قراءة للكاتبة و الشاعرة خولة بلكايلة في
<< القصيدة التي كتبت بلسان مقطوع أو ميثاق الضجر >>
ملحمة شعرية اختصرت كل الكلام ولم تدع شيئا يتوجب قوله إلا وتطرقت إليه ، ملحمة جامعة لم تغفل أي حدث مهم يستحق الذكر إلا وأتت به مقيدا مجرورا إلى أبياتها
بداية بخلط تراب كان السبب الرئيس في إنتاج البشرية جمعاء ونهاية بوجع الاوطان والقيامة .
وكانها لخصت المؤلف الكبير البداية والنهاية لابن كثير ولكن بمصداقية اكثر ودون تحيز وبلغة شعرية لا تدع للضجر مكانا رغم ادعاء الكاتب انها ميثاقه ،حتى أنها لم تغفل وهي تعجن الأديم ، الماء واللون والإشارة ، بلاغة الكتابة النثرية والشعرية والإشارات الصريحة المعنى الخفية الإفصاح إشارات ذكية مقنعة ، أتت على أدق التفاصيل دون ركاكة الصراحة اللفظية المبتذلة فهنا نقرأ ( الحب هو أن لا تبقى وحيدا ....
او هو : مزاولة الأجزاء مهنة تصويت الأعضاء
لإبرام شراكة بين الأفئدة
الحب وحيدا صواب ناقص )
لم ينكر وجود الحب في الوحدة ما يجعله يذكر جميع انواعه بالتفاتة واحدة ويتطرق الى النوع الذي اختاره لموضوعه بسلاسة دون اغغال طرائقه المتعددة ، دلالات قطعية الثبوت جميلة الإفصاح عن المفهوم دون السقوط في رداءة الكلام ...وأنت تسبح في الملحمة بعد عجنك والنفخ فيك مرورا بخطيئتك ثم تمردك في إختيار انثاك ليتطور الأمر لقتل اخيك حتى لا تجبر على الانتظار...تجد نفسك أمام واقعك الآدمي ووجها لوجه مع تقلباتك تناقضاتك والأدهى وجها لوجه الكلمات المتجهم كلمات تعنيك أنت وربما أكثر من قابيل وتعني بالأخص الكردي الجدير بالربح والمتفنن في الخسارة.
(.الكردي ولي الله في تمكين حكم الغير )
وهناعند هذه الجملة ستجد عقلك يصرخ بك مالذي تعرفه عن تاريخ الاكراد ؟ إذن فاقرا فانك لم تقرأ
لتأتي بعدها مطالبة أخرى باماطة اللثام عن المغزى
(هوية الكردي من ميلادها حتى هلاكها ترافق اللغة المنفية في الهوية )
ويتبادر إلى ذهنك السؤال بغثة لم استعمل الشاعر هنا لفظة الهلاك لا الموت ؟
نعم الكردي يهلك قبل أن يموت أو بالأحرى يهلك لا يموت فالهلاك قد يتحصل دون موت ، وأي لغة هنا منفية في الهوية؟ ومن الاجدر بالمنفى ؟ ومن المنفي عمليا الهوية ام اللغة ؟ هذا الجواب ابحث فيه في الفتوحات قد يحالفك الحظ في التوصل لجواب مقنع أما الحصول على جواب شاف فلن تجده أبدا.
.تتوه بك عبقرية الشاعر مرة أخرى بعد توهان حواسك في البلاغة التي تصور المشاهد بحروف رقمية متجاوزة في السرد أعتى الكاميرات رقمية وتمكنا لنقل الحدث فتجد نفسك أمام مغزى خفي يصرخ بذهنك
انا المقصود :
( انا الطفل الناطق
انا الرجل المرفوع
انا الكهل الموعود )
نعم أنا لم تخطئني ولم يشر إلى الكاتب العبقري عبثا دون ذكر ركيك ولا تلميح مستهلك إشارة ممتنعة وليست سهلة إلا على متمكن فصيح يشير دون سبابة إلى المعنى فيتجاوز البلاغة ويصيب الفصاحة في حروفها وملتها لنسج صور غير مبهمة وقد نسج الإله نفسه ، حكايات بدلالات أشد ابهاما وهو الإله لكن القصيدة فكت لغزها.
ولأن قراءة واحدة لا تكفي وفي مثل هذه الملحمة تكاد لا تنتهي سأختم هنا وكلي ادراك بتقصيري وقصر نظري في جمال هذا الديوان المبهر الذي جعل فكري يضيق بين طياته وكأنه يصعد في السماء ، ساختم بحكمة جاءت على لسان المبدع الجميل
(الأوطان لا تجوع إلا إذا تنحى عنها منسوبها
ومن يهبها قربانا
وبطون الأوطان لا تجوع
إلا إذا اعتزلت البذار الدفن في ضميرها
جسد الأوطان لا يعجز
إلا إذا عبث في أوطان الآخرين صغارك
أيها الوطن .)
وستبقى القيامة عاطلة عن العمل مادام شاعر مثلك تنبض انامله بالشعر ماءا يطفئ نارها وبلسما يقينا شر العذاب .
خولة بلكايلة