الست پاكيزة الحويزي
أمتطتْ صهوة الموت المستعجل بكل هدوء وغادرتْ عالمنا بِأحلامها الغير مأَولة وامنياتها التي اغرقتها الكآبة تاركة اسمها الرنان يلمع في عالم تدريس الرياضيات . كان المرض اللعين يمضغ جسمها النحيل يرسم خطط لإختطافها وهي لم تتذوق شهد الدنيا ولذائذها ، مُنِعَت منها اغلب اصناف الطعام بسبب داء السكر والضغط والقلب والامعاء وكل مرض يأكل جزءا من سنا عمرها الحفيفة بالبؤس اذ تفاجئت في ريعان شبابها بوفاة والدتها فتوشحت بالسواد في ملبسها وفي سلوكيات حياتها حيث إمرأة اخرى حلت محل أمها بعد زواج والدها ولم يكتفي الزمن بهذا القدر بل فُزِعت بوفاة اخيها الشاب ثم اختها التي لم تبلغ العشرين من العمر ، فأرتسمت على وجهها الغض خطوط الاسى ،ومرارة الايام تلفح ملامحها فلم تجد منجى من ضنك تراكمات اوجاعها الا بمواظبة الدوام في المدرسة لتتدثر من صقيع انكساراتها علها تعثر على ابتسامتها الشاردة بين ثنايا دهرها القاسي فأعطت كل طاقتها لمهنتها التي نجحت فيها بإمتياز لوضوح هدفها وارتكازها على التفاني في الاخلاص لاغية المجاملات الضيقة في مساعدة الطلبة ضاربة الواسطة عرض الحائط تمسح غبار عدم الفهم لفردات مادتها بشرح يتنافس بالسبق الى الاذهان . خاضت غمار التدريس بجدية متناهية متشددة في الحق ولم تحيد عنه في التقييم النهائي لمصير الطلبة قيد درجة متدرعة بالمبادئ العليا ، علاوة عن يدها الطولى في الخير والمساعدات المادية وحضورها المشرف في كل المناسبات . لكن تنفر الطالبات منها صلابتها واجبارهن على الدوام الاضافي والشرح المفصل مما ادى الى حصول الملل وكره للمادة لكن عند جني الثمرة في نهاية المطاف كانت سحائب الاعجاب تمطر عليها .
سلام عليها حين كانت مدرستي وسلام عليها حين كنا ندرس في نفس المدرسة ولمدة ثلاثون عاماً
سلام عليها في قبرها ولترقد روحهافي أمان حيث لا مرض ولا غصة في رضا الله وتحت رحمته
وجعل الله لها بكل حرف علمتها للاجيال صدقة جارية وعلما تنتفع به
سلام ايتها القصيدة الغير مقروءة ايتها التعويذة المبهمة الطلاسم انت السابقة ونحن اللاحقون ان شاءالله