3 قراءة دقيقة
دروس نستخلص منها العبر .....17


الموت يحاصرنا مذ خلقنا عند الصرخة الاولى.
لا ندري متى ، ولا كيف..؟
و يتردد صدى الآية الكريمة في القرآن الكريم:
" كل نفس ذائقة الموت".
" اينما تكونوا ، يدرككم الموت ، و لو كنتم في بروج مشيّدة".
نرى حولنا ، او نسمع، كل يوم أخبار موتى :
شيوخ ، كهول، شباب ، اطفال...نساء ، رجال...الخ.
و ننعي موتى : اقرباء، اصدقاء ...الخ.
و في نبرة الاخبار ما يبدو غريبا.
كل ينشر نعوة ، و كانه لن يُنعى، و لا يموت... !
اي إحساس و إدراك ...هذا الذي نحن فيه؟!.
و اكثر من ذلك ، نسلك سلوكيات كاننا لن نموت ، و لا مسؤولية عنها ...!
ولا انعكاس لها على مَن بعدنا، اهلا ، عائلة، أقرباء ، بني القوم ، البشرية...!
طبعا لن يغيّر ما اكتب هنا من مسار احد، ربما، لكنها لحظة وجدانية أثارتها قراءتي لنعوة المرحوم محمد سعيد حاج احمد ،أبو نضال.
ليس قريبي ، بمعنى دقيق، اننا ننتمي الى عشيرة واحدة فحسب . و لست ممن يعتبرون التشدد في العشاىرية ملاىما في مرحلة يفارض ان القومية تعزز فيها .
لكنه كان صديقا . جمع بيننا التقاؤنا في مجموعة كانت تسعى في محاولة تقريب بين الاحزاب، و التخفيف من خلافاتها. كان ذلك في أواخر التسعينات ، و كانت الدعوة من المرحوم عبد الكريم ملا عمر ، و قد اشترك عدد من المهتمين او الغيورين على تجنيب بني القوم من حالة تشتت. و منهم المرحومون : الشاعر احمد الشيخ، و احمد كوردي و احمد سيد عباس و...من الاحياء الاستاذ جمال معزول ، و الصديق حاجي جب و...غيرهم.فلست بصدد تعداد أسمائهم ، و قد سبق ان ذكرتها سابقا وساذكرها لاحقا إن ابقاني الله حيا.
لم نكن نلتقي كثيرا ، سوى في المناسبات ، و كنا نختلف في قضايا ، لكن حبل مودة بيننا ، و احتراما متبادلا لم ينقطع.
لماذا كتبت ما كتبت ، و ليس عادتي ان اكتب عن اباعد نسبيا ؟!
لا ادري بالضبط. لكنني فعلا تاثرت بنبأ موته، و نحن جميعا على هذا الطريق - كما يقول الكورد عادة في مثل هذه الظروف.
يبدو انها لحظة وجدانية ذات دفع لاشعوري اكثر . اختلطلت فيها الاحوال والرغبة في تعبير يخفف عني وطأة شعور بشيء ما اثقله .
نرجو له ولكل الموتى ،الرحمة و المغفرة ، و نرجو الله موتا فيه الرحمة و الستر والرضا ، و لاحول ولا قوة الا بالله.




شخصية الإنسان ، و طبيعة تكوين ثقافتها ، و فاعليتها ، و توازنها... هي التي تعطي أفعالها صورتها الصحيحة.
أما التي تفتقر نضج و تكامل ، فتكشف عيوبها في اقوالها و ممارساتها( سلوكها). لذا قال حكماء :
لك اذنان لتسمع بهما اكثر من الكلام بلسان وحيد.
لنأخذ نموذجا شديد الوضوح، و يدير اقوى دولة في العالم ،تؤثر سياساتها على توازن و استقرار السياسة الدولية. إنه الرئيس ترامب. هذا الذي غلب لديه هوى مالي في صور عدة ، فنجح في هذا الجانب ، لكنه اقرب الى الفشل في ادارة السياسة.
فحتى ان نجح في الانتخاب( احيانا الانتخابات لها ما يؤثر على نزاهتها لاعتبارات قد لا ندركها).
حتى إن نجح الرئيس ترامب ، فإنه قد خسر كقيمة سياسية و ثقافية تمثل شخصيته.!
النجاح ، احيانا لا يمثل قيمة مفترضة.
و القدرة على الكلام ، لا تعني ان الكلام له قيمة بالضرورة.!



