي دمية
يلهو بها هذا الهباء

لا ماء يروي غلة
حلت بمجراه الدماء

فمتى نهاية موتنا
كي ينتهي هذا الرثاء؟

وإلى الأمام شعارنا
ووراءنا يمشي الوراء

ما بالنا لا نرعوي
ويضيع في الجو النداء؟

ما بالنا وقد استوى
فينا ضلال واهتداء؟

ماذا أرى.. ماذا جرى
ماذا يريد الأغبياء؟

وطن بكل جماله
يفنى ويزدهر الخواء

يا من سفكتم روحنا
أو هكذا يغدو الفداء؟

الشعر والشعراء قد
سكتوا فهل زال الحياء

لأرى أبا جهل هنا
يطغى ..فأين الأنبياء ؟

هذي حثالات الورى
تنهى وتأمر ما تشاء

الموت في وطني وفي
قلبي اكتواء واشتواء

وتكالب الأعداء
أحياء ومات الأصدقاء

يا ميسلون تفرجي
عاش المهرج والغثاء

"العظمة" الجبار
متهم يحاسبه الحذاء

يا ميسلون توهجي
فحياتنا رمل وماء

ما عاد فينا نخوة
ونساؤنا .. اغتصب النساء

فقراؤنا طوبى لهم
زادوا وزاد الأغنياء

الموت مثل حياتهم
فكلاهما – حق- سواء

فجري بلا فجر وإلا
كيف يخذلني الضياء؟

سوريتي.. ما زال أفقك
مغلقا فمتى اللقاء؟

..



أوراق العمر الصفراء
ثغاء الفجر
ربيع القلب المحروق
تمضي بطفولتنا الهرمه
نكبر مع إيقاع الغربة والحرب ودمع الحب
نكبر ..نصعد طود الحلم الباقي
ورؤانا محتدمه
كيف الحب يجيء
وكيف الحرب تجيء معا
أيهما حصتنا في رحلتنا المخترمه؟


يأتي الصباح مضرجا بجراحي
ما أجمل الدنيا بغير صباح

يأتي الصباح وفي الفؤاد حرائق
تلهو وتمرح في مهب رياح

يأتي الصباح ولا جديد سوى دم
عبرالسماء يطير دون جناح

يأتي الصباح ولا أمان لعاشق
ترك الحبيبة في خضم نواح

يأتي الصباح ولا هدوء يسوده
فالأمر في يد قاتل سفاح

وسلاح كل قصيدة أصداؤها
نعم القصيدة من صدى وسلاح

يأتي الصباح كشوكة في مهجتي
وتغيب عني زهرة التفاح

متفائل..متشائم..متشائل
الباب – بابي - دونما مفتاح..



أحن إلى وجهك المشرق
إلى سدرة المنتهى أرتقي

أحن إلى الفجر مبتسما
كما الطفل من زهره أنتقي

أموت وأحيا كثيرا ..إلى
متى يلعب الوقت بالورق ؟

ويمنحني الحب ألوانه
مع الأخضر الفذ والأزرق

أحن إلى الشام منتجعا
لحلمي القديم ونبعي النقي

فلا ياسمين أراه هنا
وما من خرير ومن زنبق

أهيم على الوجه ..وجهي الذي
غدا وجه طفل يتيم شقي

أحدق في دمعه سائلا
على الخد والفم والمرفق

أحن إليك فلا تعجبي
فكلي حنين إلى المطلق

وكيف أظل وحيدا هنا
نزيلا على زمن أحمق

أحبك يا شام ..يا شامة
على القلب والروح والحدق

فكم تستبدين بقلبي وقد
كواه العذاب ولم تشفقي

أراك صباح مساء هوى
فمثل محياك لم يخلق

ومثل رموشك لم أمتشق
ومثل عبيرك لم أسرق

تخصص قلبي بقافية
لعينيك ..عيناك منطلقي

ووجهك طول المدى قبلتي
وكل الجهات بلا منطق

غدا سوف آتيك منتصرا
ألا زيني مرجتي ..أشرقي

لهذي القصيدة إيمانها
ففي الغد لا بد أن نلتقي..



إلى شيركو بي كس

عندما شاعر ما يموت
تموت الجبال
تموت السماء
وقلبي يموت

عندما شاعر ما
يسافر في الأبدية
تخبو النجوم
على الصوت يعلو السكوت

عندما شاعر..
أتهجى الحروف الحزينات
وأحلم
ينسج لي حلمي العنكبوت

لا دموع تليق بموتك
كل الدموع بكاء مقيت

ما به الموت..؟
نحن نجمع أحلامنا
كل حلم شتيت

ما به الموت..؟
لا يمنح الوقت حتى الأخير
فتبقى القصيدة ناقصة
أهو وحش تضور جوعا
له نحن قوت ..؟

أيها "الشير"
كم أنت حي
تقول لأعدائك الآن : موتوا
..



لو كان لي وطن لعشت
فيه ولا في البعد مت

لو كان لي وطن سعيت
بربوعه يوما وجبت

الناس في بلدانهم
أنا عن بلادي قد نزحت

البشر في ضحكاتهم
منها ومني قد بكيت

أمل قديم يعتري
نفسي لكم منه يئست

الشعر..حتى الشعر قد
أزرى به نار وزيت

أحيا شريدا دونما
بيت ولي أهل وبيت

ما بيننا الأسلاك شا
ئكة..عليها قد هجعت

فمن اشتهى وطنا له
فمصيره موت وموت

هذا جناه الآخرون
-هم الجحيم- وما جنيت

وحدي البريء علي
بالسجن المؤبد قد قضيت

تأتي ولا تأتي المنى
وأنا أتيت وما أتيت

يا يا سمين قصيدتي
هاتي شذاك إذا ذبلت

وطني الذي في خاطري
أفدي ترابك ما حييت
..



أتمنى..هـل غيـر أن أتمـنـى
أن تصيـر الحيـاة حبـا وفنـا

وأرى العيد يبهج النفـس حقـا
بـدلا أن يثيـر حقـدا وضغنـا

وأرى الناس كلهـم يـوم عيـد
قاب قوسين من نعيـم وأدنـى

غير أني قد ضقت ذرعا بحلمي
وهو يمضي مطأطئ الراس حزنا

فلقد جاء العيد والأرض مـلأى
بحـروب تبيـد إنسـا وجـنـا

فهنـا معـدم تضـور جوعـا
وهناك الغنـي يصبـح أغنـى

وهنا طفل دون لبـس وحلـوى
دمعه قـد كـواه عينـا فعينـا

وهناك التجار من كـل صنـف
ينهبون الحياة مبنـى ومعنـى

كم دعي دعا إلى العـدل قـولا
وطغـى عندمـا رآه استغـنـى

ما أمر العيد الذي فيـه يشقـى
كل طفل قد فـاض قهـرا وأنـا

إن موت الأطفـال عـار علينـا
وهنـاك بالمـوت مـن يتغنـى

بئس من يقتـل الطفولـة فينـا
نعم من كـان للطفولـة عونـا

إنما العيـد أن يكـون سلامـا
وترى القلـب دائمـا مطمئنـا

أيها العيد لا تكن قاسي القلـب
علينـا وزع سـلامـا وأمـنـا

امض.. لكن تعـال بعـد قليل
وسع الكون.. إنه صار سجنـا
..



"رب يوم بكيت منه فلما
صرت في غيره بكيت عليه"

أي عيد والعيد يوم بغيض
فيه يخبو السنا ويخبو القريض..؟

كل نذل فيه سليم معافى
وأنا وحدي عائل ومريض

لا أحب العيد الذي يتباهى
بدموع الأطفال وهي تفيض

لا أحب العيد الذي يتسلى
بجناح الصباح وهو مهيض

وطني عيده دموع الثكالى
وينابيع العين ليست تغيض

هي سود ملابس العيد دوما
ليتها يوما سندس بيض

في سبيل الحرية الشعب أزرى
بمناه دهر طويل عريض

ذات يوم كان الزمان حضيضا
نعم ذاك الزمان ..نعم الحضيض

أيها العيد لاتعد دون عيد
فمحياك جارح وعضوض..



وقفت على القبر
أستنشق الموت
موتك بين يدي

بكيت قليلا عليك
كثيرا علي

وكل الجهات تؤدي إليك
تؤدي إلي



بلا مذاق هو الصباح
حرائق جمة..رياح

كأن في حلمنا شياها
للموت يا صاحبي نباح

فيروز ..للفجر لا تغني
فكلنا..كلنا جراح

الفقر والبؤس والمنايا
لها غدو..لها رواح

وموطني..موطني ذليل
يهان حينا ويستباح

إنسانه أرخص البرايا
عن أرضه مرغما يزاح

الحرب لم تبق من أذان
فلا صلاة ولافلاح

يا أيها الموت كن جميلا
قربانك الأوجه الملاح

فيا بلادا بلا حياة
لدي لكي ينتهي النواح

عودي إلى الكون من جديد
لك اغتباق..لك اصطباح
..





سوف أهذي لنفسي
قليلا
سوف أبحث عن نقط
كي تزيل غموض الحروف
ليغدو الكلام
جميلا
سوف أبحث عن غيمةلسمائي
وأختار عشب الجنون
بديلا
سوف أحرق هذا الزمان
ليولد آخر من رمم الوقت

أبتكرالمستحيلا
سوف أمضي إلى شجر القلب
رفرفة الماء
أحضن هذا الخيال
العليلا
سوف أبكي
أعلق دمعي
على شرفات القصائد
أبني... أدمر
أرتشف المر
والسلسبيلا
سوف أصرخ ملءقلبي
حتى يجيء الذي لا يجيء
فروحي مكتظة
غضبا وعويلا
سوف أبتلع الكلمات المريرة
أو ذنب الذئب
شلوا هزيلا
سوف أرتشف الجرح
أجعله قبلتي
بكرة وأصيلا
سوف أجعل فاتحة الشعر
خاتمة الشعر
صوتاأصيلا
سوف أكتب عنوان قبري
وأرفو رميمي
وأرسم ظلا ظليلا
لتنام القصيدةنوما
طويلا..طويلا

منذ دهر وثانيتين
وأنا أسرق الوقت
أحترف الموت
أمتشق الشعر
سيفا كليلا
منذ دهر وثانيتين
مات من مات
ما ترك الميتون
سوىأثر ميت
آه.. يا أيها الموت
شكرا جزيلا
منذ دهر وثانيتين
وأنا أشتهي خبز أمي
الذي احترقا
وأنا أحتسي موتي النزقا
لا أرى في سمائي الوطيئة
نجما ضئيلا
لا أرى غير حلم عقيم
تهرأ قالا وقيلا
منذ دهروثانيتين
أتأمل موتاي
ينتظرون القيامة
يأتون من كل فج عميق
يلوكون صبراذليلا
يحلمون.. يرون الكواعب
والكوثرالعذب
والخمر
والزنجبيلا
منذ دهر وثانيتين
وأنا أتجرع
حلماثقيلا
لن أهز جذوع الكلام
لن ألم شتيتي المخبأ
تحت الظلام
لن أعارك نومي البخيلا
لن أفتش عن حلم
ضاع مني سدى
كم أضعت- طوال المسير- سبيلا
منذ دهر وثانيتين
خرج الطفل من مهده
وترامى على لحده
متعباوعليلا
فليغب مثلما غاب
ذئب المدى
جائعا وهزيلا
كم سعيت إلى قتل ألف قتيل
وفي آخر الأمر
وحدي كنت القتيلا
منذ دهر وثانيتين
كنت أمشي على الرمل
مرتطما بخطاي
أجعل الأفق قافيتي
والجهات هواي
كنت أمشي وحيدا
ولم أر قط
نخيلا
منذ دهر وثانيتين
سقطت نجمة في يدي
حيث خبأتها
تحت بحر من الزبد
واتخذت الظلام خليلا
سوف أختلس الكلمات من السنبله
وأخوض معي حربي المقبله
كيف أنسى المساء الذي
جاءني غازياودخيلا؟
سوف يهرب مني النداء
ويهرب مني الصدى
فلماذا أؤجل ميعاد موتي الذي
كان مثلي ضليلا..؟
سوف أفتح نافذة
في جدار الغياب
أدون في سفره
سفرا ورحيلا
لم تعد لي دنيا
تخليت عنها وعني
علي إذا
أن أودع ريش الحمام
وأنسى الهديلا

..



مزيد من الحرب والموت
هذي بلادي
خريف كئيب
شتاء عصيب
ربيع رهيب
وصيف رمادي
مزيد من النازحين وراء الخيام
بلا أي ماء وزاد
مزيد من الثأروالدم والدمع
بين الأعادي
إلام إذا تستمرون
يا شر
شر العباد؟
أليس لهذي الكريهة حد
أليس لهذا الفساد؟؟
هي الحرب
تغدو تروح
وفي كل حين ينادي المنادي:
أما من خلاص؟
فيأتي الجواب بلون الحداد
هي الحرب
صوت الذين يريدون موت الإله
وموت العباد
فلم يبق شيء بغير دمار
من الإنس والجن والشجرات
وحتى الجماد
وما أكثر الموت
مستمتعا بازدياد
وهذي الحياة
وليمة حرب
وكل الضيوف كبار الجراد
فرفقا بنا
أيها الضالعون بسفك دمائي
وسفك مدادي
لقد تعب الموت
هل يتعب الموت إلا
بأرض بلادي؟
فرفقا به يا مشاة الجنود
ويا راكبين ظهور الجياد
بطولاتكم هي وصمة عار عليكم
لأن الضحايا
نساء وأطفالهن
بأرض الشآم
وأرض السواد
أجل هي وصمة عار
لكل عتل زنيم
يتاجر بالوطن المستحيل
وبالدين
باسم الجهاد
ألا أيها الموت
سافر بعيدا بعيدا
ألست جديرا ببعض الإجازة
خلف حدود بلادي؟

..



لماذا تغيبين عني.. لماذا
ألست لقلبي ملاذا..ملاذا؟

فبعدك لا ياسمين أرى
ولا غيم يرشق روحي رذاذا

وذاك هواك وهذا شذاك
وقلبي ما بين ذاك وهذا

أتيت إليك فلست سوى
فراش حنين بنورك لاذا..




لو كنت ظلا
لشكرت من يأوي الي
***
لو كنت خيطا
لرقعت أثواب القصيده
***
لو كنت بحرا
لوهبت موجي للسماء
***
لو كنت شيئا
لدخلت في حزب القطط
لكنني..
لا شيء.. قط..



تعالي امسحي مدى أدمعي
ورشي الرذاذ على وجعي

تعالي فبعدك صار شجى
بقلبي خذيه ولا ترجعي

دمشق وانت صلاتي إلى
إله بعيد ولم يسمع

بكيت وأبكي سابكي معا
فهلا بكيت قليلا معي؟

على وجعي قد غفت نجمة
فيا نجمة الروح لا توجعي


حبيبة روحي هواك بقلبي
سيودي قريبا إلى مصرعي

***
دمشق متى ألثم الياسمين
متى ستقولين :فلترجع ؟

متى نفتح الحلم ..نلهو به
كطفل يدب على أربع

فوحدك للقلب قافية
بعينيك شعر هوى طيع

أرى فيك بوح "نزار" صدى
لوقت جميل على مسمعي

عذابك جرح بقلبي غدا
دعي عنك هذا العذاب ..دعي
...




دعيني في هواك أكون حرا
ألم الريح آونة وأخرى

دعيني عاشقا حلوا جميلا
يرش على يباب الأرض نهرا

هواي بلا حدود.. إن حدي
تلاشى صار للنجوى ممرا

على وجهي قواف من بلاد
وفي قلبي قوافي الشوق تترى

صباحي دون أحبابي هراء
وليلي مشعل في الماء جمرا

أعانق في حروفي كل حرف
يعلمني الهوى سرا وجهرا

سكبت على الجراح صلاة أم
تكون لغادة الأحزان مهرا

خذيني من مناف عاقرتني
غدوت لها – معاذ الله- خمرا

قليل من جنون العشق يكفي
لأطلق آهة في القلب حرى

قليل من رحيل العمر يكفي
لأحجز في زحام الموت قبرا

قليل من هواي يهز أرضا
ويجعل من نجوم الليل أسرى

فلمي من شتاتي يا بلادي
لقد أفنيت في الأشواق عمرا

فصرت كمن يلوذ به الحيارى
وفي قلبي جحيم الشعر حيرى

حري أن أكون بغير أرض
ولكني بأرض الشام أحرى

..



أسئلة عمياء

لماذا دم الأنبياء الصغار رخيص؟
متى الموت يخرج منا
ويترك للروح بعض بصيص؟
وما ذنب هذا البنفسج يهتز
بين السماء وبين الدماء
وليس له من أصيص؟
إلهي..
لماذا نعيش بلا سبب
لماذا نموت بلا سبب
وما عاد قط لعثمان أي قميص؟
بقاء الأحباء موت
وموت الأحباء موت
فهل أصبح الشيء والشيء شيئا
وصار اليسير العويص؟
***
هل الموت حق علينا فقط
ورزق الكلاب ورزق القطط؟
وماذا إذا ما رفضنا
فهل تحته ألف خط؟
***
إلهي
أتعرف عنوان قبري؟
أتعرف موتي الذي يتجول في مقلتي
وما من مفر؟
***
ضواحي دمشق برسم المبيع
ورسم الشراء الذي لا يمل
فمن يشتريها
فسعر الكبير قليل قليل
وسعر الصغير أقل
***
لقد جاء دور القصيدة والأبجديه
لفك الحصار عن الحلم
والحلم طوع شظيه
***
إلى أين نحن نسير؟
وليس هناك طريق إلى الله
غير رحيلي الأخير ..
..



لن تكوني إلا ظلال حريقي
منذ عينيك قد عرفت طريقي

وأنا في الفضاء أفتح دربي
طائرا حرا دائم التحليق

أتشظى ما بين ريح ونار
من رمادي ولادة الفينيق

في سمائي كل النجوم تبدت
فد أتتني من كل فج عميق

كل شيئ من دون عينيك وهم
فاسبيقني إلى زماني الحقيقي

واسكبيني كأسا من الشعر عذبا
أتوارى وراء حلمي الطليق

عندما أفتح القصيدة ألفى
ألف شمس تهيأت للشروق

فإذا الكون في ربيع مقيم
عبقري الشذا ..شهي الريق

هكذا ثورتي التي أشتهيها
أوليست عصية التحقيق؟

أوليست بعيدة كسراب
وعلى هديه صفاء بريقي؟

ثورتي حبلى بالسماء حياة
آه يا ثورتي لدي واستفيقي

الربيع الذي أريد محال
ليس لي منه غير حزني العميق..



أمام جدار من الصمت والشعر
أرفو خطاي

وأرفع رأسي قليلا
لأبصر وجهي
على الماء والطين
حيث صداي

رأيت على الماء وجهي
رأيت على الطين قلبي
وبينهما كان شبه وحيد أساي ..


