غيرترود بيل: الجاسوسة التي صنعت دولة العراق و قسمت كوردستان!!!
كتبت السيدة بيل في العام 1921 رسالة من بغداد الى والدها تخبره فيها:
"لقد قضيت صباح هذا اليوم بشكل منتج،حيث رسمت الحدود الجنوبية للعراق".
بما أن الاستخبارات البريطانية وحسب التقارير الميدانية الواردة الى مكتبها في لندن،كانت تعرف جيدا أن نجم الإمبراطورية العثمانية قد أفل وحان الوقت لتقسيم ورثة الرجل المريض على نحو يضمن المصالح الجيواستراتيجية لبريطانيا في هذه المنطقة الحساسة والهامة من العالم.ولهذا اختارت افضل جواسيسها وأكثرهم خبرة سواء في مجال التجسس أو المعرفة بتاريخ الشرق،عاداته،تقاليده ولغاته ولاسيما:العربية،التركية والفارسية.ولهذا وقع الإختيار على افضل كادرين لهذه المهمة: لورنس العرب وغيرترود بيل.
غيرترود بيل ولدت في عام 1868 درست في جامعة أوكسفورد،قسم التاريخ،عملت كعالمة آثار ودرست اللغات العربية والفارسية(في طهران) والتركية،ارسلتها الحكومة البريطانية ضمن بعثة اثرية الى العراق في العام 1909،حيث التقت العديد من وجهاء المجتمع والنخب السياسية،فضلا عن رسم خرائط للمدن العراقية وجمعت المعلومات عن العشائر العربية سواء في العراق أو الجزيرة العربية والبلدان الأخرى،حيث تلخصت مهمتها في مساعدة الجاسوس الأول لورنس العرب في تأسيس مكتب للإستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط.كتب الصحفي الألماني اللامع فرانك باتالونغ في مقالته الرائعة المنشورة في 06.02.2015وتحت عنوان: غيرترود بيل ملكة الصحراء، في موقع شبيغل أونلاين:
"ليس الملك فيصل الأول مدين لها بسلطته فحسب،بل أن بيل لعبت مابين أعوام:1915 و1925 دورا رئيسيا في وضع أسس النظام الجديد للشرق الأوسط برمته".
أما الصحفية نسرين نعيم البرغوثي فقد كتبت في مدونتها على موقع الجزيرة بتاريخ 01.01.2019 معلومة مهمة عن الجاسوسة بيل التي لعبت دورا قذرا للغاية في مصير شعب كوردستان:
"كانت غيرترود بيل المؤسس الفعلي للملكية الدستورية في العراق، بالتعاون مع المستعمر البريطاني. ويرجع لها الفضل في اختيار الملك فيصل الأول، لينصب ملكاً مما جعلها فيما بعد محط ثقته المطلقة وصديقته المقربة حتى وفاتها. ونظراً لرحلاتها السابقة وتجربتها الواسعة في المنطقة، قامت برسم حدود العراق كما نعرفها اليوم. وتعمَّدت أن تقسم المنطقة الكردية على 4 دول، للحول دون استقلالها في المستقبل. وعملت على ترتيب الوضع الداخلي في العراق بعد الحرب العالمية الأولى، خصوصاً بعد تعيينها كمستشارة للمندوب السامي هناك بيرس كوكس". وعلى هذا النحو ان تقسيم كوردستان تم بناء على توصيات وتعليمات الشمطاء غيرترود بيل أما سايكس الانكليزي فقد قام بدوره في تنفيذ المراسيم البروتوكولية،بما فيها توقيع تلك المعاهدة المشؤومة كممثل لبلاده الى جانب الفرنسي بيكو.ربما جاء انتقام السيدة بيل من الكورد لسببين: أولا: فشل الحملة الصليبية الثالثة بقيادة الملك الإنكليزي،ريتشارد قلب الأسد لإقتحام القدس واضطرارهم الى عقد صلح الرملة مع السطان صلاح الدين الأيوبي أولا والانتفاضات الشعبية المتكررة بقيادة الشيخ محمود الحفيد ضد الإستعمار البريطاني وسياسة ضم جنوب كوردستان الى العراق العربي في العشرينات من القرن الماضي ثانيا.