1 قراءة دقيقة
الشهيد صالح اليوسفي الحلقة 112_ 120

الحلقة: الثانية عشر بعد المائة


بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

أحداث عام 1979 (الجزءالرابع).تولي صدام حسين لرئاسة العراق في 16 تموز/ يوليو 1979. إن تولي صدام حسين لزمام الحكم في البلاد لم تكن مفاجأة للشعب العراقي، حيث كانوا يدركون أنه يمارس هذه السلطة منذ تنصيبه نائباً للرئيس في نهاية عام 1969، وإن تسنمه لمنصب رئاسة عام 1979 كان لها تأثيراً بالغاً لا على مستوى العراق ولا على أبناء شعبنا الكوردي فقط، بل كان لها تأثيراً أقليمياً وخارجياً، فقد أنطلقت في عهده سلسلة من قرارات وحروب ونكبات، وما زال لحد الآن يتجرع الشعب العراقي إفرازات هذه الأحداث والحروب ونتائجها الوخيمة، ولا بد من العودة قليلاً إلى الوراء لكي يتوضح أمامنا الخطوات التي أدت إلى تولي صدام لحكم العراق والإطاحة بالرئيس أحمد حسن البكر، رغم التصريحات حينذاك بأن الرئيس البكر أعلن تنحيه وتخليه عن الحزب ومنصبه بسبب أوضاعه الصحية، بينما أجمع العديد من الشخصيات السياسية التي عاصرت تلك الفترة بأن الرئيس البكر أجبر على تنحيه للحكم مرغماً.بعد إنقلاب 1968 بدأ صدام حسين يخطط نحو هدف السبيل إلى قيادة الحكم في العراق بكل حذر وتأني، خاصة والكثير من العوامل والظروف ساعدته في ذلك، حيث كان لميشل عفلق (مؤوسس حزب البعث) الدور البارز في إبراز صدام على الساحة السياسية منذ بدايات الستينيات، إضافة إلى أعتماد وثقة الرئيس البكر به وفتح المجال أمامه في تنفيذ وتطبيق أغلب القرارات في البلاد، فأزاح صدام العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية من طريقه حين كان يشعر بأية رائحة خطر من أية شخصية بعد أن أصبح نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ومسؤول للأمن الداخلي، فأحكم سيطرته على كل الأجهزة الأمنية، وزدادت قوته شيئاً فشيئاً وبرز مع بداية السبعينيات بعد ترأسه لمفاوضات أتفاقية 11 آذار 1970 بين القيادة الكوردية ونظام بغداد ونسب إلى شخصه نجاح هذه الأتفاقية رغم دور عبد الخالق السامرائي الرئيسي فيه، وحين قرر البكر عقد معاهدة تعاون وصداقة مع الأتحاد السوفيتي عام 1972 كان صدام على رأس زيارات هذه الأتفاقية والمعاهدة، فبدأ يسيطر على كافة القرارات السياسية التي تعلنها العراق، منها إخفاق نجاح هدنة الأربعة سنوات بعد أتفاقية آذار وأندلاع حرب 1974، ثم القضاء على الحركة الكردية المسلحة في كوردستان العراق بعد أتفاقية الجزائر في آذار 1975، وفي خريف 1978 دعى الدول العربية إلى مؤتمر قمة بغداد 1978 أثر أتفاقية كامب ديفيد وزاد طموح صدام حين أعلن عن حملة قوية ضد مصر وأتفاقية كامب ديفيد لكي يبرز نفسه على الصعيد الوطن العربي والخارجي، وكان الهدف الأساسى من حملته هو طرد جمهورية مصر من جامعة الدول العربية، لأن خروجها قد تؤدي إلى ترشيح العراق لهذا الدور، وهكذا بدأ نجم صدام يتصاعد وأخذ يمارس السلطة كما لو أنه الرئيس الفعلي للبلاد، وأدرك البكر ذلك ولكن بعد فوات الأوان..! فتوسع دور صدام بعد سيطرته التامة على الحزب والأجهزة الأمنية والمكتب العسكري، وأصبح هناك جماعتين على الساحة السياسية العراقية إحداهما موالية للرئيس البكر والأخرى موالية لصدام، فأدى هذا الوضع إلى قلق صدام وبدأ يخطط كيف يتخلص من جماعة البكر ومن منافسه القوي عبد الخالق السامرائي الذي كان لديه رغم أعتقاله العديد من مريده ومحبيه، وكان السامرائي ذو شخصية تتسم بمحبة وأحترام الأغلبية نظراً لتواضعه وزهده، وكان من أكثر الموالين والمشجعين لحل القضية الكوردية حلاً سلمياً، ويذكر د.هادي حسن عليوي: ((عبد الخالق السامرائي كان أكثر البعثيين تفهماً للحقوق الكردية المشروعة وله علاقات متميزة مع الأكراد وقال عنه مصطفى البارازاني: (عبد الخالق السامرائي حمامة السلام.. أينما حطً حط السلام معه.. وكان له الدور الأكبر في اتفاق 11 آذار 1970بين الحكومة والحركة الكردية.))) وكان السامرائي من أقرب الشخصيات الحزبية لوالدي ولم يتوانى عن تحقيق أمر يطلبه منه والدي فيما تخص قضيتنا أو من خلال إنقاذ المساجين السياسيين من أسرهم أو من أحكام الإعدام(1)، وكانت العديد من الشخصيات السياسية على الصعيد العربي تحاول فك أسره، حين أعتقله صدام بحجة ضلوعه في مؤامرة ناظم كزار في نهاية حزيران 1973، وقد صرح علي حسن المجيد في الندوة الحزبية في قاعة الخلد في تموز 1979:((إن المؤامرات لن تتوقف مادام عبد الخالق حياً(2)) فأعدم عبد الخالق بعد 7 سنوات من السجن الإنفرادي المشدد مع جماعة محمد عايش.