آزاد حراً... و عوالم التحليق نحو الشمس...
(مقاربة أولية بين نصوص سوزان العبود و ميشيل ترامبليه)
عبدالوهاب بيراني
روعة التناص.. و عمق التخاطر الابداعي في عملين ادبيين، ابداعيين، يمتلكان عنصر الدهشة و قدرة الحلم و التصوير....
اولهما للكاتب الروائي الكندي ميشيل ترامبليه في عمله الروائي "مدينة في بيضة" و الذي يعد من أولى الروايات الخيالية في الأدب الكيبيكي (نسبة لأقليم كيبك في كندا).
و تأتي الرواية بحثا عن تناسق جديد للعالم و بحثا عن الزمن المفقود في الحقيقة،.. رغم بناءها الاسطوري فأنها تمتزج بواقعية الإنسان و أنماط تفكيره، فالرواية تظهر قوة الحلم و الاسطورة وفي قدرتها على قيادة الوعي و العقل إلى اتجاهات اكثر تحررا، و اتساعا،.
و تظهر بأن البشر لا يزالون بحاجة إلى الأساطير لمتابعة الحياة و مساعدتهم للعيش بطريقة افضل،
و يأتي العمل الثاني للكاتبة و النحاتة السورية سوزان العبود من خلال مجموعة قصصية بعنوان "آزاد" (ازاد باللغة الكردية تعني الحر) و تظهر قصة "ازاد" كنص يبحث في حرية الروح قبل حرية الجسد و عن قدر الحلم في ركوب أجنحة الحرية و الانطلاق نحو حياة اكثر جمالا.. فأزاد " الطائر الناصع البياض فرد اجنحته القوية واقفا على حافة النافذة.. الحد الفاصل بين الظلام و النور.. يحلق بعيدا نحو الشمس.." بهذه الكلمات العميقة تنهي الكاتبة سوزان العبود الحكاية، و التي تتقاطع تناصيا و بشكل تخاطري و دونما معرفة سابقة منها بعمل ترامبليه الذي يقول أيضا" منبثقا من أعماق العالم العظيم الاخر، جناحاه الرائع ان الشفافان المنشورات إلى اخرهما يتألقان بالف نار،..... انسل بهدوء تحت جنح الليل... متوجها نحو مجموعة من النجوم، الكوكب الأزرق الصغير للغاية، الواحة، العش.".
و اذا كان ترامبليه يروي حكاية مدينة كاملة مسجونة داخل بيضة، فأن سوزان العبود تروى حكاية سجين داخل أسوار سجن انفرادي يحلم بالحرية...، و تسبقه روحه الحالمة و أفكاره إلى فضاء الحرية و عالمها المضيء، و لازال الحلم يطير خارج جدران السجون المظلمة و الرطوبة إلى عالم بهي و نقي.. نحو الحرية و الشمس.
عبدالوهاب بيراني
سوريا / الحسكة
18/3/2020

