1 Minuten Lesezeit
الحلقة: الرابعة والتسعون


أود في البداية أن أشير إلى بعض النقاط المهمة من خلال رسالة والدي كشهادة موثقة على صحة كل ما أشير إليه من الأحداث، فمن خلال رسالته للرئيس أحمد حسن البكر يوضح والدي بأنه كان مُعرضاً لعملية الأغتيال خلال رحلة عودته من خلال هذا النص: (ودوري المشاكس البارز فيها وبالتالي سد جميع السبل أمامي للعودة (بعد أتفاقية 6 آذار)، وكانت حياتي مهددة للخطر في كل لحظة بدرجة جازفت بحياتي...).
كما ويشير والدي عن أستيائه أزاء خطة النظام حول العائدين يشير خلال هذا النص: (وكذا بالنسبة المواقف غير الموضوعية وغير المنصفة بالنسبة لمعاملة مجمل ما يسمى بالعائدين على حد السواء، ودون تفريقهم إلى صنوف حسب مواقفهم وأدوارهم في هذه المحنة ومن ثم معاملتهم بالعدل وبشكل موضوعي على ضوئه رغم تقدير بعض القرارات والمواقف الإيجابية بحقهم...).
ويشير أيضاً إلى أبناء شعبه الكوردي في كل من تركيا وإيران ومن محاولات الدولتين على بث الفتن.. خلال هذا النص: (ومن خلال إحساسي وإدراكي العميقين بأن الأستعمار وبطانته من الأقطاعيين والحكام الشوفينين سيما حكام إيران وتركيا هم السبب الرئيسي في تمزيق شعبي ومحاولة صهره وإنكار وجوده القومي بغية أستفزازه ليكون عنصراً مثيراً على مدى حياته يسومونه سوء العذاب لمجرد مطالبته بإثبات شخصيته وحقوقه القومية المشروعة..)>

مقتطفات رسالة والدي إلى الرئيس أحمد حسن البكر..