" حَشَري"
توصيف لاولئك الذين يدفعهم فضولٌ غير مشروع لدسِّ انوفهم في كل شيء، دون استحقاق ، و لا حتى دراية.
يقول مثل اوروبي:
"هناك فرق بين ان تهتم بشجون الناس ، و بين ان تدسّ أنفك في شؤونهم".
و جدت مساحة واسعة من ثقافة "حشرية" هنا.



و للخواطر حظها في لحظات نود فيها ان نستريح .!
أنفاس من الأرض تلفحني
شممت فيها رسائل خريف
وقع هطول مطر ..
و صحوة ..
فمطلع الفصل طريف
ازهار ، سوقها تقصّفت
غيوم في السماء لها نزيف
هو الزمان..
يَقضم من اعمارنا
ونسهو..
في خضمّ صراع سخيف
" وتلك الايام نداولها"
بشر لاهون ، و جدال عنيف..
اعمار مهما طالت ، لها خاتمة
ومهما اشتدّ اغراء الحياة
و مشتهى فيها ، يبدو أليف.
فللشعور اوجه قد تختلف
و العقل فيه . له الحكم الحصيف.




أحيانا قد تكون خواطر في حياتنا غريبة، و ربما تبدو خيالية. لكن:اليس الخيال ( او التخيّل) مصدر ابداعات عادة؟.
لماذا لا نكترث بخواطرنا الخيالية، و نحاول ان نبحث في احتمالات استثمارها ايجابيا؟
في ظني ، القضية في دور عقلي و مساحته في التفاعل معها. وهو الذي يقرر استبعادها ، او استثمارها ايجاببا.
القضية - اذن- في فاعلية دور العقل فيها ، و في قضايانا المختفة .
يقول فيلسوف:
" على صعيد العقل يلتقي البشر"
و هو قول صحيح.
فما هو عقلي ، مشترك بين العقلاء جميعا، اي (البشر).
و تبقى الحيوانات بعيدة عن هذا الاشتراك ، و طبعا، البشر القريببن من الحيوانات نتيجة تعطيل فاعلية العقل لديهم ،كليا أو جزئيا.
فلنعرض افكارنا و اعمالنا و كافة انشطتنا على ميزان العقل ، و نفرزها بحسب ما يقرر .
عناصر تكوين شخصية الانسان عديدة ،
لكن العقل يبقى اهمها ، و لقراراته ، الحسم بناء على معايير متفق عليها و معتمدة.!



ممارسة السياسة ، و كل فعل جاد ، و مهم... في الحياة ، تحتاج التعامل بالعقول ، لا بالميول.!


