جلستْ على كرسي بياع الماء امام احدى المحلات تحصي الفرحة في وجوه الناس بينما حفيديها ووالديهما في المحل لاختيار ملابس العيد في ليلة صافية السماء عذبة الهواء حيث الشارع يعج بالسيارات ، والمحلات مكتظة بالناس في سوق الحصير بكركوك والاضوية والإنارات كأنها أنجم تشارك إبتسامات رفع حظر التجوال الى ساعة متاخرة في خواتم الشهر الفضيل .
وقعتْ عينها على فتاة صغيرة عتيقة الهندام واقفة على اعتاب حلمها تجلد مرارة الايام بالتحدق بألم في النموذج الپلاستيكي ( المانيكان) في معرض المحل والعوز يداعب شعرها الكستبائي الجميل حيث الظروف أغلقتْ منافذ الربيع من فصول عمرها وأكتستْ وجهها الابيض بإصفرار الفقر . انتبهتْ الفتاة لنظرات المرأة والتقتْ عيناهما بإبتسامة حب ، هل اعجبكِ الفستان ؟ ردتْ بالنفي بهزة كتفها وحركة شفتيها وقالت بحسرة وحتى لو ! لم آتي للشراء انما ارافق زوجة خالي . اشار اليها حفيدها فأسرعتْ نحوه ودسّتْ ورقة بألف دينار في يد الفتاة التي ازدادتْ التماع عينيها العسليتين فرحاً واستحياءا . تقدمت للاحتساب مع صاحب المحل لان وعدتهما بشراء ما يحتاجونه من راتبها التقاعدي واذا السعر خمس وسبعون دينار . أحسّتْ بخجل وتأنيب النفس اذ كيف تتصدق لهذه الصغيرة بهذا المبلغ البخس الذي لا يساوي بضعة سكاكر مزجاة فسارعت للبحث عنها لكن جهودها ذهبتْ سدى . انتابها الارق وقضتْ ليلتها تتقلب على مجامر الندم وأرهقها عتاب النفس وتفويتها فرصة إسعاد صغيرة كانت في إنتظار أنامل تمسح عنها قيظ حسرتها فف قت البحث عنها في الليالي التالية لكن ارتطمت جهودها ايضا بالفشل فعادت جاثية على خيبتها تمزقها براثن الندم وحاولت امتهان عدم الاكتراث ورمي سوء تصرفها على الوقت حيث استعجلها حفيدها لكن نداء الروح عاد الى توبيخها فضفائر الخير لا تحتاج الى وقت لفكها وخاصة في رمضان وعادت الى الغرق في سيل من محاسبة النفس . شاورتها صديقتها للتخيف عنها هناك أسرة متعففة تعيش على ما تجود بها ايادي الخيرين ثلاث بنات واب كان سائقاً بُتِرَتْ ساقيه بسبب السكري والصدقة هي تبريد لظى الفقر سواءا لتلك الفتاة ام لهذه العائلة ،أستانست بالمشورة ودقتا باب تلك العائلة وإذا بنفس الفتاة تفتح الباب فصرخت بين الضحك والبكاء تعالي يا ضآلتي اضمكِ لصدري وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال الارواح جنود مجندة ما تعارفت منها أأتلفتْ وما تناكرت اختلفتْ