الطفل الذي يلف اللفاح حول رقبته يبحث بعيونه نحو اليسار حيث جموع النسوة في نقطة تفتيش النساء، لم يقطع امله بعد بالبحث عن امه. مازال يتذكر تلك اللحظة عندما كان يتظاهر بالنوم في حضنها، كي يبقى معها، لكنهم انتزعوه تحت تهديد السلاح وسط صياح الام. انه يعرف امه وان كانوا قد البسوها النقاب الاسود، انه يعرفها من قامتها، من مشيتها، من رائحة دموعها. منذ اربع سنوات وعيونه تتمرجح بين أمرأة وأخرى لعله يراها من جديد ..
الطفل ذو الجاكيت باللون الزهري. ان هذا الجاكيت هو في الحقيقة لاخته التي تكبره بخمس سنوات، كانت تغطيه بجاكيتها في ذلك المهجع البارد لتحميه من البرد. ذات يوم فاق من النوم ولم يجدها. لقد ساعده القدر ان يحتفظ بجاكيتها منذ اكثر من اربع سنوات ..
الطفل الذي في الوسط يتجمد نظره في الفراغ وهو يتذكر شنگال ويريد ان يسأل ماذا حدث لها، يسأل ولسان حاله يقول: "خذوا مني طفولتي واتركوا شنكال كما هي". انه يسأل فيما اذا كان سيزول رائحة البارود من انفه، ويعيد اليه من جديد رائحة خبر الصاج، الذي كانت تخبزه امه في زاوية حوش بيتهم الطيني. انه يسأل، هل بامكانه نزع الجلباب القصير ويلبس عوضاً عنه تريكو كرة القدم ويلعب مع اصدقائه في بيادر القرية.
الطفل ذو السترة الزرقاء يفضل السكوت، لا يتحدث ولا يريد التحدث. منذ ان قتلوا اباه امام عينيه وهو مصاب بداء الصمت. لقد قتل قاتل ابيه بصمته ونظراته الحادة .منقول.