1 قراءة دقيقة
02 Nov
02Nov



تفضل العب دورك.
تتكرر هذه العبارة في كثير من الأحيان، وذلك حين يُطلب من الكاتب أو الفنان .. أو المثقف أن يلعب دوره في الحياة السياسية، أو الوطنية والقومية عامة.
إضافة لتجمعات أخرى :"مدنية" "ثقافية" اجتماعية.. والتي تكرر العبارة نفسها:
العب دورك .
ويستخدم الكثيرون من الأفراد العبارة نفسها مع المعني بالثقافة.
عن غيرة، أو عن ضيق بما فعل الساسة. ساسة أو حزبيون.
وعندما يستجيب المبدع لهذه الدعوة. ويبدأ باللعب معهم. سرعان ما تبدأ الاحتجاجات على أدائه غير المرضي، واتهامه بصفات كثيرة:
انتهازي. ثرثار. مغرور. كثير النقد.
لينتهي الأمر بالفشل.
أين تكمن المشكلة؟
من وجهة نظري. وقد لا أكون صائباً تماماً. إن الدعوة خاطئة تماماً.
ومكمن الخطأ في أن دعوة المبدع عامة، تكون للدخول في لعبة هي بالأساس ليست لعبته؛ لعبة لا يتقنها: لعبة الأحزاب، لعبة العلاقات الاجتماعية. لعبة الجمعيات المدنية، الخيرية. التعاونية ..
وذلك لأن الدعوة له تكون للمشاركة في ما هو منجز. للدعم. للتجميل. للتفعيل. لا للنقد أو التبديل أو الرفض. الدور المرسوم له ضمن هيكيلة معينة. ومنظومة خاصة ومحددة، كعضو لا كمثقف له خصوصيته.
فلا اللعبة لعبته، ولا الدور دوره.
ولذلك تأتي النتيجة عادة تبادل اتهامات وعداوات بين الطرفين وقطيعة.
باعتقادي دور المثقف غير ذلك تماماً.
وأنا أقصد هنا المثقف الحقيقي. أو على أقل تقدير: المبدع والكاتب والمعني بالشأن الثقافي. لا الذي يزعم إنه كذلك أو المدعي بذلك. وما أكثر هؤلاء.
لعل دور المثقف الأساسي يكمن في طرح الافكار والبحث عن الحلول لمشكلات المجتمع. ونشر القيم الثقافية الجادة.
وثمة من استطاع أن يجمع بين الحزبية والعمل الثقافي الجاد. وهؤلاء الكبار قلة في المجتمع الغربي. ونادرة في مجتمعنا.
وبين الثقافة والنشاطات الأخرى.. وهذا عمل يستحق التقدير. وهم أيضاً قلة.
غير أن من ينسى دوره كمثقف ويزاحم السياسي بحجة الوطنية. فليس بمثقف. بل باحث عن شهرة ومكانة.
أسارع إلى القول، وكي لا يساء فهمي، إن هذه الكلمة ليست بقصد عزل المثقف عن التواصل مع مجتمعه وابعاده عن قلب الحدث. فقد فعل مثقفون كبار ذلك. وخاصة في الغرب.
وهذا رائع، غير أن مشاركة هؤلاء كانت بصفتهم مثقفين.
وتعاملوا مع الحدث بعقل المثقف. أثناء الحدث، وبعده.
لعل أس أزمتنا ثقافية.
وخراب دوراتنا الدموية سببها غياب الفعل الثقافي الجاد والعميق.
فالعقل خير إمام
ودين العصر هو دين العقل.
فالعين غير المثقفة لا تحسن التسديد حتى لو كان المقاتل شجاعاً.
والحزب الذي يفتقر إلى ثقافة وفكر ليس سوى تجمع بشري وقبيلة.

تم عمل هذا الموقع بواسطة