ورقة العشائر في مهب السياسة....
لنبدأ من نهاية العهد العثماني فقد كان الولاة يدعمون زعماء العشائر ويمنحونهم القابا ودعما ماليا ويمدونهم بالأسلحة لضمان ولائهم وتمتين سيطرة الإدارة المركزية عليهم،
لكن خلال الحكم الفرنسي لسوريا ١٩٢٠/ ١٩٤٦ تراجعت مكانة العشائر وبقيت في انحدار حتى فترة الوحدة بين سوريا ومصر ١٩٥٨ /١٩٦١ حيث ألغى جمال عبدالناصر (قانون العشائر) الذي كانوا يحصلون بموجبه على الإمتيازات الإنتخابية والإقتصادية، وحتى عهد حافظ الأسد ١٩٧٠ تم تهميش دور زعماء العشائر وابعادهم عن الحياة السياسة ،كما كل المجتمع ،
وفي عهد بشار الأسد وتحديدا في عام ٢٠١١ التفت إلى العشائر، حيث قام بدعوة بعض الشيوخ ووجهاء وشخصيات العشائر ،ودعاهم لدعم موقفه، والوقوف إلى جانبه،
في ايلول٢٠١٧ كان اللقاء التشاوري بين العشائر الذي عقد في القاهرة ،وانبثق عنه(المجلس العربي للجزيرة )فقد كان ذو صبغة عشائرية مع شخصيات مدنية وفي نفس الوقت كان دهام الجربا يعلن من الداخل السوري عن تشكيل قوات (الصناديد) وكذلك أعلن عن (مجلس صلح العشائر)المدعوم من قوات سوريا الديمقراطية،
دور تركيا كان واضح في جمع العشائر حيث عملت على تجميع كتل العشائر المعارضة والمحسوبة على الثورة السورية في كيان موحد، فكان المؤتمر العام للمجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية في إسطنبول في أوائل ٢٠١٧ ، وقد ظهر بيان لهم في اواخر ٢٠١٨ من مدينة اعزاز كان داعما للعملية العسكرية للجيش التركي في شمال شرق سوريا ،والوقوف مع تركيا ضد (وحدات حماية الشعب الكوردية )و(حزب العمال الكوردستاني) وقد أصبح لهم مكتب في ولاية عنتاب بهدف تنظيم العلاقات مع تركيا والتواصل مع الأصدقاء في أوربا والعالم العربي ،ثم تلاه مؤتمران آخران لممثلي عشائر المعارضة الداخلية في ريف حلب وإدلب بعد بضعة أيام،
ثم كان مؤتمر العشائر السورية ضد التدخل الأجنبي والأمريكي في الداخل السوري في حزيران ٢٠١٨ برعاية النظام السوري حيث حضره ٧٠ عشيرة وقبيلة وكان في (دير حافر)بريف حلب ،وخرج البيان الختامي بتشكيل وحدة مقاتلة ضد وجود امريكا وفرنسا ،
وكذلك مؤتمر في( آثريا )جنوب الرقة حضرها عشائر وشخصيات مساندة للنظام وشخصيات معروفة عشائرية من العراق ،العشائر الموالية لإيران وخرج بيانهم مساندا للنظام ورؤاه،
ثم في أوائل ٢٠١٩ قام النظام بالتحضير لمؤتمر حضره ١٥٠٠ شخص ،معظمهم من المناطق التي هي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وقد عقد في ريف حماة، وكان بيانهم في ١١ نقطة عاكسا لرؤا النظام، وبعد ٤ أشهر قوات سوريا الديمقراطية تدعو لمؤتمر في ريف الرقة بعين عيسى تحت شعار(العشائر السورية تحمي المجتمع السوري وتصون عقده الإجتماعي )،
سارع النظام بتخوين المؤتمرين وقال عنه(التقاء العمالة والخيانة والارتهان )ووصفه بأنه يهدف بوضوح إلى تقسيم البلاد وينتهك بشكل صارخ مبادئ الأمم المتحدة المعلنة للحفاظ على وحدة أراضي وسيادة الدولة في الجمهورية العربية السورية بما في ذلك تلك المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ ،
حتى روسيا اتهمت امريكا بإستخدام الكورد في شمال شرق سوريا لدعم خططها في البقاء طويلا لأجل ما يقوض مسار (استانة) السياسي.
اذا جميع الأطراف تجذب نحوها ورقة العشائر كوسيلة لكسب مناطق جغرافية والتأثير في توازنات القوى وتغير خريطة النفوذ في سوريا.
لكن العشائر فقدت مكانتها القديمة وليس لها ذلك الوزن، فقد أصبحت كيان رمزي وربما كان له دورا محدودا اجتماعيا..فالفكر العشائري تراجع كثيرا لمصلحة الفكر السياسي الوطني ،على إختلاف برامجه أو رؤاه الأيديولوجية