1 قراءة دقيقة
25 Nov
25Nov

ارتمت في أحضانٍ من سراب.
علقت الأماني على شجرة من ضباب.
سلكت دروباً منسية.
سكنت غيماً انتفض، لتقطر منه في قلب بحرٍ هاج موجه ...قتلتها ملوحة الُعباب….إنه الحب!أكسير الحياة. لحن الخلود. طرق باب الروح، فانتفض الجسد للقائه .الروح التي هجرتها النوارس بعد أن توفي زوجها تاركاً لها أطفال صغار، و أعباء وهموم لا تنتهي ،تعبٌ وكد، سهرٌ وحرمان، سنوات شبابها ذوت كشمعةٍ ترحل وهي تنير فضاء من حولها، كبر صغارها وهجروا عشها ليبنوا أعشاشهم على شجرة الحياة ، وبقيت هي في مهب الذكريات، تمر عليها الأيام والسنون إلى أن حط القلب رحاله عند نبضه الأول، فدبت الحياة في روحها، وعادت بها الأمواج لشواطىء الأمل.
لم يكن قد تزوج بعد مرور كل هذه السنوات. زهد في حبها .يحيى على ذكراها .التقت العينان مصادفة وطال عناقهما، وحلقت روحهما للقاء الأول، فعاد الزمان بهم زمناً إلى القبلة الأولى والسكرة الأولى ،أزاح عن رأسها الوشاح الأسود ،فتناثرت خُصيلات الشعر على صدره مستسلمةً لأنين أصابعه ،همساتُه تهطل على شقوق روحها العطشى، لتبدأ الحياة بالتسلل إليها، فاخضّرت أغصانها ،ونبتت في القلبِ براعم تفتحت أزاهيرا على خدها، وسالت على جذعها قطراتُ الندى، فعبقت بالحياة، وانتشرت ربيعاً تتراقص فراشاته على دقات قلبها، وعاد للعيون بريقها ،وللضحكة غنجها ،وللصوت عذوبته ،تستنشق أنفاسه فيرتد عنها شلال رياحين يملأ الكون عطراً، وأخذت تسرق من الأيام لحظاتٍ تمضيها معه، تعيش كل ثانيةٍ منها عمراً كاملاً، وكل ماحان الوداع يأبى قلبها فراقه حتى اللقاء التالي عادت دونه لمنزلها منتشيةً بضحكات الحب والسعادة كنهر فاض في جريانه ،صدمتها نظرات أولادها الذين كانوا ينتظرونها داخلاً، نظرات رفض واستنكار لربيع أزهر في روحها ،وانهالت عليها سياط اللوم فهي خلقت لتكون أمّا وأمّا فقط ،فإما أن تكون تلك الأم أو لا تكون أبداً ،سهام كلماتهم أصابت روحها فدخلت غرفتها،غابت لساعات ،الى أن خرجت عليهم بوشاحها الأسود، عارية من كل أوراقها التي تساقطت في مدافن الذاكرة ،وبابتسامة شاحبة ،سألتهم :ماذا تحبون أن أعد لكم على العشاء؟!!!!

تم عمل هذا الموقع بواسطة