سيكولوجية التخلف
صدف أن التقى ابن الاغا وابن فلاح في القطعة العسكرية نفسها ،( خدمة الزامية) وكان ابن الفلاح متعلما فكان ضابطا، وابن الأغا اميا فبقي مجندا. لكنه لم يقبل بالامر الواقع وأصر أن يخالف أوامر الضابط ( ابن الفلاح). فحاول أن يفهمه أنه لا يوجد في الجيش فروقات على اساس قبلي. وعليه أن يطيع الأوامر لئلا يتعرض للعقوبات والتعذيب...لكنه لم يستوعب وبقي تحت الأذى والتعذيب.
هذا نموذج من سيكولوجية بني كورد ( الشعور بالتميز عن غيره على اساس موهوم). ومن الغريب أن كل واحد يرى لنفسه ما يستند اليه في وهمه هذا بالتميز .فابن المختار يتميز عن أقرانه من أبناء الفلاحين....وابن الشيخ يتميز عن أقرانه استنادا لهذا الشعور. وابن الملا كذلك....وابن السيد يرى أنه حفيد الرسول ومتميزا عن أقرانه حتى ان كان من أسوأ البشر ثقافة وسلوكا، والمنتمي إلى عشيرة كبيرة يرى نفسه متميزا عن أقرانه من أبناء عشيرة أصغر، والمهتمين إلى عشيرة أصغر لا يعدم وسيلة للشعور بالتميز ،وكذا أبناء عائلات.....والمنتمي لحزب يرى ذاته أكثر صوابا وافضل في الوطنية ، وكان المأمول أن يتجاوز المثقف هذه المشكلة، لكنه يرى نفسه الأجدر بالتميز ايضا ... ضمن هذه الاعتبارات، يبقى التميز رؤية ثابتة عل اساس اجتماعي ديني أو عشا ئري... ويمثل ." نص المصيبة "كما يقال.
المصيبة الكبرى ان العميل ايضا يرى نفسه مدعوما من جهة استخبارية تعمل ضد بني قومه وحقوقهم فيستعلي عليهم ، ويستقوي بالأجهزة الامنية أو السلطوية على بني قومه....!
فلكل فرد أو جماعة ثقافة خاصة به، أساسها الشعور بالتميز الاجتماعي والسياسي والديني.....
وجميع ذلك يقود إلى سوء تكيف في العلاقات، وفي تاسيس حال ثقافية ،تتبلور فيها رؤية مشتركة " روح جامعة " او " روح الامة " الجامعة......التي تمثل ثقافة تستوعب التمايزات والاختلافات....يصف بعضهم الحالة ...ب " قومي مريشكا".
لا يمكن إصلاح من هذه ثقافته. فالحياة الاجتماعية / السياسية تحتاج عقدا بالتفاهم ...لا بالفرض والقوة. ولا بالاعتقاد ذي الطبيعة النفسية المتخلفة والهوى والوهم.....!