1 قراءة دقيقة
11 Jan
11Jan

قصص تتعلق بالحمل
خارج حدود الزواج

كطبيبة واجهتني حالتين متشابهتين لفتاتين غير متزوجتين حدث لديهم الحمل والإثنان في عمر العشرينيات

الحالة الاولى / للحمل خارج حدود الزواج

كانت في فترة القرى والأرياف لخدمتي سنة 1973 في مدينتي ومسقط رأسي زاخو حيث السعادة تغمرني بكل مايحيطني وقتها وأنا في بداية سنين عملي الطبي .
في أحد الأيام مع بدأ الدوام الصباحي وأثناء جلوسي في غرفة الفحص الخاصة بي في مستشفى زاخو الجمهوري دخلت مريضة شابة جميلة لغرفتي الخاصة بفحص المرضى أستقبلتها بحفاوة لضحكتها المميزة وخفة دمها . بعد جلوسها على كرسي قريب مني بدأت بالإستفسار عن شكواها وسبب زيارتها لي لاحظت بعض التغير والإحراج بدت على أسارير وجهها لكنها تمالكت أمامي وأعلمتني بقلقها من تأخر دورتها الشهرية وعدم نزول دم الحيض لمدة أربعة شهور . وأعلمتني بأن دورتها الشهرية دائماً منتظمة . وأعلمتني أيضاً بأنها لاتزال عزباء وغير متزوجة .
لم يخطر ببالي أحتمالية الحمل لديها لما رأيت من بوادر الذكاء والتفاؤل والسعادة لديها والذي يجعل التورط بهكذا أمور مستبعد لكنه ليس مستحيل . كذلك لعلمي المباشر بقيود وطبيعة المجتمعات في مناطقنا عموماً وزاخو خصوصاً . طلبت منها ضرورة الفحص الطبي السريري عليها للتأكد من الموضوع . كانت صدمتي كبيرة لدى فحصها وإكتشافي بأنها حامل في الشهر الرابع . حاولت جاهدة أن أتمالك نفسي لأنني الطبيبة المسؤولة وكان علي مواجهة الموقف بحكمة وإعلامها بالحقيقة المرة . عاتبتها بلطف كيف سمحت لنفسها بحدوث هكذا علاقة عاطفية غير مدروسة وحدوث الحمل لديها دون زواج . ثم حاولت إقناعها بأن تلجأ لطلب الزواج من شريكها في العلاقة لأنها الطريق الأمن والأسلم لتحافظ على حياة طفلها وحياتها ضحكت بألم ولم تجبني .
طلبت مساعدتي بإنهاء حملها قلت لها لا أتمكن من ذلك لأنني ملزمة بقانون طبي سأسجن إذا حاولت ذلك لأنه يعتبر قتل لروح أو طفل حتى لو كان جنيناً في الرحم .
لكنني ساعدتها وأعطيتها أسم طبيبة أخصائية للنسائية في بغداد مسنودة من قبل الحكومة ولاتتحاسب من قبلهم وتقوم بعمليات الإجهاض علناً في عيادتها وتحت أنظار الجميع . وقلت لها هناك أمل قوي بنجاتك من هذه الورطة إن حاولت مراجعتها بأقصى سرعة ممكنة لتلافي مخاطر الإجهاض التي تزيد كلما زادت أسابيع الحمل لديك . فرحت لمساعدتي تلك وأكدت بأنها ستسافر إلى بغداد بأقرب وقت ممكن وتحاول إجراء الإجهاض . نصحتها بأن لاتسلم نفسها لمن يقومون بعمليات الإجهاض من الممرضات والمولدات وكل من يمارسها من غير الأطباء حتى لاتتعرض الى مشاكل أكبر تودي بحياتها أو يسببون لها مشاكل دائمية للرحم وملحقاته خصوصا وهي في أوج شبابها وجمالها حتى لو اضطرت بالمحافظة على طفلها وولادته بصورة طبيعية تكون الأفضل وقتها لسلامتها . ودعتني بحرارة ووعدتني بتطبيق نصائحي جميعها .

الحالة الثانية / للحمل خارج حدود الزواج

كانت في فترة إقامتي القدمي سنة 1975في مستشفى العلوية للولادة فترة إشغالي منصب رئيسة المقيمات وكانت في يوم خفارتي للعيادة الخارجية والتي تبدأ بعد إنهائنا للدوام الصباحي الرسمي والى اليوم الثاني صباحا

وبينما كنت منهمكة بفحص العديد من المرضى وعند الإنتهاء منهم أدخلت المعينة المسؤولة مريضة شابة ترتدي ملابس بسيطة ومعها شرطي من مركز شرطة العلوية وفي يده ورقة سلمها لي فيها طلب إجراء الفحص الطبي على تلك الشابة وتثبيت حالة الحمل لديها ومدته . كانت الفتاة مرعوبة للغاية ونظراتها غير مستقرة . أمرت الشرطي بالخروج من الغرفة وبقيت أنا والممرضة المسؤولة مع المريضة . وتبين بعد إستفساري منها بأنها من ناحية الدجيل التابعة لعاصمة العراق بغداد . وهي فتاة أمية غير مثقفة وعزباء غير متزوجة أهلها مزارعين وهي تساعدهم في جميع أعمالهم . لتأخر دورتها الشهرية وتأخر نزول الطمث لديها راجعت أقرب مستشفى لسكنها وعند شك الطبيبة بأنها حامل وهي عزباء غير متزوجة طلبت ورقة الشرطة من أقرب مركز شرطة لسكنها لتلافي مشاكل القتل غسلاً للعار والمتبع بكثرة في مجتمعاتنا . ثم أحيلت الى مركز شرطة العلوية لإبعادها عن أهلها ولزيادة التأكد من حملها من قبلنا أي من طبيبات مستشفى العلوية للولادة قبل البت بالحكم على الجاني وقرار موضوعها ومصيرها

طلبت منها التحضر للفحص السريري بمساعدة الممرضة المسؤولة في العيادة الخارجية . أكتشفت بأنها حامل في بداية الشهر الرابع حاولت سماع نبض طفلها بواسطة جهاز السونيكيد والذي كان متوفرا لدينا لتثبيت الحالة وإبعاد الشك . استفسرت بعدها عن شريك علاقتها العاطفية والذي سبب لها الحمل لأقنعها بطلب الزواج منه لتحافظ على حياة طفلها وحياتها . لكنني تفاجئت بأنها تتهم شقيقها وتدعي إغتصابه لها لأن غرفة نومهما مشتركة . قلقت بعض الشيئ من أقوالها وإتهامها لشقيقها ظناً مني بأن وراء هذا الإتهام دافع الخوف من قتلها بيد أهلها عند سماعهم بأنها حامل لذا تصر على ذلك . أعلمتها بأن الحكم على شقيقها هو الإعدام في حالة إثبات التهمة عليه لأنه يعتبر قريب من الدرجة الأولى لكن الحكم يكون أخف للأشخاص الآخرين أي ليس الأقرباء كي أدعها تنطق الحقيقة وتتهم الجاني الحقيقي ومن يكون . بعدها أكملت كتابة فحصي الطبي لها في ورقة الشرطة وسلمتها للشرطي حيث رافقها للذهاب بها الى مركز شرطة العلوية كي يتم حجزها لحين إكمال محاكمة الجاني الحقيقي والنظر في موضوعها ومصيرها بعد ذلك .

الدكتورة ڤيان نجار

تم عمل هذا الموقع بواسطة