ذات مساء وبينما أنا جالسة بين دفاتري
ومذكراتي أقلب صفحاتها وكلي شوقا وحنين
لتلك المحفوظات بين سطورها من أيام مضت
،، ولحظات إنقظت ،، سنين رحلت وإنتهت ،، وساعات
عقارب أوقاتها قد توقفت ،،وأحلاما تحققت وأخرى لم تتحقق
كل هذه الأشياء المحفوظة بتلك المذكرات أصبحت مجرد
ذكريات مغلقة فقط عندما يأخذني لها الشوق والحنين أفتحها
لأتذوق طعم حلاوتها وأستمتع بلحظاتها وكأنني من جديد أعيشها
وفجأة أخذت تلك الأوراق من صفحاتها
تتطاير.. تتناثر .. تتبعثر من حولي وكأنها تريد إخباري
بشيئا ولفت إنتباهي لها فكان لها أنفاسا كلها حنين يجرحنين
من دروب الغياب والراحلين
وأيام مضت وسنين
وعندما هدأت وعلى أرض مشاعري إستقرت سألتها مابالك
يا دفاتري
يا مذكراتي
ياأوراقي
لقد أخرجتك من تلك الأدراج لأنفض عنك غبارالنسيان
وقدعاودني الحنين لما بداخلك فأخرجتك لأشتم عطورنثرتها من زجاجات
ذكرياتي فما بالك تتبعثرين ... !
ردت بصوتا مخنوقا وحزين
لم نعد نطيق ونحتمل ذلك الحنين
أجل لم نعد نحتمل حنينك الذي يسكننا فقد تزاحمت داخلنا
حروف كلماتك ،، أحاسيس همساتك ،، وحتى خربشاتك
وكلها أشواقا وذكريات ،، أحلاما وأمنيات ،، دموع أحزان وآهات
والباقي كثيرا من التسآؤلات
فاإلى متى ؟ وإلى هنا كفى ... فنحن لم نعد نحتمل
أرجوك مزقينا ... مزقينا وإن شئت أحرقينا ولاتدعي ذلك الحنين
يبعثرنا ويمزقنا
صرخت بوجهها مهلا .. مهلا وكيف لي بتمزيقك وأنت تحتضنين داخلك
نبضات قلبي وقلمي
همسات وترانيم مشاعري
نزف وآلآم جراحي
عطورأنفاسي
خواطري وخربشاتي
وتلك الإنتظارات على شرف أحلامي وأمالي
أصوات أهازيج وتباشيرأفراحي
دمعات وآهات أحزاني
وتلك التغاريد لأطيارمحلقة تعلن أشواقي
برآءة وشقاوة طفولتي
أيام ماضي تزينها عبارات جدي وجدتي
حروف شكري وإعتذاراتي لأمي وأبي
كلمات فراق إخوتي وأخواتي
بصمات وبقايا ذكريات لصديقاتي ومعلماتي
والكثير الكثير من أمنياتي
لا لن أمزقك .. لن أمزقك
فأنت لي كل الحنين والذكريات .. فكيف تطلبين مني
تمزيق صفحات وقصص حياتي
أتذكرين .. أتذكرين أنا وأنت ومعنا القلم
كم قضينا معا أمتع الأوقات ،، وملئنا بأصوات الحروف
فراغ كل الزاويات
أنت ياأوراقي رفيقة وحدتي ... حزني ... فرحي فكيف لي بتمزيقك
يارفيقتي
ردت لكنه الحنين
يبعثرنا ... يمزقنا ... يبكينا ... يؤلمنا ... وأحيان أخرى يسعدنا
عذرا ..عذرا ... عذرا أوراق دفاتري ومذكراتي
فقد حملتك فوق طاقتك مالا تتحمليه ولكن إطمئني ولاتقلقي
لأنه يوما ما سيتوقف ذلك النبض لي والبوح حينما تخرج من هذا
الجسد الروح
وأنا متأكدة بأن هذاالحنين الذي بعثرك اليوم ومللته وسئمته سيأخذك
لمداد قلمي ،، ونبض قلبي ،، لهمساتي وذكرياتي
لخطي وحتى آهاتي
ستتمنين أن أعود لأرافقك وتأنس بي وحشة وحدتك
ستبقين حبيسة الأدراج ومغلقة تبكين بصمت ولاأحد يسمع صوت بكائك
ستشتاقين لسطوري وحضوري
وسيأتي غيري هومن سيمزقك وقد يحرقك فلا تقلقي لأنك بالنسبة له
ذكرى مؤلمة لمن كانت ترافقك وتحفظ بين وريقاتك وسطورك
قصص حياتها وفيض مشاعرها
سيمزقك لأن من كانت تبوح لك بما داخلها قد رحلت ولاحاجة لوجودك
من بعدها فقد توقف إحساسها
فعذرا يا أوراقي فأنا ليست من ستمزقك ولن أمزقك
فبكت تلك الأوراق المتناثره
لأنها ستبقى أوراقا يبعثرها
الحنين
