1 قراءة دقيقة
مشكلة متجذرة وتحتاج إلى خطة علاجية طويلة الأمد

نسرين تللو


اتجنب الخوض دائما في هذا المشكل على صفحات الفيسبوك . لأن المشكلة متجذرة وتحتاج إلى خطة علاجية طويلة الأمد , من أجل معالجة جذرية مجدية . وتحتاج تعاون كبير من الطبقة الواعية أفرادا وأحزابا ومؤسسات لتصحيح المسار وتجنب السقوط في قاع الحضارة .
اولا : غالبية المهاجرون قادمون من بيئات متخلفة في نظرتها الدونية الى المرأة حيث كان يقابل قدوم الذكر بالفرح والزغاريد والبشائر . بينما يقابل قدوم الأنثى بالعبوس وربما الدموع والمواساة .. يمنح الفتى حرية مطلقة في اختيار هواياته وفتياته , بينما تحرم الفتاة من ممارسة الكثير من هواياتها . ومحرومة من حق اختيار من تحب . . طبيعة مجتمعاتنا الشرقية ذات التقاليد البائسة البائدة ، بإرثها الثقيل الذي تحرسه سلطات القمع ليمارس على الشعوب المبتلية بالديكتاتوريات العاتية التي تستثمر الدين أيضا لتكريس عنفها بمواصلة وصف المرأة ب : ناقصات عقل ودين . وشهادة رجل مقابل شهاة امرأتين . وللذكر مثل حظ الأنثيين . وويل لأمة تحكمها إمرأة ... الخ .. وحتى عندما تدخل المرأة الميدان السياسي , فإنها تبقى بعيدة عن مركز القرار السياسي . وليست إلا قناع ديمقراطي .لإخفاء قبح الديكتاتورية كمكياج يوضع ويزال حسب المناسبات . الديكتاتورية حارسة الظلم الاجتماعي في تكريسها للظلم من خلال حماية أثقال الإرث الوازن , المتصافر مع الدين . والقوانين الصدئة لعرقلة السبيل الى تنظيف مسننات عجلاتها من صدأ القرون الغابرة , وللحيلولة دون اللحاق بركب العالم . . في نفس الوقت ترعى وتحرص . على مناهج تربوية قمعية تلقينية لا تنتهج اساليب الحوار والإستقراء والإستنتاج والنقد , من رياض الأطفال الى الجامعات .لذلك تنتج عقل نقلي يردد أصحابه الشعارات دون الإيمان بمضامينها . . لنرى بالنتيجة حملة شهادات لا تنفي عنهم شهاداتهم صفة الجهل . من جهة أخرى يكرس العنف عندما يطلق سراح القتلة باسم الشرف بعد فترة وجيزة من إرتكاب جرائمهم في إلغاء الحياة ، تحت مسمى غسل الشرف . والذي قد يرافقه أحيانا تمثيل بجثة الضحية لغسيل أكثر نظافة ... مما يشجع على تكرار هذه الجرائم البشعة بلا رادع ضمير . فالسلطات القمعية تكرس الظلم والقمع وتصفحه بقوانين جامدة كالحديد داخل الأسرة تحت السلطة الأبوية والذكورية وسلطة الزوج وسلطة الأخ الأكبر . لضمان مصلحتها بقمع الجزء الاكبر من المجتمع داخل الأسر أولا . ثم تقوم هي بقمع الرجل ذاته في السياسة وميادين العمل , وللقمع ارهاصاته التي تنفجر في النهاية في وجه من هم أضعف منه كي يعوض المقموع عن حريته المثلومة والمزيفة . وهكذا يعم العنف حين ينطلق من داخل الخلية إلى الخارج . كما. كل قوانين الانفجار . .. إنساننا خريج هذه المشاهد والمعايشات التي تقدم لنا اللص والعاهر والمحشش والقاتل على انه شريف مادامت زوجته واخته وأمه في الأقفاص ... ومنهجة القمع مبرمجة في مناهج التعليم و التربية المدرسية والبيتية والشارع واماكن العمل . فالدولة القمعية ترعى تضافر الدين مع القانون والموروث لتشكيل ثالوث عصي على التبديل يكبل الإنسان عقلا وسلوكا . كيفما حاول الإتجاه ... . فالكل مقموع. . لكن قمع المرأة يكون مضاعفا كما نرى . أما الرجل في المهاجر فإن الغالبية منهم ،تستفزهم اولا قوانين المساواة مع المرأة . فهي نذير بزوال سلطتة و الأدوار التاريخية التي أنيطت إليه عبر التاريخ بالمجان . حتى عندما لا يكون مؤهلاً لتبؤها .