1 قراءة دقيقة
جاء الأتراك إلى منطقة الشرق الأوسط في أربع مراحل :

‏‎Jawad Aumary‎‏


جاء الأتراك إلى منطقة الشرق الأوسط في أربع مراحل :
1) الحملة الأولى : جاءت من المعتصم بالأتراك !
2) الحملة الثانية : كانت بغزو السلاجقة (قبائل الترك الأوغوز = الترك الغزية)
3) الحملة الثالثة : الغزو المغولي بقيادة هولاكو حفيد جينكيزخان
4) الحملة الرابعة : كانت بإجتياح تيمورلان (تمرلنك)
وهذه هي الحقيقة التاريخية للحملة الأولى " المعتصم بالأتراك "


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏لا يتوفر وصف للصورة.


المعتصم بالأتراك

ولما انتشر خبر المنصور أبي جعفر في مقتل الناصر أبي مسلم بالغدر والخديعة ، فقد أبو جعفر مصداقيته (شرعيّته) بسبب خيانته لوصية إبراهيم الإمام وإنحرافه عن الدعوة العباسية ، وصار منبوذا (وسمي بأبي جعفر الغدّار) في خواراسان وخوارزم وتاورستان وغيرها من الجبال ، واضطربت الأهالي ، وأدانت غدر أبي جعفر وإستنكرت جريمته في قتل الناصر أبي مسلم ... وبرزت الطائفة التي تدعى بالمسلمية القائلون بأبي مسلم وإمامته (وأن أبا مسلم لم يمت ولن يموت حتى يظهر فيملأ الأرض عدلا) ... فيما إتهم أبو جعفر الأهالي (المدنيين) بالخروج عن طاعته ورفض خلافته الإسلامية والإنحراف إلى الباطنية ... وأدى هذا التصعيد إلى إنتشار الإضطرابات حتى بلغت حالة التمرّد بظهور فرق الكوردكية والشهجانية واللودشاهية والتي سميت فيما بعد بالفرق الهوارّية (فرق الإنقاذ) في بلاد الرّي (آري) وأذوربيجان وأصبهان(هاسباخان= بيت الفرسان) وأرض الران وكرج أبي دولف (كركى بافى دولاوا = تل أبي الولدين) وموضع البرج المعروف بالرّد والوارسنجان ثم في بالاّ(مرتفعات) سيروان والصيمرة(سى ميرى) وآريوجان والبدنين (بادينان) وقرى وضياع كثيرة في بلاد ماسبدان ثم بلغت خوارسان وخوارزم وغيرها من الجبال ... وإجتمعت الفرق الهوارية بقيادة رجل يقال له باسنفاد من مدينة نيسابور يطلب بدم أبي مسلم ، وكثر جمع باسنفاد بمن حوله من أهل الجبال وتاورستان وخواراسان...ولما وصل خبر باسنفاد إلى أبي جعفر ، سرّح إليه عشرة آلاف رجل وتلاه بالعساكر ، وإلتقوا بين همدان وآلرّي ، وإقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل باسنفاد ، وولى أصحابه ، وسبى منهم سبايا وذراري كثيرة ...
هكذا بدأ عهد أبي جعفر(754 م ــ 775 م) الملقّب بالمنصور، وهكذا تميّز الخلفاء العباسيون بالألقاب عن الأمويين، وصارت الألقاب تنتقل من خليفة إلى آخر... ثم ورثه إبنه المهدي ، وكانت خلافته 10 سنوات ، أي في الفترة 775 م ــ 785 م ، ويقال أن المهدي كان يأكل كثيرا ، حتى أنه مات مسموما في قطائف أكلها بقرية رودين بأرض الران في بلاد ماسبدان والسيروان ...وورثه إبنه موسى الهادي ، وكانت خلافته سنة واحدة وثلاثة أشهر لأنه مرض وثقل في العلة حتى مات في العام 786 م ... وإنتقلت الخلافة إلى أخيه هارون الرشيد بن المهدي الذي كان معتدلا وميّالا إلى الراهواندية(أبي مسلم) ، وكانت خلافته 23 سنة ، وهي فترة العصر الذهبي ( 786م ــ 810 م) للخلافة العباسية . غير أنه ، لما مات هارون الرشيد ، إشتدّ الصراع بين أنصار الناصرأبي مسلم والمنصور أبي جعفر ، و إزداد الحقن حتى الفرز بين أولاده : حيث بايع أهل بغداد(الموالين للمنصور) إبنه محمد (الأمين) في بغداد ، بينما بايع أهل خوارسان وتاورستان (الموالين للناصر أبي مسلم) إبنه عبد الله (المأمون) في مدينة مرو . وقام الأمين (تيمنا بجده