1 قراءة دقيقة
سرْ بي


ما جدوى النَّهرِ
إذا متَّ من العطشِ
اغرقْ في مائِكَ
لكنْ خارجَهُ لا تعِشِ
...
سرْ بي
ظلّي أبعد مني
وسرابي يتركني في عطشي
والوقتُ غبارْ
سرْبي
فوقوفي مهزلةٌ فوقَ الأحجارْ
لا تجعلْني مائدةً للوقتِ
ولا تفتحْ في قلبي نفقاً للنارْ
سرْ بي
خذْني مني
عندي أكثرُ من روحٍ خاسرةٍ
عندي قفصٌ
تتراكمُ فيه الأطيارْ
...
معظمُ رسائلي لم تصلْ
وتلكَ التي وصلَتْ لم يستلمْها أحدٌ
فيها تحدّثتُ عن الأشجارِ اليابسةِ في قلبي
ومناقيرِ العصافيرِ الميتةِ
ليتني لم أرسلْها
أو أرسلتُها فارغةً
لو فعلتُ ذلكَ لكنتُ الآنَ سعيداً
...
في رسائلي القادمةِ ربما أتحدّثُ عن الأجراسِ
أجراسِ الكنائسِ
أجراسِ المنفى
أجراس الأسئلة
بمَ أغسلُ يديّ الملوثتينِ بالرحيلِ؟
بمَ أنفضُ عن روحي غبار النسيانِ؟
بم أفتحُ أقفالَ الوقتِ؟
...
أذكرُ الآنَ بوضوحٍ
الصديقُ الوحيدُ الذي لم يتخلّ عني
هو هذا الشعرُ الذي يتحملُ كلّ أكاذيبي
يظهرُني سيّدَ نفسي
وسيّدَ العالمِ
وأنا في الحقيقةِ قندلفتٌ في كنيسةِ الكلماتِ
وفزّاعةٌ على رأسي طائرٌ
ينقرُ ذاكرتي المثقوبةَ
...
أصدقائي الآخرونَ
واحدٌ ماتَ رمياً بالرصاصِ
وواحدٌ ماتَ رمياً بالمنفى
وواحدٌ ماتَ رمياً بالوطنِ
وبقيتُ الشاهدَ الوحيدَ
أعضُّ على حجرِ الأيامِ
أرمي نفسي من جبلِ الأحلامْ

تم عمل هذا الموقع بواسطة