عندما تكون شعوب بأسرها ألعوبة ...
كانت الأزمة تسير بخطا وئيدة ثابتة نحو إنفراجة الحل ، التي بدأت تلوح بوادرها في الأفق ، بعد ألام وعذابات مريرة ، وسيلان أنهار من الدماء ، فعلى الأرض بدأت الدولة تستعيد عافيتها ، ببسط سيطرتها مع حلفائها ، على معظم الأراضي التي خسرتها ، لصالح مايسمى بمجموعات المعارضة ، المحسوبة على تركيا ، التي بدورها إنحسرت وتقوقعت ، في الزاوية الشمالية الغربية من البلاد ، نتيجة الهزائم المتوالية لها ، وعقد الصفقات المخزية معها ، هذا على الضفة الغربية من الفرات ، أما على الضفة المقابلة ، فقد توجت قسد سلسلة إنتصاراتها ، بإعلان القضاء نهائيا على خرافة دولة داعش ، الظلامية المزعومة ، لتخضع ثلث الجغرافيا السورية تحت سيطرتها ، المتمثلة بالجزيرة السورية ، سلة الغذاء وعماد الإقتصاد السوري ، لتعقبها فترة قصيرة من سكون فوهات المدافع ، ويتنفس الشعب المرهق الصعداء ، والإستبشار خيرا ، خاصة مع الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية ، التي سترسم ملامح الحل النهائي ، لبلاد مزقتها الحرب الأهلية ، سنينا طوالا ، أتت على كل شيء...
لكن هذا المشهد لم يرق لبعض الأطراف ، فتركيا التي إستماتت ، لمنع مشاركة ممثلين عن قسد ، والروس والإيرانيون ، الذين يريدون عودة سيطرة الدولة ، على جميع الأراضي المتبقية ، عرفوا سلفا أن قسد سيرفض مخرجات حوار اللجنة الدستورية ، لذلك إجتمعوا في سوتشي ، وتفتقت أذهانهم عن خطة خبيثة ، مستغلين ضعف وتذبذب موقف أمريكا ، حليف قسد الوحيد ، بل وبتواطئ منه ، تقضي بإفتعال تركيا لحرب ضد قسد ، عبر حدودها الجنوبية ، تستخدم فيها جيشها الإرهابي الجديد ، المتألف من بقايا داعش والنصرة والقاعدة ، والمجموعات المتشددة الأخرى ، متخذة حججها الواهية السابقة ، عندها ونتيجة لعدم تكافؤ القوة ، ستلجأ قسد مضطرة ، للإستنجاد بالنظام والهروب لحضنه ، بطلب التدخل منه ، لأنها باتت وحيدة تلاقي مصيرها المحتوم ، وبعد أيام قليلة ، تتدخل أمريكا وروسيا ، لتفرضان عليهما إتفاقية لوقف إطلاق النار ، بعد أن بلغ الجميع الغاية المرجوة ، وهي خلق الأرضية المناسبة ، والإستعدادالنفسي ، عند الشعب وقسد ، لتقبل فكرة عودة النظام ، وإظهاره بأنه الحل الوحيد ، للتخلص من جميع المشاكل والمآس ، وليوضع قطار اللجنة الدستورية على سكته الصحيحة ، بالتخلص من الحالة السياسية (الشاذة) التي كان يمثلها قسد بنظرهم ...