1 قراءة دقيقة
مذكرات زوجة رجل فيلي

فايزه بازرگان



مذكرات زوجة رجل فيلي :

- .
ذات نيسان توارت الفرحة عن نظري وفي زمن تفنن في تعذيبي لانزف حزناً ....
كل ليلة اتلوى من مخاض عسير لا ينجب غير وجع ذكرياتي وقبل ثمان وثلاثون سنه حين داهمت قوة من الجيش والشرطة منطقتنا في مدينة الكوت واخذت النساء والشيوخ والاطفال واحتجزتهم في بناية احدى المدارس ، بغية تسفيرهم خارج الحدود بتهمة التبعية كذريعة للتهجير اجحافا وظلما بشريحة عراقية اصيلة لا ذنب لهم سوى انهم كورد .
الحملة شملت اغلبية اهالي المنطقة منهم زوجي ووالديه واخته وولديى
توسلت اليهم باسم الله ان لا يفرقونني عن اولادي لكنهم رفضوا طلبي طلقوني قسراًمن زوجي لاني احمل الجنسية العراقية
انحنيت اقبل احذيتهم وانا اتمرغ في التراب وهم يرفسونني حتى اختلط الدم بالترا ب الذي انثره على راسي وهول الكارثة افقدني صوابي اقضم شفتي باسناني وعيناي مخضبتان بالدمع ونار الفراق تستعر في قلبي تأكل فرحتي وشبابي كجهنم لا تكتفي و تطلب المزيد من سعادتي تارة البس ثوب الارملة واخرى اتبخر بعطر الثكالى و كل كلمات المواسات لا تعزيني ولا تصمت نحيب صيحات قلبي المفجوع ، هرعت الى شارع النهر في بغداد حيث محل اخويه لكن المحل كان مختوما بالشمع الاحمر وقال لي اصحاب الدكاكين الاخرى اخذوا الفيلين الى السجن . اي سجن ؟ لا احد يجاوب اما خوفا او حقيقة لا يعرفون .وقفت ادقق في الاحذية والحقائب في المحل تراءت لي ذكرياتي الجميلة وقبل خمس سنوات حينها كنت اتعامل مع اخوه صاحب المحل على سعر حذاء اعجبني بلغة عربية ركيكة وهو واقف يتاملني باعجاب وعلم من لهجتي اني كوردية وقال لي بلهجة كوردية جميلة خذيها آموزا ( اي بنت عمي ) بالسعر الذي تريدينه
اعجبني لكنته وقال لي انتم اكراد الشمال ونحن اكراد الجنوب نظرت اليه بدهشة وقال يسموننا بالكورد الفيلين ازاح دهشتي وهو يستطرد قائلا ضاع انتماءنا بين حروب العثمانيين والصفويين فلا ايران تعترف بنا ولا دولة العراق تجنسنا ونحن عراقيون منذ القدم ،
كان صوته جميلا اخاذا جعل الحب ان يعقد قلبينا وتزوجنا وتركت كركوك وعشت في الكوت حيث اهله وانجبت كرار وبعده عمار .
رجعت الى الكوت خائبة كجرار مكسور خر ماءه وقفت عند باب لمدرسة علني احظى بخبر منهم
او بصيص امل فاذا بالحارس يقول اقتلعوهم الى خارج الحدود وقد صودرت كل اموالهم المنقولة وغير المنقولة بحثت عن ابناء عمومتهم لكني وجدتهم قد غيروا قوميتهم وانتموا الى بعض العشائر خوف التسفير ولم يفيدونني بشيئ .
 جعت الى كركوك حافية وبدون خفي حنين تاركة الثراء والبيت الكبير ومعمل النسيج والدكاكين المملوءة بشتى البضائع مطلقة قسرا واطفالي بمصير مجهول  تسليتي الوحيدة اذهب كل سنة وفي مثل هذه الايام الى الكوت واشعل شموع الحنين في حدائق نصب الشهيد الفيلي وانتظر انصهارها ومن ثم انطفاءها وأتابع نورها يصعد مع انيني الى السماء



تم عمل هذا الموقع بواسطة