1 قراءة دقيقة
أمام طود عظيم من الحكمة

فايزه بازرگان


ويؤثر ن على انفسهم :

-
زرتُ في رمضان إمرأة بلغتْ من الكبر عتيا ، حفر الزمن في جسدها اخاديد الوهن فلم تعد تقوى على الخياطة التي كانت تَتَقوّتْ عليها وتجاعيد وجهها تشي بمدى تحملها للوحدة والعوز تحت رحمة الايادي الخيرة فأصبحت كعصفورة هرمة تنتظر مَن يرمي لها حبات الصدقة . 

استقبلتني متكأة على عكازة اليقين والابتسامة تعلو ثغرها تتوسد صدري بضمة حنان وكأن كنوز الدنيا ارتمت تحت رجليها ، طلبتْ مني ان ابقى معها كي تنال ثواب افطار الصائم كما انا نلتُ ثواب زيارتها ، لبيتُ طلبها بكل سرور . جلسنا على الطاولة المزينة بالاطباق الفارغة وما ان علا نداء الله اكبر تزاحمت الصبية على بابها يملؤن الاطباق بما جلبوهامن طعام وشراب وحلويات . 

ناولتني تمرة وكوب ماء وأوَّمتْ للصلاة .

 رغم عدم درايتها بأحكام التلاوة لكن صوتها الرخيم وهي تقرأ الفاتحة والمعوذتين كانت كفيلة بإنزال الدمع من عيني . رجعنا الى المائدة نتجاذب اطراف الحديث . 

امتعتني بعذب كلامها والصدق المنبري من لحن قولها ، لاحظتْ تعففي في الاكل وقالت كُلي فكلنا فقراء الى رحمة الله قلت لها لا أُكثر في الافطار لكن آكل بنهم في السحور ، وانتِ ايضا اراك لا تأكلين ؟

 قالت انا :-الله سخر لي جيرة صالحة يطعمونني مما اعطاهم الله لكن هناك من هو احوج مني فالطريق غدا شاق وطويل يا اختي ونحتاج الى جمع الزاد له وهذه الدنيا دار ابتلاء
انفتح الباب بإمراة مع ابنها المنغولي ثم بأخرى مع بناتها الثلاث ثم صبي رث الثياب ،وهي توزع عليهم الخير الموجود على طاولة الاكل ، عرفت اني أمام طود عظيم من الحكمة والمُثل الاعلى تؤثر على نفسها ولو بها خصاصة

تم عمل هذا الموقع بواسطة