1 قراءة دقيقة
25 Jan
25Jan

من ذاكرة عيادتي

كنت في بداية تعيني طبيبة في مدينتي ومسقط رأسي زاخو . كنت أعيش وقتها في بيت جدي
الليل في ربعه الأول كنا نائميين جميعنا بعمق بعد أمسية جميلة قضيتها مع جدتي،وعمتي وعمي ، والأحاديث الشيقة التي تخللتها النكات وسماع الأغاني المفرحة قبل النوم .
إذا بالباب يطرق بشدة بعد يأسهم لعدم الإستجابة لرنين الجرس ، أخذ عمي مسدسه ولبس الروب ليستفسر من الذي يطرق الباب بهذا الوقت من الليل .
تبعته وإذا به يعرفهم وكان قد كلمنا عن عرس أبنهم لذلك اليوم . فتح الباب وأدخلهم وإذا بهم يترجون ذهابي معهم لبيتهم لمشكلة قد حدثت لديهم بعد حفلة العرس . أخبرتهم إن كان لديهم مريض أو مريضة فليأتوا بها لبيت جدي أو للمستشفى وأنا أتبعهم هناك لأنني قد قررت عدم الذهاب لبيت أحد لمعالجة المرضى ، لكن أخت العريس أستمرت بإصرارها في الترجي مما دعا عمي أخذ موافقتي بالذهاب وهو يرافقني . كانوا قد أحضروا سيارة لأخذنا . أعلمنا جدتي بالأمر تحضرنا وتوجهنا الى بيتهم .
عند دخولنا الى بيتهم كان عشرات الأشخاص واقفين في باحة المنزل وهي ساحة كبيرة مربعة دون سقف يبين منها السماء والنجوم وفي وسطها حديقة صغيرة يحيط بها عدد من غرف النوم وصالة الجلوس والمطبخ والحمام والمرافق الصحية وكذلك طرمة فوقها سقف ومحاطة بثلاث جدران تستعمل للجلوس عند إعتدال الجو وهذا كان نمط أكثر البيوت في زاخو وقتها كانت تدعى بالبيوت الشرقية .
وقف عمي مع الواقفين في باحة البيت ، أخذتني أخت العريس الى غرفة نوم العروسين عند الدخول كلمتني بصوت خافت لكن بنبرة قوية بأنهم في مصيبة لعدم نزول الدم من غشاء البكارة للعروس لممارسة الجنس من قبل العريس معها ، وكلهم مصدومين . نظرت الى العروس ، كانت جالسة ورأسها على ركبتيها لاترفعها ولم تنطق بحرف واحد من صدمتها وإنتظارها لمصيرها المجهول . طلبت من أخت العريس تركنا لوحدنا بصوت هادئ لأبعث الإطمئنان لدى العروسة جلست بجانبها أسألها عن أسمها وقصة حياتها ، كانت فتاةجميلة من أهل دهوك يتيمة الأم تزوجت اليوم وحدث ماحدث لها . وأكدت لي بأنها لم تمارس الجنس سابقاً لكن لديها عادة كانت تضع قطعة قماش صغيرة تدخلها بطريقة خاصة في فتحة المهبل أيام دورتها الشهرية ، ومعها أستفسرت هي مني إذا كانت هذه العادة التي كانت تمارسها هي السبب ؟ أخبرتها بأن الموضوع محلول ولايدعو للقلق بتاتاً بتأكيدها لي عدم ممارستها للجنس سابقاً .
طلبت إجراء الفحص عليها ، زاد فرحي وإطمئناني بعدم وجود تمزقات قديمة أو حديثة في غشاء البكارة ، وفتحة غشاء البكارة كانت واسعة جداً ، ونوعه مطاطي ، وحافاته رفيعة جداً ، أخبرتها الآن تأكدت من صدق كلامك . فأطمأني سعادتي كانت موازية لسعادتها لأنني كنت في حيرة ، كيف كنت أنقذها لو كنت أشاهد لديها تمزقات قديمة وكيف كنت أقنع زوجها بمسامحتها ؟
طلبت بعد الفحص دخول الزوج للغرفة بعد أن رجعت لها ابتسامتها وثقتها ، طلبت من الزوج إحضار ورقة وقلم لأشرح له الحالة وكيف هي بريئة . تأكد الزوج ووثق من كلامي بعد أن أوضحت له بالتفصيل أنواع غشاء البكارة النوع الذي لدى زوجته لسوء حظها ، ربما سيتمزق أثناء الولادة الطبيعية لطفلها الأول بخروج الرأس من خلاله لأن فتحته واسعة ونوعه مطاطي . شكرني للتوضيح . كان سعيداً جداً بعد ساعات عصيبة ومعاناة مرت عليه ، ساعات من الإحراج والألم النفسي الذي تسبب هو به لنفسه ولعروسته وأهله بتصرفه الخاطئ والإنفعالي والغير مدروس . جعلته يقبل رأس عروسه أمامي ويعتذر ظنها لما سببه من إحراج وصدمة لها بطريقة غير حضارية وغير مدروسة . رجعت مع عمي للبيت في سيارتهم في طريق العودة كان دماغي مشغولاً بما رأيته من ظلم وإجحاف بحق المرأة الشرقية في مجتمعاتنا المتخلفة والسكوت الكامل عن أخطاء الرجل أو ربما يشجع على الإستمرار على الخطأ لنفس الموضوع المذكور في الحادثة أعلاه بينما تعاقب المرأة عليها بأقصى العقوبات والمعالجات الظالمة . وصلنا منتصف الليل للبيت ذهبنا للنوم دون كلام لأن الدوام ينتظرنا بعد ساعات .

الدكتورة ڤيان نجار

تم عمل هذا الموقع بواسطة