حين حدث تقارب بين العراق وسوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 1978 أثر معاهدة كامب ديفيد(3) قرر البلدان أن يكونا ساحة واحدة لمواجهة العدو بعد أن وقعت مصر أتفاقية السلام مع أسرائيل، فبدأت الأتصالات بين القيادتين السورية والعراقية، وأتفقا على توقيع ميثاق العمل القومي وتشكلت الهيئة السياسية العليا برئاسة الرئيسين العراقي والسوري وعضوية كبار المسؤولين في البلدين، وأزداد التصميم بين البلدين حول هذه الخطوة حين جرى مؤتمر قمة في بغداد في تشرين الثاني/ نوفمبر 1978 وكان من المفروض البدء في توحيد الدولتين على مراحل، حيث أتفق الطرفان في المرحلة الأولى على تشكيل مجلس رئاسة دولة الوحدة برئاسة حافظ الأسد ونائبه أحمد حسن البكر، وتشكيل مجلس وزراء يضم وزراء من القطرين إلا أن تأخير موعد إعلان الوحدة، كان يؤكد وجود خلافات بين قيادة القطرين، وأتضح فيما بعد أن صدام حسين لم يكن راغبا في قيام الوحدة، لأنه سيصبح الرجل الثالث في دولة الوحدة، وهذا يتنافى مع طموحه السياسي للأستيلاء على مقاليد السلطة في العراق(4) فأستطاع صدام في صيف 1979 من بسط سيطرته وأجبر البكرعلى تقديم أستقالته، وأعلن في تموز/ يوليو 1979 من مؤتمر قاعة الخلد ببغداد في مشهد دراماتيكي وهو يذرف الدموع عن إكتشاف مؤامرة مزعومة دبرها الرئيس حافظ الأسد مع مجموعة من الشخصيات العراقية القيادية البارزة، فتم إعدام العديد من أعضاء القيادة بدعوى تعاونهم مع النظام السوري في المؤامرة(5) فشدد صدام قبضته على الحكم بعدة قرارات جديدة. رأي والدي حول هذا الحدث.. أود هنا أن أشير وحسب ما أتذكر عن تلك المرحلة من الأحداث التي أصبحت حديث الساعة في كل بيت، كان حينها لوالدي وجهة نظر خاصة حول هذا الحدث الذي أستمر طوال صيف عام 1979، فقبل تولي صدام لرئاسة الحكم وقبل الإعلان عن المؤامرة، كان يبدو والدي وكأنهُ كان يتوقع تغيراً مهماً سيحدث على الساحة السياسية مثل الإنقلاب..! وهو يترقب بحذر ببعض الأمل المشوب بالقلق..! أتذكر بعض من الآراء والتوقعات التي كان يتداولها مع والدتي حول هذه المرحلة والأحداث، فكان يصرح لها: سوف يحدث تغيراً قريباً في العراق وأأمل أن يكون نحو الأفضل من أجل قضيتنا.. في الحقيقة لا أعرف هل كان هذا التوقع من والدي حسب تحليله الشخصي وبعد نظره للأمور السياسية وتتبعه المستمر للأخبار والأحداث.. أم أنه سمع شيئاً من شخصٍ أو شخصية ما..؟!! في الحقيقة الله أعلم، ظل والدي يترقب الأحداث وهو يشم رائحة تغيير قادم قريباً.. وفي يوم إعلان البكر عن تنحيه للمنصب.. أصاب والدي بخيبة أمل جراء فوز صدام وهو يعلم بمدى نفوذه وشخصيته حينذاك، حيث كان يأمل في تحقيق بعض التغير من خلال خطوة نجاح الوحدة مابين العراق وسوريا وجماعة البكر، فلو كان قدر الله وحدث فوز جماعة البكر وتحرير عبد الخالق السامرائي من أسره لكونه أكثر الشخصيات تفهماً للحقوق الكردية المشروعة، ومع وجود أمثال محمد محجوب الدوري الذي كان يقدر والدي أشد تقدير..، فكان حسب تحليلات والدي بأنه كان سيكون حينها نتائج وخطوات أفضل بكثير نحو حل مشرف لقضيتنا، ولا شك كان سيكون لوالدي حينها دوراً مهماً ورئيسياً لتحقيق الكثير بالنسبة لقضيتنا المصيرية.. ولكن شاءت الأقدار بنجاح صدام وتوليه للحكم وإزاحة كل من وقف أمام طموحه وتصفيتهم وأصبح الرجل الأول بدون منازع فكان شعارهُ الويل لأي معارض... يتبعمصادر وهوامش:  (1)يذكر الأستاذ بير خدر: المناضل العتيد صالح اليوسفي عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني لفترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين ومن أحد أبرز مؤسسي الحركة الإشتراكية الكوردستانية، كنت للفترة من أعوام 1970/1973أشاهده عندما يحضر الأمسيات الثقافية التي تقيمها جمعية الثقافة الكوردية في بغداد حيث كان يشغل مهام رئاسة الجمعية حينذاك، إضافة إلى رئاسته لإتحاد الأدباء الكورد، ومسؤولية الفرع الخامس للحزب الديموقراطي في بغداد، ألتقيته ربيع عام 1973 في مقر الوزارة في بغداد حين كان يشغل مهام وزير الدولة قصدته طالباً منه التدخل لدى السلطة للإفراج عن مجموعة من مناضلي الحزب الديموقراطي الكوردستاني المعتقلين في بغداد إثر أحداث باشيك، حيث كان من ضمن المعتقلين شقيقي (پیر خلیل) بعد ترحيب المناضل صالح اليوسفي بي رفع سماعة الهاتف ليتصل بالسيد (عبدالخالق السامرائي) وقال لي: ليس بيدنا غير هذا فهو ضمير البعث (يقصد عبد الخالق السامرائي) ليستفسر منه عن مصير الموقوفين.(2)مضت سنوات وعبد الخالق في زنزانته ولفق أسمهُ مرة أخرى عن مؤامرة جديدة على صدام على أساس يقودها الرئيس حافظ الأسد وعدنان الحمداني ومحمد عايش وعبد الخالق السامرائي، وهنا ينهض علي حسن المجيد أبن عم صدام حسين ليقول: أن الحزب وقيادته وسلطتنا لن يكتب لها الإستقرار الإستمرار طالما عبد الخالق حياً يرزق.. فيمد صدام أصبعه إلى شعرة شاربه ويقول: إخذه من هذا الشارب..! ونفذ فيه حكم الإعدام رمياً بالرصاص، موسوعة ويكيبيديا.(3)أتفاقية كامب ديفيد للسلام التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في 17 أيلول/ سبتمبر 1978 في كامب ديفيد وشهدهما الرئيس جيمي كارتر.(4)وحدة العراق وسوريا 1978 - ستار تايمز.(5)يذكر صلاح عمر العلي:(( صار صدام حسين رئيساً للجمهورية بعد إزاحته أحمد حسن البكر من الحكم في أجتماع ثنائي فرض عليه الاستقالة، ففوجئوا أعضاء القيادة وأعترضوا على أستقالة البكر مطالبين بتأجيلها، وهو ما أعتبره صدام مؤامرة ضد طموحه، من هؤلاء محمد عايش ومحيي الدين الشمري وغانم عبد الجليل وعدنان التكريتي ومحمد محجوب الدوري، وأعدموا فيما بعد خلال قائمة من 54 أسماً في مؤتمر قاعة الخلد بتهمة التآمر مع سوريا للإطاحة بالبعث العراقي.. )) صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي أختفوا بعد إجتماع قاعة الخلد - الأء فائق - الشبكة العراقية.




