تسير بنا الحياة الى محطات لا تهواها انفسنا ويسير بنا الزمن الى المجهول
وكأنه عالم مشجون باليأس يدق انفاس الروح على أوتار الحياة البائسة....
ترد يارا وقد ملأ الحزن اعماقها
طفلتي الصغيرة آواز لم تنم الليلة البارحة وهي تبكي من الجوع
ماذا أفعل ياربي
ومنذ البارحة لم يبقى لدي حليب لإطعمها
يرد عليها خوشناف
نعم يارا. لم اذق النوم انا ايضا مثلكما وانا افكر من أين سأجلب لها بعلبة الحليب
فجميع الصيادلة يخبئون حليب الأطفال والأدوية.
ترد يارا في حيرة نعم وقد توسلت لجارنا الصيدلي بتوفير علبة لإبنتي وقلت انها صغيرة ستموت من الجوع
ولكنه أكد لي بان المستودعات مكدسة بالأدوية و حليب الأطفال لكنهم لا يلبون طلبهم
فهم تجار الأدوية يخبئونها لاجل رفع الأسعار
وقد تأثر كثيرا ووعدني بانه سيأمن عدد من العلب لصغيرتنا
وبعد برهة يرن هاتف خوشناف
يرد فرحا انه رقم جارنا الصيدلاني..
أكيد دبر لآواز كم علبة حليب
يرد فرحا....
ويقول سآتي فورا وأغلق هاتفه
يتوجه خوشناف الى الصيدلية في فرحة كانه يتوجه الى ساحة إحتفال يصل للصيدلية واذا بثلاثة علب حليب قد أمنت له
شكرا لك دكتور نحن ممتنون لك كثيراً
بكم هي علبة الحليب
والله يا جار لا تعتبني فقد أمنتها لك بصعوبة لكن ثمنها غالي
يطلب منه 30 الف ليرة
يقف خوشناف صادما
ماذا 30 الف لثلاثة علب
من اين لي بالنقود يادكتور لقد أخذت آخر علبة بثلاثة ألف ليرة.... كل الذي معي لا يكفي لدفع ثمن علبتين
انت حر جاري خد علبة واحدة
وقف خوشناف وهو يفكر بصغيرته
ليس معي غير ثمن علبة واحدة
أرجوك يا دكتور خبىء لي العلبتين سوف أخذ العلب الباقية في المساء.
يرجع الى البيت ومعه علبة حليب ليطعم به صغيرته وهو في حيرة من أين سيدبر ثمن العلبتين..
وخوشناف لا حول له ولا قوة
لقد دفع ما معه لشراء علبة حليب واحدة
من اين سيأتي بالباقي
الدولار في ارتفاع والتجار يخبئون المؤون الأساسية
والغلاء مستمر
وما يقبض من مردود عمله لا يكفيهم الا لعشرة ايام
نعم والبيت بالإجار
وصاحب المولدة يهددهم بقطع الأمبيرات عنهم إذا لم يدفعوا الأجرة بعدما رفع من سعر الأمبير....
يبقى خوشناف في يأس وكأنه يحمل جميع هموم العالم على أكتافه
ويتوسل للخالق
ياالله عانينا الهجر والفقر والدمار
عانينا العذاب والألم والجوع والظلم
عانينا الموت والخراب والدمار
يارب ارحمنا والطف بحالنا
ويتنهد في حزن ليخبأ على آواز ما يعانيه من ألم..
ويبقى مآسي شعبي مستمرا في ظل جشع الإنسانية وموت الضمير وحكم الظلم في بلدي....