منهج مقارنات ، و تعبير مرتبك ، عن أحوال:
ظاهرة تعبيرية باتت ثقافة ذات طبيعة ممنهجة لدى البعض ، (كورد خاصة).
فالخوض في موضوع يتطلب عِلما بمحتواه ( مُجمله و تفاصيله). و ان ضعف العلم به ، يدفع نحو التعبير بالرأي ( الذي يفتقر للعلم) .
و أن الاعتماد على الرأي ، يتأثر بنقص في العلم ، و حالة نفسية يكون المرء عليها ، و خصائص في تكوين شخصيته...
فقد يكون شجاعا، و ربما مغامرا و لا ينضبط ، و قد يكون خائفا و قلقا ،يعبّر عما يظنّه توفيقا و تلفيقا ليرضي اطراف مختلفة. و قد يكون ذا مصلحة في مكان ، و ذا هوى في مكان آخر ، و قد يكون مضطرا لما يعّبر عنه، أو يتخذ من مواقف، مباشرة او غير مباشرة .
و قد يكون ممّن رُتّب له دورٌ للتشويش ، و نشر شائعات و فوضى ، و قد ..و قد..
إن تأمل منشورات - لاسيّما في ظروف التوترات و...-
يُظهر مدى تورّط بعضهم في تعبيرات لا رصيد لها من العلم و الوعي و العدالة و النزاهة و المنطق...سواء أكان من تصنيفات اشرنا إلى بعضها ، او نتيجة ظروف - ربما موضوعية -.
في كل الأحوال:
الانسان يملك أفكاره ما دامت في ذهنه، و لم تخرج لا نطقا و لا كتابة ، و مواقفه قبل اعلانها... و يمكنه ان يتحكم فيها ، و يرتبها بالطريقة الافضل .!
لكنها ،اذا أعلنت ، اصبحت مادة مطروحة و ظاهرة للجميع .
و يمكن لهم قراءتها ، و فهمها ، و تصنيفها ، و الحكم عليها استنادا لما فيها ، و تقييمها ( و ينال التقييم أصحابها ايضا)
و لا ينفع الندم ، الاّ اذا استدرك المرءُ ،الخطأَ فيها فصحّحها ،
و اعتذر عن ما فيها من خطأ وقع فيه-قاصدا او غير قاصد-.
فالرجوع عن الخطأ يصححه ،كما يقول غاندي.
تقديرُ الانسان لذاته ، و وعيُه... يُحدّد سلوكه و نتائج تنجم عنه ، و مسؤوليته عنها.!



جاهلون ، او لهم غايات خاصة ، و ربما مرتزقون ايضا ... يغامرون في اطروحات ، و ربما افعال... حتى باتت نتائج مغامراتهم ، تنمو في الوسط الكوردي الثقافي الى درجة اختزال حقوق الشعب في أنفسهم و رؤاهم ( رؤيتهم).
داء ابتلي كورد به ، و له مفعول مؤثر حتى اللحظة ، للاسف.!



عادة ، تجاهد الامم لتنتج ما يحدد معايير مشتركة ومتفق عليها ، تكون مُستَندا لها في الاحكام و التمييز .
و خرق المعايير ، يشير الى الانضباط أو التّجاوز.!
و يكون التقييم ( و التقويم) استنادا لذلك.
و في حال كون القضية مشتركة ( طرفا القضية من جنسية واحدة كما في حالة الكورد) تصبح للمعايير اهمية استثنائية.!
ثقافة سياسية دون معايير منطقية و معرفية ، يمكن لها ان تهدم كثيرا . و تكون الضحية هي الجمهور عادة ، بما فيها كثير ممن يصفّقون دون تفكير و تدبّر و حساب الاحتمالات...!



سيكولوجية كورد ،
جاهزون للانتصار الى طرف ينتمون إليه و يؤيدونه ،
دون اعتماد معيار( ميزان) يفرز بين الحق والباطل (يتوخى العدالة).!
و مادام بعيدا عن نتائج الاقتتال و خسائر تنجم عنه في الارواح والأموال والتدمير ... فلا يهمه شيء.!
مفهوم ذاتي لمعنى القومية/ الوطنية ،و حتى الانسانية و الاخلاق.!
أي نمط من التفكير " الثقافة".؟!
و اي نمط من القيم والمعايير الخلقية، و تقدير الذات...؟!.


