1 قراءة دقيقة
07 Jul
07Jul

شمس عنتر

هشاشة الأحلام
الماء اهون موجود ,وأعز مفقود
ذو الرمة....
إنه الصيف بأوج حرارته ,حتى تظنه بث تجريبي لجهنم , فسياط لهيب الشمس يلفح الوجوه لدرجة شويها , لكأن الشمس تنوي الهبوط في ديارنا مع عائلتها , في تموز السهول الواسعة في جزيرتنا تبدل ثوبها الأخضر الناعم بأصفر خشن عادةً ,لكنها هذه السنة لبست الأسود حداداً على السنبلة المحروقة ,
مالت الشمس للمغيب وتضائل قرصها رويدا ,رويدا حتى تسرب بعض الإعتدال إلى الجو وخيم الظلام,
عمران يتقدم قطيعه، و قد تمكن التعب منه يمشي و يتكئ احيانا على تلك العصا الغليظة التي لم يعد يقوى على رفعها ليهش بها نعاجه الثمانية عشر ،لكنه عندما شارف على الاقتراب من البئر، اسرع الخطى , فالعطش كاد يقضي عليه، خمن إنها في انتظاره ، فصرخ فاطمة: اسحبي الدلو بسرعة لقد نفذ مني الماء منذ سبع ساعات...اكاد اختنق عطشا،
لكنه لم يسمع ردا ،
-فاطمة هل الأحواض ممتلئة ؟ النعاج عطشى ,
وصل البئر ولم يجدها , فتوجه من فوره إلى البيت وهو يصرخ ،تاركا القطيع عند البئر,
دفع الباب الخشبي المهترئ ،وسحب فاطمة من شعرها وجرجرها خلفه حتى غاصت بالوحل المتشكل حول البئر.
حاولت المسكينة الوقوف وهي تترنح ، فتلقت صفعة قوية جعلتها تتأرجح، وحين حاولت أن تتماسك مدت يدها للحبل المتدلي ، لكنها فقدت توازنها وسقطت في البئر.
وعمران يصرخ ، لكنه جمد فجأة ، ثم بدأ يلطم وتابع الصراخ لكن بنبرة مختلفة ,تجمع أهل القرية وهم يوبخونه على فعلته وامضوا الليلة كاملة في اخراج جثة فاطمة ، ودفنها في الصباح ،اخذوا عمران الى ذلك المخفر التعيس حيث حُبس رغم إنه كان قد جنٓ تماما ، وأخلي سبيله بعد شهور واعُتبر الحادث قضاء وقدر وهكذا أصبح اسمه (عمران البئر) لأنه بقي ملازماً للبئر يسحب الدلو ويفرغه لكل من يردّه ، حتى إذا لم يطلب أحد كان يسحب الدلو ممتلئا ويعيد افراغه في البئر مرة أخرى وهكذا حتى يخيم الليل فيعود إلى بيته الرطب لينام بتلك الثياب المبللة.
_ عمران ،عمران استيقظ يبدو انك غفيت وتركت صبور الماء مفتوحاً , كان اليوم مناوبتك لمراقبة الماء وملئ الخزان ،لقد استفقت على صوتك كنت تصرخ ,انظر طافت الماء وبلل كل الفرش ,أنظر لثيابك كيف لم تشعر؟
_ كم الساعة الأن ؟ يا إلهي انها السابعة سنتأخر عن الدوام ،فاطمة اتركي كل شيء واعدي لنا الشاي .
-حاولت كثيرا أن اوقظك البارحة كنت تصرخ ، البئر ، الدلو، النعاج ، وتصرخ باسمي مؤكد كنت تحلم ؟ قل لي بمن كنت تحلم ؟
ـ عزيزتي . سنتأخر , أعلم إنها لن تتركني بسلام قال هذا في نفسه ......حسنا كنت أحلم بك طبعا ,
ـ حقا ...وكيف كان قصه علي ,
ـ لا شيء يستحق أرجوك ، الوقت ضيق عندما نعود من الدوام سأقصه عليك
_لكني مصرة أنا اسمع منك الأن ،
_ اوفا منك حسنا ,كنت احلم بأنني اشتري لك هدية عيد زواجنا الثامن عشر ،
ـ ماذا ...؟ هدية ....يا أ لهي منذ متى لم تشتري لي هدية ؟ ماذا كانت الهدية بالله قل لي ,
ـ كانت خروف أو نعجة...هيا ،هيا اتركي الأولاد نائمين ولنذهب الى الدوام جيد أن الخزان امتلئ ، فلن تأتي الماء قبل أربعة أيام .
.ـكم أنا سعيدة اليوم لن أنام حتى تحضر لي الهدية...خروف ! نذبحه واطهه أو ربما اشويه , أو اطبخه مع البرغل وندعو أهلي ...هنا صرخ عمران: و هو يمشي بين الفرش البلل بالماء ,فاطمة كان يجب أن اشبعك ضربا بتلك العصا ثم أرميك بيدي هاتين في البئرومن ثم اردمه وليموت الناس من العطش كفى ، كفى,تأخرنا كثيرا,

تم عمل هذا الموقع بواسطة