1 قراءة دقيقة
الفدرالية وعقدة السلطة

بعد عقد كامل من الصراع البيني في سوريا ، وتجربة كرد العراق الفدرالي ، لا زال العقل العربي يرفض الحلول التواففية التي يراها غير العربي حلا لمعضلة السلطة والحكم ، و لأن الدولة الوطنية لم تنشأ أساسا حتى نقر بفشلها ، تناولت العديد من الوسائل الإعلامية خبراً مفاده بأن الجامعة العربية " ترفض الفدرالية " التي "ينوي الكرد " الإعلان عنها ، أو يطالبون بها كحل ضمن الجغرافيا السورية ، وعضوية سوريا فيها مجمدة " أصلا "...؟!
وتجربة الفدرالية لكرد العراق تمر بمرحلة جديدة منذ 2003 و ما تلاها من مواقف متشنجة في قضية الاستفتاء الذي أجري في 2017 وكانت نسبة من صوت لصالح الاستقلال حوالي 93% وإن كانت النتيجة غير ملزمة و انعكاسات عملية الاستفتاء وإعلان حرب ضد الإقليم الفدرالي دستوريا الذي كان الشريك الفاعل في الحرب ضد داعش ،  وسياقات ما جلبت من مواقف ضمن حلبة الكبار عالميا ، وترتفع الأصوات الآن للعودة إلى الدولة المركزية في اتخاذ القرارات،  ظهر ذلك جليا في الشد والجذب حول قضية الاقتراض والمديونية في البرلمان العراقي "مجلس النواب" في جنح الظلام؟!
الجامعة العربية ذاك الجسم الذي ولد ميتاً  بالأساس ، رغم أنه متجذر تاريخياً ، قبل الكثير من الكتل الفاعلة على الساحة العالمية حاليا (قبل ولادة الأتحاد الأوربي ) فهي تخوض في قضايا لا تملك أدنى شروط شرعيتها وصلاحية تنفيذها ، وتاريخها يشهد بأنها لم تكن تحمل أيّة بصمة في حل القضايا المصيرية التي كانت تتطلب وجودها وشرعنتها ، وفي العهد القريب جداً  ( أحداث حرب الخليج الثانية "غزو العراق للكويت" وما تلاها ) من أحداث ساخنة ومصيرية في حياة الشعوب القاطنة في " الجغرافيا العربية " لأنها تعكس واقع "الدولة القُطرية العربية" التي أضحت واقعا ولا يمكن القفز فوقها ، ولا تملك حق القرارات الملزمة ، فقراراتها توافقية "مساومات " بين الانظمة للمحافظة على سكونية المشهد  هي جامعة لللحكام والسلطة العربية " وليست " جامعة للشعوب العربية "  ويمكن تقصي ذلك في ذاكرة " الفرد العربي " ...
فماذا سنتوقع منها كشعوب غير " عربية " تعيش على الجغرافية العربية ، وبصورة أوضح هي إنعكاس/ للنظام الرسمي العربي / لا يؤمل منها ما يعكس حق الشعوب في تقرير مصيرها ، هي في قيمتها الرقمية " صفر شمالا  " وهي من حيث قراراتها " وآلية خوضها في القرارات المصيرية عموماً " لا تُساوي قيمة الحبر الذي تكُتب به
الجغرافيا العربية من المحيط إلى الخليج مليئة بالاشكاليات ووتيرتها في تراكم مخيف ( الفقر - التطرف الديني - الأقليات العرقية والدينية - الديمقراطية حقوق الطفل و المسنين و المرأة - البيئة ) وغيرها الكثير تحتاج لحلول جذرية
و لأن آلية التعامل معها هي تأجيل تلك المشاكل  والتفنن في تطبيق سياسة الهروب إلى الأمام "القمة" لا لأن النية غير موجودة ، إنما البنية المؤسسية لا تساعد في إتخاذ قرارات فهي مسلوبة الإرادة فاقدة الصلاحيات ؟
فهل ستكون لهذه المؤسسة بصمة في أي حلّ قد يلوح في الأفق لتلك الإشكاليات السياسية والاجتماعية  والثقافية والاقتصادية ، أم أن القضية هي في تسجيل موقف للتاريخ كلما إلتم شملها ، بعد أن سلب دورها" الشرفي" من أطراف أكثر فاعلية ونفوذا على خارطة " الأقوياء " ...؟!

تم عمل هذا الموقع بواسطة