المنصور) بإعلان الحرب على أخيه المأمون ، وردّ المأمون بالمثل ، وإستمرت الحرب بينهما حوالي سنتين ، حتى دخل جيش المأمون بغداد ، وتم قطع رأس الأمين وإرسال الرأس إلى المأمون في مدينه مرو .. وأمر المأمون بنصب رأس المخلوع على خشبة في صحن الدار ، وأعطى الجند ، وأمر كل من قبض رزقه أن يلعنه ، فكان الرجل يقبض ويلعن الرأس ، فقبض بعض العجم عطاءه ، فقيل له إلعن هذا الرأس ، فقال : لعن الله هذا ولعن والديه وأدخلهم في كذا وكذا... من أمهاتهم ، فقيل له : لعنت أمير المؤمنين وشتمته ! وذلك بحيث يسمعه المأمون منه ، فتبسّم وتغافل ، وأمر بحط الرأس وردّه الى العراق فدفن مع جثة المخلوع ... وكانت خلافة المأمون في الفترة (810 م ــ 832 م) وهي دون شك استمرارية العصر الذهبي للخلافة العباسية ...وبينما كان المأمون يحارب الروم (جنوب ــ غرب تركيا حاليا)، ونزل على عين البديدون المعروفة بالكاشيرى ، فوقف على العين ومنبع الماء ، فأعجبه برد مائها وصفاؤه وحسن الموضع وكثرة الخضرة ... ويقال أن البرد أصاب صدره من الماء الشديد البرودة ... ويقال أن فراشيه اصطادوا سمكة بطول الذراع ، ولما تذوق منها ، أخذته رعدة من ساعته ...ويقال أن المعتصم (أخو المأمون) دسّ إليه من يسمّمه (عندما علم أن المأمون كان ناويا على أخذ البيعة لإبنه العباس) لأن المأمون صار يرتعد كالسعفة وهو في سكرات الموت ، وكان يظهر من جسمه عرق كالزيت أو كلعاب الأفاعي ، وقضى من ساعته .... وخطف المعتصم (أخو المأمون) الخلافة بعد وفاة المأمون على عين البديدون ، واسمه محمد بن هارون ، وكان بينه وبين العباس بن المأمون في ذلك الوقت تنازع في المجلس على الخلافة ... وبعد ذلك ، أعجل المعتصم في مسيره إلى بغداد ، وحبس العباس بن المأمون وشيعته حتى مات العباس بن المأمون في هذه السنة ... ولما وصل خبر المعتصم بغدره وجرائمه مع المأمون وإبنه العباس ..إضطربت الأهالي من جديد في خواراسان وتاورستان وغيرها من الجبال ، وقامت الثورة الهوارية بقيادة بافكى هوارى (بافكى المنقذ = أبو الإنقاذ ) أو بابك الخوارمى ...وأدرك المعتصم ضعفه أمام الثورة الهوارية ، فصار يجمع الأتراك ويشتريهم من أيدي مواليهم ، فإجتمع له أكثر من أربعة آلآف ، فألبسهم أنواع الديباج ، وأبانهم بالزي عن سائر جنوده ...وهنا تكمن الطامة الكبرى لأن المعتصم هو أول من أدخل الأتراك إلى بغداد ، وهو أول من دلّ الأتراك على المنطقة . وكان المعتصم يشتري الأتراك خدما وعبيدا له وحرسا لسلطته ، وصار يستقوي بهم ، لكن تبيّن فيما بعد أنه ، لن يبقى الأتراك خدما لخلفاء المسلمين ، وإنما صار الخلفاء خدما للأتراك ومطية لهم ولعبا في أيديهم ...وذلك ، إبتداء من غدر باجا (الصهر) الكبير وباجا (الصهر) الصغير بقتل الخلفاء بالسيف والسمّ حتى صار الخليفة خادما لدى الأتراك ... هكذا جلب المعتصم هؤلاء الأتراك الغرباء من أقاصي الصين ، وإستقوى بهم في سلطانه ، وهكذا دقّ المعتصم مسمار الموت في نعش الخلافة الإسلامية ، وهكذا دفن المعتصم الحضارة الإسلامية في قبر الإنحطاط ...وهكذا مهّد المعتصم الطريق لغزو الأتراك الزاحفين على المنطقة من هولاكو إلى تيمورلنك (تيمورلان) إلى العثمانيين... وللعلم ، يشمل الموطن الأصل للأتراك سهولا واسعة تقع شمال ــ غرب الصين (حاليا) ، وتسمى سهول " أوي كور" الممتدّة حتى منغوليا (حاليا)،وهذه السهول شبه الصحراوية هي مقرّهم الأول...والأتراك كانوا بدو رحّل في هذه السهول القاحلة .

تم عمل هذا الموقع بواسطة