"التربية هي الحياة، وليست إعدادا لها "
مقولة مربٍّ -اظنه أمريكي -لا يحضرني اسمه ، وكانت تمثل مدرسة تربوية من بين عدة مدارس -كنا ندرسها في دار المعلمين بالحسكة بين عامي 1967-1970 .
في السابق -ولا يزال ذلك عمليا - كانت الفكرة تعريض التلميذ لكل صنوف التعب والتلقي المعرفي "التلقيني " غالبا، من اجل إعداده ليعيش حياة أفضل.
لكن صاحب هذه النظرية رأى رأيا مختلفا . إذ قال ما معناه :
الحياة قصيرة ، وليس فيها ما نضحّي به ،فلنعش الحياة في مراحلها المختلفة ،ولتكن التربية هي ان نعيش الحياة ونتعلم خلالها. شاركه هذه النظرة على مستوى الفكر السياسي شخصيات عديدة منها ، غاندي،وابراهام لينكولن...
من الناحية النظرية تبدو الفكرة خيالية ،لأن توفير ظروف عيش التلاميذ في المدارس بحيث تكون وفق مقومات الحياة يبدو بعيد المنال ..لكن بعض الدول استطاعت أن تحقق الكثير منها . (على الأقل وفرت فرصة العيش بحرية وتنمية الطاقات الطبيعية /الفطرية دون معاناة). -كما نفعل نحن في بلداننا ...وزادت السياسة (والسلطات ) "في الطنبور نغما " كما يقال . فقد حولت -ليس المدارس وحدها ، بل الحياة كلها ،اعدادا لخدمة النظم والسلطات ، ولم يبق للحياة معنى طبيعيا ،بل العمل من أجل هذه النظم والسلطات ونظرياتها التصورية ،واخضاع البشر للتجريب بصرامة ذات طبيعة امنية وعسكرية ...
هل هذه هي الحياة؟!
تذكرت الفكرة فيما كنت في حديقة الدار اتسلى بالعمل فيها ، وفي لحظة طلبت "القهوة مع الحليب ،ارتشفتها بشيء من الشهية تحت شمس ربيع ثمينة وممتعة يسمونها في الغرب ، "السباحة في أشعة الشمس " وهم محقون.
ففضلا عن الفائدة الصحية للتعرض لأشعة الشمس هناك الشعور -او الاحساس- بالاستمتاع أيضا.
تذكرت أن لي (عمّاً )في المستشفى، يعاني من مشكلة صحية -وقد اصبح أفضل والحمد لله- لكنه في مراحل عمر تكاد تشير الى نهاية قريبة .وأعني هنا ، أن كل واحد منا ينتظر هذه النهاية قريبا ام بعيدا نسبيا .فتساءلت:
ترى هل نحن نعيش الحياة بمعناها الصحيح؟
الا نتسبب بخلل في الحياة ، عندما نتدخل فيها بطريقة فجة ، تحت عناوين القومية والوطنية والانسانية والدين والسياسة و...الخ.؟!
ليت كل واحد منا فكر لحظات من حياته ليفهم معنى الحياة ودوره فيها ...!