سيادة الرئيس.. كان بالإمكان الأستفادة كثيراً من خبرتي منذ مجيئي ولكن مع الأسف الشديد لم أعلم عن سبب حكمة في عدم مواجهتي أو تجميدها وكأني في مثل هذا الموقف أتذكر الآية القرآنية الكريمة التي نزلت على سيدنا محمد (ص) أثناء ما كان يشاور القوم في أمور مهمة فدخل عليه بصير على حين غرة فأشمئز (ص) من فضوله وأقتحامه المفاجئ وإفساد محور جلستهم فأنكمش أسارير وجهه فإذا به ينال إنذاراً وتأنيباً من الرب الأعلى: (عبس وتولى أن جاءهُ الأعمى وما يدريك لعلهُ يزكىّ أو يذكر فتنفعهُ الذكرى) فلست أدري السبب في مثل هذا الموقف غير الموضوعي تجاهي - أهل أستناداً على قياس صيغة صارمة شاملة لمجرد كوني...............؟ دون أستجلاء الحقيقة عن أسباب............... ودوري المشاكس البارز فيها وبالتالي سد جميع السبل أمامي للعودة (بعد أتفاقية 6 آذار)، وكانت حياتي مهددة للخطر في كل لحظة بدرجة جازفت بحياتي.
أو لكوني وجهت أعتراضي الموضوعي البناء المنبثق على المصلحة العامة أثبتت الوقائع التي تلتها صحتها حول مضمون صيغة البرقية التي كان من المزمع رفعها إلى سيادتكم عشية وصولي إلى بغداد والتي أثبتت الوقائع التي حدثت بعدها صحة وجهة نظري........أو لكوني قد تعرضت إلى وشاية واشي وتمويه مفتر يود النيل من سمعتي النقية وموقفي الصريح الجريء لحرب أقتتال الأخوة وفضح كل العناصر والأوساط المحرضة والمسؤولة لتأجيجها وسعي المتواصل لإخمادها والإنفلات من المأزق (وإنما الأعمال بالنيات) كما ورد في الحديث الشريف وبالسعي من أجل تحقيقها حسب الأمكانيات المتوفرة فلم أقصر في هذا المجال قيد ذرة حسب أعتقادي وليس العبرة بالنجاح ولا ألتباس على ذلك أو على صيغة شكلية دون أستقصاء الحقيقة الناصعة.
سيادة الرئيس.. هذه الأسئلة الحائرة بأجوبتها الخرساء تدور في مخيلتي دون التوصل إلى كنه(1)غموضها.
لذا فقد آثرت أن أبسط أمامكم هذا التقرير التحريري وأن أتطرق إلى النقاط المدرجة التالية:
1 -إلقاء نظرة عابرة على حياتي السياسية التي تلقي بعض الأضواء الكاشفة على مسار الحركة الكردية الشائكة وبشكل موجز منذ أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات ودورها بجانب القوى الوطنية الأخرى، بما فيها التطرق إلى الفترات المؤثرة مع قيادة حزبكم بإيجابياتها وسلبياتها، ودوري المؤثر فيها نظراً لتفاعل جزء فعال من حياتي السياسية....
2-أسباب ألتحاقي أو الأصح.................. وهي في آخر مرحلتها........ بعد أن جرد من أصالتها وخصائصها وأفقد توازنها كآخر حلقة من حلقات مسيرتي السياسية المريرة وأسوء فترة مفجعة من حياة شعبنا الكردي بصورة خاصة والشعب العراقي بصورة عامة.
3-ثقل دور المحرضين والمثيرين من العناصر والأوساط الداخلية والخارجية المساهمين بشكل مباشر وغير مباشر في تأجيج هذه الفتنة والعمل الدؤوب على ترسباتها ومضاعفاتها على أضواء مصالحهم الشخصية..
4-عدم التشخيص والفرز بين الموضوعين.................. وبين الحركة الكردية الأصيلة وكذا بالنسبة المواقف غير الموضوعية وغير المنصفة بالنسبة لمعاملة مجمل ما يسمى بالعائدين على حد السواء، ودون تفريقهم إلى صنوف حسب مواقفهم وأدوارهم في هذه المحنة ومن ثم معاملتهم بالعدل وبشكل موضوعي على ضوئه رغم تقدير بعض القرارات والمواقف الإيجابية المهمة بحقهم.
5-مهمة قيادة حزبكم بالنسبة لأستكمال بمعالجة هذه المعضلة وتجنبها من الهفوات والمضاعفات رغم تقدير العديد من خطواتكم الإيجابية حولها.