لذلك اول رد فعل له هو تعمد العنف كخطوة استباقية . لضمان ديمومة و تثبيت سلطته المهددة بالزوال . معتمدا على سكوت زوجته الذي اعتاده سابقا في الوطن . المرأة تسكت مادامت تجهل حقوقها ، ولكنها تنتفض عندما تستوعب حقوقها لترفض ديمومة الظلم والقمع الواقع عليها . البعض يأخذه الخيال بعيدا فيتخيل ان ممارسة العنف والتخلي عن مسؤولية البيت والأطفال وتنشئتهم والتحكم بدخل الاسرة ،ثم بناء العلاقات المتعددة خارج الحياة الزوجية ربما يكون متاحا له أكثر في موطنه الجديد . . لكنه يصطدم اولا بصلابة المرأة الحرة في مجتمع ديمقراطي حر . ليجد ان المرأة هنا ليست تلك الفريسة السهلة للهوى الذي ينشده . وان القوانين جادة و صارمة بصدد التحرش . وان المكان ليس هو تلك الغابة التي كان سيدها بلا منازع . حيث قوانين غاباتنا تساوي بين الضحية والجلاد . بل تدين غالبا الضحية وتبرء الجلاد .
ليس المقصود في هذه العجالة تبرير سلوك أي مخطئ رجلا كان أم إمرأة . أو رفع شأن المرأة على حساب حقوق الرجل . لكن هي نظرة عامة عن البيئة التي خرج منها إنساننا المقموع .
بنفس الوقت هناك مشكلة الحرية المشوهة الحرية اللامسؤولة في أذهان فئة من النساء من مختلفةالاعمار اللواتي لم يحظين بتعليم فعال .و يفتقدن الوعي ويعانين من تخلف ذهني سببه الاستلاب كنتيجة لعهود قمع طويل ، ويفتقدن إلى حس المسؤولية ، فبمجرد وصولهن إلى أرض الحلم يبدأن بممارسات فوضية لا علاقة لها بالمفهوم السامي للحرية وينطلقن في ممارسات لا تمت إلى الممارسات الحضارية بصلة . فترى نماذج . تظن خيرا بفوضى حواسها لتتبجح بعللها الخاصة وتقنعنا أنها حرية ومدنية . وهي تجهل سبل تفعيل تصريحاتها وترى معركتها الكبرى مع التعري بمناسبة وبغير مناسبة على أنه الحرية .
. وهذا خطأ فادح . تقع فيه تلك الفئة فكأن حالة الإستلاب تدفعها لإثبات ذاتها بطريقة غريبة . فالملابس أحد مظاهر الحضارة . لأن الحضارة كل متكامل من مأكل وملبس ومسكن وسلوك وتحصيل علمي وسمو خلقي ، وصدق وانسانية وفهم الحدود .واحترام الوقت , واحترام قوانين المكان . ورؤية الفاصل الأحمر الذي لا تميزه العيون الرمداء .. الفاصل بين الحرية والفوضى , بين التحرر والعهر . بين روح المسؤولية واللامبالاة . بين العيش من عرق الجبين . وبين التكسب من إغراء الآخرين ... بين أن تفكر وبين أن تكرر. الكلام كالببغاء . جسد الإنسان ملكه . لكن للجسد حرمة والفرق شاسع بين ان يكون الإنسان حرا ، وبين ان يكون مريضا بداء عريه . يحيل جسده الى بسطة بازار .وبؤرة إغراء . هنا ينقلب مفهوم الحرية ليتحول الى تجارة جسدية .
ولهذا لا يمكن الحكم على مشاكل اسر المهاجرين من مجتمعنا التي انفجرت في دول الغرب بعد الحرب وبعد موجة الهجرة العارمة . لا يمكننا التعميم لقياس المعضلات بمقياس واحد عام . فلكل حالة فرادتها وخصوصيتها .

تم عمل هذا الموقع بواسطة