قصة للأطفال، اليوم في مجلة ماجد الإماراتية. يَدُ الأُم أحمد إسماعيل إسماعيل رافق خالد أمه إلى السوق لمساعدتها في حمل لوازم العيد. كان السوق مزدحماً بالناس وهم ينتقلون من مماكن إلى آخر، حاملين أكياساً ممتلئة بالحلويات والألبسة الجديدة، وكانت أصوات الباعة تعلو في كلّ مكان. تنقلا من مَحَلٍ إلى مَحَلٍّ، واشتريا كثيراً من الأغراض، وفجأة، وقف خالد أمام واجهة محلّ كبير اصطفت خلفها كرات مختلفة الأحجام، وألبسة رياضية، وزاغت نظراته وهو يتذكر: لقد وقف هنا حين كان طفلاً صغيراً، وراح يتأمل بحسرة وشوق ما في داخل المحلّ من أحذية وكرات مخططة، ويتخيل ارتداء الأحذية، ويركل الكرات، كما يفعل أبطال الكرة في الملاعب. تذكر أنه، وبعد مرور وقت غير قصير من الوقوف أمام هذه الواجهة؛ إنه لم يكن وحيداً، وأنه كان برفقة أمه، ألتفت خلفه، جال ببصره حوله بحثاً عنها، فلم يجدها، فراح يناديها بصوت باكٍ، ويركض خلف نساء يرتدين رداءً شبيهاً بالرداء الذي كانت تلبسه أمّه، ويتشبث بأيديهن، ثم سرعان ما كان يبتعد عنهن عندما تلتفت نحوه المرأة التي تشبث بردائها ويشاهد وجهها الغريب، ليعودَ إلى الوقوف إلى جانب المحلِّ، ومناداة أمه بصوتٍ باكٍ كان يضيع وسط ضجيج السوق. ولقد حاول بعض المارة هناك؛ تهدئته ومساعدته، ولكنه لم يكنْ يرد عليهم سوى بمناداة أمه: (ماما، أريد ماما) وما أن ظهر وجه أمه وسط الجموع، وأشرق مثل بزوغ الشمس في الصباح، حتى كاد يطير من شدة الفرح، فانطلق نحوها بسرعة البرق، وألقى بنفسه في حضنها، وقبض على يدها بقوة. ضحك خالد من تلك الذكرى البعيدة، وهو يفرك عينيه كمن يستيقظ من حلم. وأحس بالحنين لملامسة يَدَ أمه مرَّة أخرى، فألتفت خلفه ليمسكَ يدها، ولكنه لم يشاهدها، فشعر بالضيق والخوف، وبدأ يبحث عنها بين النساء المارات أمامه. ثم سرعان ما انطلق يبحث عنها وسط الزحام وهو يناديها كطفل، وحين وجدها واقفة قرب واجهة محلِّ الحلويات، جذب يدها بلهفة وقبَّلها، استغربت أمه ذلك وقالت له ممازحة: - لم تعدْ صغيراً يا ولدي، فلا تخفْ من الضياع. لم يرد، وكان يوَدُ أنْ يقول لها: حتى الكبير يضيع عندما يُفلت يَدَ أمه. ولكنه اكتفى بمسك يدها، وسار بها نحو البيت بسعادة وفرح.