من الملاحظات الجديرة بالاهتمام ،
ان الفيسبوك - على الرغم من توفيره فرص تعبير في مستوى مساحة واسعة، لكنه في المقابل، يجعل من هذه الفرص وسيلة لزيادة الاشكاليات و المشكلات.
فاسلوب نشر الافكار و الحوار والجدال و السجال و... و غياب المنشورات ، وعدم توفر استعادته او رؤيته بسهولة ... يؤثر على دور الذاكرة و تفاعل مباشر.
و هذا يغيّب رصد افكار الشخصية في سياق تكاملي ( منظومة) تنبئ عن اتجاه سائد لديه تدل على طبيعة ثقافته كشخصية متميزة( محددة).
بل ان كل واحد يُحكم عليه -غالبا-من خلال منشور واحد. حتى ان كان يعرفه في الواقع او في أثاره. !
لان الذهنية تتاثر بحالة عليها منهج الفيسبوك في النشر والتفاعل الذي يربك الذاكرة، فضلا عن الاهواء و ردود الافعال و غايات خاصة... الخ.
دوما هناك من هو متوازن ، و لا يكوّن فكرته عن المنشور و صاحبه ، إلا بعد استعراض صفحته ، و الاطلاع على مواد ( منشورات كثيرة ، و تعليقات ايضا) تصلح لتكون مادة لتكوين انطباع و فكرة،
ويفترض التأني ، والتحري إلى أن تتوفر ما يمكن الاعتماد عليه في تكوين تصوّر صحيح- و دوما- يمكن الوثوق به .!


حماس المرء- افرادا و جماعات- للشكلانية(صور ، و اسماء و تواريخ و ...) دون اهتمام و تركيز على مضامين و قيم ،وعِبَر... يشير لفراغ ثقافي بنيوي،و عدم إرتقاء الى حالة قابلية لأداء مثمر.
يبدو أنه سلوك أقرب إلى هواية و تسلية(و ربما،استهتار أحيانا) ذات اساس نفسي ، أكثر من كونه سلوك ذي فعالية تهدف لتحقيق نتائج .!!


احدى وسائل سياسية بشكل عام ، و في نظام إيديولوجي،بشكل خاص:
إثارة ما يُشْغٍل الناسَ، فتُنفِّذ هي أجنداتِها في خِضمّ التّلهّي والانشغال وتوظيف جهلاء و ذوي سلوك قلِق، و نزوع نحو ممارسات منحرفة،لشعور بنقص،و دافع تعويضه.!


قد نخطئ في صياغة رؤية خاصة بنا
نبني أركانها و عناصرها مما اكتسبنا من معارف و استخلاصات تجاربنا و خبراتنا و اجتهاداتنا...
لكن، من الضروري ان تكون رؤيتنا هي ناتج جهودنا..
نعدّل فيها كلّما ازددنا خبرة ، و اكتشفنا اخطاء في تجربتنا.
فلنستفد من اخطائنا.
و لنمثّل ذواتنا.!


منهجية متابعة قضايا واحداث و افكار و أحوال ...فردية و جزئية...
تورث مشكلة تشتت تفكير ،
و عجز عن تكوين رؤية كلية.!


الفيسبوك مساحة مفيدة لتبادل الافكار و المعلومات والآراء و المقترحات ،والملاحظات ... الخ. و تغذية الوعي.
بعضهم يظن ( أو يتصرف) كأنه يلقي أوامر ، او نصائح شبيهة بالاوامر، او كأنه يحارب ، و يستغل خبثاء ذلك لتحويل بيئة التفاعل الى نوع من اثارة و تشويه علاقات.
الفيسبوك مساحة لتبادل افكار و معلومات واراء... الخ.
أي تثقيف و تنوير... و حضور شعور لمعرفة ما يجري...ليس إلاّ.!
أم أنا مخطئ؟.



