اشتاق لمطر غزير
يجتاح تلال الصحراء في روحي
تغسل البر والبحر وتبحر...
تروضني اللحظات...
تركلني في خاصرتي بقسوة... دونما حسبان
عاجزة ابجديتي... مشلولة كلماتي
ماذا لو تحملني الصباحات لحدود الشمس
لو اشرقنا معا من جديد
على امتداد دهاليز الخوف مررنا
قبل أن تغفو امسياتنا الشاحبة
أنا المهزومة ابدا..
حين نحروا أناملي قبل أن اكتب رسائلي إلى الله
فبكيت في معطف أبي
لحظة ارتديت كفنا ابيضا مرصعاً باللازورد
ناديت.... أبي لاتبتعد عني
فلا زالت حربي دائرة
لازلت أتسكع في طحل قهوتي
جفت الدموع وتشوهت خارطة وجهي
وأنا ألملم لهيب الكلمات
تكتبني لعنة تلفظ أنفاسها الاخيرة
أتأمل النهار والليل.... دوامة تعقبها أخرى
متى أغفو... متى التقط وردة حمراء
اقرأ منها كالعرافات سوء طالعي
خلف عيون الاضواء
في المساء....حين يبدأ الشتات
بين زحمة الجدران..
اخاف الهذيان...
أخاف الذوبان... تحت شرفة القمر
حين يزف همساته على وسادة السرير
لتسرقني دقائق الساعات
وترمقني في انتظارها.. المميت
لمحت اليوم خلف عيون الاضواء
نظرة شفقة... اي جرحٍ تحمله قدماي
تلفني دورة الزمن دون ملل
كرحلة المهجرين عن الوطن
صمتي...يذبحني..
كمقابر الشهداء تنبعث رائحة الدماء
كمن مات قتيلاً في غورٍ سحيق..
في المساء...
أشد الوثاق... لنبدأ...
لنبدأ رحلة الشعر في دورة الدم
لندخل غرفة التوقيف
ونتذوق طعم الظلام
ونظن انه ربما نكون بين النيام
بواكير الأحلام
تحجرت في بوحها كل محطاتنا
وقارعت حقول الألغام
حين مضغناها مع لفافة التبغ
وركبنا الموج بلهفة الأطفال
تمتمنا بأسماء.. وصور..
في تلك الأيام نبتت على شفاهنا
عروق الياسمين...
وانحدرت من سفوح الجبال مواسم الربيع
لتلملم الصحراء ثوبها خشيةً
حيث ازهرت الاطلال بواكير الأحلام
وتعبقت الورود باحات الخيال
كم كانت همساتنا أجمل
ونحن نتراشق سرد الحكايات
فغدونا كقناديل البحر
نتدحرج بنعومة الفراش حول الروابي
حيث توقفت في لحظات كل المواعيد
وابتعلت الامسيات قهرها بصمت
صورة أجمل
في طريق العودة لم تسعغني الا الدموع
تناثرت على طرفي الطريق
كجمرات من سيول الهزيمة
لم تكتمل اللوحة حينها
كان لايزال ينقصنا الكثير
لم يهدأ المخاض من ألمه
ولم يكتفي النحيب في صوتي العاري
بدت الأفق مغبرة
وانحنت قاماتنا ظمأً
كنا ندرك وحدنا جيداً طعم الالم
حين أوصدت كل الأشياء في وجهنا
وكأن الحرب خلقت لنا
حيث انتشلنا جثثنا دون عزاء
وترددت في مسامعنا
أجراس سنين عجاف..
من أيامنا العصية نهرب
من سجل دفن الموتى
لأزقة السكر نتناثر
في أسرة الهلوسة نخلد
نتبادل فنون القصيدة
لسرد رواياتنا المبتورة...
بحثا عن صورة أجمل تجمعنا من جديد
في بكارة الحرمان
كان الصباح في أول همساته
يعني لي الكثير...
شيءٌ ما.... كان يضفي البريق لعيني
يدفع الشكوى عن مناديلي المبللة
ينحتني كأنية رومانية...
شيءٌ ما... كان يوحدني في عين الشمس
يزرعني في زرقة السماء..
من متحف الذاكرة لملمت اليوم
الزمن الفردوسي...
حينها دفعتنا الريح مع حوافر الخيل
لنقهر الأمنيات في أرض الشحارير
مذو ذاك الحين..
لم نفترق أنا وصباحاتي
لازلنا نتحد مع كوبٍ من القهوة
وصبرٍ ينحت الجبال صخوراً..
بأنامل أميرة فرعونية أرتشفها
بسحابات دخانٍ يملأ المكان
بانتظارٍ يُصهر نغمات ناي حزين
هكذا هي ايقاعات الجسد
نرصف الابتهالات في محراب الروح
ولا يسعنا إلا الهزيمة في بكارة الحرمان
لتدخل شمسنا دورة الكسوف
وكأننا لم نكن يوماً..
شظايا الكلمات
وللمساء وهجه بين الزوايا
حين يمتلئ الهواء برائحة اللازورد
اراقب أضواء السيارات...
وأنا احصي أوتار قيثارتي
لا يسعني الطريق حين يترائ لي
خلف مقبض سيارةٍ
عينا طفلٍ مشردٍ مثلي...
يفتح أبواب الكواكب في السماء
يسامر الألم...
يقتلع النعاس من الليل
ليزرعنا في أرض المرايا
حتى يفر الحنين وحيداً وينطفئ
اخفف عن نفسي بخطوات عارية
اخترق إشارات المرور
أنا وعروسة السكر...
فتمطر فوق صدورنا شظايا الكلمات
من مخاض الخوف...
من حبر رسائلنا المعتقة...
نهرول لرصيف نبتهل إليه
علنا نعيد لحظات سرقت منا
ضفاف الغد
فوق التلال..وفي محطات الإنتظار..
لاشيء يغير وجهتنا...
لاشيء... يكدر نوبات صمتنا..
طاولات فارغة تخاف التورط مثلنا
غرفٌ مهجورة.. ستائر ونوافذ مغلقة
كم مضى من الوقت.. ونحن مازلنا
سائرون مع عقارب الساعة
لم يبقى غيرنا ينتظر..
منذ تكاثفت اللحظات الحارقة
وبدأ أمسنا يعتقلنا... يعاقبنا
يزيل اقواس الريحان
يزرع القحط على ضفاف الغد
ونبقى في غيبوبة الخيال... ننتظر