هل تغيرت أم
قد تغير من يتهجى
حروف الوطن..؟

هل فككت سرير القصيدة
أم هل فصمت
عرى الشوق..
شوقي الذي لست أدري
لمن..؟

حين أكبر بعد قليل
سأشعل عود ثقاب
وأحرق هذا الزمن..



في بلادي أملاحها للفساد
آه ..ما أشقانا وأشقى بلادي

في بلادي يغدو الوضيع رفيعا
يتهادى في قده المياد

ويصير المثقف الفذ صفرا
هو والبؤس تؤما الميلاد

ويصير الشعر الجميل هراء
وفق آراء الساسة الأوغاد

أين منها الدروب ..كل مكان
دونها جارح صميم الفؤاد؟

كم تغنت بها القصائد يوما
وغدت مثل صرخة في واد

بالشعارات كم تغنت زمانا
ثم صارت أضحوكة الأولاد

في بلادي كتائب الموت تترى
أين منها مواكب للجراد؟

أصبح الخانع الغبي فقيها
يصدر الفتوى داعيا للجهاد

تلكم الجمرة التي أفرحتنا
أحزنتنا بموتها في الرماد

يئس اليأس من نهوض بلادي
منذ فجر التاريخ طوع الرقاد

كيف لا أبكي والتجارة بارت
بدلوا لي حميرهم بجيادي

في بلادي الإنسان نصف بياض
نصفه الثاني قابع في السواد

ليس بالخبز وحده هو يحيا
بل بذل ورهبة وانقياد

أمره ليس في يديه ولكن
أمره في يدي زعيم النادي

ويعيش الحياة سكران دوما
دونما خمرة وشدو الشادي

وثراها الثري دون ثراء
خيره ذاهب لشر العباد

هي مثل المريض دون دواء
وببطء يموت بين الأيادي

كم أنادي ويرجع الصوت ميتا
لا حياة لمن هباء أنادي

كم دعونا إلى السلام حياة
فإذا الكل نفسه في الزناد

وبلادي كأنها أرض خير
فتراها تحكي عن الحساد

ليس للروح عندها أي معنى
أي روح خلاقة في الجماد؟

نادرا ما ترى شريفا عفيفا
أكثر الناس مدمن للفساد

ولهذا الصراع دارت رحاه
وغدا الموت سعره بالمزاد

أمنيات الإنسان فيها محال
من زمان القيود والأصفاد

وإذا ما أراد حقا بخوف
أسعفوه ببعض ماء وزاد

حين يصحو يعاقر الهم خمرا
مدينا له وما من سداد

يزرع الأرض والسنابل يجني
ويظل المحروم حين الحصاد

رجل الأمن سيد ومطاع
ربما صار سيد الأسياد

ووزير الثقافة الغر يوما
كان خصما للدرس والاجتهاد

والذي يخدم السلاح خؤون
يضرب الشعب نصرة للأعادي

وأنا ها هنا غريب غريب
أقضم المنفى دون نجم هاد

"هذه كلها بلادي.. وفيها
كل شيء إلا أنا وبلادي"

البيت الأخير لعبدالله البردوني وهو وحده قصيدة


..



ليس عندي سوى قلم يابس
وبقايا قصيده

وكذلك عندي قليل من الشمع
يسعفني عندما أتعثر
بالظلمات المديده

لست أطمع في جبل
يرتدي غيمة
لست أطمع في حجل
يحتسي نجمة
كل همي صلاة
لروح بعيده

أحتفي بالصباح على عادتي
بالعصافير حين تموت وحيده

كل شيئ يقيد حريتي
صوت مجمرتي
صمت أثفيتي
فترى رغبتي في الحياة زهيده

المسافات مغلقة
والهواتف صامتة
لست أقرأ عني سوى خبرتافه
في سطور الجريده

إن قلبي الحزين يعانق ظلي
يعانق ظلي الذي ينحني
ببلاهته يغرق الكون
بالضحكات السعيده
..



على البعد تبدو دمشق عروس دم
ليس تغفو
وليس تفيق

ووحدي هنا أقضم الحلم تفاحة
أرتدي الشوق يقدم
من كل فج عميق

هو الياسمين إذا غبت عنه
يظل بغير حبيب
بغير صديق

متى يهطل القلب
فجرا جميلا
فقد طال طال الطريق؟

متى يا متى ؟
كأن السؤال رماد
كأن الجواب حريق
حريق
..


ليس في وطني
غير دمع ودم

حجر ينفلق
شجر يحترق
بشر في مرايا العدم

من سيحصي عذاباتنا
فوق طود العذاب الأشم؟

من سيدفع عنا الخراب
وينقذ أطفالنا
من خيام الهوان الأصم؟

هذه الحرب لا تنتهي
وإذا ما انتهت
لن يفيد الندم

أمل وألم

آه..
ما أصعب الأمل المتواري
وراء الألم

أيها الموت..
هيا انصرف
يا حبيبي
وشكرا لهذا الكرم

سنجرب بعض الحياة
فدعنا كما نشتهي
أيها الموت
مت
أو فنم
..



من يهز سرير القصيدة هذا الصباح؟
من يلم شتات الكلام
يبعثر هذي الرياح؟

من يسافر في شرقنا المتوسط والمتورط
حتى يرى ألف عصفورة
هيض فيها الجناح

من يرق لأحوالنا
ويرد عن الناس جوعا وخوفا
أوليس لدى الزعماء
سوى الوطن المستباح؟

أولم يشبعوا من حرام حلال
ومال سفاح؟

أيها الوطن المبتلى
بالفذيفة تلو القذيفة
حتى تفيض الجراح

كن لنا لا علينا
فنحن عبيد
ونحن إماء
ونحن جنود
بغير سلاح

من يكبل هذا الجنون
ويكبح هذا الجماح؟

كي يرد عن الطفل موتا
وعن أمه طعنات الرماح؟

من يهز سرير القصيدةوالحب
ما عاد ثمة غيد ملاح؟

إنها الحرب
لم تبق إلا طلولا
ورقص سماح
..


جاء أيلول
وقلبي هناك على وطني

كم يذكرني بكلام تلاشى
وغاب مع الزمن

انحنى العمر
واشتعل الرأس شيبا
وحبي لم ينطفئ
وحنيني لم ينحن

سألم بقايا الطلول
أسمي حياتي حياة
على الرغم من موتي المزمن

يا دمشق التي تجلس الآن في شفتي
وعلى جرحي المثخن

خطواتي على طرقاتك مرسومة
احفظيها من العطن

كم تسكعت بين أزقتها
ألصق الحلم بالحلم
والشعر بالشعر
لم أنثن

يا صبا بردى
ما نسيتك يوما
فلا تنسني

كنت أحلم بالوطن
كان حظي تعيسا
فهز بسخرية بدني

ورماني بعيدا بعيدا
إلى آخر الكفن
..



ليت لي وطنا دون دم

وطنا ليس للسيف
بل للقلم

وطنا في مناكبه الشعر يسعى
بغير ألم

غير أني كأني
أعانق ظلي
وألثم ثغر العدم
..



غريب هنا
وغريب هناك

وشيطان شعري
يحاول هجري
يتوب
ليصبح مثل ملاك

وما زلت بين جمال الحياة
وقبح الهلاك



من؟
1
من يفسر حلمي القديم :
قد رأيت العصافير
تأتي إلي
وعندي تقيم
ورأيت الصباح
يوزع أنواره
فيهرب منه الظلام البهيم
ورأيت الحبيبات
بين ظلال القصيدة
يضفرن شعر النجوم
2
من يفسر حلمي الجديد:
قد رأيت العصافير
تذبح حتى الوريد
ورأيت الصباح
يعود إلى دمعه
مثل أم الشهيد
ورأيت الحبيبات
يقضمن تفاحة من حديد
3
من يفسر هذا وذاك؟
أهو الفرق بين الحياة
وبين الهلاك؟
أهو الموت
يزحف مثل الخيال
قلست تراه
وليس يراك؟
4
من يفسر هذي الحياة
وهي ترمي بنا
في دروب الشتات؟
ولماذا تقدمنا لقمة
كلما جاع موت
وردد :هات
..



ما عاد يقنعني سوى
قيلولة الموت الأخيرة
الكون من حولي
كسيح الروح
أو أعمى البصيره
وأنا المضرج بالقصيدة
لم أصل إلا إلى
أشلاء قافيتي الأسيره
في داخلي عصفورة
تبكي على أعشاشها
صنعت لها فجرا
وغابت في الظهيره
هي ومضة مجنونة
ما بين ميلادي
وأنفاسي الأخيره
يا ليت هذا الكون بحرميت
يا ليتني فيه جزيره


وحين تغيبين
تغدو القصيدة
محض اجترار الكلام
ويفنى الضياء
ويبقى الظلام
وحين تنامين
تنسين
أن هنالك
من لا ينام
تموتين
والموت عندي
مسك الختام
.


مثل حب قديم
وذاكرة تالفه
يورق الحلم
تخضر أوراقه الزائفه
وأنا في الرميم
أعيد صياغة نفسي
أنكس رايتي الخائفه
يبدل الوطن الحر
حرية الطيران
بحرية زاحفه
يذهب الوطن المستحيل
مع العاصفه
وأظل وحيدا وحيدا
كفزاعة واقفه


فتحت نافذتي ..لم تدخل الصور
عانقت جمري طوال الوقت أنتظر

وها هنا لي مناف ليس ترحمني
تآمرت هي والشيطان والقدر

تعطلت لغتي وانهار حلم غدي
لم يبق إلا كثيب الرمل والحفر

إلام أنظر والآفاق مغلقة
والروح يابسة قد عافها المطر

كل الشعوب لها أوطانها وأنا
منفاي يجترني "يا ليتني حجر"

حبيبتي لم تنم فالنوم معجزة
بكاؤها من صميم القلب ينهمر

في داخلي غيمة مكسورة أبدا
وغيمة من لهيب الشوق تنتحر

قصيدتي نهدها قد جف فانتبذت
ركنا قصيا مداه القلب والبصر

أنا الذي لا أرى إلاي في ظمأ
لا النجم ينجدني في الليل لا القمر

وكل يوم وحوش الموت في وطني
طعامها الأرض والأشجار والبشر

ووحده وطني في الحرب منهزم
كل الذين أرادوا موته انتصروا

أرنو إلى غدي الوضاء في ثقة
لولا زهور المنى ما رفرف العمر

أرضي إلى أهلها الأخيار راجعة
من مهدها خرج العشاق وانتشروا
..


عيوننا وبريق الحلم تختلط
حتى يفيض بأشواق لنا الشطط

ميلادنا في عيون الموت مولده
ونحن نحيا وتحيا بيننا القطط

تشمنا ونشم الوقت نملؤه
باليأس واليأس محسود ومغتبط

كل السطور خليات ويكتبنا
فيها الزمان ولا حرف ولا نقط

يسومني بائع الأوطان يسرقني
وإن تنفست حقي راح يشترط

لا تيأسي من جنون الروح عاتية
جربت كبحي ولكن لست أنضبط

سفينة العمر قد راحت وقد غرقت
وكل ركابها في البحر قد سقطوا

فلا حبيبة لي تحنو على وجعي
ولم أعد داريا ما الصح.. ما الغلط؟

بيني وبين جبال الحلم أودية
وأنجمي في الأعالي ليس تلتقط

يا ناهبا في سرير الورد قافيتي
دعني فإني بديك الجن مرتبط

قصيدتي لم تعد في الريح ثائرة
فقد تساوى الرضى في الريح والسخط

مهما سموت وباء الأرض يجذبني

الحب منقبض والحرب تنبسط
يا ليتني كنت رحالا إلى زمن
على مشارفه لا يوجد السقط .



1
وعلى ضوء عينيك
قلبي اهتدى
وعلى خطوك
الياسمين مشى
لم يجد غير خطوك
ملجأه أبدا
2
كل هذا المكان
يحاور ظلك
يلقي عليه السلام
كل هذا الزمان
بفضل وجودك
يسكت
يترك حرية للكلام
3
منذ مقتبل الحب
في مهده كنت
كنت صبيا
قد تكلمت
معجزة الحب فيا ..



أشتهي أن أروض المستحيلا
ماخرا أحلامي وحبي الجميلا

أشتهي أن أحوك ثوب حنيني
من تراب قد غبت عنه طويلا

أشتهي فجرا قادما لا أرى فيه
صدى الموت قاتلا وقتيلا

بل أرى كل عاشق في سلام
وأرى الحب هاديا ودليلا

وأرى القمح والعصافير تترى
وفراتا مهفهفا سلسبيلا

وطني أيها الجريح تمهل
لم أعد داريا إليك السبيلا

ضعت مني وضعت منك كثيرا
أوما آن أن نكون قليلا

في مكاني مسافر في زماني
لست أرضى عن راحتيك البديلا

في فؤادي هابيل يشدو يغني
يتحدى في موته قابيلا

وطني يا حرائقا في هشيم
أو ما يكفي أن تدق الطبولا

أي شيء تخلف الحرب إلا
وطنا فارغا وعيشا ذليلا؟
>>


ليس ثمة
إلا القليل من الحلم
نشربه مع وجبتنا
ونجوع ونظمأ ثانية
فنلوذ بقضم الهواء

فتعالي
نخبئ كالنمل قمحا
لهذا ىالشتاء

وتعالي
نسافر إلى نجمة لن
تخيب أحلامنا بالضياء

كل هذا الذي أقتنيه دمي
أصبح الآن قطرة ماء

لست أملك إلا خطاي
فواحدة للأمام
وثانية للوراء

هكذا أجد الأرض ميتة
ليس تصلح للشعر والشعراء

مقعدي فارغ
في الهزيع الأخير
وكؤوس القصيدة مكسورة
وحروفي الشريدة مرمية في العراء

لست وحدي بهذا الخراب الجميل
معي الإنس والجن
و الأرض حتى السماء

ليس لي أحد
وحده الظل يتبعني
مع نفسي بعيدا عن الكون
مأوى الوباء

هي عكازتي الآن ضائعة
في الظلام
فطوبى لهذا ىالعماء

هي حريتي في فم الذئب
هل تسمعون صوت تكسر قلبي
على حجر وعواء ؟

هي قافيتي تمخر الليل
حتى الوصول إلى نجمة
ما لها - يا ظلامي - انتهاء
..



كيف أمشي
المراكب غارقة
والقصيدة نعشي
والخروف الوديع الذي
كان عندي
شاهدته بين وحش ووحش
والشعار الذي فوق صدري
منذ الطفولة
شاهدت أسفله
من تسامى ببخسي وغشي
الزمان لهيب
يحاول إحراق قشي
كل هذا الرماد أنا
وأنا فوق جمر القصيدة أمشي
***
ليس للمستحيل سوى الممكن
فلماذا تصرون أن تقتلوا وطني؟
وتريدون لي أبد القهر أن أنحني
من ترابي
من صهيل الغياب
أكون نفسي
وأضرب في الزمن
..


من وحي أغنية لطفي بوشناق : خذوا المناصب :

لا تسرقوا وضح الضحى دمنا
وخذوا المناصب واتركوا الوطنا

لطفي كمثل غمامة شملت
فهناك يشدو باكيا وهنا

يا أيها الوطن الجميل هوى
ما للمناصب كلها ولنا

نحن الذين حياتنايبست
وهم الذين تجرعوا دمنا

أنت الذي في عمقنا شجر
والحب فيه يعانق الغصنا

لن نحتمي إلا بقافية
خضراء تجلو الروح والبدنا

الدهر ملك يميننا أبدا
بك لا نبالي الدهر والزمنا


لو كان لي سيف
لحاربت طواحين الهواء

لو كان لي قبر
لزرت دائما
ظلاله الزرقاء

لو كان لي قصيدة
رميتها بعيدة ..بعيدة
حتى السماء

هذا سرابي فوقه
أرسم وجه الماء




بيني وبينك ميعاد مع المطر
فكومي الغيم في عيني وانهمري

أنا انتظرت صباحا لا أفول له
ولم يجئ بعد..هيا مثلي انتظري

هذا أنا..لهبي في البحر منسكب
والموج يركض بين الرمل والحجر

تمهلي لحظة ..ما زلت معتقلا
منفاي يمنعني مني ومن سفري

أراك بين خطوط النار واقفة
معا نموت وقوفا مثلما الشجر

هنا دمشق تحييكم وتلعنكم
كنتم من الجن أو كنتم من البشر



يمرون في حجل الاغنيات
يمرون في الصمت والكلمات
يمرون
لست ارى غيرهم
في صدى الذكريات



بوسعي أن أكون ولا أكونا
فهاتي من رجاحتك الجنونا

وصبي في كؤوسي غيم حلم
يعانق في ذراه قاسيونا

مسافات القصيدة دون حد
كذلك عندما تمضي السنونا

سمائي لم تعد فيها نجوم
وأرضي لم تعد تهب العيونا

وحولي الكون عصفور جريح
يكابد في توحده الشجونا

لذلك لا تكوني دون حلمي
وقد سبق التخيل والظنونا

بأمر النار قد أوقدت ناري
فمنذ اليوم أحتكر الأتونا

ومنذ اليوم أيامي حبالى
من الدخان تنجب لي البنينا

لماذا يهرب الشيطان مني
ملاك الكون قد أضحى لعينا

بنخبك أيها الأفق المدمى
تجرعني ودع عنك المنونا

توضأ بالهزيمة كل حين
قريبا سوف يأتي الفاتحونا

قريبا سوف أكتب ذكرياتي
بوسعي أن أكون ولا أكونا
..



الياسمين وأنت والبلد
أهلي وأحبابي وما تلد

لك في نجوم الشعرأبعدها
وعلى مضخات الفؤاد يد

عيناك في الأحلام قافيتي
بهما فقط قد صرت أعتقد

الفجر كل الفجر يعبرني
ويقول لي : في راحتي غد

لو فتشوا في القلب عن شغف
غير الذي أصلاه لم يجدوا

فلتمخري هذا العباب معي
ولغيرنا الفقاع والزبد
..



من يؤجرني نصف بيت
لأسند روحي إليه؟

من يعيد إلي قليلا من الشعر
يبكي علي
وأبكي عليه؟



ما زلت غير مصدق نفسي
وأنا أعاقر خمرة اليأس

ما زلت مصدوما بقافيتي
تمضي وتتركني بلا رأس

الذئب كان مخيبا أملي
فمضى بعيدا عالي البأس

وبقيت وحدي حاملا قلمي
متحدثا عن حامل الفأس

كل الذين أتوا لمرثيتي
ماتوا ولم يرثوا سوى كأسي
..


