(( إذا حكمني مسلم فلن يدخلني الجنة وإذا حكمني ملحد فلن يخرجني من الجنة ، وإذا حكمني من يؤمن لي ولأولادي العمل والحرية والكرامة وعزة النفس فسأقف له إحتراماً وإجلالا ً.
ويبقى دخول الجنة من عدمه رهين إيماني وأعمالي ، فكفوا عن التنازع على السلطة بإسم الدين معتقدين إنها طريقكم إلى الجنة .
فليست وظيفة الحكومة إدخال الناس الجنة وإنما وظيفتها أن توفر لهم جنة في الأرض تعينهم على دخول جنة السماء ...))
رئيس وزراء سوداني سابق : محمد أحمد المحجوب
===============
ويمكن اسقاط ذلك على فائض "الأجسام الحزبية" التي بدت لي أن الكثير منها تمارس ترفا ولا تشتغل في السياسة والشأن العام ...
و يبدو أن الشق الأول من بيت الشعر الذي ألفناه و يقول : ( بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ ...) وربما طال التحول المخيف الشق الثاني منه (أهلي وإن ضنوا عليّ كرامُ ...)
أضحت في مضمونها استثناءاً للقاعدة، عندما يتحول هذه " البلاد " إلى جحيم لا يُطاق في كل شيئ وليس في العيش " الكريم " فقط ...
"بلادي" التي كانت مضربا في "الأمان" تحولت كابوساً يؤرق المضاجع ، كانت الأم الرؤوم لأبناءها ، تحولت بين ليلة وضحاها لزوجة الأب الظالمة ، التي تحيك الدسائس والمؤامرات على شركائها في المسكن ؟!
لم يجد السوري بديلا أرحم لما آلت إليها الأوضاع والأحوال إلا الهجرة والنفور والهجر ...
ولکن إلى أين ؟!!
فقط يستهويه الهجر من كابوس معلوم إلى معترك المجهول...
باتت "البحار والقفار" وجهته ويظنها خلاصه ليتحول لاحقا إلى نوع جديد من طعامٍ لا تستهويه حتى أسماكهاد ووحوشها كونه بات لحما رخيصا وغريبا ...
باتت "بلاد الأعداء" محجه و وجهته ليتحول إلى خادم عند "أسياد جدد مجهولين" بعد أن كان "خادما كريما " في مربعه ومربضه ...
شاءت الأقدار أن يجد شاب سوري مهرّباً ليدخله وعبر الطرق البرية تخللتها أنهار من تركيا فبلغاريا ومنها إلى المانيا حيث الخلاص والجنة الموعودة " كما كان يظن " هنا بدأت مأساته تتجدد وبنكهة أكثر مرارة ، اغتصبوا زوجته " الجميلة جدا " في الطريق أمام ناظِريه حتى هو تعرض للسلب والسرقة تحت تهديد السلاح ، وفي الليلة الظلماء هاجمته قطيع الذئاب الضارية ونهشوا أجزاء من جسمه ، وصل إلى الحدود لكنه من هول الصدمة بدا غير قادر على الكلام....
هي التراجيديا السورية التي بدأت ولما تنتهي بعد ...
صحيح أن غسان كنفاني يقول : ( ليس شرطاً أن يكون "الوطن" أرضاً كبيرة فقد يكون مساحة صغيرة جداً حدودها كتفين ؟! )
لكن غالبيتنا كان ولم يزل يدفع في أرض "الوطن" ثمن قبره الذي سيُدفن فيه!!
ما أعيه أن الصورة تكتمل فقط بتوازن العلاقة بين مثلث ( الوطنية = مواطن كريم و وطن آمن ) ؟!