عادة،أتابع برامج مختلفة - أيا كانت طبيعتها-
وفيديوهات على يوتيوب مادة خصبة جدا.
هنا لا بد من ادارة النفس بكفاءة لئلا تنخرط في تلك التي تثير الغرائز.
طبعا سيشاهد المرء انواعا مختلفة ، لكنه يختار ما يراه يمثّل انساقا ثقافية معينة، و يهمل تلك الرخيصة التي لها غايات مالية بحتة ، او تحاول نشر الرذيلة فحسب.مع الحذر الشديد من الانسياق مع عناوين مبالغة و مضللة و صور جاذبة و كاذبة.!
تابعت اليوم بعضها ، منها :
مقابلة مراسل الجزيرة العماني، لا يحضرني اسمه، مع الرئيس أردوغان، و طرح أسئلة عليه: ما هو اعتقاده ، و علاقته بالاسلام سابقا و لاحقا، و... الخ.
و كانت اجاباته ملفتة للنظر .سأشارك فيه ان التقيته .
و في فيديو آخر ، ممثل فرنسي يكشف عن مثلية الرئيس الفرنسي ماكرون ، و يصفه بأنه يفتقر الى خبرة ، و يقود الفرنسين الى مخاطر ، و يتساءل:
لماذا يتدخل في حياة المسلمين و عقائدهم؟
فنحن نعلم انه مثلي، و لم نتدخل في خصوصيته.!
طبعا، الرجل غيور على مصلحة شعبه وو طنه، و لا يهمه ماكرون في إزائهما.
و استعرضت مواقف كورد هنا،
فشعرت بشيء من الحزن و الالم ..
اقلامٌ ، لا يرى أصحابها ابعد من ارنبة انوفهم ،
و كلماتهم كأقلام حبرهااحقاد، تجاه ابناء قومهم و اوطانهم لدوافع نفسية خاصة، فتساءلت :
كيف لهؤلاء ان يكونوا في صف قومهم وو طنهم و قلوبهم حاقدة عليهم؟
أو جهلهم يقود عقولا ذات حيوية و نشاط ، لكنها تنفث أهواء و أحقادا ؟!
بين وَعْيِنا و وَعْي غيرنا ، تبدو المسافة شاسعة.!


إذ يتناول شِعرٌ قضايا ذات طبيعة اجتماعية فكرية عميقة يصبح هذا الشعر-ليس فقط ثقيلا على ذائقة جمالية- بل قد يصبح ضالاّّ مُضلاًّ.


من عوامل مهمة في تشتت التفكير ، و صعوبة تكوين رؤية خاصة ،بالنسبة للفرد ، غَرقُه في متابعات لا علاقة لها بحياته المباشرة ، و حتى غير المباشرة بالمعنى القريب . بدلا من التعمق فيما يخصه ، و يهمه، و له تاثير على حياته كفرد و كمجتمع،!
أظن أن للتكنولوجيا دور ، و ربما لمن يدير هذه التكنولوجيا ايضا ، دور.
لكن الاهم هو حالة الانسان التي عليها ، هل يستوعب ماذا يفعل، و نتائج محتملة ، تترتب على ما يفعل؟!.



سلوك متوازن و مطلوب لكل منا ،أن نفهم واقعا نحن فيه .
مستفيدين من معارفنا ، و تجاربنا(ومنها أخطاؤنا و خطيئاتنا...) و ما التقطناه مِمّن يفوقُنا عِلْما و خبرة ، لا سيما الأقربين منا و الذين نثق بهم ، فهم أصدق معنا ، غالبا.
اندفاعنا تحت تأثير دوافع نفسية ، و تسرّع ، و غرور ...الخ.
قد يُورّطنا في ميادين ، ننزلق اليها ، و ربما لا نستطيع التحرر ، و العودة.
يقول المثل: الخروج من الحمام ليس كدخوله.
تعبرا عن ان البداية ( أو اتخاذ القرار الاولي) قد تكون سهلة.
لكن الخواتيم ، و القرار في ظروف معقدة - و ربما فيها تورط ، و عناصر لم نكن نتوقعها فيه- قد لا تكون سهلة.!
من هنا كان دوما حاجتنا -كبشر - إلى تغليب التفكير على نوازع النفس و ضغوطات الغرائز. أو محاولة ذلك باستمرار .
وهذا يتطلب جهدا منظما(تربية و تدريب)- كما يرى علم النفس، و التجربة الواقعية-.
المشكلة البشرية هي : إن الاهواء والغرائز قد تكون أقوى من فعالية العقل و تفكير متوازن، فتُهيمن على العقل ، و تديره بحسب ما تهوى.و هذا يحصل في الواقع، كثيرا، ان لم نقل : غالبا.
يبدو ان قول، دايل كارنيجي ( او كارينغي) تعبير دقيق عن الحالة ، اذ قال: " الإنسان عاطفة أولا ، و عقل ثانيا".
و يعني بالعاطفة هنا ، الميل والانفعال.
حتى في عالم السياسة نلاحظ آثار الهوى و الغرائز ، لكن في قالب يبدو كانه عقلي.!