إذا ما الزمان ادلهم
توضأت بالنجم
عاقرت نور القصيدة
شكرا لهذي النعم
تنامين في القلب
عصفورة ثرة بالصباح
ولكن أنا لم أنم
فمن يحرس الحب بعدي
ومن ينقذ الريش
ريش الهوى في مهب العدم؟
ومن يدمن الشوق مثلي
يجتاز كل المسافات
يلغي جدار الزمان الأصم؟
سأصرخ حتى الهزيع الأخير
من الشوق..
لا من لهيب الألم
سأصرخ حتى حدود الوجود
وحى حدود العدم
كلامي ليس بحبر
على ورق المستحيل
ولكنه الرفض للموت
رفض لكل صنم
كلامي رحيل المراكب في البحر
في موجه قد سعى واستحم
إذا كان هذا الفضاءجمادا
فإن كلامي لحم ودم
لهذا سأعتصم الآن بي
بالنبيذ المعتق والأغنيات
وأحيي الرمم

..


لا بد من الحب
لأن القلب بلا حب حجر
لا بد من الشعر
لأن القلب بلا شعر خطر
لا بد من البحر
لأن الأرض تعيث فسادا
ضيقها البشر
لا بد من الشوق إلى شيء ما
فالقلب بلا شوق
قمر أعمى منكسر
لا بد من الفجر
لأن العصفور يفيض بعينيه الشجر
لا بد من النوم على صدر امرأة
كي يغتاظ السهر
لا بد من الموت
فقد طال وطال العمر
..



كلما سافرت غيمة
من سماء لأخرى
راحت الأرض تبكي
تخيط من الدمع نهرا
***
ليس إلا القصيدة مائي
إذا أصبح الكون جمرا
***
ليس لي في بلادي مكان لقبري
فمن سيعير لموتي قبرا؟
***
سوف أرحل مني إلي
من الآخرين يرون رحيلي هباء
علي إذا
أن أسافر سرا
***
أي سجن أنا فيه سدى
فوق جدرانه كم كتبت:
غدا سوف أصبح حرا
***
دائما كنت أمدح هذي الحياة
ولكنها عاملتني بسخرية
كنت بالموت أحرى
***
في النهاية ليس يصح الصحيح
كيف لا وأنا
كل ما أكتب الآن - يا صاحبي-
ليس شعرا
..


لم يتركوا حجرا على حجر
والأرض ظمأى دونما شجر

والدمع منسكب وفيض دم
كالوابل المدرار من مطر

إن الذي يجري يضيق به
أقوى الخيال وأشرس البشر

يا أيها التاريخ معذرة
سلط علينا هالة القمر

إن العمى أعمى بصيرتنا
فمتى نفوز بنعمة البصر ؟

قد أودت الحرب الضروس بنا
لم يبق إلا أرذل العمر

لا ناقة للشعب أو جمل
مستسلم للموت والقدر

دمه يراق سدى هنا وهنا
ما بين منهزم ومنتصر

فلترحلي يا حرب عن دمه
غوري إلى الأعماق وانتحري
..


المسافة بيني وبين الوطن
كالمسافة بيني وبين النجوم:
سماء مكسرة
وعصافير ميتتة
وهواء ذبيح
وبعض كفن

ووصلت إلى آخر الكون
لم أر إلا
دبيب النمال
دوي الرصاص
وصمت الزمن

كل شيء تبخر:
ماء القصيدة
لون الطفولة
حلم الشريد الذي بات دون سكن

المسافة لا تنتهي
كرة من لهيب
تتدحرج من جبل الروح
حتى البدن

وأنا لست أعرف ماذا أقول
وخلفي فزاعة
وأمامي وثن

أنا بينهما
ذاهب قادم
لست أسمع إلا خطاي
تمارس رحلتها العبثية
دون وسن
..



حسبي الحلم رابضا في حياتي
لم تنل منه قط أيدي الطغاة

حسبي الحب لا يغادر قلبي
مشعلا فيه آخر الجمرات

حسبي الشعر واقفا مثل نجم
يتحدى غياهب الظلمات

رغم بعدي عن السماء فإني
لم أزل أحتسي صدى خطواتي

لم أزل حالما بأني قدير
حامل النور ..صانع المعجزات

أستمد الفجر الجميل من المن
فى ..وأرفو قصيدتي من شتاتي

لم أعد داريا مكان وجودي
وكأني فقدت كل جهاتي

غير أني يممت وجهي إليها
ما توقفت عن أداء صلاتي

أيها الليل كم غدوت عدوا
كم كسرت المصباح في مشكاتي

لا تحاول كسري جميعا فإني
لم أنكس يوما ولن راياتي
..



لحظة ..لحظتين
ليس تكفي
لكي أحمل البحر
يمنحني موجة ..موجتين
حين يختصر العمرفي لحظة
أو يفيض الحنين بغمضة عين
تصبح الأرض أضيق من عاشق
ليس يعرف ماذا يريد
وكيف يعيش وأين
أي وجه يلوح كنجم بعيد
تفتح عن زهرتين؟
هذه لحظة
من يديها شربت القصيدة خمرا
فيا لليدين
منهما كان ينبعث النور
حتى عماي تلاشى
وأصبح لي
ألف عين وعين
..


الشهوات

تنتابني الشهوات:
شهوة السفر الطويل إلى عكاظ
ملاكما في حلبة الكلمات
أو شهوة الإبحار في بحر الخيال
لكي أعيش معي
قريبا من خفايا الذات
أو شهوة التفتيش عن حب قديم
عاش في قلبي اليتيم ومات
أو شهوة العطش الذي
ما زال منسكبا علي
يمدني ببلادي المأساة
أو شهوة الغيم العقيم
يمد أرضي بالبروق وبالرعود
وخلب الأصوات
أو شهوة الموت المسافر في دمي
الموت الذي قد جاء يحصي
آخر الأموات
وأنا أحدق في الزمان مهشما
كملامحي في عتمة الظلمات
ويغيب عني كل شيء
وجهي المنسي
حتى حبي المنفي
ثم أكسر المرآة
...



للعيد خلف نوافذي السوداء
بصيص موت
زارني يوما وقد نهب النبيه
***
لي عنده ثأر قديم
كيف يزورني
أيريد أن يرمي الحجارة في دمي
ويحط بين يدي ديه؟
***
العيد عاد مدججا بسلاحه المعتاد
قنبلة على الجرح المعتق
أو شظيه
***
ما زلت أرفل في جحيم الوقت
حيث القلب في ديجوره
أرنو إلى هذي السماء
فلا أرى إلا نجوما خلبيه
***
يا عيد ..يا..
ماذا تركت سوى الأجاج
فلا فرات لدي أو خابور
بينهما خطا هابيل
رايته المنيه
***
للموت أيضا حلمه الممتد
من أفق إلى أفق
يدق نوافذي السوداء
أفتحها على مضض
وأغلق باب قلبي
أغلق الدنيا الدنيه
..



أغني في الحديقة للمياه
أغني في الحبيبة للشفاه

أغني مثل مجنون عتيق
يتوق إلى معانقة المتاه

أنا الراعي أدافع عن قطيعي
فلا ذؤبان تدنو من شياهي

وحين الصحو من نومي أراني
أعض على لساني يا إلهي

فصوتي ليس يصلح للأغاني
وقلبي في مجال الحب واه

غيابك عن فؤادي مستحيل
أغيض أنا وليس يغيض آهي

أغني لا.. لاحبيب سوى حبيبي
شغوف بالأوامر والنواهي

أغني أيها الوطن المسجى
فليس سواك في الأوطان جاهي

أغني غيمة خضراء حبلى
تمد الأرض باليد والرفاه

أيا وطني الجميل غدوت قبرا
لقد ذلتك داهية الدواهي

وقد أصبحت في الدنيا طبيخا
وحولك يا حبيبي ألف طاه
..


العيد أتى
وأراني في أقصى الأرض
أعض لساني

أستدرج قافيتي الظمأى
أشرب ماء العيد مريرا
ألبس ناري
وأشق عناني

العيد أتى
والموت أتى
فهما في ساحات الحرب
هما فرسان

أين أراجيح العيد
وأين الأطفال
وأين العشاق
وأين ربيع الإنسان؟

لا شيء سوى وطن يتلاشى
كخيوط دخان

وأنا في الريح أسير
بغير هدى
وملاكي في قبضة شيطان

العيد أتى
كما الغثيان
***
ومضى العيد
يجر ذيول الخيبة والخسران

بقي الأمل الخفاق
أعانقه
كعناق رياح للنيران

ومضى العيد
وظل فؤادي يترنح
في وادي المنفى
كالسكران

أنا والغربة لا نفهمنا
أنا أهرب منها
أخرج منها
هي تدخلني
فكلانا مجنونان

ومضى العيد
بقيت وحيدا
قمرا أعمى
بين العميان

أقرا سورة ناري
لزمان يخرج من
رحم الأزمان

أقرأ سورة مائي

للموتى في البر
وفي البحر
وفي القلب
وفي الأكفان

ومضى العيد
ولم يشعر بي
لم يرني
لم يطلب عنواني

ناديت بأعلى صوتي
لم يسمع
قلت له:
" لا ترجع تاني "

العيد مضى
كما الغثيان
..



إلى دنياي مضطرا أساق
فلا قيد يفيد ولا انعتاق

كأني في صداها المر طيف
ودمعي في مقابرها يراق

أتاني العيد مختالا فخورا
غليظ القلب فظا لا يطاق

فأغلقت النوافذ والزوايا
وغافلني وبي عنه انشقاق

تذوقت المرارة من يديه
وغادرني وقد بقي المذاق

قديما كان يختار الأضاحي
فأصبح من ضحايانا المساق

لقد نضجت رؤوس يانعات
وحان القطف فالحجاج فاقوا

وفي وطني جراد في زروع
بأخضرها ويابسها احتراق

وإني من سماء الحلم أرنو
تساوى الصدق فيه والنفاق

طيور الفجر ما عادت تغني
فليس لها مع الفجر اشتياق

أراني في ثلاث من جحيمي
جنون أو بقاء أو فراق

لهيب القلب منطفئ.. رماد
وسيف الشعر منكسر معاق

فلا غدنا يجيء وقد تناءى
ولا ماض تؤججه العتاق

وليس سوى الحضيض إليه نسعى
جناس الذل زينه الطباق

وقوم من أقاصي الأرض جاؤوا
يعيثون الفساد وقد أحاقوا

تفرقهم ديانات وفكر
فكيف على الضحية قد تلاقوا؟

فيا سوريتي يا نبض روحي
تساوى في مجازرك الرفاق

كأن الموت ينبوع بأرضي
وكان مثاله قبل العراق

كأن العيد سخرية.. وإلا
لماذا من مدامعنا الصداق

نموت بألف لون ثم لون
وللغرباء من دمنا ارتزاق

إلهي أرضنا ضاقت وضاقت
وموتانا بهذي الأرض ضاقوا
..


أعيش بغير سماء وأرض
أهذا بربك يرضي؟

أعيش كما الماء في البحر
يبتل بعضي ببعضي

وحين أموت
سأترك كل الحياة ورائي
لزيد وعمرو
وأمضي
***
طلبت قليلا من الخبز
فازداد جوعي

طلبت قليلا من الماء
فاصفر ربيعي

طلبت قليلا من الحب
فاضت دموعي

طلبت قليلا من الأم.. أمي
قليلا من الذكريات
فصرت كطفل رضيع
***
آه..
لن أطلب الحب من أحد

لن أغادر منفاي إلا إلى بلدي
***
عاشق أنا من عهد عاد

قادر أن أبث الحريق
بهذا الرماد
***
كيف أرسم لي وجهها
آه..
لا دفتر.. لا قلم؟

ولهذا أكابد هذا الألم
***
القصيدة ترفضني
الحديقة ترفضني
الحبيبة ترفضني
وحده الموت يقبلني
***
كنت بالماء
أملأ قارورة الزمن

كيف كيف تجمع هذا السراب
على الروح والبدن؟
***
زارني أمس ضيف ثقيل
فتركت له البيت
حتى تحولت لابن سبيل
***
وعدتني السماء
ببعض من القمر

فتحملت كل ظلامي
إلى آخر العمر
***
خيبتي لا حدود لها
فهي تمتد مني إلي

كانت الأرض لي
ثم أضحت علي
***
أيها الياسمين أين شذاكا
منذ دهر ما عدت قط أراكا ؟

زارني الفجر وحده دون فجر
يا له من فجر يريد الهلاكا
..



عندما البحر صافحته
لم يمد يديه
فخابت يداي
قلت لي:
لا تؤجل سقوطك عن صهوة الماء
كان الجميع على طرفي
كوكب الأرض
ينوي أن يزلزل قافيتي
يستبيح أناي
ليس لي غير هذا الهواء القليل الذي
يدخل الآن في رئتي
ثم عما قليل
سيخرج من الوقت
من ظله المترامي
وراء أساي
ليس لي وطن لأقول له:
هات رملا
وهات ترابا
لأبني لنفسي جدارا من الحلم
أدعو إلى حلمي الملكي سواي
القطيع الذي ضاع مني
قد وجدوه
يباع ويشرى
وكل الزبائن قد أنكروا
أن هذا القطيع قطيعي
وأن خطاي خطاي
ها أنا هارب من جحيمي
أعلق نفسي على مشجب الصمت
تنبس بي شفتاي
ها أنا أراني على صفحة الماء
ثمة ضفدعة تتقافز بيني وبيني
وثمة ناي
هل أنا لي؟
سؤال بحجم الجحيم
بحجم الرميم الذي
يتلألأ كالموت
بين قطيعي وبين عصاي
عندما البحر صافحته
لم يمد يديه
وقال:
تعال ..تعال وراي ...
..



في مثل هذا اليوم 18 /10/ 2012
اخترم الموت أجنحتي
إلى روح ونيسة الحكيم

في مثل هذا اليوم قد متنا معا
الموت كان مبعثرا فتجمعا

ما كنت أدري أن موتك جمرة
للروح تكويها وتكوي الأضلعا

يا ليتني قد مت قبل حبيبتي
بدقيقة.. "يا ليتني" لن تنفعا

هي لم تمت فأنا الذي قد ذقته
حتى غدوت به المليء المترعا

هي لم تمت إلا قليلا.. إنما
أنا لم أزل في الموت لم أتزعزعا

راحت إلى جنات عدن وحدها
وبقيت وحدي أشرب المستنقعا

سنة مضت.. في كل ثانية أنا
قلبي يسير مع الجنازة موجعا

كانت صباحا توقظ الأحلام في
عيني.. لم يك موتها متوقعا

من راحتيها كم شربت قصائدا
نبع القصائد كان عندي مشرعا

قولي.. لماذا مت ذات صبيحة
وتركتني بين الحريق موزعا

ما كنت أعرف قبل موتك ما الردى
حتى عرفت ختامه والمطلعا

ربيتني.. ربيت أولادي فهم
كانوا وما زالوا الفضاء الأوسعا

كم كنت فيك أرى الخلائق كلها
وبقيت بعدك واحدا متقوقعا

كنت النساء جميعهن بعالمي
تبا لمثنى أو ثلاث وأربعا

لو صح أن أفديك ذات فجيعة
ما كنت إلا الفادي المتبرعا

كم كنت إنسانا جميلا طيعا
من كل هذا الكون كنت الأروعا

كم كنت في حلمي وكنت خياله
وكلاكما سافرتما يوما معا

وأزور قبرك غاديا او رائحا
حتى أرمم قلبي المتصدعا

أنساك..هل تنسى الظلال ضياءها
أنساك ..هل تنسى العيون الأدمعا

في كل زاوية أراك قصيدة
فبها ألوذ لكي أرى أو أسمعا

بيني وبين الموت ثأر مزمن
لو "شفته" أجبرته أن يركعا

نامي طويلا لاتعودي صوبنا
نحن الذين نموت موتا أشنعا

نحن الذين تمزقت أوطاننا
صرنا عليها سجدا أو ركعا

نحن الذين تهدمت أحلامنا
نحسو حليب الذل دوما رضعا

الموت أدمننا.. دمانا نخبه
شكرا له ضيفا جميلا مبدعا

نامي ولا تستيقظي كي لا تري
زمنا قبيحا إمعيا مقذعا
..



خواطر على قبر ينبض بالموت

"من قال : إن الموتى يموتون "

ناديتها من دونما صوت
يا موتها القاسي ويا موتي

ناديتها وكأنها سمعت
قالت: وحيدا عد إلى البيت

يا صدمة في الروح أحملها
قد عدت ثانية إلى صمتي

ما زلت منتظرا شذا يدها
فلربما يأتي ولا يأتي

عانيت بعد رحيلها ألمي
يا نفس كم في الريح عانيت

أملي بعودتها يخالجني
سأعود للدنيا إذا عدت
***
زرت "مقبرة القوز" منذ قليل
فلم يكترث بوجودي
سوى حارس المقبره

عادة لا أحب الزيارات
لا سيما الميتين
لا ألوث عالمهم
بتفاهة أخبارنا القذره
***
هم يضيقون بالكلمات
يضيقون بنا وبمعنى الحياة

فلماذا نعيد لهم ما يسد النفس
ولماذا العلاقة ما بيننا
كالعلاقة بين اللصوص
وبين الحرس ؟
***
كان حولي الزمان يسير
وكان المكان يسافر فيه الشعور
وحده الطرف كان يكشف أسراره
وهو طرف حسير
***
كان..
كان الغبار تراكم فوق الجدث
وعلى القلب كان غبار قديم
يثير الحدث
***
أتفاءل باليأس لا بالأمل
أتفاءل بالموت لا بالحياة
يقتل الوقت قلبي
بكل وسائله
وأنا أقتل الوقت
بالحزن والملل
***
جلست قليلا مع القبر
مسترسلا في الغياب
جلست أفكر ..
أسأل ما سر هذا الخراب؟
رجعت بخفيَ..
وحيدا سوى من غبار العذاب
هنا القبر لا يعرف الزائرين
هنا الموت يفتح للقلب
ألف باب وباب
لقد كان بيني وبين القصيدة
حلم بعيد
وبيني وبين عيون المياه سراب
وعدت كما كنت حيا وميتا
تمنيت لو كنت تحت التراب
ولكن بقيت كما أنا
لا فوق ..لا تحت هذا التراب
رأيت على طرفي مقعد من مقاعد
هذي الحياة النمال
ولا أتذكر إن كان ثمة
بعض الكلاب
رأيت خيالي يروح.. يجيء
ويسأل ميتا هناك
وحيا هنالك
أعيا كثيرا وما نال أي جواب
كان طيفك يملأ عيني
ويملأ قلبي
وفي القلب ذاب
وفي القلب ذاااااب
..