الحلقة: الثالثة عشر بعد المائة

أحداث عام 1979 (الجزءالخامس).

بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

وحدة الحركة الأشتراكية الديمقراطية الكوردستانية مع اللجنة التحضيرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني.كان والدي يحث الجميع على وحدة الصف من خلال رسائله وإرشاداته كمرجع عرك الحياة السياسية والنضالية أكثر من أربعة عقود من خلال تاريخه النضالي الطويل والشاق، ولا يستطيع أي حزب من الأحزاب الكوردية أن ينكر هذه النصيحة الأمينة من والدي بعد نكسة 1975 في بث روح الوحدة والتكاتف والأبتعاد عن أقتتال الأخوة، ولم يكن والدي يطمع يوماً لا بالسلطة ولا بالجاه بل كان كل همه لم شمل الجميع وإعادة نضال الحركة التحررية والمطالبة بحقوق شعبه المشروعة.وعن أستمرار رسائل والدي لقادة الأحزاب بعد النكسة يشير د. محمود عثمان عن رسائله قائلاً: (( وعندما كان في بغداد كان يكتب الرسائل لكاك رسول ومام جلال وقاسملو ومسعود وأدريس، وكل أسبوع كانت تأتي إلينا رسائل طويلة وكبيرة منه، وكان هذا يشكل خطراً كبيراً على حياته..(1))).عدا الحركة الأشتراكية للأسف لم تكن هناك آذان صاغية من أي حزب حول إرشادات ورسائل والدي الداعية للألفة والمحبة والسلام، فكما هو معروف بعد نكسة 1975 تعددت الأحزاب والحركات، فكل حزب يدعوا إلى أستقلاليته في خططها ومنهاجها وكلٌ يعتبر نفسه هو الأولى في القيادة، كما جاءت في الآية الكريمة (كل حزبٍ بما لديهم فرحون(2)) وكل جهة تحاول السيطرة وفرض آرائها وقيادتها على الساحة السياسية بكل قوة حتى لو تطلب الأقتتال فيما بينهم وهدر الدماء..! وبتحريضات الدول الأقليمية. خلال صيف 1979 أستطاع والدي جمع شمل الحركة الأشتراكية الديمقراطية مع اللجنة التحضيرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وقبل أن نتطرق إلى هذه الوحدة لابد من الأشارة إلى هذه اللجنة التي شكلها وقادها د. محمود عثمان، فمن خلال حوار الأستاذ الإعلامي شيرزاد شيخاني مع الدكتور محمود عثمان في إحدى المقابلات. سأل الأستاذ شيرزاد شيخاني الدكتور محمود عثمان: ما كان الهدف من تشكيل اللجنة التحضيرية..؟ أجاب د. محمود عثمان:(( نحن كنا اللجنة التحضيرية، عدنا إلى الجبال في تشرين الثاني 1977 وبقينا فترة قريبين من الأتحاد الوطني الكردستاني داخل كردستان، والقيادة المؤقتة كانت داخل إيران ومناطق تركيا، اللجنة التحضيرية لم يكن هدفها الأساس تشكيل تنظيم أو الأستمرار كتنظيم، هدفها الأساس كانت هناك مجموعة من كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني لم تكن راضية عما جرى بانهاء ثورة 1974 - 1975 فقاموا بحركة معينة وكتبوا الأفكار التي لديهم في بيانات وأصدروا كراساً شرحوا فيه تفاصيل ماجرى، وأشاروا إلى أتفاقية الجزائر وماقبل الأتفاقية وبعدها، وفي نفس الوقت أنتقدوا القيادات على ما فعلته والتصرفات التي حدثت لأنهم كانوا ممن يؤيدون بقاء حركة الكردية في الداخل وشن حرب عصابات، هذا كان الهدف، ولم يكن الهدف جمع الناس وتشكيل حركة، لهذا وعندما رأينا إننا قريبون من الحركة الأشتراكية التي أنفصلت عن الأتحاد الوطني وكانت أفكارنا قريبة من البعض فأتحدنا معهم في الحزب الأشتراكي..)).خلال هذه الفترة من عام 1979 كانت تجري محاولات الدكتور محمود عثمان لإتحاد اللجنة التحضيرية مع إحدى القوتين، أما مع الحركة الأشتراكية بزعامة والدي وقيادة رسول مامند في المناطق المحررة، أو مع الأتحاد الوطني بقيادة مام جلال، وذلك لتعزيز مركزه كمناضل شارك في نضال الحركة الكوردية منذ نهايات الخمسينيات، وقد أشار الدكتور محمود بأنه لم تكن لدى اللجنة التحضيرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني قوة مسلحة حين شكلت، وأي نضال ثوري لا بد أن يرافقه قوة مسلحة للضغط على الحكومات المستبدة في وقت الحاجة من أجل نيل الحقوق كما هو معروف، وقد كانت حينها لدى الحركة الأشتراكية والأتحاد الوطني قوات مسلحة، فكان د. محمود متردداً في البداية ما بين (الحركة الأشتراكية والأتحاد الوطني) وبعد إجرائه عدة حوارات بين كلا الجبهتين، قرر أخيراً الإنضمام للحركة الأشتراكية الكوردستانية، وبتاريخ 8 آب/ أغسطس 1979 ومن خلال مؤتمر للحركة توحد الجانبان وتأسس الحزب الأشتراكي الكوردستاني الموحد وأختير والدي وبشكل سري سكرتيراً للحزب من خلال مؤتمره.أرسل والدي رسالة بهذه المناسبة من بغداد إلى رفاقه مباركاً لهم هذه الخطوة الكبيرة وأوضح لهم من خلالها آرائه في بعض الجوانب الفكرية والسياسية، ونبه رفاقه في الحزب والأحزاب الكوردستانية الأخرى إلى ضرورة الأبتعاد عن الأخطاء والشعارات الرنانة والأستفادة من الأخطاء الماضية، ومن خلال هذا الأتحاد بارك والدي في رسالته قائلاً:(( نبارك دمج الحركة واللجنة وكنت من الداعين لذلك بحرارة منذ مدة كما لا يخفي لديكم بيد أنى لم أطلع على بيانه التأسيسي وتأسيس الحزب بعد الدمج مع الأسف الشديد سوى نبذة عابرة من حامل الرسالة...(3)))وأضاف والدي: (( كان من الأفضل حسب نظري تسميته بالحزب الاشتراكي الكوردستاني دون الحاجة بأضافة كلمة الموحد وإبقاء هذه التسمية معلقاً لحين إنعقاد الكونفرنس (مؤتمر) الأول للتصديق عليه من عدمه حيث هناك العديد من الكوادر يحبذون إتباع تسمية الحزب الديمقراطي الكوردستاني المحبب لدى جماهير الشعب والذي كان له زخم هائل من التراث النضالي لشعبنا في تعبئة الثورية وإن التحريفات والنكسات التي ألمت به وبشعبنا لم يكن ناتجاً عن سبب تخلف نهجه ومبادئه وأهدافه بل بسبب إنحرافات عناصره القيادية كما لا يخلو أي حزب من أمراض مظاهر التحريف أي حزب ما  وبهذه المناسبة كان ينبغي التأكيد على أن الحزب الجديد هو أمتداد طبيعي وخطوة تقدمية للحزب الديمقراطي الكوردستاني كما أكدنا على ذلك منذ تأسيس الحركة الاشتراكية ويحاول البعض طمس هذا الدور المشرف دون مبرر..(4))). وفعلاً حذف كلمة الموحد وسمي بالحزب الأشتراكي الكوردستاني كما أشاد به والدي.كما ذكر الأستاذ عادل مراد عن هذا الحدث قائلاً:(( في 8/8/1979 عقد مؤتمراً للحركة بأشتراك تنظيم اللجنة التحضيرية للحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الدكتور محمود عثمان، فأعلن الطرفان تنظيماً موحداً بأسم (الحزب الاشتراكي الكردستاني الموحد) وتشكلت من الحركة التي مثلها السادة (رسول مامند، سيد كاكا سيد اسماعيل والمقدم طاهر علي والي وقادر عزيز وحاجي حاجي أبراهيم واحمد فقي رش..) وعن اللجنة التحضيرية كل من (الدكتور محمود عثمان وعدنان المفتي وقادر جباري) إضافة إلى القيادات العلنية، وقد أختار السيد صالح اليوسفي سكرتيراً ومرجعاً أساسياً له بشكل سري ( إذ لم يتمكن من الخروج من بغداد حتى يوم أغتياله من قبل المجرم برزان التكريتي يوم 25/6/1981 ببغداد بواسطة طرد ملغم)، وكان الشيخ محمد شاكلي حلقة الوصل بين الشهيد المؤوسس صالح اليوسفي والمكتب السياسي الذي ترأسه المرحوم رسول مامند في الجبال، الذي كان يساعده كل من اللواء عزيز عقراوي والمقدم طاهر والي، وقد أستقطب الحزب الاشتراكي الكردستاني جماهير واسعة في المدن والأرياف لأعلانه بأنه الخط الوسط بين الأتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني...(5))). ويسأل الأستاذ شيرزاد شيخاني د. محمود عثمان بعض الأسئلة عن تلك المرحلة: من كان سكرتير الحزب الاشتراكي الكردستاني؟د. محمود عثمان: عندما شكلنا لم يكن لدينا سكرتير، شكلنا قيادة ثلاثية للحزب، أنا والمرحوم رسول مامند والمرحوم طاهر علي والي، كمكتب سياسي وعند عقد المؤتمر أصبح الأخ رسول مامند سكرتيراً للحزب.شيرزاد شيخاني: هناك حديث بأن سكرتير الحزب كان الأستاذ صالح اليوسفي..؟د. محمود عثمان: طبعاً، كان مؤسساً للحركة الاشتراكية، وليس الحزب الاشتراكي، وعندما تشكل الحزب الاشتراكي كان هو في بغداد ويعتبر سكرتيراً للحزب، وكان له في أي وقت يخرج للجبال أن يقود الحزب كسكرتير وجميعنا كنا موافقون على هذا الموضوع، لكن مع الأسف استشهد قبل أن يتمكن من الخروج للجبل.شيرزاد شيخاني: لماذا لم يخرج..؟د. محمود عثمان: هو كان على أبواب الخروج لكن مع الأسف تأخر كثيراً، ولم يكن يشعر بالخطر الذي كنا نحن نشعر به (6).  .....يتبعالمصادر:(1، 6)حوار الأستاذ الإعلامي شيرزاد شيخاني مع الدكتور محمود عثمان.(2)سورة المؤمنون.(3،4) مقتطفات من رسائل والدي.(5) من مذكرات السياسي الأستاذ عادل مراد - شبكة الأخبار.



