ذات يوم نبّهت هنا الى عدم عسكرة الثقافة( تغليب الثقافة العسكرية في الحياة المدنية). لكن يبدو أن هذا حصل.
فالصغار والكبار ينخرطون في سيكولوجيا عسكرية تميل الى عنف لفظي ، وربما بدني ايضا.
كنت اظنها ظاهرة تتعلق بمناطقنا ، لكن مشاهدات قنوات وفيديوهات، وقراءة مقابلات او مقالات او ... الخ، جميعا يشير إلى أن الظاهرة تتفاقم ، لاسيما في مناطق ساخنة.
الملاحظة الأولى فيما يخصني، هي :
إن "لغة المبالغة" هيمنت على الثقافة( التعبير خاصة).
في الأحاديث والكتابات والتصوير الفوتوغرافي أو الفيديو...( فضلا عن الفوتوشوب والتزييف ونسبة مشاهد كاذبة الى خصوم واعداء...).
جميعا يتجه نحو المبالغة في العرض . لماذا؟
يبدو لي أن ذلك نتيجة لعسكرة الثقافة الاجتماعية ( المدنية) كل طرف يظن أن المبالغة وتضخيم الاحداث و... الخ.
يخدم تشويه سمعة الخصم والعدو....( وكثيرا ما يكون هذا الخصم او العدو المفترض ، ليس سوى معارض لنظام وسلطة ، او مختلف حول رؤى - وهذا في الظروف الديموقراطية طبيعي).
تذكرت اذاعة " ايزكه" ده نكي كوردستاني عراق. والتي كانت تمثل الصوت الناطق لثورة أيلول ١٩٦١ بقيادة المرحوم ملا مصطفى بارزاني.
كنت حينها في عمر المراهقة ، لكنني كنت أفهم ما يخص الأمور الثقافية ،جيدا. فقد كنت مواظبا على مطالعة الكتب والجرائد والمجلات ...حينها. و أتابع الاذاعات ،لاسيما التي تناول قضايا الكورد - وهي قليلة وشحيحة -.
كانت الإذاعة" ايزكه" تحرص على المصداقية ، والالتزام بضوابط اخلاقية في عرض الاخبار والاحداث...احيانا ، الى درجة الملل من السرد الطويل لضمان المصداقية، وقد كسبت - بذلك- الرهان مقابل الإعلام العراقي المضلل والمطبل ...!
لماذا لا نعود جميعا الى شيء من هذا النهج الذي يخدم البشرية أكثر؟!.
على الاقل نظل أقرب الى ثقافة تحترم الحقيقة !