يا دنيا أنت هي الدنيا
لو فيك دم كنت العليا

أبدا أنت بلا إحساس
لا لست بمعتقدي شيا

غوري في طين لا تقفي
في وجهي.. موتي كي أحيا

عيشي ..موتي.. لا يعنيني
لكن غوري ..هيا هيا


لا الجرح بعد اليوم يشفى
فالجرح يظهر ثم يخفى

والحلم ينأى مرهقا
والموت يضحك مستخفا

أحرقت نصف قصيدتي
وتركت للنسيان نصفا

ومشيت خلف جنازتي
لم أمش طول العمر خلفا

ماذا يريد الوقت مني
ينتشي طمعا وخوفا

الجنة الفيحاء ضاعت
سوف أبكي العمر سوفا

لا شيء لي من حصتي
في الكون مهما العمر لفا

أنا لم أكن متقربا
من عالم الأوثان زلفى

أنا لم أكن إلا أنا
حرا كريم النفس صرفا

لن تفلحوا في سعيكم
وتمرغوا في الطين أنفا

ومددت كفا للدنا
للمستحيل مددت كفا

أدمنت موتي واقفا
هذا أنا وطنا ومنفى
..



الجبال التي كنت أزهو بها
خشعت متصدعة
زعزعتها الرياح

النجوم التي كنت من وحيها
أتحدى الليالي
تلاشت
ولم يـأت نور الصباح

السماء التي كم كتبت لها الشعر
بعض رمال
وبعض خيال
وبعض سراب
لعينيً لاح

الكلام الذي قيل في الحب
محض كلام
ومحض حمام
مهيض الجناح

الربيع الذي كنت أحمله
فوق صدري
تململ من وجعي
من غنائي الطويل له
غاب عني
وراح

ولهذا تراني وحيدا
كمقبرة الغرباء
أكفكف شعري
وأنفض عنه الجراح
..



لا أنتمي إلا إليك
فلا تكوني مثل أغنية السراب
الموت بين يديك أمنيتي
ولكن لن أموت كما يريد الميتون
ولن أعيش كما يريد الصمت
في حضن العذاب
لقصيدتي باب وحيد
فادخلي في نارها ورمادها
واستدرجي قلبي قليلا أو كثيرا
لا تبالي بالغياب
هذا أنا
شملي تبدد كالغيوم
وأرضي الظمأى تحف بها الجهات
فلا جزاء علي ولا حساب
لا ..لا تهابي
حلمي المجروح
أو سفري إلى الدنيا وحيدا دونما حلم
فعندي بعض نافذة وباب
لا..لا تهابي
آخر الأشعار فهي مراوح صيفية
في شهر تموز وآب
لا ..لا تهابي
إن موتي في القصيدة غير موتي في الجريدة
غير موتي في الدعاء المستجاب
أألم نفسي في الشتات؟
أألوم موتي في الحياة؟
أأكون أسئلة بلا معنى
بلا حق الجواب؟
ما عدت أملك غير نفسي بعضها
والبعض ضاع كما تضيع قصيدة في أختها
ويضيع حلم في ضباب
هذا أنا منفى يخبئه الرماد
وتفر من يده البلاد
فأين مني أنت يا هذا الهباب ؟
أرفو هواي بخيطي الواهي
وأفتح للرياح يدي
فلا يصل الحنين إليك
كأن هذا الحلم
صرح من رمال أو تراب
إياك أعرف
لن تكوني غير ذاكرتي
فلا نسيان يدركني
ولا نيسان يتركني
غريبا في الخراب
..


لم أعد قابضا ضفائر شمسي
لم أعد حاملا لذئبي فأسي

لم أعد إلا قاتلا أو قتيلا
إن نفسي في الحرب تقتل نفسي

أتخطى حدود كل سماء
وأراني ما زلت أقضم يأسي

كل شيء يسير دون اتجاه
فمن العقل أن أسير بعكسي

ومن العقل أن يفيض جنوني
وعلى شاطئ القصيدة أرسي

إن هذا الثرى كمثل الثريا
مثلما مأتم كأضواء عرس

إن هذا الزمان دون زمان
قد تلاشى ما بين آت وأمس

وإذا ما الجدران مني تداعت
صانني في خرائب الكون أسي

ليس لي في هذي الحياة طموح
أنا تكفيني زهرة فوق رمسي

ما سيأتي أقسى من الأمس طرا
فلماذا أغدو سريعا وأمسي

خلبي هذا الغمام وإلا
كيف أظما ويخطئ حدسي

وحثالات قد علو في سمانا
وأنا واقع على أم رأسي

ورجال من الديانات ضلوا
فتحيرت بين شيخ وقس

قد تساوى شويعر مع فحل
وتساوت طهارة مع نجس

لم أهادن ولن أهادن نذلا
همه في الحياة أوضع كرسي

لا يساوي في منطق الشعر شيئا
وإذا بيع لا يباع بفلس

سوف أمضي إلى مكان بعيد
وأناجي في غيهب الليل شمسي
..


وطني بلا ماض ولا مستقبل
وكأنه ما كان يوما موئلي

ما عدت أعرفه.. تغير لونه
عنوانه تحت الحضيض الأسفل

كم كان يلهمني القصائد كلها
واليوم يلهمني بموتي المقبل

يجتاح قابيل فلول قصيدتي
من آخري المنفي حتى أولي

يغدو يروح مقهقها ومكسرا
رأس الجميع بفأسه والمنجل

حتى كأن الموت يعشق شعبنا
فتراه كالليل الذي لا ينجلي

قالت: متى للحرب آخر معقل
حقا متى للحرب آخر معقل؟

ما عاد من لهب وراء رمادنا
قد ماتت العنقاء.. فلتتخيلي
..



كل يوم تسيل مني دمعه
في الليالي الطوال أشعل شمعه

أتغنى بذكرياتي اللواتي
زرعت في مواقد الشوق لوعه

بدعة أن أقتات نار حنيني
أترى حبنا كذلك بدعه؟

هذه الأحرف النقيات عندي
تتولى عين الفؤاد وسمعه

يا بلادا بلا بلاد وهاد
كم تجرعت من دموعي جرعه

ليس لي كل هذه الأرض حتى
من جميعي لا لست أملك ربعه

ذاهب في المنفى أجر صليبي
ربما الموت يصطفي بالقرعه

كل بحر خلفي وكل عدو
وأمامي تبني المنية قلعه

أيها الحب لم تعد سلسبيلا
وطني ضاع فجأة وبسرعه

أخذته الحرب الكريهة مني
ووحيدا بقيت أرقب نبعه

هؤلاء التجار باعوا بلادي
في مزاد كأنه الآن سلعه
..




لا لن أموت أيا حياتي
يا موعدي مع ذكرياتي

يا ياسمين الجرح في
روحي ويا طهر الصلاة

آمنت بالوطن الذي
قد ضم كل مكابداتي

بك.. بالقصيدة في يديك
بحاضر صعب وآت

كتب الحنين على جبيني
والرحيل على شتاتي

لا تفتحي للجرح بابا
آخرا.. فالوقت عات

لا توقظي وجعي.. أنا
وجعي كما ذئب الفلاة

وأنا المسافر في دمي
وحبيب قلبي ليس ياتي

ما أكثر الأشواق في
صدري وما أقسى ثباتي

منذ الخروج من الأجاج
ولا فرات على فراتي

منذ البقاء على لظى
لم ينطفئ زمن الحواة

في الليل حين أمد عيني
لا أرى نجم النجاة

غنيت لي ..لحبيبتي
ما كان أجمل أغنياتي

هذا مرور الريح ..يا
ناري ويا وجع الشكاة

هاتي يديك وصافحي
الأحلام في عيني.. هاتي


كلـما جــاء صبــاح وراح
لذت بالشعر ملاذا ومــراح

كــل أيــامي أناجــي ربــه
من يديـه فيـض أحـلام ملاح

ريــشـة قلبــي ولكــن بــه
شغــــف ثر بأذيـال الريـــاح

وأنـا خلــف خـطـاه ســائر
وهن العظم وأضناني الكفاح

وأنـا فـي زبـد الحـلم بــلا
أحـد ..كل زمانـي مستــــباح

لا أرى حــولــي إلا أثــرا
كان يومــا مـا يمنيـني بــراح

لا أرى إلا المــنافـي جمـة
ما الذي يجعلني قيد الجراح؟

ما الذي في سره يفضحني
ألأني فارس دون ســــــلاح؟

ألأنــــي كــزمانـي مـيــت
أم لأني طـائـر دون جنـــاح؟

كـلما أججنــي الوقت رأيـ
ت رمادي من وراء الشعر لاح

ليلي المزمن باق أبدا
كدت أنسى صوت عصفور الصباح

فوق رمل الحب قد سال دمي
مسكه في زحمة الأيام فاح

وأنا الخارج مني خاطني
قدري ثم محاني ألف ماح
..



وكأني أراك معي في خضم الزمن
نتحدى الرياح
ونصنع من لهب المستحيل الوطن
لا أفول لقلبي
وأنت به الياسمين الذي
لم أفرط برائحة الحب
في شفتيها ولن...



من أي نبع ينبع الشعر
في مائه الأحلام تفتر

لولاه كان الوقت مضيعة
وتراكم الأحزان والقهر

في وجهه نور يبشرنا
ويعود بعد غيابه الفجر

وكأنه مطر على مطر
وإليه كم يتهافت الزهر

الشعر معجزة القلوب إذا
غاب الحبيب وهزه الدهر

يستحضر الذكرى.. يؤججها
عالي المكانة ما له سعر

مستدرج نجم السماء له
فإذا الوجود جليده جمر

وهناك من يحيا بلا شغف
فحياته بفراغها قبر

سر يخلي الشعر قبلتنا
يا ليتني أدركت ما السر

والحب حين يكون في دمه
يقضي الأسير ويولد الحر

بهما تصير الأرض مملكة
يسعى عليها النحل والطير

الشعر للعشاق نعمتهم

فعليهم التسبيح والشكر

وإذا همت أمطاره وهمت
أنفاسه فالنفس تخضر

هو أطول الأنهار قاطبة
نهر ولكن دونه النهر

هو واقف لا ينحني أبدا
كل الجبابر عنده خروا

من أجل هذا حاربوا غده
وعليهم قد قدر الخسر

سيظل هذا الشعر معتصما
بوفائه مهما يفض غدر

سيظل خيرا باسطا يده
فارحل بعيدا أيها الشر
..


الربيع هناك وحيدا
يسافر في ظله
والمسافة تمتد من وجع لسواه
الربيع الذي كان ما كان
إلا خيالا وآه
ليس ثمة من أحد
ليصلي معي
أيجوز لقافية وحدها
أن تؤدي الصلاه
وسط هذا الظلام
أحدق في وجهي المستحيل الذي
لا أراه
آه..
أي نار أنا
أي ريح أنا
يا إله ؟؟


أستقبل الموتى
فلا تأتوا إلى كفني المسجى
لا تسرفوا في ذرف حلم غابر متهرئ
من رتقه لا خير يرجى
أستقبل الموتى
وعنواني...
هنالك...
خيمة زرقاء...
قافية تحوك لها من الأمواج موجا
غاب الحصان
ولم يعد لي غير بعض صهيله
في الرمل بعد غيابه
فجعلت لي الأشواق سرجا
أشتاق موتاي الذين
يرن صوتهم رنين قيامتي التي
بهم ترج الآن رجا


ليس لي وطن آخر
ليس لي وطني
ليس لي غير هذا السراب الذي
كالقصيدة يمنحني
حلما خارج الزمن
ليت ذاكرتي طردت كل مخزونها
من مياه المحيطات والسفن
فأنا واقف منذ دهر وثانيتين
أتأمل نفسي
أحاورني
دون جدوى
فلا زمني زمني
لا ولا
وطني وطني
لقد احدودب القلب
يا ظهري المنحني
الدخان الذي يتصاعد من لهبي
يملأ النفس باليأس
بالألم المزمن
ثم يطلب مني التنفس
من رئة الكفن


كأنك نور الفؤاد وظل
كأنك أمي كأني طفل
أفيضي سماء على قحط أرضي
فإنك بعضي وإنك كل
كأنك في الأغنيات شذى
تعطر فيه صباح وطل
أمل من الكون سيدتي
وحين حضورك لست أمل
لماذا إذا أنت نائية
وفي النأي صمت وموت وليل
حروفي ظلام بلا نكهة
عليها ضياء هواك يطل
ولولاك كنت وحيدا وحيدا
فانت لقلبي هلال واهل
دعيني بعيدا كما وطن
له يستحيل وصول ووصل
قليل أنا في خضم الحياة
من الحب والموت إني أقل



منفاي مقبرة وأحلامي جثث
هذا الزمان المر
يرميني على شط العبث
فجديده كقديمه
بال ورث
..



قلبي عليك
وأنت قلبك من حجر

لم أرتكب إلا القصيدة
والحنين إلى السفر

مرت حروب
أقبلت أخرى
ونحن نلوذ بالحلم اليتيم
نجر من يده المطر

كنا معا
كنا نحب
وفجأة نفد الكلام
ولم نجد لطلوله
أبدا أثر

ما زلت في الدنيا
أفتش عن صباحي المنتظر

ما زلت أحسبني
على قيد الحياة
جروحنا لم تندمل
وقيودنا لم تنكسر

أي البلاد تليق بي
أي النساء تليق بي
وأنا الذي لا أنحني
إلا لقلبي
ولا أبكي سوى
وطني الذي
سرقوه في ضوء القمر

في الأرض مذبحة
وفي أعلى السماء
حبيبتي تحت الخطر
لا .. لا مفر

أبكي وأضحك من غدي
كم من غد
عانقته بمحبة
ثم انتحر

كم من دليل خانني
كم قلت : خذني للجبال
رأيتني بين الحفر

كم قلت: خذني للحياة
فلم أجد إلا ضريحي
آه...
ما هذا القدر ؟؟؟
..



كل ما في الوجود ينام
سوى القلب
فهو يشذب أشجاره العاليه
كل نار سوى نارها
قطعة من جليد
وقارورة خاويه
ما الغريب الذي يتألق فيها
لماذا فقط وحدها
هي رائحة غاديه...؟

كل حب سوى حبها
محض زنزانة دون نافذة
حبها وحده
فاتح صدره للرياح
مزمجرة عاتيه..


المسافة ما بيننا
لا تقاس سوى بالحنين

أنت..أنت البعيدة مثل النجوم
أنت القريبة
مثل صباحي الحزين

اشربي من يديّ القصيدة
ظامئتان يداي
إلى الياسمين

المسافة جرح قديم جديد
بحجم الذي قد مضى من بكاء
وما سوف يأتي
وبين الولادة والموت
حجم السنين

العصافير في الفجر
تنقر نافذتي
وتحط على كتفي
وتحلق عير القصيدة
أبقى وحيدا وحيدا
وحلمي يروح يجيء
كما غيمة العاشقين

المسافة ما بيننا
جرعة مرة
من مياه الجنون
..



الغبار
الغبار الذي يتجمهر في الريح
يطلب مني يدي
يتسلق روحي
يفتش في داخلي عن غدي
الغبار
هنا وهناك
على حافلات الجنود
وفي أدمع الأمهات
وعند العبيد
وهم ينحنون على قدم السيد
في الحروب يثار الغبار
وخلف السجون
وفي ردهات المشافي الرديئة
تدخلها بسلام
وتخرج مختنقا
الغبار
في القصيدة
في رغوة الحلم
في الزبد
الغبار
هل أعلقه فوق صدري
وساما أغيظ به المعتدي ؟
الغبار
رئتي امتلأت
وعلى عنق الحلم
حبل من المسد..



كل شيء حولي ينادي..يصلي
العصافير كلها وهي حولي

همهمات القلب الذي صار دمعا
كل من بعدي سوف يأتي وقبلي

كل شيء حتى المسافر ليلا
لم يشاهد إلا بنات الليل

وكأن الدنيا سراب عتيق
ساخر بالماء الذي صار يغلي

يصطفي الموت من يشاء ويمضي
ويذيق الأحياء أشتات ويل

وكأن الحياة أضعف منه
فتراها مجنونة دون عقل

وتراها مهزومة دون حرب
وتراها مقتولة دون قتل

كل شيء يلهو بنا وكأنا
في صحارى الجنون كثبان رمل

كل أرض جديبة فسمائي
حرت فيها.. مشهورة بالبخل

ونجومي كانت تزين قلبي
لم تعد إلا دودة في الوحل

إن قبوي كناطحات سحاب
إن قبري يمتد مقدار ظلي

إن منفاي موعد ليس يأتي
في مداه أضعت أصلي وفصلي

أتراني أهذي وكنت حكيما
أجمع الماء والحرائق حولي

فلماذا أصابني بعض مس
ولماذا مشاكلي دون حل

أجنيف صارت ملاذي أخيرا
وبلادي ترابها لم يعد لي ؟
..



يرحل الأحبة تباعا
الموت على جرعات
إلى حسن دريعي الذي ترجل أخيرا
وبقي"الحصان وحيدا"
لماذا يا حسن؟؟

الحبيبة غابت
وغاب الحبيب
وغاب الوطن
وحده القلب مزدحم
برنين صداهم
خرير خطاهم
وحده القلب معتصم
بجبال الحنين
وغيم الشجن
أشتهي أن أراهم
أرى البنفسج ملء رؤاهم
في خضم الزمن
أيها الشعر
هل لك معنى
إذا اخترم الحزن قلبي
فأن وأن
لقد اشتعل الحب شيبا
وعظمي وهن
لم أزل في الحياة
أصارع أمواجها
بعد أن غرقت في الحياة السفن
سأظل أعيش
كما المتخمين برائحة الموت
أنفض عني الرماد
أحدق في لوحة "لحسن "
لأرى نوره في الظلام
أرى الكون حولي اطمأن
أنت حي
أنا ميت
فلماذا نخاصمنا
حول هذا الكفن؟
من تجرأ..
واراك تحت التراب
بربك من؟
مت قليلا
مت كثيرا
لتبقى حياتك فينا
طوال الزمن
..



لا حديقة في القلب
بل حجر ورماد
لا حبيبة تنقر شوقي
ولا فجريأتي
يزحزح هذا السواد
فلماذا على الماء أكتب شعري
على الريح أمشي
أجر ورائي البلاد
لست أعرف أين يؤدي الطريق
ولا كيف الزمان يلملم
صوتي المبعثر في كل واد
لا فضاء يليق بصدري الذي
ضاق ذرعا بصدري
ولا عشب إلا ويسرح فيه الجراد
أوليس من العقل أن أفقد العقل
أو أقتني صنما للعبادة
آكله إذ أجوع
أليس زماني جماد؟
آه..
مني ومنك
ومنا جميعا
ومن هذه الأمنيات
نسافر فيها
فلا نصل الأرض
لا نصل الماء
إلا غدنا الظامئ المنحني
دون ماء وزاد
كم أحارب ظلي
وما زلت أمضي كدونكيشوت
تكسر سيفي
وضاع الجواد
وأمامي المزيد من الوقت للموت
الموت سرا
على جرعات
فلست على عجل
كي أباد
..