 الحلقة: الرابعة عشر بعد المائة

بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي


أحداث عام 1979 (الجزء السادس).توسعت شعبية الحزب الأشتراكي الكوردستاني لدى أبناء الشعب الكوردي خلال عام 1979 وأصبح موقعها على قمة ساحة نضال الشعب الكوردي، خاصة وأن أغلبية الشعب الكوردي قد أدركوا بشخصية مؤوسسها ودعمه الشخصي المتواصل لها، ونظراً لشعبية صالح اليوسفي الواسعة لدى أبناء شعبه أدى ذلك إلى أنتماء العشرات إلى حزبه لشعورهم اليقين بأن هذا الرجل وفي هذه المرحلة الحرجة والمهمة من نضال الشعب الكوردي هو الشخص المناسب في المكان المناسب لقيادة الحركة الكوردية، مما أزداد من عداء وتذمر الأحزاب الأخرى وعلى رأسهم الأتحاد الوطني، حيث عاد وأنضم العديد من كوادر الأتحاد إلى الحزب الأشتراكي الكوردستاني، والذين هم أصلاً كانوا ضمن الحركة الأشتراكية منذ البداية قبل تشكيل جبهة موحدة، مما زاد من عداء الأتحاد، وقد صرح الدكتور محمود عثمان قائلاً:(( وبعد ذلك نحن مع قسم من الحركة الأشتراكية الكردستانية بقيادة رسول مامند وطاهر علي والي وسيد كاكه وآخرين أتحدنا في قيادة موحدة وأسسنا الحزب الأشتراكي عام 1979 وكنا في مناطق كردستان العراق وقريبين من الأتحاد الوطني، وكنا تنظيماً قريباً منهم إلى أن حدث الخلاف وأنشق قسم من الحركة الأشتراكية عن الأتحاد الوطني ودخلوا معنا في الحزب الأشتراكي ووقع أثر ذلك خلاف وأقتتال بين الأحزاب وكان هناك أقتتال أيضاً بين الأتحاد الوطني والقيادة المؤقتة وبين الحزب الأشتراكي والأتحاد الوطني، وقتال بين الأتحاد الوطني والحزب الشيوعي، وهذا الأقتتال أستمر لمدة 10 سنوات...(1))). ويضيف الأستاذ عادل مراد:(( ظروف خاصة فرضت الأقتتال المؤسف بين الأتحاد الوطني الكردستاني والحزب الأشتراكي الكردستاني، فأستشهد العديد من كوادر وقيادات الطرفين.. وتجدر الإشارة إلى أن الحزبان الرئيسيان على الساحة (الأتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) كانا يحاولان بشتى السبل إضعاف الحزب من منطلق أن الحزب الأشتراكي الكردستاني كان يمثل التيار الثالث الوسطي بينهم. كما أدى الأقتتال الداخلي بين قوات الأتحاد الوطني الكردستاني والقيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني إلى أستشهاد المئات من المخلصين، فضلا عن الأضرار بسمعة الحركة التحررية لشعب كردستان، وأضعاف وتشتيت الجهود والإساءة إليها في الأوساط الكردية الإقليمية والعالمية، مما أضعف النضال الوطني الكردستاني وأبعد الكثير من الطاقات الكردستانية عن ساحة الكفاح من أجل الحقوق الوطنية... أستقطب الحزب الأشتراكي الكردستاني جماهير واسعة في المدن والأرياف لأعلانه بأنه الخط الوسط بين الأتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني... وشنت طائرات النظام هجوماً واسعاً على مقرات الحزب الأشتراكي الكردستاني يوم 24/12/1979 أستشهد جرائها في وادي (سماقولي) بأربيل القادة سيد سليم سيد نبي الراوندوزي وشينه بولي وعدد آخر من قوات الحزب الأشتراكي لم يكن لديّ أي إطلاع على خلفية إنفصال الحركة الأشتراكية الكردستانية عن الأتحاد الوطني الكردستاني، لكنني تعاطفت معهم لأن بعض قادة الأتحاد الوطني الكردستاني وتحديداً من تنظيم العصبة الماركسية اللينينية التي كانت تعرف أختصارا (بالكوملة) أقترحو الهجوم على مقراتهم في منطقة (كوره شيرو) ليلاً وتطويقهم وتصفيتهم، علماً بأن البعض من قادة (الكوملة) أمثال الملازم عمر عبد الله وسالار عزيز وبكر الحاج صفر أستنكروا ذلك المقترح لحل الأزمة، وقالوا أن المنشقين هم رفاق الدرب وعلينا حل المشاكل معهم بالطرق السلمية والحوار لا بالقتال والتصفية والغدر..(2))). كما يذكر الأستاذ علي سنجاري:(( ولما رفضت الأحزاب الكُردستانية الإنضمام إلى الأتحاد الوطني في صراعه مع الديمقراطي الكوردستاني شن الأتحاد حملة عسكرية ضد مقرات تلك الأحزاب وقواتهم وفق مفهوم (من لم يكن معنا فهو ضدنا) وكانت البداية ضد الحزب الأشتراكي الكوردستاني الحليف للأتحاد عند تشكيله، وتعرضت قوات مقرات الحزب إلى حملة عسكرية كبيرة في بداية 1981 في مناطق (قرناقاو وبشت أشان) ما بين قلعة دزه وجبل قنديل أدى إلى مقتل عدد من كوادر الحزب ومقاتليه وواصل الأتحاد حملته ضد بقية الأحزاب الكوردستانية والعراقية حيث تعرضت مقرات الحزب الشيوعي إلى حملة عسكرية في بداية عام 1983 وكذلك الحركة الأسلامية الكوردستانية وفي وقت نفسه كان الأقتتال دائراً بين قوات الأتحاد والحزب الديمقراطي الكوردستاني... وبينما كانت المعارك تدور بين الأحزاب الكوردية العراقية، كانت كل من إيران والعراق يبغيان زج الكورد في أتون الحرب الدائرة بينهما...(3))).