1 قراءة دقيقة
برسم الإدارة الذاتية الديمقراطية

سوف نجد حلا ، أو سنصنع واحدا ...(هانيبال)
في بداية التسعينات ، نجح التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ، بتحرير دولة الكويت ، وإخراج القوات العراقية منها مهزومة مدحورة ، فأراد صدام حسين التغطية على هزيمته المنكرة ، بتحقيق نصر عسكري على الكرد المنتفضين عليه ، عله يعيد بذلك لنفسه بعض الإعتبار في الداخل المحتقن ، فكان أن هاجمهم بكل ترسانته العسكرية ، متسببا بهجرة مليونية ، وضعت الحلفاء أمام مسؤولياتهم الأخلاقية ، فقاموا بفرض منطقة حظر للطيران فوق المدن الكردية ، أجبرت صدام لاحقا لسحب إداراته من المنطقة ، لتكون هذه العملية نواة لتشكيل إقليم كردستان العراق الحالي ...
لم يكتف التحالف الدولي بذلك ، بل فرض حصارا إقتصاديا خانقا على العراق ، عقوبة له على طيش حاكمه الأرعن ، صاحب المغامرات الفاشلة ، دفع الشعب فيه فاتورة باهظة ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ، وفاة أكثر من مليون طفل عراقي ، بسبب منع دخول الغذاء والدواء ، لكن مايهمنا هنا في هذا السرد التاريخي ، هو كيف واجهت حكومة الإقليم الناشئة وقتها تبعات الحصار المميت ؟ هل بحثت عن حلول ، تخفف بها من غلواء الحصار على شعبها ؟ أم وقفت متفرجة عاجزة ، رابطة مصيرها مع المركز ، عل السماء تمطر معجزة فيه ، كأن يرق قلب التحالف الدولي لصراخات أطفال العراق ، أو يقوم ضمير الرئيس العراقي فجأة بتعذيبه ، فيتخلى عن الحكم طواعية ، وينهي بذلك مأساة الملايين من شعبه ؟
أتذكر وقتها إن الإقليم قام بفك الإرتباط الإقتصادي مع المركز المتهالك ، فبنى إقتصاده الخاص ، الذي إعتمد على النفط ، فقام بالتعاقد مع بعض شركات النفط العالمية ، بمنأى عن موافقة بغداد ، ليصدر عن طريق الصهاريج إلى الجارتين تركيا وإيران ، ولاننسى تصدير المحاصيل الزراعية ، عدا عما كان يدره معبر إبراهيم الخليل وغيره من المعابر من أموال طائلة ، كما قام الإقليم بمنع دخول الدينار العراقي ، الذي طبعه النظام في بغداد دون رصيد ، على إعتباره عملة غير شرعية ، مكتفيا بالإصدار القديم منه المطبوع سويسريا ، فكان الدينار العراقي في كردستان ، أغلى بكثير من ذلك الموجود في بغداد ، خاصة إذا قورن مع سعر صرف الدولار ، كل هذه الإجراءات لم تكن كافية ليعيش شعب الإقليم في بحبوحة ، لكنه على الأقل كان جنة ، بالنسبة لباقي أجزاء العراق الأخرى ...
برسم الإدارة الذاتية الديمقراطية ، التي تأسست بدماء الألاف من الشهداء الكرد ، فردت الجميل لعائلاتهم عبر تجويعها وإذلالها ، عندما عجزت عن إيجاد الحلول لهم ...

تم عمل هذا الموقع بواسطة