كل شيء
- حبيبتي -
يتوارى
غير هذا الهوى
يظل منارا

كل ما حولي
عاقل ..رتيب
نحن في حبنا
سكارى
سكارى

مطر حبنا
ونحن صلاة
من يصد الصلاة
والأمطارا؟

من يسد الصباح
والعصافير تترى
وضياء الصباح
يحبو النهارا؟

إنني الآن
عاشق مستحيل
وحده المستحيل
يشعل نارا

قدر أن نكون
سرين فينا
ما ألذ الأقدار
والأسرارا

ما ألذ الرحيل
دون شراع
حيث كل الوجود
يغدو بحارا
..



ضمد جراحي أيها الآسي
قد ضقت ذرعا بالهوى القاسي

ضمد جراحي وانتزع ألمي
واملأ بطيف حبيبتي كاسي

أسعى وراء الحلم منكسرا
ومنكسا من خيبتي راسي

قد صار لي وطن بلا وطن
وكنيسةمن دون أجراس

وقصيدة ما زلت أحملها
هي وحدها في الليل نبراسي

كل الذئاب تصول في وطني
وأنا بلا حجر ولا فاس

وأنا أضم النفي مرتحلا
ما بين أخماس وأسداس

وطني الجميل يغوص في دمه
حتى غدا أضحوكة الناس

شذاذ آفاق به شغفوا
يا ويح شذاذ وأرجاس

لا..لا أرى في الأفق معجزة
أنجو بها من خنق أنفاسي

شعبي يكابد كل كارثة
في صيفه.. في برده القاسي

أغلى بلاد الكون أخسرها
يا بؤس إملاقي وإفلاسي

يا موتي الدموي.. يا وطني
أمن الدماء تكون أعراسي؟

ألم.. فهل من وحيه أمل
يا أنت.. يا قارورة الياس ؟
..



كل شيء يموت قبل أوانه
وزماني مضرج بزمانه

أيها الموت.. ما بك اليوم تبكي
قرب نعشي تمشي وراء دخانه

أيها الموت.. لم يعد لك معنى
بعد موتي الأخير في كتمانه

شجر الليل نابت قي سمائي
وأنا جالس على أغصانه

كل غصن تكسر الآن عندي
ومكاني قد بات دون مكانه

إنني مؤمن بآخر موت
لا تلوموا ميتا على إيمانه

أيها الحلم قف بعيدا بعيدا
راقب الحب وهو في أحزانه

لا تمثل من بعد دور ملاك
لم يعد ها هنا سوى شيطانه

كم غد كنت في هواه أغني
أتغنى بحوره وحسانه

خاب ظني به فهذي جحيمي
أخرجتني من وعده بجنانه

لن تكوني إلا لقلبي صلاة
نبضه مدمن على قرآنه

فاحمليني على يديك كطفل
باحث طول العمر عن أوطانه

أيها الموت.. لا تمتني كثيرا
لا تصد الإنسان عن إنسانه
..


الموت

لا ..لن أتحدث هذا اليوم عن الموت
فالموت يخلي القراء يخافون قراءة شعري

والموت ينام
لماذا أوقظه؟
ولماذا أجعله يتدحرج بين حروفي كالصخر؟

ليس يناسب شعر الموت ذوي الأفئدة المكسورة
والأطفال أقل من العشر

ليس يناسب من كان على وشك النوم بأحضان الفجر

الموت بلا سبب
يختار ضحاياه من عالمنا العربي
يعرف أن الإنسان رخيص
ويباع ببخس السعر

يأتي حينا مثل ربيع محترق
حينا مثل دخان يخرج من أعماق الصدر

ولدينا أنواع الموت جميعا
قتلا حرقا شنقا ذبحا
في الجو وفي البحر وفي البر

موتا فرديا وجماعيا ورحيما أو غير رحيم
في اليوم وفي الأسبوع وفي الشهر

لا..لن أتحدث هذا اليوم عن الموت
حروفي اسودت من فرط حديثي عنه
وقرائي انفضوا من حولي
وبقيت وحيدا مثل دفين في القبر

نحن بخير
الموت العذب لنا
ونلوذ طوال معيشتنا المرة
بالصبر
..


هل تغيرت أم
قد تغير من يتهجى
حروف الوطن..؟
هل فككت سرير القصيدة
أم هل فصمت
عرى الشوق..
شوقي الذي لست أدري
لمن..؟

حين أكبر بعد قليل
سأشعل عود ثقاب
وأحرق هذا الزمن

زمني ضاع
لم يأت بعد
الزمان الجميل
أأصلي على وردة الوقت
أم أقطف النار
من نبعها السلسبيل..؟..


على شاطئ النار
بللت روحي بماء الحنين

ومنذ احتراق دمشق
طلبت من الله
بعضا من الياسمين

لأني تعيس كمرثية
في العزاء
فاني أرفه عني بالموت
أزحف ما بين رمل وطين

إذا كنت حيا
إذا كنت تعرف عنوان قبري
فزرني ونم في ظلالي
وعانق خيالي
وقل لي:
"سلام على الميتين


سأجر كل قصائدي خلفي
أجر مواجعي
ورسائلي
وطوابعي
وأجر أزمنتي القديمة كلها
وأسير في الدنيا..
أسير

سأجر أدويتي وأحلامي
وأشيائي الأثيرة كلها
كتبي وأقلامي ومسطرتي
وأرغفتي وأشربتي
وتقرير المصير

سأجر نفسي كلها
بربيعها وخريفها
بلهيبها وهبوبها
وجنونها الجم الكبير

وإذا تعبت من الحياة
كما المعري الضرير

سيجرني موتي إلى مثواي..
مثواي الأخير
..


بعينيك عصفورة من خيال
وفي أخضر القلب ما لا يقال

وفيك الجمال بأشكاله
تصلي النجوم لهذا الجمال

أيمكن لي أن أهز السنا
وأجمع من راحتيك الظلال؟

أيمكن أن أحتسي قهوتي
وفنجان حلمي من الحلم سال ؟

أيمكن أن أرتدي غيمة
تبللني بالفرات الزلال ؟؟

أيمكن أن أهتدي بدمي
ليصحو فجري ويغفو المحال ؟



ألست ترين الورود
مقيدة بالإناء
دعيها
دعيها تقبل خدود السماء
***
دعي الشمس تشرق..
تغرب
حيث تشاء
من الظلم إيقافها
بين نار وماء
***
دعي القلب ينبض
حين يريد
وإلا ستفسد فيه الدماء
***
دعينا نعش أو نمت
وحده الحب يعشق
طول البقاء..


شيئا ما أنتظر
لا أعرف ما هو
نار أم مطر..؟
شيئا يشبه ظلي
ينأى ..يدنو
يخبو
أويستعر
شيئا كالحلم
يذكرني بي
يطفو فوق ظلالي
ينحسر
شيئا
يخرج من ظمأ الكلمات
ويعجز عن رؤيته البصر
شيئا كالحب وكالموت
كأني في حضرته حجر
أبكي ..أستبكي
كالشاعر
لا ماء لا شجر



سنة ..سنتان..ثلاث

ليس يتركني الوطن المستحيل
ولا الشوق حتى اللهاث

في القصيدة نسر جريح
وفي وطني
مرتع للبغاث

تركت ثورة في العراء
تركت وهي غارقة بالدماء

ثم راحوا بسادية
يأكلون التراث
..


لهب العاشق لا ينطفئ
قدح العاشق لا يمتلئ
فترى في يده الكون جديدا
عندما يهترئ
وإذا ما اجتمع الموت عليه
فبه يستهزئ
تنتهي الأشياء في خارجه
داخله يبتدئ



كالثمالة في أسفل الكأس
كالصمت في أسفل الكلمات
أرى أفقي

كالعلاقة بين القصيدة والورق
كالمسافة بين السكاكين والعنق
أرتقي قلقي

كالسماء
وكالأرض
أرمدتي
آه..
يا روحي احترقي

كالهواء
وكالماء
أزمنتي
لا بصيص من الحلم
في آخر النفق
..



الكل يقتلني
قصيدتي الضحيه

فعلى جهات الروح أعداء
لهم في كل أمنية منيه

الكل قاطبة
من الأدنى إلى الأعلى
كأني ريشة
والريح عاتية قويه

أبقيت لي بعضي
فإني لم أفرط بي كاملا
وتركت للريح البقيه

لو..لو دخلت إلي
في روحي وفي جسدي
فإنك لن ترى
إلا رصاصا أو شظيه

الكل يبغي ميتتي
في الحلم أوحين الحقيقة
في سراب الماء
أو ماء السراب
وفي متاهات القضيه
***
هذي هي الثورات
للشذاذ قد صارت مطيه

والشعب ..والشعب اليتيم
على موائدهم ضحيه

وكأن هذا الموت
أعجبه الذي يجري
وأعجبه الهديه

فإذا به قد كشر الأنياب
ينهش في الصبي
وفي الصبيه

كل الذي يجري
مؤامرة
على أرضي النبيه
..



خاب ظني وكم تخيب ظنوني
أي مس أصابني من جنون؟

كلما قلت : إن حلمي جميل
زلزل الوهم كل.. كل يقيني

أي أرض ستبلع الآن روحي
كل أرض غربية عن عيوني؟

كيف أبني نافورة من سراب
وأسوي أيقونة من حنيني؟

ولقد كنت حالما بنسور
لم أجد إلا فأرة في عريني

كنت نجما وكنت أنشر ضوئي
مستحيل أن تنشري أو تكوني

جمع الليل نفسه وأتاني
من يساري يغيظني ويميني

طالبا مني أن أحارب ظلي
فارس الموت حانثا بيميني

ثورتي ضدي قطعة من عجين
وهبوبي ما بين رمل وطين

المنايا تجمعت في ضلوعي
إن دنياي في يديها وديني

وبلادي شريدة مثل حلم
ودماها حلت لأهل المجون

خمر اليوم.. هل غد سوف يأتي
إن أتانا - بربكم - أخبروني

يا امرأ القيس.. نخبك الآن دمع
ودماء تعتقت... تكويني

قل:لماذا استعنت بالروم يوما
ولماذا استعذبت طعم السجون ؟

يا بلادي متى العصافير تشدو
فوق أزهار اللوز والياسمين ؟
..



من قديمي:

كل شيء عن العين غاب:
الطبيعة والأمسيات..
ثغاء الشياه
دبيب النمال
مواء القطط
وحده القلب يرسم
في أغواره
غيمة
ويعيش عليها.. فقط




إنني أعترف الآن بأني
وطن دون وطن

ونجومي فارغات من سمائي
مفرقي مشتعل
عظمي وهن

وأنا لم أقترف بعد نشيجي
لم أهادن مسافاتي
ولن

كل ما أعرفه عني:
سراب لم يبلل غير ظلي
ويباب في شراييني اطمأن

ألهذا أنا أبكي
أم لأن الموت يستدرج حلمي
أم لأن؟

يا لهذي النار
كم تحرقني..
كم أحرقها..
يا ترى
أينا الأجدر أن يبكي
ويستبكي الزمن ؟
..


وأنا الحب..
ينقصني الماء
والليل
ينقصني النجم
والفجر
ينقصني الشمس والقبرات

العصافير والغيم والقمح
والمرأة المستحيلة
هن فروعي
وهن أصول الحياة

لست أملك إلا صدى طيفها
فهي حاضرة
وهي غائبة
وهي كالمستحيل
وكالمعجزات

يا ترى
لمَ أقرأ في يدها
في خطوط يدها حظ نفسي
ولا حظ لي
منذ ألف من السنوات؟

وغدا حين أكبر
سوف أقول لها:
كم أحبك
كم أشتهي الموت ثم الولادة
ثم معاقرة الأمنيات

آه..
سيدتي
كم أنا عاجز عن قراءة نفسي ونفسك
ما أصعب الأبجدية والكلمات

رجل طاعن في القصيدة
وامرأة/ طفلة
ذهبا لأداء القصيدة
والصلوات

آه..
ما أجمل الحب
ما أجمل الموت من أجله
ما أمر الحياة
..


هذه الريح تلعب بي
فإذا قمت تقعدني
وإذا نمت توقظني
وإذا مت تشمت بي

أين أهرب منها
وهل أستفيد من المهرب ؟

مثلا
أمس ..أمس
بنيت جدارا من الرمل
فهبت عليه
كأن لم يكن
ثم راحت تقهقه مثل غبي

وأنا في مكاني
أعانق ظلي
وأرفو الذي قد تهرأ من جوربي

بيديّ حملت الزمان
ولكنه قد تسرب كالماء
لا.. لا
تطيلي المكوث هنا
قد ذهبت مع الريح
فلتذهبي



لم تهدأ الأنفاس منذ شتاتي**أوليس في الدنيا سوى آهاتي؟
من ألف عام والأسى مستفحل** من دون مصباح ولا مشكاة
من منزلي الطيني حتى غربتي **جاملت موتي كي يطيل حياتي
وكأنني ما عشت إلا لحظة**هي هذه يا قارئا كلماتي
تبا لهذا الشعر وهو يحثني ** أن أستمر بمضغ حلم الآتي
لولاه كنت أعيش وحدي نائما** بالكهف معتصما وبالأموات
لكنه والحب حيث تآمرا ** لم يتركاني سيد السادات


لولا الموت لكانت الحرب مسلية وجميلة
كما حرب الشطرنج
في الشطرنج تتساقط الحجارة
وعلى الأرض تتساقط الحضارة
الحروب أشكال هندسية جميلة
لكن الموت يشوهها:

في موطني تستوطن الحرب
ووقودها - يا صاحبي- الشعب

الموت يحصد كلنا أبدا
فشروقه قد عافه الغرب

سهل هو الإشعال في بلدي
لكنما إخماده صعب

في كل منفى نرتقي وجعا
سيزيف مات بقلبه القلب

قد ضاقت الدنيا وقد بخلت
والموت يسخو.. صدره رحب

نمنا طويل النوم في عسل
وغدا يعاقر كرمنا الدبُّ

لا حول للنّوام في وطن
لا حول لا.. إلا إذاهبّوا

إن لم تكن للحب قافية
لن يستريح لقلبك الربُّ
..


ننتج الموت
حتى كأن الحياة
غدت موضة باليه

نرخص الأرض ثم السماء
الفتاوى بذبحهما غاليه

نعشق الكلمات
لا نمل من الخوض
في سر ما بعد هذا الوجود
ونجهل أحوالنا القاسيه

نعبد الرب
نطلب منه الجنان
وحاراتنا من مياه الوضوء
ومن أهلها خاليه

نقرأ الكف
ندعو إلى الرفق
بالقط والكلب والفقراء
ونمضغ أشلاءها
مثلما يمضغ الشاعرالقافيه

نحن نخترع الوهم
نجتره مثلما عنزة
عن رفيقاتها نائيه

هي ساعتنا
عكس ما نشتهي
فعقاربها الآن واقفة
أو تسير
ولكن إلى الجهة الثانيه

نحن أهل الكلام
خفافيش هذا الظلام


نغني لأعراسنا الداميه

نحن لا نستحق الحياة
ولا الموت
نحن زبانية الوقت
نجلده بتفاهتنا
نقتل الناس في جولة
نقتل الله في جولة ثانيه

انظروا جيدا
كل هذي الزهور
تغطي المقابر
ذاوية.. ذاويه

انظروا في الوجوه التي لا وجوه لها
ذات..ذات معان مفرّغة خاويه

وأنا واقف مع ظلي الطويل
أتسلقه للوصول
إلى شمسه العاليه
..



من يصدق أن القصيدة
قدأنقذتني من الموت
أعطت لنفسي المزيد من الوقت
للحب والأمنيات و"شهر العسل"؟
من يصدق أن القصيدة
صوتي الذي
يتدحرج من قمة اليأس
حتى حدود الأمل؟
لي هذي السماء القريبة
لي وجهها الأزرق السلسبيل
عليه رششت مياه القبل
من يصدق أن القصيدة ماهرة
أن تبلل هذا اللهيب
وتصلح هذا الخلل؟
عادة لا أفرط بالشعر
كي لا يعذبني بالغياب..
بقرب الأجل
عادة أوقظ النوم من نومه
فالحياة بلا سهر مترع بالنجوم ملل
من يصدق أني غني كقارون
"تبا لقارون"
أملك كل النجوم
وأملك كل الغيوم التي
تحضن الآن رأس الجبل؟
هل ستبقى القصيدة مخلصة لي
وهل؟
هل سأبني قبابا من الريح والنار
أفتح بوابة الحلم
أحمل فوق يديّ الحجل ؟
كل ما أملك الآن
حلم جميل
فلا توقظوني
أنا هكذا
كم أحب الكسل


رثائية سريعة لأجل أحمد فؤاد نجم :

عن سماء النّشيد قد غاب نجمُ
فإذا القلب كلّه الآن همُّ

كان للنيل شاديا وخليلا
حوله كلُّ عاشق يلتمُّ

كان مصريّا من صميم هواهُ
كان خيرا للعالمين يعمُّ

كم تغنّى بأصغريه إمامٌ
وهو أعمى ..مع البصيرة يسمو

مصر مأواه كم تعذّب فيها
إن جلّاده ضريرٌ أصمُّ

كلما ذمّ فاسدا وزنيما
نال منه الذي كثيرا يُذمُّ

كم رئيس رماه في السّجن ظلما
إنّما لا يدوم سجنٌ وظلمُ

كم رئيس قد كان يوما مهمّا
إنّما الشاعر الأصيل أهمُّ

كم رئيس قد كان لصّا كبيرا
ليس يحصي المالَ المخبّأ رقمُ

هي مصرٌ بهيّةٌ.. هبةُ النيل
بخيراتها الثرى يستحمُّ

آه ..لولا النهب الطويل لكانت
في هناء فالخير ثر وجمُّ

غاب نجمٌ ومصرُ ملء فؤاد
لمَ لا وهو أحمدُ الشّعر شهمُ

عندما يهطل المطرُ
أتوسد قافيتي
ثمّ أنتظر
علّ برقا جديدا
يلامس شوقي الذي كله شجرُ
علّ رعدا يهزّ سمائي
فيضحك في سرّه القمرُ
عندما يهطل المطرُ
لا أرى غير نفسيَ مجنونة
قد تبرعم فيها القصيدة والحجرُ
إنه البحر يلفحني
آن في غوره السفرُ
إنه البر يعبرني
مثلما يعبر النفق الغجرُ
إنه الليل يعزف لي
في مقاماته يعذب السهرُ


آه..
لا يستريح المحارب
إلا على كومة من وطن
والمسافر دون حقيبته
ليس يحمل إلا الجريدة
يقرأ سعر الكفن
أسأل العابرين عن الأهل
عن ألم النازحين
وعن أمل الخائبين
وعن عدد الميتين
وعن..
الإذاعات تعرض أشلاءهم
وعناوين من ظل حيا
ومن ظل ما بين بين
لا يستريح المحارب
ما زال في أوله
زمن الحرب
للحرب أيضا زمن


مس مت
غدا سأموت
وبينهما سأحاول هذي الحياة
أيها القارئ المتفائل
رح من هنا
لست أرغب في:
خذ وهات


سأنتمي إلى الهواء
لا ماء آت من سرابي
لا ماء
لا شيء إلا الموت فوق رأسي المكتظة
بالموتى وبالأحياء
منفاي أقصى موقع
للسفر الممض
في ذاكرة الأشياء
منفاي قرب الأرض
وقرب الحرف
في القصيدة السوداء
كيف أهز البحر
كيف أحمل الصخرة
حتى آخر الإعياء؟
الأرض ..
كل الأرض لي
إلا بلادي
بيد الأعداء
أحلم بالنوم طويلا
في سرير الحلم
فهل لي عودة
إلى الحياة
أيها الفناء؟
أخاف مني
من ظلال الموت في عيني
من تنحنح العرافة العمياء
سأنتمي إلى الهواء
أطير في الجو
مع الغيوم والنجوم
والقافية الخرساء
كل الذي أحبه مغيب
مثل :دبيب النمل
صهيل القلب
دوي الصمت
والمواء
أخاف..
إن الخوف عادي
كأن تسرق رملة من الصحراء
أو نجمة من السماء
أضحك مني
عندما أرغب في البكاء
أضحك حتى آخر البكاء
..


