لنقتدي بصفات وأخلاق قادتنا العِظام..
تحدث المناضل صالح اليوسفي (رئيس تحرير مجلة شمس كوردستان) بالتفصيل عن الحادثة الإجرامية التي تعرضت لحياة البارزاني في مجلة (شمس كوردستان) في يوم 29 أيلول 1971، ثم أشاد بموقف الزعيم البارزاني وقال والدي: ((حقاً كان البارزاني رائعاً وعظيماً في جرأته وهدوئه وضبطه للنفس وتصديه للإجتهادات والآراء العاطفية والأفكار الإنفعالية المتجهة لتأزم الأوضاع، إذ كان يتحمس لتوفير أجواء السلام وتفتح آفاق فرصها فكان يشع من أحاديثه نصائح القديسين وحكمة الفلاسفة ودهاء عظماء التاريخ حينما قال: (لو كانت الموآمرة حققت أهدافها بقتلي فقد كانت وصيتي الأخيرة لإبناء شعبي أن يكرسوا جهودهم للحفاظ على السلام والأخوة العربية الكردية، لإن مصلحة الشعبين الشقيقين وكل الأقليات في العراق متوقفاً على ذلك وبه نتجنب المآسي وكوارث أقتتال الأخوة.. فكانت كلماته القيمة هذه تفعل في النفوس مفعول السحر وتخمد لهيب العواطف المتأججة).
ويذكر أحد الصحفين مقالة بعنوان (حكاية من الماضي القريب صالح اليوسفي الكوردي النبيل...)قائلاً: شاهدت اليوسفي عقب حادثة إطلاق النار على موكب أدريس البارزاني ببغداد عام 1971 وهو يرفض التصريح لمراسلي الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية عن الجهة التي تقف وراء الحادث الغادر وعندما قلت لهُ إنها فرصة لتفضح مخططات الزمرة الفاسدة وتآمرها على القضية الكوردية ورموزها الوطنية.. ردّ اليوسفي عليّ: إن هذه الزمرة لا يفيد معها التصريحات الصحفية فسرعان ما تنفي ذلك، إنها تريد جرنا إلى معركة غير متكافئة، دعونا نعالج الأمر بحكمة..)، ويذكر نفس الصحفي في موقف آخر: لعب كاك صالح دور حمامة السلام بين كلالة وبغداد، وسمعته ذات يوم وهو يعنف عبد الوهاب الأتروشي محافظ أربيل حينذاك لأن الأخير أدلى بتصريحات إلى إذاعة بغداد (لم تذع طبعاً) ينتقد فيها سلوك السلطة وتصرفاتها.. فطلب منهُ اليوسفي ألتزام حدوده كموظف في الحكومة وترك الموضوع للسياسيين لبحث الأمور والقضايا المتعلقة..
أخوتي الأفاضل ليس لديّ سوى أن أقدم لكم هذه النصيحة الأمينة من عظمائنا العمالقة في السياسة ومن خلال مواقف الزعيم ملا مصطفى البارزاني والمناضل القيادي الشهيد صالح اليوسفي..
فمن خلال موقف أحد الضباط الذين أعترض على حمل علم كوردستان في مقبرة رفات ضحايا الأنفال.. برأي كان عليه أن يكون أكثر حكمة وتعاطفاً مع الموقف ويقدر المشاعر لكون الموقف حساس ومحزن ومؤلم، وتملك أهالي وذوي الضحايا العواطف والمشاعر أمام تلك الجريمة البشعة وأمام رفات أقاربهم وذويهم.. وإنهم رفعوا العلم لأجل الإعلام ليكون واضحاً أمام الإعلام أن الضحايا هم من الشعب الكوردي.
إخوتي الأفاضل لاحظت عدة منشورات ترد الند بالند من خلال هذا الموقف..! لذا أرجو أن تغلب الحكمة على مشاعركم من خلال موقف طارئ لأحد الضباط الشباب ولا تمنحوا موقفه وزناً ولا تكبروا المشكلة.. خاصة ونحن نقدر موقف أهالي مدينة السماوة الكريمة الذين أكتشفوا هذه الجرائم والمقابر الجماعية وأحتفظوا بها في ذاكرتهم كل هذه السنوات، والذين ساعدوا الطفل (تيمور عبد الله) حينها، الناجي الوحيد من حملة الأنفال تلك، الذي أستطاع الهروب وهو مصاب إلى أن وصل إلى إحدى قرى مدينة السماوة.. فتولت عائلة عربية من محافظة السماوة (السيد حسين) رعايته والأهتمام به دون علم النظام، وظل تيمور في رعايتهم عدة سنوات مكرماً معززاً وعاملوهُ كأولادهم، قبل إعادته إلى كوردستان بعد الأنتفاضة.. هذه هي الإنسانية والشهامة والرجولة إخوتي الأفاضل لنكون جميعاً على قدر تلك المسؤولية والأخلاق والصفات الحميدة.. وإن نشر التهديد والوعيد والمواقف السلبية ليست من عادتنا فلنتمثل بأخلاق وصفات قادتنا المناضلين..
كما أرجو من حكومة الأقليم جمع كل ما تبقى من حاجيات الضحايا في متحف تاريخي خاص.
زوزان صالح اليوسفي
(1)كلمة الأفتتاحية في مجلة (روزى كوردستان - شمس كوردستان) - العدد 5 - صفحة 7 - 1971.