الاختلاف في الاعتقاد و في الآراء ظاهرة طبيعية ، سبق أن اشرنا الى الاسباب، ومنها الاختلاف في العمر و النضج والتعلم و و ظروف التربية ...الخ.
أين المشكلة إذن؟.
ببساطة في تربية الشخصية ، في الدرجة الاولى ، و في الحصيلة الثقافية بعدها.
فالذي تلقى تربية ايجابية ، و لديه حصيلة ثقافية ، معا يوفران شخصية متوازنة ، لا توجد مشكلة.
في هذه الحالة يحترم المرء قناعاته و معتقداته د و يحترم كذلك قناعات الآخرين و معتقداتهم كحقوق لهم ، مثلما يرى حقوقا له.
المشكلة فيمن تربيته متعثرة - بغض النظر عن الاسباب- و الحصيلة الثقافية عنده قلقة أقرب الى روح جهالة ...
مثل هذا النموذج لا يأتمر بقوة عقله د و إنما تغلبه نفسه و هوى فيها عناصره الغرور و الحقد و سوء نضج...
لغة الخطاب تكشف عن روح كتّابها ، و الضّفة التي ينتمي اليها .
و لا حول ولا قوة الا بالله.



مما قرأت، حكاية تخيُّليّة لكنها ذات مغزى و معبّرة.
يتبع بعضهم سلوكا دون فهم كاف ، و باجتهاد خاطئ، تحت تأثير انفعالات في صور مختلفة، فيكون المردود سوءا.!
الحكاية:
كان دبٌّ صديقَ أحدِهم .
و في لحظة كان صديقه هذا ، نائما.
حطّت ذبابةُ على وجهه
أراد الدّبّ ان يقتل الذبابة ليقي صديقه، أذاها.
ضرب بكفّه وجهَ صديقه ليقتل الذبابة و ينقذه منها
طارت الذبابة، لكن وجهَ صديقه تهشّم.
من لا يملك ادوات التفاعل الواعي والذكي و المسؤول... مع قضايا، يكفيه ان يعبّر عن وجعه ( و ذلك من الايمان ، و إن كان أضعفه).
ولا يُزيدُ الطّينَ بِلّةً.!
دافع الاشتهار ، او المصلحة ، او انفعال فجّ ، او ...الخ،
يورِّط صاحبَه ، و مَن يمثّلهم، فيما لا تحمد عقباه.
القصص كثيرة.لكنها تحتاج عقولا تتفاعل مع ما تمثّل من مغازي.!