يا عاشقَ الأرض إن الأرضَ تحترقُ
هل أنتَ مثلي بنور الشمس لا تثقُ؟

نورٌ يطلُّ على الأوغاد قاطبةً
وفي السّجون أناسٌ حلمُهم رمقُ

دماؤهم في سبيل الحبّ ثائرةٌ
لكن لدينا يثورُ الحبرُ والورقُ

فلتغرق الأرضُ في صمت يخلّدها
فإنّما إنّما أولى بها الغرقُ

متى أراني بلا منفى يحاصرني
ومن عبوديّة الأحلام أنعتقُ ؟

أهكذا يُسجنُ الأشرافُ في وطني
وليس يسرحُ إلّا التافهُ النّزقُ؟

قصيدتي وحدها في الريح ذاهبةٌ
فعالمي دونها أشلاؤهُ مزقُ

يا أيّها القلبُ يا أفياء قافيتي
من راحتيك يفيضُ الحبُّ والغدقُ

لا تكترث بلهيب الموت منتشيا
من وهجه الثائر العنقاءُ تنطلقُ


إلى نلسون مانديلا

قد غاب عن ذا العالم العملاقُ
فترنّحت بغيابه الآفاقُ

فهو الإمامُ لكلّ حرّ ثائر
وهو السلامُ ونبعهُ الرّقراقُ

للأمّة السّوداء كان قيادة
جبّارة ووراءهُ العشّاقُ

وضعوهُ في السّجن المديد وأرضُهُ
مسجونةٌ ما نالهُ إخفاقُ

في السجن ضاع شبابُهُ لكنّهُ
عاد الشبابُ إليه ...طاب مذاقُ

نال الجوائز جمّة لكنّهُ
أعلى الجوائز.. كلّهُ إشراقُ

لم يثنه منفى ولا زنزانةّ
لم يغره مالُ الدنا الدفّاقُ

هو واحدٌ لكنّهُ متفرّعٌ
وكذلك الأشجارُ والأوراقُ

هو أسودٌ وفؤاده ببياضه
عذبُ السّريرة نابضٌ خفّاقُ

هو وحدهُ قد كان سيرةَ أمّة
سوداءَ في دمه النّضالُ الشّاقُ

القادةُ العظماءُ كم في ضوئهم
تحيا الشعوبُ وتزهرُ الأخلاقُ

كان الشريفَ فلم يلم خزائناً
كم في العروبة قادةٌ سُرّاقُ

فيحاربون شعوبهم في رزقها
وإذا أرادوا تُقطعُ الأرزاقُ

وإذا تجرّأ ثائرٌ لو قال :لا
فمصيرهُ أن تُقطعَ الأعناقُ

لهمُ البلادُ بقضّها وقضيضها
والكلُّ في ساح الوغى وقواقُ

قد أفقروا طول البلاد وعرضها
فلهم مع النهب الكبير سباقُ

كم كان "منديلا" قريباً نجمُهُ
هامت به الأضلاعُ والأحداقُ

كم كان وجهاً للقضيّة نيّراً
وبهديه كلُّ النّيام أفاقُوا

وبهديه الحرّيّةُ الحمراءُ من
من أجلهاكلُّ الدّماءُ تُراقُ

يا أيُّها الإنسانُ دمتَ منارةً
للثائرينَ.. دروسُكَ التّرياقُ


كل شيء يموت
قطة الدار
أيقونة الريح
ظل القصيدة في الماء
فنجان حلمي المهشم
والعنكبوت
صرخ الشعر بي
صرخ الحب والمتعبون
وكان جوابي السكوت
إنني رجل الثلج
لست أعيش
ولست أموت..


الخيط

ليسَ يأتي الذي ليسَ يأتي
فلماذا إذاً
أحملَ الخيطَ تحتَ صقيعِ الشّتاءِ
وليسَ هناكَ
سوى ثوبِ موتي؟
ألكي أربطَ القلبَ بالرّيحِ
أم لأواريَ خلفَ القصيدةِ صوتي؟
يا ترى..
أيُّ شيءٍ سيفعلهُ الخيطُ
هل لأقيسَ المسافةَ
بينَ المنافي وأنقاضِ بيتي؟
ليسَ يأتي...
عليّ إذاً
أن أقطّعَ خيطي
وأركضَ ما بينَ موتٍ وموتِ
..


أترى كلَّ هذا الظلامْ؟
دعْهُ في غيّهِ
وأنرْ شمْعةً
للمشرَّد تحتَ الخيامْ
وإذا ما رأيتَ الحَمامَ يئنُّ
فلا تبكِ هذا الحمامْ
لمَّهُ من عذاباتهِ
خذْهُ بالحبِّ
لا بالكلامْ
كنْ كما الشعرِ في آخرِ الليلِ
يسْتدرجُ الحُلمَ
يسهرُ كالأمِّ حينَ يلذُّ المنامْ
أترى الموتَ؟
لا تكترثْ بصَداهُ
فصوتُ الحياةِ
- حياتِكَ- مِسْكُ الخِتامْ
..


ينبغي الآنَ أن أحتسي ماءَ قافيتي
فلقد بلغَ الشوقُ..
شوقي الزّبا
منذٌ قلبٍ وأزمنةٍ
وترابُ القصيدةِ ما أصبحتْ ذهبا
ينبغي شربُ ما لا يقلّ عن البحرِ
كي يرتوي القلبُ بالحبِّ
ها أوشكَ العمرُ أن يذهبا
يقشعرُّ الزمانُ
فليسَ له الوقتُ كي يستريحَ قليلا
ويذكرَ عهدَ الصّبا
الحروفُ التي كنتُ في حضنها شاعراً
ضاعَ معظمُهافي الطريقِ إلى الشامِ
أو حلبا
في يديَّ سرابٌ بعيدٌ
ومن قلبيَ اقتربا
ينبغي الآنَ أنْ
أنْ أكونَ
بعيداً عنِ النّارِ
نارِ القصيدةِ
كي لا أكونَ لها حطبا


البطل

سقطَ الصباحُ من الجبلْ
فتكسّرتْ قدماهُ
وانتظرَ الأملْ
سقطَ المساءُ من الجبلْ
لم يكترثْ أحدٌ بهِ
فمضى يفتّشُ عن عملْ
سقطَ القتيلُ من الجبلْ
فبكى عليهِ العابرونْ
تركوهُ فوقَ دمائهِ
نظروا إلى أشلائهِ
تحتَ القذائفِ لم يزلْ
سقطَ الجميعُ على الجميعْ
صعدتْ فقطْ أرواحُهمْ
والأرضُ ظلتْ دونَهمْ
مأوى الجنونِ المحتملْ
سقطَ السلامُ من الجبلْ
الحربُ دائرةٌ
تدقُّ طبولَها
هوَ وحدَهُ
الموتُ البطلْ
..


كنتُ أنتظرُ الفجرَ
لكنّهُ لم يجئْ
وبقيتُ معِ الرملِ
أُحصي المكانَ
وأحصي الزمانَ الصدِئْ
جاءني صاحبي المتوضِّئ بالموتِ
وهْوَ يتمْتمُ :
لا تنطفِئْ
..


ما بالُ حريقِكِ
يركضُ خلفَ رمادي؟
ما أضيقَ هذا الكونَ
ولكن أضيقُ منه بلادي
وأنا في الدّركِ الأسفلِ من ألمي
مائي أحلامي العرجاءُ وزادي
وعصايَ مهشّمةٌ
وقطيعي تاهَ بأعماقِ الوادي
وعلى ظهري المحدَوْدبِ
أحملُ مصْباحي المكسورَ
أهزُّ جذوعَ سوادي
لا روحَ تعانقُ روحي
باردةٌ أيّامي
وبعيدٌ جدّاً ميلادي

وطني ذاهبٌ إلى كلِّ حتفِ لا تقلْ لي في زحمةِ الموتِ :أفِّ
كلَّ يومٍ ترى وتسمعُ حرباً هي تُبدي أقلَّ ممَّا تُخفي
أيُّها الموتُ.. قفْ قليلاً قليلاً نلْتَ نصْفي.. وفِّرْ لنَجْلِكَ نصْفي
أكرهُ الأمرَ من لسانِ حياةٍ كيفَ والموتُ آمرٌ رغمَ أنفي ؟
..


أغنّي في الحديقةِ للمياهِ
أغنّي في الحقيقةِ للشّفاهِ

أغنّي مثلَ مجنونٍ عتيقٍ
يتوقُ إلى معانقةِ المتاهِ

أنا الرّاعي أدافعُ عن قطيعي
فلا ذؤبانَ تدنو من شياهي

وحينَ الصّحوِ من نومي أراني
أعضُّ على لساني.. يا إلهي

فصوتي ليسَ يصلحُ للأغاني
وقلبي في مجالِ الحبِّ واهِ

غيابُك عن فؤادي مستحيلٌ
أغيضُ أنا وليسَ يغيضُ آهي

أغنّي لا.. لاحبيبَ سوى حبيبي
شغوفٌ بالأوامرِ والنّواهي

أغنّي أيّها الوطنُ المسجَّى
فليسَ سواكَ في الأوطانِ جاهي

أغنّي غيمةً خضراءَ حبْلى
تمدُّ الأرضَ باليدِ والرّفاهِ

أيا وطني الجميلَ غدوْتَ قبراً
وقد دهمتْكَ داهيةُ الدّواهي

وقد أصبحتَ في الدُّنيا طعاماً
وحولَكَ يا حبيبي ألفُ طاهِ
>>


لِمَ تبدو الثلوجُ لي سوداءَ
تملأُ النفسَ حسرةً وشقاءَ؟

ليستِ الأرضُ وحدَها ضدَّ أهلي
فلقدْ ألَّبتْ علينا السّماءَ

أيّها الثلجُ كنْ كلوْنِكَ عذباً
وأفضْ دفئا ناعماً وعطاءَ

أو توقَّفْ أمامَ دمعةِ طفلٍ
يرتَدي عُرْيَهُ ويحسُو الهواءَ


ماذا أقرِّبُ والأحلامُ تبتعدُ
وفي حرائقهِ يستمتعُ البلدُ ؟

حبيبتي عجزَتْ أنْ تستمرَّ معي
وما لهاأبداً فيما تصوغُ يدُ

ماذا سأشربُ والآبارُ فاسدةٌ
بئسَ الذينَ كما آبارنا فسدوا

أيُّ البلادِ أنا منها ولستُ لها
تسومُني الشوقَ والأشواقُ تتّقدُ؟

سوريَّتي في لظى الأحلامِ.. في كبدي
إلامُ تحترقُ الأحلامُ والكبدُ

البحرُ.. في البحرِ قد ألقيتُ قافيتي
أليسَ في البحرِ إلا الشعرُ والزَّبدُ؟

تجدَّدَ الحبُّ والأيامُ باليةٌ
ولم يزلْ نائياً كالمعجزاتِ غدُ

تعقَّدتْ حلقاتُ الموتِ في دمنا
متى- إلهي- يُفكُّ الموتُ والعقدُ؟

وكيفَ أبني على أنقاضِ ذاكرتي
قصيدةً لم يشاهدْ مثلَها أحدُ؟

أسافرُ الآنَ من حلْمٍ إلى حلُمٍ
وفي طريقي يثورُ الحقدُ والحسدُ

إني أفتّشُ عني..عن هديلِ دمي
عن ذكرياتي فلا أحظى ولا أجدُ

أعيشُ وحدي بلا منفىً ولا وطنٍ
كأنّني بصميمِ الموتِ متَّحدُ

أعاقرُ النجمَ حيثُ النجمُ يسكنُني
بغيرِ نورِكَ كلُّ الكونِ يرتعدُ

ووحدَهُ الحبُّ في الدنيا يمثّلني
لا الحزبُ قاطبةً لا المالُ لا الولدُ

ألوذُ بي.. بلهيبِ الشعرِ في لغتي
إنّا كلانا على النيرانِ نعتمدُ

أمدُّ أجنحتي ..أغزو الفضاءَ بها
طيورُ حبّيَ لا يُحصى لها عددُ

يا أيّها الحبُّ خذْني في يديكَ هوىً
لا الريحُ تسبقني لا الطائرُ الغردُ

يا أيها الحبُّ مشدوداً إلى ظمئي
بمائِكَ السلسبيلِ العذبِ أبتردُ

إنّي أحبُّ وهذا الحبُّ جائزةّ
كبرى.. أسيرُ إليها لستُ أتَّئدُ

الحبُّ ملحمةٌ كبرى ومعجزةٌ
أبٌ حنونٌ وأمٌّ دائماً تلدُ
..



أستمتعُ بالثلجِ
وبالنارِ
وبالكلماتِ
برحيلي لللزمنِ المجهضِ
والزمن الآتي
والنومِ بعيداً عن نفسي
عن ضجري مني
من ثرثرةِ الأمواتِ
حين أراقبُ ظلّي يتبعني
أتخيّله جاسوساً
يُحصي أنفاسي
خطواتي
ثمّةَ حربٌ قائمةٌ
تغدو وتروحُ
وتغدقُ بالجوعِ
وبالبركاتِ
وهناكَ خلفَ ثلوجِ الموتِ
وخلفَ النيرانِ
رميمُ حياةِ
..


ملخّصُ حياةِ وطنٍ:

إنَّ صوتي الذي دونَ صوتٍ
مُصابٌ بصمتٍ عميقْ
كنتُ أُدلي بهِ للرفيقْ
كانَ يُرغمُني أنْ أصفِّق للخطباءِ
وهم يرسمونَ الطريقْ
رسمُوا راسياتِ الجبالِ
وضوءَ النجومِ
وألسنةً من حريقْ
نمتُ في الحلمِ
نمتُ طويلاً طويلاً
كأهلِ الكهوفِ
ولم يكُ في نيَّتي أنْ أُفيقْ
وأَفقتُ على غابةٍ من ذئابٍ
على شلَّةٍ
تشتري وتبيعُ البلادَ بقرشٍ عتيقْ
ربّما ما نراهُ صدىً لزمانٍ
ترعرعَ في ظلّهِ
سيِّدٌ ورقيقْ
إنَّ عالمَنا كلَّهُ فئتانِ بلا ثالثٍ
فئةٌ تتغنَّى
بتشويهِ هذي الحياةِ
وأخرى على راسياتِ الجبالِ
وتحتَ ضياءِ النجومِ
تحاولُ تجميلَها
فتحجُّ إلى الموتِ
منْ كلّ فجٍّ عميقْ
..





ما جدوى أن أكتبَ شعراً يُدفئني
والعالمُ أبردُ من ثلجٍ
فوقَ خيامِ الناسْ؟
أتدفأُ بالكلماتِ..
متى أتدفّأُ بالوطنِ الغارقِ
بالموتى حتى الراسْ ؟
ما جدوى أن أسبحَ في ماءِ الرّؤيا
وسوايَ بنعلِ الذلِّ يُداسْ ؟
وطنٌ يُسرقُ.. يُنهبُ.. يُقتلُ
قطَّاعُ الطّرقِ المعروفونَ
همُ الحرّاسْ
فأعوذُ بربّي
من شرِّ الوسواسِ الخنّاسْ
.


ذات يوم قال شارل ديغول:
"واهمٌ من يظنُّ أنهُ بالإمكانِ إركاعُ سورية"

كم نهرَ دماءٍ يكفي مهراً للحريّهْ..؟
وغداً حينَ يذوبُ الثلجُ
ستظهرُ أعشابُ الموتِ
وتسطعُ شمسٌ ميّتةٍ
بأصابعَ كونيّهْ
وسيبقى الطفلُ يموتُ
بهذا الشكلِ وذاكَ
وهذا من كرَم الأرضِ العربيّهْ
قبلَ الثلجِ وبعدَ الثلجِ
زمانٌ أسودُ ..أسودُ
تقتلنا ريحٌ همجيّهْ
تاريخٌ أسودُ
من عهدِ أخينا قابيلَ
مروراً بالغربِ الكافرِ
في هيْئتهِ الإنسانيّهْ
ووصولا للشرقِ المسلمِ
في لحيتهِ السلفيّهْ
وإلى الأحزابِ بشعاراتٍ
صمّاء وخرساءَ وعرجاءَ وأميّهْ
كلّ الجزّارينَ وشذّاذِ الآفاقِ أتَوْا
في الداخلِ
في الخارجِ
من أجلِ عيونِكِ يا سوريّهْ
فقؤوها
طعنوا ظهرَكِ
وابتهجوا
تركوكِ بلا وجهٍ وهويّهْ
كم من جسدٍ قتلوا
لكنّهمُ عجزوا عن قتلِ الروحِ الثّوريّهْ
سوريّةُ لن تركعَ
حتى لو ركعَتْ كلُّ الدّنيا
كلُّ البشريّهْ
..