النظام العراقي يعلن الضوء الأخضر للمفاوضات.. نظراً إلى ما آل إليه مصير الكورد بعد نكسة 1975 من أنهيار الثورة وتشتت قيادة الحركة الكوردية أفتقد الشعب الكوردي الثقة بالدول الأجنبية والأقليمية وحتى بقادة الحركة الكوردية، خاصة وأن النظام العراقي حينها أصبح في أوج قوته وغطرسته بعد أستلام صدام حسين لنظام الحكم، فأدرك والدي بخبرته وحنكته السياسية بأنه من الصعوبة جداً في ظل تلك الظروف من أعادة الحركة الكوردية لقوتها وهيبتها ومكانتها كما كانت سابقاً ولعدة أسباب.. منها كما أشرت فقدان الشعب الكوردي الثقة بقادتهم، ومن جهة أخرى شحة الأسلحة لدى الثوار الكورد بعد تسليم كل ما لديهم من الأسلحة أما لنظام الشاه مَن بقى في إيران أو للنظام العراقي مَن فضل العودة، والأمرّ من كل ذلك العداء المؤسف بين الأحزاب الكوردية، ومن جهة أخرى عدم وجود رمز يقود الشعب الكوردي إلى التوافق ووحدة الصف، وإن كان حينها الأقرب إلى ذلك هو شخصية صالح اليوسفي ولكن مع الأسف كما أشرت سابقاً كان والدي حينها في موقع أسير بيد النظام نظراً للمراقبات الأمنية والأستخبارتية الشديدة على منزلنا والتي أزدادت أكثر خلال حكم صدام، لذا لم يجد والدي حينها حلاً أفضل من المفاوضات حين أعلن النظام العراقي الضوء الأخضر للمبادرة بها، كان والدي يؤمن بأن الكورد كثوار عليهم النضال على جبهتين الجبهة الثورية حين يتطلب الأمر وجبهة المفاوضات حين يتطلب ذلك، وكان يقدم هذه النصيحة الأمينة لقيادات حزبه قائلاً:(علينا أن لا نحارب على طول الخط، ولكن بما أننا كثوار وحركتنا حركة ثورية فعلينا عندما نقاتل أن نفتح أبواب المفاوضات حين يتطلب الفرصة المناسبة..) فخلال مشوار والدي لنضاله السياسي الطويل أدرك أن السلام هو الطريق الأفضل لشعبه حتى لا تكون قضية أمته وشعبه ورقة بيد الدول الأجنبية والأقليمية تلعب بها متى ما تشاء حسب مصالحها ثم ترميها إلى الهاوية متى ما أدركت نفاذ صلاحيتها كما حصل معنا عام 1975 وكذلك مع أغلب حركاتنا التحررية التاريخية، كما كان يعزّ على والدي هدر قطرة دماء زكية من أبناء شعبه طالما يكون هناك بصيصاً من الأمل في معالجة القضية حلاً سالمياً دون المساس بحقوق شعبه قيد شعرة. ومن خلال هذا الحدث أود أن أعقب على حوار الدكتور محمود عثمان حين سأله الأستاذ شيرزاد شيخاني: هل كنتم على أتصال به.. ؟ (قاصداً والدي)أجاب د. محمود عثمان: نعم كنا على أتصال معه، وهذه كانت مشكلة كبيرة مع الأسف، لأنه كان شخص وطني وسلمي ويعتقد دائماً بأنه يمكن إيجاد حل سلمي حتى مع البعثيين، مع الأسف كانت قراءته للبعث غير صحيحة، وعندما كان في بغداد كان يكتب رسائل لكاك رسول ومام جلال وقاسملو ومسعود وأدريس، وكل أسبوع كانت تأتي إلينا رسائل طويلة وكبيرة منه، وكان هذا يشكل خطراً كبيراً على حياته، ويظهر بأن الحكومة كانت تراقبه لأنه يعيش في بغداد، وهذا أدى إلى أغتياله...(4))).أستاذنا الفاضل دكتور محمود عثمان.. لا شك كنتم على أتصال مع والدي فرسائله كانت معنونة:(( إلى الأخوة الأفاضل د. ر. ط المحترمين))(د.) كان يقصد والدي بها حضرتك (ر.) هو المناضل رسول مامند (ط.) هو المناضل طاهر علي والي، رغم أن حضرتك لم تشير حول تلك الرسائل التاريخية وعن تصريحات وإرشادات والدي بشأن المفاوضات التي جرت بينكم وبين الحكومة العراقية خلال تلك الفترة، وحينها كنت رئيساً للوفد كما كنت رئيس الوفد المفاوض عام 1970 مع نفس النظام خلال أتفاقية 11 آذار للسلام، أما حول تعقيبك الثاني.. فالكل يعلم بأن والدي كان يرنوا إلى السلام والتعايش السلمي بين أبناء الشعب العراقي مع ألتزامه العميق بعدالة قضية أمته وحقوق شعبه المشروعة دون المساس بها قيد شعرة، أما حول أدعائك بأنه كان يعتقد بإيجاد حل سلمي مع البعثيين وبأن قرائاته للبعث كانت غير صحيحة..؟؟!! في الحقيقة أنا أستغرب من إدعاء شخصية سياسية مثل حضرتك عرك الحياة السياسية لأكثر من خمسة عقود (حفظكم الله) يصرح بمثل هذا التصريح..؟! فهل برأي حضرتك كان يوجد بديل آخر غير حزب البعث الحاكم في العراق حينها..؟! ألم تكن تلك القراءات حينها أفضل مع علاتها من الثقة بإيران أو أمريكا أو أية دولة أخرى..؟! من الذين دمروا وأهانوا شعبنا وحركتنا وباعوا قضيتنا بأبخس ثمن..؟! وأنت تعلم جيداً أن شعور والدي وتصريحاته حول المفاوضات مع ذلك النظام كان أهون الشرين حينها، حينما طالب نظام صدام بالمفاوضات، ولا شك حضرتك تتذكر تصريح والدي الواضح والصريح من خلال رسالته في تلك الفترة وهو يشير أن المسألة صعبة ومعقدة مع ذلك النظام المتسم بالتعالي والغرور حين أخبركم:(( أتفق معكم أن الحوار في مثل هذه الظروف وبالأخص فيما يتعلق بميزان القوى والسياسة المتسمة بطابع التعالي والغرور التي لا تزال تنتهجها السلطة وقيادتها، صعب ومعقد وفي أمس الحاجة إلى الجرأة والتخطيط الموضوعي السليم ومرونة التكتيك والمناورة المسندة على التمسك بسياسة الأبواب المفتوحة والأخذ بأساليب كسب القناعة المتبادلة حول المصالح والتطلعات المشتركة كما أتفق معكم أن التمادي في ممارسة سياسة تلويح العضلات ومنطق القوة والضعف من شأنها تعقيد الأمور وتفاقمها وبالتالي إطالة وتعميق محنة شعبنا بشكل خاص والشعب العراقي بشكل عام، كما أتفق معكم أن جماهير شعبنا قاطبة تجنح إلى السلم العادل المشفوع بالكرامة...(5))). أظن هذا التعقيب واضح جداً من قِبل والدي، ثم ألم يتفاوض الحزبان الرئيسيان مع نفس الحزب والنظام بين أعوام 1982، 1983، 1984 ..؟! ثم تفاوضتم معهم جميعكم عام 1991..؟! إذن في المحصلة أستاذنا الفاضل المسألة ليست مسألة بعثيين أو أي حزب آخر المسألة مسألة مَن كان يحكم العراق حينها على الصعيد الخارجي والأقليمي. حدثت مفاوضات عام 1979 بين نظام صدام والحزب الأشتراكي الكوردستاني مع الدكتور محمود عثمان والأستاذ عدنان المفتي.. وكتب والدي حينها ومن قلب العاصمة بغداد الإرشادات والنقاط المهمة حول هذه المفاوضات ومع كل من الشهدين دارا توفيق وشوكت عقراوي.... يتبع المصادر:(1،4)حوار الأستاذ الإعلامي شيرزاد شيخاني مع الدكتور محمود عثمان.(2)من مذكرات السياسي عادل مراد شبكة الأخبار.(3)القضية الكوردية وحزب البعث العربي الاشتراكي - علي سنجاري - الجزء الثالث - ص 211(5) مقتطف من رسالة والدي موجودة في التصميم بخط يديه. 