التعامل مع السياسة:
١- قد يكون من خلال تناول ثقافي ، أي اطلاع على علوم السياسة و منها تاريخها... ، و متابعة مجريات و احداث و معرفتها ،نظريا، و محاولة تكوين رؤية عامة حول القضايا السياسية ، و دون ان يمارسها من خلال احزاب او غيرها .
و هذا تناول ثقافي للسياسة خارج ممارسة مباشرة للسياسة.
و هذا ما يفعله مثقفون مستقلون.هنا حالة ثقافية تنويرية نظرية فحسب . و من الواضح ، ان القائم بها يحتاج الاطلاع و متابعة مستمرة : وكنماذج ، محللون سياسيون، مدرسوا السياسة في الاكاديميات ، كتّاب مقالات او كتب عن السياسة...الخ).
اما الذين يتعاطون مع السياسة على الفيسبوك فاكثرهم هواة ، لم يستوفوا - بعد- شروط التعامل من موقع ثقافي ناضج.
٢- و قد يكون من خلال ممارسة سياسية مباشرة ، عبر الانتماء الى احزاب، او مجموعات شبيهة، في محاولة احداث تاثير ، و تغيير
نلخص في حالتين رئيسيتين:
- ممارسة السياسة في مرحلة نضالية لتحرير الذات القومية / الوطنية من احتلال ، او ظروف اضطهاد او ما شابه. و تمر الحالة الكوردية في هذه الظروف.
و هذا قد يتطلب نضالا على الارض قد يجرّ الى مواجهات و صِدامات في صورة ما ، تغلب فيها روح وثقافة عسكرية.
- ممارسة السياسة في مرحلة السلم و بناء الاوطان ،
و هنا، تتجه ممارستها الى حيازة سلطة، عبر استقطاب مؤيدين ينتخبون مرشحين لمستويات مختلفة : بلديات برلمانات ، مجالس اعيان او شيوخ ... الخ.
٣ - ممارسة السياسة من موقع هواية ، او شعور ايجابي نحو قضية...
في هذه المساحة تزداد مشكلات نظرية و عملية.و للكورد فيها حظ وافر.
في الحالتين :الثقافية و الممارسة الواقعية ، تتحدد أطر و رؤى تُفرزها تجربة الثقافة، وتجربة الواقع.
وفي الحالة الثالثة ،
تلعب اهواء و مصالح انانية و اندفاعات انفعاليةو جهالة و ... دورا في ارباك العملية السياسة من جهة ، و لها تاثير سلبي على الحياة الاجتماعية و العلاقات فيها.
فيهتز المجتمع ، و يصبح في حالة هشة في قِيَمِه و علاقاته و ممارساته بشكل عام.



اكاد أشبه الذين يكثرون التعامل مع الصور و الرموز ...
كالذي يأكل الموز لسهولة تقشيره، لا لفائدة فيه.
الضعيف في التفاعل بفكره و جهده ..، قد يكون معذورا.
اما المقتدر ، لماذا يفعل ذلك ؟.
و لا أقصد احوالا خاصة لها ظروفها ، و هي قليلة عادة.!


نطرح افكارا تمثل خلاصات مكتسباتنا المعرفية ، و ما مررنا بها من تجارب و استخلصنا منها ما نظنها اصبحت خبرة معرفية في سياق منظومة ثقافية هي رصيد متابعاتنا و سنين العمر ، و ممارسة المهنة ، و...الخ.
لا نزعم انها الحقيقة الوحيدة ، و ان كنا قد نعتقد بذلك في شعورنا الخاص( و هذا طبيعي) فالإنسان يفترض به أنه يؤمن بأفكاره ، لكنه لا يفرضها.مهما كانت قوة ايمانه بها، بما في ذلك معتقدات ، و منها الدينية ايضا.
اتعبنا بعضهم باسلوبه الفج ، والذي يطرح فيه افكارا او تصورات او ايا يكن ، و بلغة حاسمة لا تخلو من اتهام الغير او توصيفه بتوصيفات معينة ، و بحسب ما عليه من تربية كانها منحرفة ، و ثقافة ناقصة تربك الجو العام،
نطرح افكارا فحسب ، نتفاعل مع افكار دون التشد في الاشارة الى اصحابها، فالافكار هي حاجتنا للتفاعل معها ، لا الشخصيات، الا ضمن ضرورات يقتضيها ، فهم الافكار ، و دون الانحدار في التعبير.
دعونا نوفر بيئة حوار تتيح التفاعل الهادىء و المثمر للجميع.
فالظروف ضاغطة ، و الاعداء يتربصون ، و شعبنا في معاناة...
بل قد تكون البشرية في ازمة ثقافية تنعكس على الجميع بحكم المواصلات والتواصل و التفاعل و المصالح و...
فالعالم اصبح قرية - كما يقول أحدهم-.!