على لسان نازح سوري :

إني المحاصَرُ بينَ الثلجِ والنارِ
لا شيءَ أملكُ إلا صدريَ العاري

طُردتُ من بلدي لم يبقَ لي أملٌ
والموتُ يركضُ من دارٍ إلى دارِ

الحربُ قائمةٌ لم تكترثْ بدمٍ
كالغيثِ في وطني المنهوبِ مدرارِ

ماذا أسجّلُ للذكرى وكارثتي
ومن سيمسحُ يوماٍ وصْمةَ العارِ؟

إني أموتُ لكي ترتاحَ شرذمةٌ
تبني على جسدي قصراً من الغارِ

هذي بلادي خلتْ من كلِّ مكرمةٍ
عادتْ إلى زمن الغاراتِ والثارِ

قبائلٌ تزرعُ الويلاتِ في وطني
وحدي المحاصَرُ بينَ الثلجِ والنارِ


المسافةُ بيني وبينَ الحبيبةِ
وادٍ وقافيتانْ
لا أنا قادرٌ أنْ أهزَّ الجبالَ
ولا هيَ قادرةٌ أنْ تهزَّ الزمانْ
المسافةُ أطولُ من شاعرٍ
ساكنٍ وحدَهُ
في الخيالِ وفي حلمهِ
والحبيبةُ ساكنةٌ في هشيمِ الكلامِ
تُرى أهْيَ نارٌ حقيقيّةٌ أم دخانْ؟
كثرَ القولُ في الحبِّ
وهْوَ قليلٌ..
أقلُّ منَ الماءِ في الرّملِ
نادراً ما يعاقرُهُ عاشقانْ
بعضُهمْ يَجعلُ الحبَّ فزَّاعةً
بعضُهمْ يتشدّقُ بالكلماتِ
كما يتشدَّقُ أهلُ البيانْ
أيُّها الحبُّ
كم أنت تظلمُ نفسكَ..
تظلمُنا
فلذلكَ رُحْ مِنْ هنا
ربَّما قمرٌ ما بَعيدٌ
يليقُ بقدْرِكَ
أو قَمرانْ
هذهِ الأرضُ مأوى الجراثيمِ
فابتعدي عن سعالي
أعاني- وربِّ اللغاتِ -
من الهذَيانْ
لا تدوسي على الظلِّ ..ظلِّي
ولا تجْعلي خيْبتي
فوقَ كلِّ لسانْ
كنتُ أركضُ حتّى السماءِ
وكمْ قد تسلّقتُ أعلى مكانْ
لمْ أعدْ قادراً أنْ أحرِّكَ نفسي
فلا لي يدانِ
ولا قدمانْ
إنَّما الحبُّ حربٌ
كلانا بها خاسرانْ
..


الزمن حصار قاتل ولكن:"فليأت الحصار"
فكرة الزمن مرعبة
الزمن الذي يغتدي غير الزمن الذي يروح
الزمن يجرفنا كما الحصى في نهره
يموت زمن سيء ويجيء الأسوأ وكأني بالشاعر أمامي :

رب يوم بكيت منـه فلمـا
صرت في غيره بكيت عليه

الزمن عندي زمن الروح
الزمن الذي يجعلني أتصبب عرقا في عز الشتاء
الزمن الذي قال عنه المتنبي:

أريد من زمني ذا أن يبلّغنـي
ما ليس يبلغهُ من نفسهِ الزمنُ

الزمن الذي أريد إيقافه قليلا لأهمس في أذنه بسر ..بقصيدة لا يكترث بي
يقهقه عاليا ويقفز من فوقي إلى زمن آخر لا أعرفه ولا يعرفني
ومن هذا المزيج الأجاج والعذب يتشكل بحري الذي أريد إطفاءه عبثا فأستغيث بالموت حينا وبالحياة أحيانا..


وَحْدَةٌ

لِمَ هذا العصفورُالمسكينُ
يحطُّ على شفتي؟
لا أفهمُهُ
هل هو يفهمُ منْ لغتي ؟
لِمَ يرغبُ في الترفيهِ عنِ القلبِ
تُرى مَنْ أرسلَهُ خطأً؟
ها هوَ ينْقرُ في غضَبٍ نافذتي
هَا هوَ يرْحلُ
يتْرُكُني وَحْدي
أنْقرُ قافيتي



أرَى ..لا أرَى

مُغلَقٌ كلُّ شيءٍ أمامي
الفضَاءُ/ الهَواءْ
الصَّباحُ/ المسَاءْ
الغناءُ /الرَّبيعْ
وحدَهُ الموتُ
يفتحُ أبوابَهُ للجَميعْ
***
لِمَ يا وطني
لا تعيدُ إليَّ الأملْ؟
منذُ دهرٍ وثانيتيْنِ
وما زلتُ في سفحِ هذا الجبلْ
***
أتسلَّقُ ظلِّي سُدىً
أتشبَّثُ بالرِّيحِ
أفتحُ لي
كوَّةً في جدارِ الزَّمنْ
آه..
أرْفو خُطايَ بخيْطِ الشَّجنْ
فأرى كلَّ شيءٍ
قريباًمن العينِ
إلَّا الوطنْ
..



لنا..
أنا وأنتِ
هذا القمرُ الناهضُ
منْ رمادِهِ
لنا بياضُ النورِ
في سوادهِ
لنا الذي يحسدُهُ الفارسُ
وهْوَ ماسكٌ بسيفِهِ
يهفو إلى جوادِهِ
لنا الزمانُ الحلمُ
والمكانُ مشرفاً
على الربيعِ العذبِ
في بلادِهِ
لنا الحنينُ
واضحاً وغامضاً
وغادياً ورائحاً
على مدى فؤادِهِ
الكونُ ..
كلُّ الكونِ ضاحكٌ لنا
من كائناتهِ إلى جمادِهِ
لنا ..لنا
طفولةُ الحبِّ
إلى أجدادِهِ
..




الأسْطوانةُ

الأسْطوانةُ نفسُها
قتلى وجرحى بالمئاتْ
والناسْ تحتَ القصفِ
أو تحتَ الشتاتْ
الثلجُ جمَّد روحَهمْ
والنارُ في روحي
وفي روحِ الحياةْ
الأسْطوانةُ نفسُها
الحربُ قائمةٌ
وأهلُ الخيرِ يعترفونَ
أنَّ الحربَ أنفالٌ
وحقٌّ للشيوخِ المسلمينَ
من الزواجِ من البناتْ
-لا سيَّما من قاصِراتْ-
ما أجملَ الفتوى
فلولاها لشاعَ الفحشُ
وانزعَجَ الطُّغاةْ
الأسْطوانةُ نفسُها
شعبٌ يموتُ
منَ الصباحِ إلى المساءِ
منَ المساءِ إلى الصباحْ
فالوقتُ من ذهبٍ
وأمَّتُنا تجهِّزُ نفسَها
للعامِ..
للعامِ الجديدِ
لتحتسي خمراً وقات
أمَّا دمُ الشُّهداءِ
فليذهبْ إلى قاعِ ال
جحيمِ
فلا تجوزُ عليهِ
- يا صَاحِ- الصَّلاةْ
الأسطوانةُ نفسُها
وأنا هنا في غربتي
أبكي على نفسي
على وطني
على شعبٍ
لهُ ما شاءَ
منْ ذلِّ الحياةْ
..



لا وقتَ للحبِّ..كلُّ الوقتِ للحرْبِ
صبراً جميلاً على الآلامِ يا قلْبي

ماذا أقولُ لأحلامي وقافيتي
منَّيْتُها بغدٍ مُستنهضٍ عذْبِ؟

وخابَ ظنِّي فإنِّي الآنَ مُعتكفٌ
ألوكُ صمْتي وأيّامي على غصْبِ

أرى الهمومَ على أغصانيَ استعرَتْ
كوابلٍ من لهيبٍ هائجٍ صعبِ

فلا مجالَ سوى الديجورِ في أفُقي
كل الثريَّاتِ قدْ صارَتْ كما الكِذْبِ

أنا المضرَّجُ بالأشواقِ تحملُني
إلى بلادِي إلى أرضِي إلى شعبِي

فلم تزلْ ذكْرَياتي جدَّ عابقةٍ
كروضةٍ في جنانِ الخلدِ يا ربِّي

منفايَ مقبرةٌ.. بلوايَ محرقةٌ
والأرضُ ضيِّقةٌ في العالمِ الرّحْبِ

متى أرى الفجرَ فجرَ القلبِ منبثقاً
متى أرى نجمةَ الرُّؤيا على هدْبِي

يا أيُّها الوطنُ النّائي.. ألَا أملٌ
يهبُّ في الرُّوحِ من شرقٍ ومن غربِ ؟
...



ما زالَ زوربا يرقصُ في جمجمتي
ما زالَ حمزاتوف يحملُ أشلاءَ داغستان في كيسٍ كبيرٍ وعليه"بلدي"
ما زالَ القتلةُ يُخرجونَ لوركا من قبرهِ ليطمئنّوا على موتهِ
ما زالَ تشيخوف يعالجُ أمراضَ روسيا بأدويةٍ منتهيةِ الصلاحيةِ
ما زالَ نجيب محفوظ يكملُ ثلاثيته التي لن تنتهي لينالَ جائزةً محليةً
ما زالَ غوركي يعاتبُ نفسهُ لأنهُ لم ينتحرْ مثلَ ماياكوفسكي
ما زالَ ماياكوفسكي يقرأ لنفسه"غيمة في سروال"متلذّذاً بانتحارهِ
ما زالَ قلب ناظم حكمت نابضاً معَ أبعدِ نجمٍ لا وجودَ له
ما زالَ محمود درويش مُبعُداً عن الوطنِ لأسبابٍ أمنيّةٍ
مال زالَ عبدالرحمن منيف يحرسُ قبرهُ ليكملَ روايتهُ "شرق المتوسط"
ما زالَ المسيحُ يُصلبُ دونَ هوادةٍ ويعاني من يهوذا الأسخريوطي
ما َزالَ الأطفالُ والشعراءُ والمجانينُ ينتظرونَ السلامَ في الشامِ
الكثيرونَ جداًهذا الصباح زاروني تحتَ خيمةِ العزاءِ الكبيرةِ
وأنا أقدّم لهم القهوةَ الباردةَ المغليّةَ على الثلجِ والغربةِ
نتحدّثُ بحذرٍ شديدٍ في الحبّ والسياسةِ والدينِ
ونبكي على أيامِ زمانٍ
ونبكي ...



ﻣﻦْ ﻣُﺒﻠﻎٌ ﺃﺭﺽَ ﺍﻟﺸَّﺂﻡِ ﺳﻼﻣﻲ
ﻫﻞْ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊِ ﺍﻟﻜﻮﻥِ ﻣﺜﻞُ ﺷﺂﻣﻲ؟
ﺑﺮﺩﻯ ﻳﺌﻦُّ ﻭﻗﺎﺳﻴﻮﻥُ ﻣﻀﺮَّﺝٌ
ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﻊُ ﺍﻷﻣﻮﻱُّ ﺩﻭﻥَ ﺣَﻤﺎﻡِ
ﺃﻳﻦَ ﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻢُ ﻓﻲ ﺣﺪﺍﺋﻖِ ﺭﺑﻮﺓٍ
ﺃﻳﻦَ ﺍﻟﻈﻼﻝُ ﺍﻟﺨﻀﺮُ ﻓﻮﻕَ ﺍﻟﻬﺎﻡِ؟
ﻭﺗﺮﺍﺑُﻬﺎ ﺍﻟﻤﻴﻤﻮﻥُ ﻓﻲ ﺣﺴﺮﺍﺗﻪِ
ﻣﺎ ﻋﺎﺩَ ﻣﻠﺠﺄَ ﺷﺎﻋﺮٍ ﺭﺳَّﺎﻡِ
ﻭﺍﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻦُ .. ﺃﻟﻢ ﻳﺰﻝْ ﻓﻲ ﺿﻮﻋِﻪِ
ﺃﻡْ ﺃﻧّﻪُ ﻳﺒﻜﻲ ﻛﻤﺎ ﺍﻷﻳﺘﺎﻡِ؟
ﻻ ﻟﻢ ﺃﻋﺪْ ﺃﻏﻔﻮ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻀﺎﻧِﻬﺎ
ﻣُﺘﺪﺛِّﺮﺍً ﺑﺎﻟﻨّﻮﺭِ ﺩﻭﻥَ ﻇﻼﻡِ
ﻛﻢْ ﻣِﻦْ ﻗﺼَﺎﺋﺪَ ﻗﺪ ﻛﺘﺒْﺖُ "ﺑﺮﻭﺿَﺔٍ "
ﻫﻲَ ﻭﺣﺪَﻫﺎ ﺍﻟﻴﻨﺒﻮﻉُ ﻟﻺﻟْﻬﺎﻡِ
ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺠﺮِ ﻛﺎﻧَﺖْ ﺯﻫْﺮﺓً ﻓﻮَّﺍﺣَﺔً
ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞِ ﻛﺎﻧَﺖْ ﻣﻠْﻌﺐَ ﺍﻷﺣْﻼﻡِ
ﺯﻣﻦٌ ﻭﺩﻳﻊٌ ﻗﺪ ﻣﻀَﻰ ﺑﺴﻤﺎﺋِﻪِ
ﻭﺃﺗﻰ ﺯﻣﺎﻥٌ ﺑﺮْﺑﺮﻱٌّ ﺩﺍﻡِ
ﺍﻟﺤﺮﺏُ ﻟﻢ ﺗﺘﺮُﻙْ ﺳﻮﻯ ﺃﻃﻼﻟِﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺤﺐُّ ﺻﺎﺭَ ﺻﺪﻯً ﺑﻐﻴﺮِ ﻛﻼﻡِ



كم شوَّهُوا الثورةَ البيضاءَ يا وطني
وأشْبعُوها دماءً دونَما ثمنِ

الطائفيَّةُ ألغَتْ كلَّ مكرمةٍ
لأنَّها خارجَ التاريخِ والزمنِ

الطائفيَّةُ إنْ تفتكْ بشرْذَمةٍ
تنفثْ فساداً على الأرواحِ والبدنِ

دمُ الضحيَّةِ للآفاقِ صرختُها
يعانقُ النجمَ لم يرضخْ ولم يهنِ

أما المتاجرُ فالتاريخُ يلعنُهُ
لأنّهُ سارقُ الأمواتِ والكفنِ

كم آبقٍ راحَ يبني كلَّ ثروتِهِ
فالحربُ في عرفِهِ دربٌ لكلِّ غَني

وكمْ تشدَّقَ بالأديانِ تاجرُها
يُخفي الدَّمامةَ خلفَ المظْهرِ الحَسَنِ

إني أعوذُ بنورِ الحقِّ من درَنٍ
فالثائرُ الحقُّ لا يسْعى إلى الدَّرنِ

شعبٌ يموتُ ليحيا كلَّ ثانيةٍ
إذا رأيْتَ سواهُ هكَذا أَرِني
..



مطلوبٌ منّي
أنْ أحملَ هذا الموتَ الأثقلَ من هيمالايا
أنْ أحفرَ لي نفقاً ممتدَّاً من وطَني
حتى آخرِ منْفايا
مطلوبٌ أنْ أحصي عددَ الأحلامِ
المُلْقاةِ في حاويةِ الوقتِ
أسجِّلُ فوقَ طلولِ الوطنِ الورقيِّ أسَايا
مطلوبٌ أنْ أشنقَ ظلّي
الهاربَ مني
وأصدَّ خُطايا
مطلوبٌ أنْ أرفعَ رأسي المقطوعةَ
أقنعَ أعدائي ببقية أجزائي وأخايا
مطلوبٌ أنْ أقتلَ تنّيناً
وأنا أعجزُ عن دفعِ ذبابٍ عن دنْيايا
مطلوبٌ مني تغييرَ الكونِ
وخارطةِ الأشياءِ
ويدي اليسرى ضائعةٌ
وبقايا شللٍ في يمنايا


في الوقتِ متَّسعٌ من الموتِ
فلتذهبي في الريحِ يا أنتِ

نايُ الصباحِ مُكسَّرٌ وفمي
ما عادَ يصلحُ غيرَ للصَّمتِ

حولي بقايا الحرفِ منقرضٌ
حتى أنا لا شيْءَ إنْ شئْتِ

أنسى محاصيلي بلا سببٍ
فالوقتُ عندي دونَما وقتِ

معنىً أكونُ وقد أصيرُ سدىً
حيَّاً ولكنْ مثلما ميْتِ

فجري بلا فجرٍ وطيفُ غدي
ناءٍ ولستُ أظنُّه يأتي

هل كنتُ يوماً عاشقاٌ ثمِلاٌ
في الريحِ موعدُنا أو كنتِ ؟

لا تأمني حزْني ولا فرَحي
إيَّاكِ منْ حبِّي ومنْ مقْتي

أنا مثلُ موجِ النارِ مسْتعرٌ
جودي عليَّ بفائضِ الزَّيْتِ

لا ترْكضي خلفي .. أنا شبحٌ
كلُّ الأماكنِ في الدُّنا بيْتي

لا أستطيعُ معي أنا أبداً
صبراً .. فهلَّا إنَّكِ اسْطَعْتِ

بيني وبينَ الكونِ مثْأَرَةٌ
حتَّى أفرِّغَ فوقَهُ كبْتي
..


إلى حلب
إلى الطفلة التي خرجت من تحت الأنقاض
إلى البراميل

طفلٌ ينادي أختَهُ بمرارهْ
فتفيضُ نارُ دموعِنا مدْرارَهْ

طفلٌ ولا إرهابَ يُخطئُ قلبَهُ
يرميهِ من سجّيلهِ بحجَارَهْ

حَلبٌ بلا حَلبٍ ولا شُهُبٍ بها
فجيوشُهم وجحوشُهم جرَّارَهْ

وحُماتُها هدمُوا جوامعَها إذاً
وبنَوْا عليها فندقاً لدعارَهْ

واستأسدُوا وتنمَّروا واستنسرُوا
وأمامَ إسْرائيلَ مثلُ الفارَهْ

طفلٌ وحيدٌ لا أنيسَ لقلبِهِ
يبكي أباهُ وأمَّهُ بحرارَهْ

أختاهُ ..إنّكِ حيّةٌ وأنا هنا
هاتي يديكِ فقد تجيءُ إغارَهْ

فإذا فقدتُكِ بعدَ هذا غيلةً
فسأفقدُ الدنيا وأهلَ الحارَهْ

وأبو فراسٍ لا يجيءُ مخلِّصاً
قتلوهُ قبلي.. أحرقُوا أشعارَهْ

الثلجُ ماءٌ للحياةِ وخضرةٌ
والنارُ أصلُ ممالكٍ وحضارَهْ

نارٌمن الأعلى وثلجٌ تحتَنا
نيرانُنا وثلوجُنا غدَّارَهْ

إن الأبابيلَ البراميلَ التي
لم يرمِها إلَّا سليلُ قذارَهْ

قد دمَّرَتْ حلباً وكلَّ حديقةٍ
في ظلِّها كانَتْ هناكَ إمارَهْ

بلدٌ بهِ الإنسانُ غيرُ مكرَّمٍ
العيشُ فيهِ مصيبةٌ وخسارَهْ

لبنانُ مهدُ طوائفٍ هدَّامةٍ
لبنانُ نبعُ مذاهبٍ خوَّارَهْ

لبنانُ.. كلُّ حروبِهِ أهليَّةٌ
"إيَّاكِ أعني واسْمعي يا جارَهْ "
..