الحلقة: الخامسة عشر بعد المائة

بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي


أحداث عام 1979 (الجزء السابع).الحزب الأشتراكي الكوردستاني يجري حواراً غير معلن مع الحكومة العراقية.جرى مفاوضات وحوار غير معلن رسمياً ما بين الحزب الأشتراكي الكوردستاني وحكومة بغداد في عام 1979 بدعوة من نظام بغداد، ورغم أن الدكتور محمود عثمان أعتبرها أستطلاعاً وجس نبض.. ولكن لا أعتقد أن هناك مصطلح سياسي للقيام بمثل هذا الخطوة والحجم ومع ذلك النظام يعتبر(أستطلاعاً أو جس نبض) خاصة وإن هذه المبادرة كانت من صدام شخصياً، هذا إضافة إلى ما توارد من أقتراحات وإرشادات وحوار من خلال رسالتين تاريخيتين لصالح اليوسفي لقيادات حزبه خلال تلك الفترة، ويبدو واضحاً من خلال رسالتيه أن هذه المفاوضات طالت مدتها بعض الشيء، وإنها كانت أكبر من وصف د. محمود عثمان بمصطلح الأستطلاع وجس نبض، لا شك إنها لم تكن على مستوى المفاوضات التي حدثت في الأعوام الماضية من خلال تاريخ حركتنا الكوردية في فترة الستينيات وإلى عام 1974، إلا أنها لم تكن تخلوا من الأهمية بالنسبة لتلك الفترة الحرجة لشعبنا الكوردي وحسب المنظور الزمني حينها من الأحداث وما جابهتنا من آثار وتداعيات وإفرازات نكسة 1975 ومن خلال هذه الخطوة أقول لو كانت تكاتفت كل الأحزاب معاً حينها في هذه الخطوة في ظل وحدة قوية (كما كان ينصحهم والدي من خلال رسائله إلى كل قيادات الأحزاب) لا شك كان سيكون المردود إيجابياً على الشعب الكوردي (الذي ذاق الويلات بعد نكسة 75)على أغلب الظن ولعدة أسباب منها.. كان صدام حينها يساورهُ الخوف والقلق كثيراً من ردة فعل معارضيه خاصة وأنه قضى على مجموعة من قيادات حزب البعث الذين كانت لهم شعبية لدى الشعب العراقي، إضافة إلى شعبية الرئيس البكر حيث أزدهر العراق أقتصادياً وثقافياً وتربوياً في عهده بالإضافة إلى علاقاته الجيدة مع الدول العربية والخارجية، شخصيات عديدة من المجتمع العراقي أستأوا من حادثة قاعة الخلد بعد أن قام صدام بحملة تصفية معارضيه في داخل حزب البعث بدعوى خيانتهم، فحاول صدام أن ينفذ بعض الخطوات ليعزز من خلالها مركزه من جهة ومن جهة أخرى يكسب الكورد إلى جانبه حتى لا ينساقون مرة أخرى نحو إيران خاصة وأنه شعر بالحذر والقلق بعد الإنقلاب الذي طال نظام الشاه، ففي نيسان/ أبريل 1979 تحول نظام في إيران من الملكي إلى الجمهوري رسمياً(1) فبدأ يخشى من عودة إيران لمساعدة الثوار الكورد مرة أخرى وأستعمالهم كورقة للضغط على العراق خاصة وأن من تزعم الثورة الأسلامية كان الإمام خميني الذي طردهُ صدام من العراق عام 1978 بناءاً على طلب شاه إيران(2).وجهة نظر الدكتور محمود عثمان الشخصية حول مفاوضات 1979..يبدو من خلال حوار الدكتور محمود عثمان مع الإعلامي الأستاذ شيرزاد شيخاني بأن النظام كان على أستعداد لخطوة السلام لو كانت هذه المبادرة تضم جميع الأحزاب الكوردستانية حينها، وهنا يسأل الأستاذ شيخاني الدكتور محمود عثمان قائلاً: دكتور.. حدث مهم في هذه الفترة كان المفاوضات التي قدتها أنت مع نظام البعث في 1979، بأي صفة خضت تلك المفاوضات..؟دكتور محمود عثمان: أنا لا أسميها مفاوضات بل إستطلاع وجس النبض، وبدأت عندما أصبح صدام حسين رئيساً للجمهورية وقاد البلد بعد إعفاء أحمد حسن البكر، وكان يجول في كردستان ويلبس الملابس الكردية ويطلق السجناء السياسيين وقام ببعض الخطوات، وعندما كان يأتي الى كردستان يقول للناس الذين يلتقون به بأنه يريد حلاً سلمياً للقضية للكردية، ولكن القيادات الكردية هي دائما مع إيران ولا يأتون إلى الحكومة، فأصبح هناك نوع من الضغط علينا بأنه لماذا لانتفاوض معه لعله يصدق في إيجاد حل للقضية الكردية، وفي ذلك الوقت سيطر الخميني على إيران، والحزب الديمقراطي الكردستاني كان مقره في إيران ولديه علاقات جيدة جداً مع الجانب الإيراني والأتحاد الوطني أيضا كانت له علاقات مع إيران وكانوا يتصورون بأن الحكومة الإيرانية يمكن أن تساعدهم، أنا شخصياً ونحن في الحزب الاشتراكي لم نكن نؤمن كثيراً بأن الحكومة الإيرانية يمكن أن تحل قضايانا، ونعتقد بأنها لاتختلف كثيراً عن حكومة الشاه حتى لو تغيرت إلى إسلامية، فإيران هي إيران ولديها مصالح قومية تختلف عن مصالحنا،هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان وضعنا المعاشي سيئاً جداً في تلك الفترة، فأتصلت بنا جماعات من قلعة دزه، قيادات عسكرية وقيادات أمنية وبعض الشخصيات الكردية، وطالبونا بالأتصال مع الحكومة لأنها تريد التحدث إلينا، وقالوا على الأقل حاولوا معها لجس النبض، فأتصلنا بالأتحاد الوطني والحزب الديمقراطي والحزب الشيوعي وآخرين وأبلغناهم بوجود مثل هذه المحاولات من الحكومة وطلبنا رأيهم، الكل كانوا ضد هذه المحاولة ولم يؤيدوها، ولكنهم لم يرفضوها أيضا، وقالوا أنتم حاولوا لكننا لن نكون طرفاً في الموضوع، فحاولنا أن نستطلع الوضع ونرى مدى جدية ومرونة الجانب الحكومي، وهل يوجد تغيير وهل هناك شيء جديد وهل يمكن بدء المفاوضات لحل الإشكالات..؟ من جهتنا كنا نؤمن بأن الإتفاق مع الجانب العراقي أفضل من العودة إلى إيران مرة أخرى، لهذا أبلغنا الذين أتصلوا بنا بأننا جاهزون للقاء ولكننا لن نلتقي إلا بصدام حسين بأعتباره هو مسؤول الدولة ولايستطيع أحد غيره معالجة أي شيء، وبعد 3 أيام جاءتنا برقية بأن السيد الرئيس ينتظركم، لم نكن نتوقع هذه السرعة في الجواب، فذهبنا إلى بغداد أنا والأخ عدنان المفتي وكان معنا المرحوم الملازم كامل كمرافق لنا، وبقينا في بغداد ليلتين أتصلنا بالمسؤولين، وأنا شخصياً ألتقيت بصدام حسين لمدة ساعتين أو ثلاثة في القصر الجمهوري، لم نلاحظ أي شيء جديد في القضية، ومطاليبنا كانت تنحصر بتطبيق بيان 11 آذار الذي تم التوافق عليه، لكنه قال بأنه إذا أتفقت جميع الأحزاب الكردية وتفاوضت معه فسيكون لديه موقف آخر وأبدى بعض المرونة في هذا الجانب، نحن لم نلزم أنفسنا بأي شيء وقلنا نحن كحزب لانستطيع التفاوض وحدنا، هذه قضية شعب يجب أن توافق جميع الأحزاب، سنعود ونعرض القضية على الأحزاب الكردية فإذا وافقت سيكون هناك وفد كردي شامل يتفاوض مع الجانب الحكومي وإذا رفضت ستنتهي القضية، وعدنا إلى كردستان بعد 3 أيام وأتصلنا بالأحزاب الكردستانية، أنا أجتمعت مع الأخ مام جلال وكتبنا رسالة إلى الحزب الديمقراطي وألتقينا بالشيوعيين وأحزاب أخرى كالباسوك وأبلغناهم بما حصل، وأوضحنا لهم نتائج سفرنا إلى بغداد وموقف الجانب الحكومي، وسألناهم هل تريدون تشكيل وفد كردي للتفاوض مع الحكومة في الحقيقة لم يوافق أحد، حتى الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يرد على رسالتنا أصلاً، مام جلال قال: أنا لا أوافق ولا أعتقد بأنه ستكون هناك أية فائدة، والشيوعي أيضاً رفض، نحن بدورنا أنهينا الموضوع، وأتصل بنا الجانب الحكومي وأبلغناه بأنه لا أحد يوافق على التفاوض، وهذا كل ما حصل(3).في الحقيقة ما يحيرني من خلال هذا الحدث هو موقف صدام من جهة..؟! وموقف الأحزاب الكوردية من جهة أخرى..؟! فطالما كان صدام في موقف حرج خلال تلك الفترة ويرنوا للسلام مع الكورد فلماذا لم يتصل ويعرض الأمر مباشرتاً على والدي وهو يدرك جيداً بمدى تأثير والدي ومكانته وشعبيته لدى الشعب الكوردي..؟! ولكن يبدو من خلال ذلك.. أما أن صدام فعلاً كان يخشى من شخصية وشعبية والدي والدليل على ذلك حين رفض السماح له بالسفر للعلاج وصرح:(صالح اليوسفي مثل عود الكبريت أذا سمحت له بالخروج سوف يحرقني (4))..! أو إنهُ كان مستاءاً لأنهُ حاول كثيراً بأن يكسب والدي بمنحه إي منصب يرغب به بعد عودته أثر نكسة 1975 وظل لأكثر من سنتين يطلب ذلك من خلال نعيم حداد وفاضل براك إلا أن والدي كان يرفض ذلك رفضاً قاطعاً. أما ما يحيرني من موقف الأحزاب الكوردية وعدم أخذ المسألة بجدية وتوافق في الرأي من أجل حل قضية الشعب الكوردي خلال تلك الفترة الحرجة.. خاصة وأنهم أدركوا بعد مدة قصيرة جداً من حكم الخميني ووعوده الغير صادقة مع الشعب الكوردي في إيران، بأن جمهورية إيران لم تختلف عن إيران الشاه وأن سياسة الخميني للكورد لم تختلف عن سياسة الشاه قيد شعرة.. ومع ذلك رفضت الأحزاب هذه المبادرة رفضاً قاطعاً..! ثم عادت عام 1982، 1983، 1984 تطالب بها من نفس النظام..! في الحلقة القادمة سوف أضيف الرسائل التي كتبها والدي بشأن هذه المفاوضات، وقد أزدادت خلال هذه الفترة زيارات كل من الشهيدين دارا توفيق وشوكت عقراوي، وكانوا الثلاثة يرسمون خارطة الطريق لهذه المفاوضات إلى قيادة الحزب في المناطق المحررة.. فكتب القدر أن يسلكوا هؤلاء العِظام الثلاثة طريق الشهادة من أجل قضية شعبهم المظلوم لينعموا بأمان وسلام... يتبعملاحظة: إخوتي الأعزاء الرجاء نحن لسنا بصدد فتح المواجع وأنتقاد هذا الحزب أو ذاك من خلال آرائكم.. نحن فقط نريد الأستفادة من التجارب والعبر عبر تاريخنا مع تحياتي وتمنياتي الطيبة للجميع.  المصادر والهوامش: (1)بدأ في كانون الثاني/ يناير 1978 أولى المظاهرات ضد نظام الشاه، وأزداد يوماً بعد يوم، وتفاقمت الأوضاع بعد إضرابات وتظاهرات شلت البلاد وأقتصادها وبدأ ينهار الشاه ونظامه، فأضطر الشاه إلى الفرار في كانون الثاني/ يناير 1979 بعد أنتصار الثورة الإسلامية في إيران، وبعد شهرين ثم إجراء أستفتاء شعبي في نهاية آذار/ مارس 1979، وفي نيسان/ أبريل 1979 أصبحت إيران جمهورية إسلامية رسمياً.  (2)لعل أكثر الفترات التي حرّض فيها الخميني أتباعه في إيران للقيام بالثورة هي الفترة التي قضاها في مدينة النجف من 1965 إلى 1978، ثلاثة عشر عاماً قضها في العراق، منها عشر سنوات حين كان صدام نائباً ومسؤولا عن الملفات الأمنية، وإشرافه على الخميني كلاجئ، ثم طرده من العراق عام 1978 إرضاءاً للشاه، وقبل طرده كان يدعمه ويسمح لهُ بالتحريض ضد الشاه ونشر دعوته في إيران من خلال أشرطة الكاسيت التي كانت تصدر من النجف ظناً منهُ أنه سيؤدي لإسقاط الشاه وتكوين حكومة إيران قريبة من حكم البعث في العراق، حيث سمح للخميني بجلب مناصريه ولجوئهم للعراق، وسمح له ببث إذاعة (النهضة الروحية) التي قدم منها الخميني أفكاره للإيرانيين، كما قامت السلطة العراقية بالاصطفاف لجانبه ضد باقي مرجعيات النجف، الذين عادوه بسبب علاقته بالحكومة العراقية ونعتوه بالجاسوس، أي أن الحكومة العراقية فعلت عكس الحكومة التركية التي أستضافة الخميني على مضض عاماً واحداً 1964 وضيقت عليه ولم تسمح له حتى بالخروج بالملابس الدينية، وبعد طرده من العراق عام 1978 رفضته الكويت، فلجئ إلى باريس وبعد عام نضجت ثورته وعاد لبلاده، قال (برويس رايدل) الخبير في مركز بروكنغ للابحاث ومسؤول مكتب إيران في المخابرات الأمريكية عام 1978 من الواضح أن العراقيين لم يتوقعوا قوة الثورة الإيرانية وحجمها تلك الثورة التي ساهموا في خلقها من خلال دعم الخميني طيلة سنوات، ثم أبعد صدام الرجل الذي كان يعمل لسنوات ضد الشاه وكان ذلك خطأ فادحاً، ويعلق برويدل: أن كل تلك الحروب كانت نتيجة الأخطاء التي أرتكبها صدام في عامي 1978 و1979، ويقول مستشار الأمن القومي (زبيغنيو بريجنسكي): السياسة العراقية التي قدرت أنها ستنجح بأستغلال الخميني في العراق طيلة 13 عاما في سبيل معارضة شاه ايران، تحول الخميني لعدو يشن الحرب على العراق للثمان سنوات. وائل عصام - القدس العربي.(3)حوار الأستاذ الإعلامي شيرزاد شيخاني مع الدكتور محمود عثمان.(4)التفاصيل في الحلقة المائة. 