نشر ما هو خاص ، بات اكثر من نشر موضوعات عامة و مشتركة، و مهمة.
و باتت لغة الانا طاغية على لغة متوازنة في تعبير يحترم شعورا بالمسؤلية ،و الموضوعية
لماذا يسترخص بعضهم نفسه الى هذا الحد؟!.
و لا يهتم بروح جماعية او اجتماعية و حاجة الكورد اليها( أي منظومة فكرية جامعة فيما يتصل بالقضايا الجوهرية و المشتركة)



أتساءل دوما :
هذا الفضول في اقتحام القريب و البعيد ، ما نفهم فيه و ما لا نفهم فيه ..
هل هو فضول فطري ، ام مزروع فينا لنتورط في مسار خاطئ؟!.


استخلاص من التجربة:
حذَار من عناوين و شعارات ... و انخداع بها ،
قبل التأكد من تطبيقاتها .
لاسيما في عالم السياسة.!



معيار التمييز ( و تصنيف الاحكام)
لئلا ندخل في شرح طويل ( وسجال)
دعونا نتأمل اللغة التي يكتب متحمسون- خاصة- و هم كثيرون ، و معظمهم ينتمون الى عمر الشباب ، و لهم مشكلاتهم و ربما معاناتهم ، او ربما منهجهم اصلا متشرب بثقافة حزبية / سياسية ، جوهرها تحقيق المصالح.
ماذا نلاحظ؟
- غالبية المناشير لديهم تتناول قضايا ذات طبيعة سياسية( و هذا حقهم لا ننكره عليهم ) لكننا ننكر منهجية تناول القضايا .
- بتحليل نبرة اللغة التي تكتب بها هذه المناشير نجد :
أنها تفتقر الى معرفة كافية بموضوعاتها لجهة المعلومات ، و صحتها ، و فهمها الموضوعي .. و نقص في صياغة الافكار نتيجة ضعف اللغة ...
لذا فالمعيار الذي يسود في معظمها ، هو " الذات" الأنا:
" أنا مع".." أنا ضد".. " أتفق مع".." أختلف مع"...وكان " أنا" هو الجوهر او المحور، طبعا لابأس بذلك اذا كان القصد ابداء رأي لا اطلاق حكم،
وهنا خلط بين التعبير عن رأي شخصي ( و هذا حقهم) و بين تناول موضوعات بمنهجية فيها المعيار يميّز و يحدد .
باختصار، الافتقار الى منهج منطقي و موضوعي.
- ظاهرة الانفعال و رد الفعل الانفعالي و الشخصنة( تناول الشخصية بدلا من تناول افكارها) و ميل إلى تسرع يخدم هوى النفس ...!
- استنادا للمعيار الذاتي / النفسي و ضعف المعلومات ، و التأثر بالثقافة السياسية ...فأنهم لا يناقشون ، ليتحروا الحقيقة ، و الموازنة بين فكرة وأخرى ... و ترجيح التي يتأكد صدقها...
بل يطلقون أحكاما ذات طابع مطلق ، و فيها اتهام و شتائم و ...
و غير ذلك.و هذا سلوك يمثل انحدارا ، وله نتائج سلبية على أصحابه لدى الآخرين( تكوين انطباع او موقف ...).
- طبعا ، الصلة منقطعة بين القول و الفعل ( تاريخ السلوك، او السيرة). و هذه مشكلة ثقافية شائعة للاسف،
في تصوّري:
تمر حالة ثقافة كوردية ( سياسية خاصة ) في ظروف منهجية غلب الانفعال و الاهواء فيها ... و تقود الى احتمالات مقلقة ، و ربما مخيفة. لاسيما ان الذين يتبعون هذه المنهجية بعيدون عن القضايا التي يقتحمونها ، و لا يعانون من احتمال انعكاسات سلبي. على حياتهم ( المهاجرون خاصة).
هذه المنهجية المتعثرة تستهلك وقتا و جهدا في صراع داخلي لا جدوى منه ، بل له آثار سلبية على العلاقات الداخلية البينية...
و تشكيل صورة سلبية لدى الآخرين ، فضلا عن تشتيت قوى تسهم في تأسيس منظومة ثقافية عامة على اساس القومية / الوطنية.!
هناك قول مأثور معناه:
تكلم بخير ، أو اصمت فذلك خير .

تم عمل هذا الموقع بواسطة