الُّطيورُ

الطيورُ تَحطُّ على كَتفي
سأتحدَّثُ عن بعضِها:
العصافيرُ تنقرُ ظلِّي
فيصبحُ ظلّي حديقةَ وردْ
الحماماتُ تصعدُ ظهري
فيشتدُّ ظهري إلى غيرِ حدْ
الطواويسُ تمنحُني ريشَها
أتبَاهى بهِ
أطلبُ المستحيلَ
ولا ..لا أُرَدْ
هيَ مَكسوَّةٌ بالرياشِ
وقلبيَ مُكسَى بها
دائماً نفتحُ القلبَ للفجرِ
نغدو يداً بيدْ
قدْ تُزارُ..
فيأْتي منَ الطيرِ
ما لا يُعَدْ
هي مَمْلَكتي
ريشُها
ومناقيرُها
وتراتيلُها
نبْضُ أعْشاشِها
حينَ تبعدُ عنّي
أراقبُ عودتَها
آهِ..
كمْ مرَّةٍ
بفؤادي الحنينُ استَبدْ
فجْأَةً
كلُّها تخْتفي
وتطيرُ
أظلُّ وحيداً أحدْ
..


انتظار

انتظرْتُ طويلاً
وأنتِ انتظرتِ
ومرَّتْ سنونْ
تارةً كانَ عقلي
يقودُ خطايَ
وكانَ الجنونْ
لمْ أذقْ مرَّةً غيمةً
كنتُ أشربُ بعضَ الهواءِ
وآكلُ بعضَ الظنونْ
عندما ذاتَ يومٍ
لقيتُكِ
قلتُ :كفاني رحيلاً وبحثاً
عرفتُكِ عنْ كثبٍ
غيرَ أنَّكِ
لم تعرفي
من أكونْ
****
يكفي عصفورٌ
لتغرِّدَ أشجارُ الغابَهْ
يكفي منفىً
لتغيضَ مياهُ الكونِ
ويتركَ فيَّ سَرابَه
....


عنكِ أبحثُ في الكلماتْ
في صلابتِها
ورهافتِها
خلفَ أبوابِها المغلقاتْ
كلُّ..كلُّ الحروفِ تحبُّكِ
تجمعُ أشتاتَها في القصيدةِ
في قلبِ شاعرِها
في صدى الأمنياتْ
تارةً يصبحُ الحرفُ
أسطعَ من نجمَةٍ
تارةً يستغيثُ من النجمِ
بالظُّلماتْ
حينَ تصْطَدمينَ بها
تسقطُ... تنهضُ
تزرعُ وجهكِ بالقبلاتْ
حينَ تسمعُ أنّكِ آتيةٌ
تَتَنادى جميعاً
وتصْطَفُّ بعدَ شتاتْ
كلُّ..كلُّ الحروفِ
مرحِّبةٌ بكِ
أنتِ تضخِّينَ فيها الحياةْ
حينَ تأتينَ مثلَ الأميراتِ
تسْتنفرُ الكلماتْ
توقظُ الصاحياتُ بها النائماتْ
أيُّها الحرفُ
قفْ خاشعاً
موكبُ الحبِّ آتْ
..


يقفُ المحاربُ فوقَ رأسي
ويصدُّ عني ضوءَ شمسي

فأموتُ حتى آخري
وكأنّني في قاعِ رمسِ

يقفُ المشرَّدُ في دمي
فتجيشُ بالآلامِ نفسي

وأخوضُ معركةً معي
إني أنا المهزومُ حدسي

ماذا أقولُ لصاحبي
وَهْوَ الذي قدْ ماتَ أمسِ؟

ماذا أقولُ لقاتلي
وَهْوَ الذي يغتالُ همسي؟

ماذا أقولُ لمأتمي
كم كنتُ موعوداً بعرسي

يَقفُ اللهيبُ على ريَا
حي..ينْهشانِ رميمَ تعْسي

يقفُ المُعارضُ والمُوا
لي..في الوغَى من أجلِ كرسي

والشَّعبُ في سَكَراتهِ
مِنْ تحتِ خيمتِهِ التأسّي

ما عادَ لي وطنٌ ولا
أملٌ عليهِ أحطُّ رأسي

حولي جهاتُ الأرضِ
قاطبةً أتتْ لتزيدَ نكسي

وحدي كما سُقراطَ
أنظرُ حائراً في قعرِ كأسي

هذي الحياةُ وهمُّها
ليستْ تساوي نصفَ فلسِ

واهٍ هو الأملُ الذي
يقتاتُ من أشواكِ يأسي

هلْ ممكنٌ أم مستحيلٌ
أنْ أحوزَ الآنَ نفسي؟

أمْ سوفَ أبقى مُثْخَناً
ما بينَ رومانٍ وفرسِ ؟

أَوَلَمْ يَئنْ أنْ أرتوي
بعبيرِ أرضي بعدَ بؤسي؟

كم قد غرسْتُ قصائدي
وحُرمْتُ من شعري وغرسي

وحُرمْتُ من وطني الذي
منْ أجلهِ أَغدو وأُمسي

يقفُ المُعارضُ والمُوالي
والمُحايدُ فوقَ رأسي

كانَ الخسيسُ بلا رضايَ
فكيفَ أرضَى بالأخسِّ؟

بلدي ..متى سَأرى تُرا
بَكَ طاهراً مِنْ كلِّ رِجسِ

وأرَى رُبوعَكَ مُلْتقى-
العشَّاقِ مِنْ ليلى وقيسِ
..



إلى صديقي المشرد في النعناع "كاهن النعناع"
الشاعر الروائي عبدالمقصد الحسيني

ذلكمْ أنتَ
يا أيّها المتربّصُ بالحلمِ
والأغنياتِ القديمةِ
والثعلبانِ الذي بالَ يوماً على الآلهَهْ
كانَ صوتُكَ مطرقةً في الهواءِ
وروحُكَ ضائعةٌ والهَهْ
ذلكمْ أولُ المشهدِ المستحيلِ
إلى آخرِ الموتِ
خلفَ العراءِ الثقيلْ
ذلكمْ أنتَ
تحصدُ بالمنْجلِ الأمميِّ
نمالَ الرحيلْ



أثورةٌ ما أرى أم لعبةُ الأممِ
أم جمرةٌ في هبوبِ الموتِ والألمِ

مالي أرى وطناً قد صارَ مقبرةً
والكلُّ موتى.. ضحايا الحربِ والنِّقمِ

الحربُ حلَّتْ محلَّ الحبِّ في كرمٍ
يا أمَّةً ثرَّةً بالجودِ والكرمِ

كلُّ الشعوبِ على قيدِ الحياةِ مضتْ
إلى الوجودِ عدا شعبي إلى العدمِ

حضارةُ الموتِ من أعماقِنا نهضَتْ
بالطيشِ نملأُ عقلَ الطفلِ لا الحكمِ

وحدي الضحيّةُ في أرضٍ بلا قيمٍ
لا حبَّذا مقتلُ الأطفالِ من قيمِ

وحدي الضحيّةُ والأحلامُ ميِّتةٌ
موتَ الحقيقةِ بينَ الذِّئبِ والغنمِ

وحدي أسطِّرُ تاريخي ولعنتَهُ
أمَّا المدادُ فدمعي سائلاً ودمي

هذا الزمانُ بلا حدٍّ يشرِّدُنا
يا ليتَ هذا الزمانَ المرَّ لم يدمِ

إنَّ الحياةَ بلا معنىً بشرعتِنا
وجودُنا في مداها الرَّحْبِ كالعدمِ


خاطرة الصباح

آهِ منِّي ومن زماني.. آهِ
كلُّ ذئبٍ يقتاتُ لحمَ شياهي

وأنا دونَ قوَّةٍ ومُعينٍ
عن عذابي كلُّ الخلائقِ لاهِ

فأمامي جحافلُ الموتِ تتْرى
وورائي مفازتي ومتاهي

مستعينٌ باللهِ كلَّ حياتي
لا بعبدٍ ولا "بحزبِ اللهِ "

في خيام الشَّتاتِ يُقصمُ ظهري
وكأني خيطُ العناكبِ ..واهِ؟

بينَ قتلٍ مُمنْهجٍ ونزوحٍ
يتبدَّى للعينِ ذلُّ الجباه

كلُّ ..كلُّ الجهاتِ تصنعُ موتي
وصديقي مُعرْبِدٌ في الملاهي

آمرٌ في غربِ الجهاتِ مُطاعٌ
ومن الشرقِ آيةُ الشرِّ ناهِ

جعَلاني ضَحيَّةً.. أرخصَاني
فدمائي تُباعُ مثلَ المياهِ

لا تقلْ: أفٍّ أيُّها الموتُ إنّي
ببقائي حيَّ الرؤى مُتباهِ
..



قلبي

لنْ أغنِّي إلَّا لقلبي المعذَّبْ
مَعهُ ذاهبٌ إلى حيثُ يذهَبْ

أتسلَّى بهِ إذا كنتُ وحدي
فهْوَلي في غَياهِبِ الليلِ كوكَبْ

وبهِ أغدو عاشقاً لا يُدانَى
وبهِ أحضنُ السَّماءَ وأشرَبْ

فإذا قالَ: كنْ أّكونُ كعبدٍ
ليسَ منْ سيِّدي المُهيمِنِ مهرَبْ

كم نعاني معاً من الموتِ حبَّاً
كلَّما متْنا أصبحَ الحبُّ أعذَبْ

أبداً في ظلالِهِ الحُلْمُ يسْعَى
أيُّ حُلْمٍ مهما نأَى صارَ أقرَبْ

وإليهِ تأوي العصَافيرُ تَتْرَى
فوقَ أشْجَارِهِ تنطُّ وتلعَبْ

كمْ غنيٍّ أنا.. فقلْبي خضَمٌّ
وأنا الملَّاحُ الذي ليسَ يتعَبْ

خصبةٌ هذه الحياةُ بقلبي
هل ترى روضةً من الحبِّ أخصَبْ

إنَّ قلبي قصيدةٌ من دماءٍ
فوقَ أستارِ الحبِّ أصْبَحَ يُكتَبْ

حُلُمٌ مثلَ غيمةٍ قد تلاشى
مثلَ ماءِ منَ اليدينِ تسرَّبْ

أنا لا قلبَ لي سوى لخيالٍ
مستحيلٍ من ظلِّه يتهرَّبْ
..




الرَّبيعُ الدَّامي

افتحْ فؤادَكَ للربيعِ الدَّامي
إنَّ الرَّبيعَ حديقةُ الآلامِ

الذلُّ والموتُ اللذانِ تآخيَا
لم يتْركا شيئاً منَ الأحلامِ

كانتْ بلادي جنَّةً موعودةً
بفيوضِ ثرثرةٍ وزيفِ كلامِ

كانتْ تحنُّ إلى القصائدِ والسنا
لكنَّها ابتُليتْ بكلِّ ظلامِ

والآنَ ثورتُها تُباعُ وتُشترَى
ما بينَ إمَّعةٍ وبينَ ظلاميّْ

هذي البلادُ تمزَّقت أوصالُها
ما بينَ مرتزقٍ وبينَ حرامي

الحربُ قائمةٌ وهذا دأبُها
أينَ الطريقُ إلى هدىً وسلامِ

أغنى البلادِ تجرُّ ذيلَ مجاعةٍ
وتموتُ كي يحيا سليلُ حرامِ

كمْ منْ عظاميٍّ يعيشُ تطفُّلاً
يبني عمارتَهُ بفضلِ عصاميّْ

كلُّ البلاءِ من الفسادِ وآلهِ
لولا الفسادُ لسادَ رفُّ حمامِ

كم مومسوا الكلماتِ حتى أنَّها
أضحتْ شعاراً مُتخمَ الأورامِ

أضحتْ ممانعةً بغيرِ تمنُّعٍ
أضحتْ مقاومةً بغيرِ محامِ

فتفرَّقَ العشَّاقُ في غرباتهمْ
وتوزَّع الشعراءُ تحتَ خيامِ

والآخرونَ يؤجِّلون مماتَهمْ
فحياتُهمْ في ذمَّةِ الأيامِ

أبكي على نفسي على أحلامِها
يا قاسيونُ وياسمينَ الشَّامِ

أبكي على وطنٍ تلاشَى عزُّهُ
فيُداسُ طولَ الوقتِ بالأقدامِ

مرَّتْ ثلاثُ ولا بصيصَ قصيدةٍ
خضراءَ تُطفئُ منْ لهيبِ الظَّامي

مدنٌ تُدكُّ وأنفسٌ أمَّارةٌ
بالسوءِ دونَ بدايةٍ وختامِ

والناسُ تذرفُ دمعَها ودماءَها
أطفالُها جيشٌ من الأيتامِ

الشعبُ أضحَتْ كلمةً منبوذةً
فهوَ الشريدُ كما أراهُ أمامي

أرضٌ يدنِّسُها الطغاةُ بطيشِهمْ
ويُشيعُ فيها أسوأَ الأحكامِ

"فَرِّقْ تَسُدْ" هدفٌ يروحُ ويغتدي
وتجارةٌ سوداءُ بالإسلامِ

ما خرَّب الدنيا سوى أصنامِها
هيَّا ندكّ منابعَ الأصنامِ

رفقاً بكمْ يا أيُّها الطاغونَ إنَّ-
حياتَكمْ جبلٌ من الآثامِ

فغداً يعودُ إلى الرَّبيعِ شبابهُ
يحيا السلامُ بحضنِهِ المترامي


دعيني قليلا هنا خارج الموت
نستأذن الأزمنه
أو نسترد طفولتنا االمثخنه
ونقول الذي لم نقله
نعيد إلى حبنا وطنه





سأكفن نفسي بآخر حرف نطقت به
أضع القلب في النار
والنار في القلب
أمضي إلى قبلة في الجبين منيره
وإلى الموت يخطف مني السماء الأخيره



غريب أمر هذا الموت يأتي يهز قصيدتي ويهد بيتي
ويقطن في شغاف الحلم دوما ويمنع عن فضاء الحب صوتي
ويسكب في أتون القلب نارا فكل رماده أصداء صمتي
غريب أن يعربد في برود أواجهه بنيراني ومقتي


حين يطمرك الموت في قبره
لا تحاول فرارا
فلا بد من شره
وحده يتسلى بنا
ليتني قد تغلغلت في سره
لم أجد مثله بطل الكون في غدره
إنه الموت
وجه الحياة القبيح
لا يريح ولا يستريح


 بلادي تموت
تموت بلادي
صديق يروح وآخر يغدو
وطفل ينام وآخر يعدو
أنادي
على الفجر والفجر رهن الأعادي






ألهثُ الآنَ من شدةِ الموتِ . .
أصعدُ داليةَ الضوءِ
لاشيء في الأفْقِ يبدو
خَلفَ ذاكرةَ الليلِ شاهدتُ نفسيَ تعدو
النخيل الذي يتمَرْأى على القلبِ
يُسدلُ أفياءهُ دونما رغبةٍ
فكأني بهِ ضاق بي
مثلما ضاقَ بالشوقِ لحدُ


ارم نفسك في البحر..
مغتسلا بنشيد الزبد
ارم نفسك في الكون..
واقع جنونك
لا تكترث بأحد..
اجعل الموج عنوان روحك
راسل خيالك.. راسل غلوك
راسل صديقك.. راسل عدوك
راسل حريقك..راسل رمادك
راسل سهادك..راسل رقادك
راسل بذورك..راسل حصادك
حتى الهزيع الذي
لا يحد



في الريح..في اللهب الجريـحتغفو الحياة... على ضريحـي
لا شيء........ يجمعني معي لكنها.......... أشتات روحي
الأرض......... ليس لها سماء......... في أقاصيها نزوحي
أما السماء.............. فجثة شوهاء...... ملأى بالجـروح
هذي القصيدة....... بعد حـين.......... ريشة بمهب ريح
هذي القصيدة......... بعد ثانية........ ستصلب كالمسيح
هذي القصيدة............بقعةسوداء ....مثل دخان روحـي


حين أفتح نافذتي كل فجر
أرى الشمس ساطعة والظلال
وأرى الحلم منبجسا
من صخور المحال


انهضي يا أميرة حلمي
فالفجر لاح
بددي الموت
مدي الجناح


يقبل الموت
يأخذ منا الحبيب
نحن خلف خطاه نسير
ونأبى النحيب
نتجرع مرا
نعود إلى ذاتنا
مثل دمع غريب
وتجيء القصيدة عما قريب



دمشق تغيب ..لا ليست تغيب *** ففي كل الجهات لها حبيب
وفي قلبي إليها أغنيات *** يحن لها بمنفاه الغريب
يظل الحلم في ملقاك عيدا *** يظل القلب يحرقه الوجيب
لقد سئمت وقد دكت رباها *** وغادرها الشذا والعندليب
دمشف حقيقة كبرى ستحيا *** كما العنقاء يخلقها اللهيب



ولا شيء إلا صدى الموت
الموت بين أجاج الكلام
يروح ويغدو
ننام وليس ينام
وأنت هناك على شاطئ الموت ظل إله
توهج بالضوء
تحت الظلام


نامي على قلبي قليلا
نامي وكوني لي لظى أو سلسبيلا
نامي على قلبي
لكي أغدو جميلا
...
أصحو على وقع أحلامي وآلامي

 ***

 يا وردة الريح في عمق الكرى نامي



لم يعد ثمة حلم في مداك الرحب يبدو
لم يعد ثمة طير فوق أغصاني يشدو
لم يعد ثمة فجر
زمن النور انتهى
ليس من الموت مع الظلمة بد



سوف أمضي دون أن أدري إلى أين
واستدرج موتي
سوف أمضي تاركا أهلي وصحبي وبيتي
جارح حلمي كنصل زمني
سأنادي الوقت حتى تتشظى نار وقتي
سوف أمضي حاملا ظل صليبي
لن أرى عبر طريقي
غير حلم مستحيل ليس يأتي



ودعي الموت قليلا
وتعالي
اجلسي ما بين "نوري" وظلالي
غبت عني
لم تغيبي عن خيالي
ودعي الموت ..
تعالي



طيورك حطت على شجر القلب
فاختلط الفجر بالزقزقات
طيورك قد لامست شفتي
حتى تعلمت منها نشيد الحياة
طيورك لمت سمائي وأرضي
إلى أن نسيت زمان الشتات
طيورك قد علمتني
إذا أذن الحب
كيف تكون الصلاة



غيابك جرح
يؤجج ألف جهنم
يثير جواد الحنين المطهم

وإنك مثل الولادة والموت
أمر محتم

ووجهك بستان نور
يبدد ليلي
إذا الليل أظلم

وومضة عينيك
أعلى من النجم ..أكرم

كأنك زلزال شعر
كأني طود تهدم

كأنك حلم بعيد المنال
غدوت به والقصيدة مغرم

DIESE WEBSEITE WURDE MIT ERSTELLT