أعتقد خلال ما يقارب من أربعين عاماً التي قضيتها في ممارسة العمل السياسي منذ تأسيس حزب (هيوا) في أواخر الثلاثينيات ماراً بتأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في آب عام 1946 حيث كنت أحد المؤسسين البارزين المعروفين في كلا الحزبين إلى أن أنتهت بي المطاف التورط في ترسبات........... في آخر مرحلة إنحرافها عن خط سيرها - عرفت طوال هذه الحقبة الزمنية الشاقة كسياسي قومي وطني تقدمي إنساني نظيف أجمع بين الحس القومي والشعور الطبقي وتآخي الشعوب، لم أساوم ولم أتملق ولم أنزلق لكائن من كان لحساب مبادئي وعقيدتي وقد ضحيت براحتي وبراحة عائلتي ومصلحتي الشخصية من أجلها، دون أن أأبه بذلك وأعتقد حتى أعدائي وإن كنت لم أحمل حقداً وضغينة لأحد يشهدون بمتانة خلقي وعفتي وأستقامتي وتمسكي بمثلي ومبادئي. كما وعرفت خلال هذه المدة بأني كنت دائماً صديقاً حميماً ونصيراً أميناً للكادحين والمنكوبين.
ومن خلال إحساسي وإدراكي العميقين بأن الأستعمار وبطانته من الأقطاعيين والحكام الشوفينين سيما حكام إيران وتركيا هم السبب الرئيسي في تمزيق شعبي ومحاولة صهره وإنكار وجوده القومي بغية أستفزازه ليكون عنصراً مثيراً على مدى حياته يسومونه سوء العذاب لمجرد مطالبته بإثبات شخصيته وحقوقه القومية المشروعة، وإن شقيقه الأكبر الشعب العربي يشاركه في المحنة وإن كان أخف منهُ كثيراً، كما وعرفت مدافعاً أميناً ونصيراً صادقاً للأخوة الصحيحة بين الأقوام والشعوب ومكافحة الميول الأستعلائية والأنطوائية والكوسموبولتية(2)سيما مع شقيقه الكبير الشعب العربي لعمق الروابط الروحية والفكرية والأجتماعية والأقتصادية التي تربطها مع بعضها البعض وشراكتهما في السراء والضراء وأبتلائهما منذ فجر التاريخ بالمحن المشتركة وأخيراً بإضطهاد وتفريق وتجزأة شعبيهما ومحاولة بث روح الفرقة والإنقسام بينهما في قطري العراق وسوريا لإلهائهما مع بعضهما البعض للحيلولة إلى ادانة.... أستغلال خيراتها وعدم التنبيه إلى عدوهما المشترك الأمر الذي جعلني أن أنتبه إلى هذه العملية الماكرة مبكراً ومنذ أوائل الأربعينيات فأحثُ على أهمية التضامن بين القوميتين الرئيسيتين في الوطن الواحد وأناهض الميول الأنطوائية والأستغلالية والإنفصالية التي شرعت تبرز بقوة بين مثقفي الأكراد نتيجة زخم التيارات القومية المتطرفة الأشتراكية في العالم التي أكتسحت جميع أقطار العالم من بعد الحرب الكونية الأولى بالإضافة إلى ما كان يعانيه الأكراد من الإضطهاد القومي بشكل متناغم، وإن قصيدتي بعنوان (دجلة) باللغة الكوردية عام 1942 والمنشورة في مجلة (هيوا) خير شاهد مناشدتي بالأخوة، وعلى صدق مشاعري منذ ذلك الحين والتي كنت أنشد بتعزيز أواصر الصحيحة بين قوى القوميتين لمواجهة عدوهما المشترك الأستعمار وبطانته في العالم، ومن المفارقات السائدة لقد كان من حسن حظها ونتيجة المعاناة ومد تحرر الشعوب في العالم أنبثاق قوميتين تقدميتين منهما في النصف الثاني من الأربعينيات متشابهتين ومتقاربتين إلى حد كبير في الأهداف والمبادئ مع أفتقارهما إلى الخبرة الثورية الناضجة ككل حركة فتية مع وجود ثقلهما للبعض بشحنات القومية الإنطوائية والأستعلائية فيها أو لدى العديد من منتميها مع الأسف ومع ذلك قد لعبا في خضم نضالهما العاصف رغم أبتعادهما عن بعضهما البعض أو بالأحرى عدم تآلفها وتضامنها نتيجة ضحالة الوعي الثوري لعبا دوراً بارزاً في الحركة النضالية للشعب العراقي بجانب القوى القومية والديمقراطية والوطنية الأخرى... ولو قدر لهما منذ نشأتها أن تنمو وتزدهر بينهما روح التضامن والوفاق لكان بأمكانها إنقاذ العراق من كل الكوراث والويلات المدمرة التي ألحقت به منذ ذلك الحين إلى أيامنا القريبة ولكان بإمكان العراق أن يصبح أرسخ قاعدة صلدة في هذه المنطقة الحيوية من العالم لتحقيق المزيد متطلبات الأهداف القريبة والبعيدة المدى للقوميتين على حد سواء ولضاعف من هيبتها ومكانتها العالمية ولكنها مع الأسف الشديد قد تعرضنا وإلى يومنا هذا إلى العديد من محاولات الدّس والتخريب والتشكيك والتشويش من قِبل أعدائها في الداخل والخارج................. يتبع

(1)معنى كنه: أدرك حقيقته
(2)الكوسموبولتية: هي الأيديولوجية التي تقول إن جميع البشر ينتمون إلى مجتمع واحد، على أساس الأخلاق المشتركة.

DIESE WEBSEITE WURDE MIT ERSTELLT