حنين لا ينطفئ
أحن إلى ماء بارد في كأس تطفو على سطحه قطعة ثلج
وإلى قراءة رواية أو مشاهدة فيلم في غرفة يتهادى فيها هواء مُكيف
أو مروحة
وأحن إلى الاغتسال في هذا الحر القائظ بماء وافر
وإلى النوم في هناءة حتى طلوع الشمس
فلا انهض على أصوات المدافع أو المروحيات
وهي تدك خاصرة المدينة
أحن إلى صباح لا يبدأ بسياط القهر أمام أبواب الأفران
ويسير بطيئاً وثقيلاً حتى ليل سماؤه بلا قمر
أحن إلى رؤية وجهي في المرآة
بلا خوف أو حزن
وأحن إلى مشاهدة المارة في الشارع وهم يسيرون الهوينا
أصحاب وعشاق وخلان
بلا توجس أو قلق
وإلى شارع نظيف من اللصوص والمتسولين والعاهرات والمرتزقة وباعة الذمم
أحن إلى رؤية ضحكة تطفو على الوجوه ثم لا تنمحي في لمح البصر
خشية ضريبة قد لا يملك صاحبها لها ثمناً
أحن.. إلى حلم لا يُقدر بثمن
وإلى أيام زمان رغم قسوتها
أحن إلى مصابيح الشوارع في الليالي
وهي ترشد حبة المطر إلى مستقر لها
وتبعد الأشباح عن الشوارع وتعيدها إلى القماقم
أحن إليك،
وإلى الوجوه التي غاب عنها الفرح والأمان
وغابت عني..
وعنا..
وعن المدينة
يومنا أصبح أطول من سنة
وأعمارنا في هذا الربيع المجدب، أصبحت مثل أعمار الفراشات، أقصر من يوم واحد من أيام السنة.
حدثني أكثر من صديق عن معاناة أهلنا في الوطن. فتذكرت هذا المنشور الذي كتبنه بقلب محروق، وذلك قبيل مغادرتي البلد سنة 2013
قلوبنا معكم أيها الأعزاء.ولكن...لو عرفتم سبب عجزنا عن فعل شيء لكم، عن طبيعة معاناتنا هنا أيضاً، لبطل العتب والعجب.
ولكن ما يحدث لنا ولكم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ.
ثمة أمل.