الحلقة: السادسة عشر بعد المائة

بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

أحداث عام 1979 (الجزء الثامن).في البداية أود أن أعلم القراء الأعزاء بأن أحد الأصدقاء الأفاضل بعد نشر الحلقة الماضية أفادني بهذه المعلومة التاريخية المهمة جداً حول مفاوضات عام 1979 وأنا بدوري أقدم لهُ جزيل شكري وتقديري، كما أشار الأخ عن هذا المصدر بأنه منشور في مذكرات الحزب وفي بياناته.. يذكر الأخ الفاضل:(( حول مفاوضات الحكومة العراقية مع الحزب الأشتراكي الكوردستاني في البداية طالبت الحكومة العراقية من الشهيد صالح اليوسفي التفاوض وأرسل لهُ وفد من المخابرات، لكن الشهيد صالح اليوسفي جاوبهم وقال:( أنا لا أمثل الشعب الكُردي.. من يمثلهم هم البيشمركة الموجودين على القمم جبال..) ويضيف الأخ أيضاً: أعتقد هذا كان رد السيدا صالح اليوسفي حتى لا يكشف نفسه أنهُ سكرتير الحزب.. ولذلك أرسلت الحكومة وفد جماعة في منطقه قلعه دزه وطالبت بالمفاوضات، وهذه الحقيقه منشوره في مذكرات الحزب وموجوده في بيانات الحزب..)).لا شك خلال زيارة هذا الوفد لوالدي حصل حوار بينهما، ولا شك أيضاً أن والدي قد قدم بعض الأقتراحات والإرشادات والتوجيهات لوفد النظام، ومن خلال رسائله لقيادات الحزب الأشتراكي يبدو واضحاً إنه كان يركز على تطبيق بنود أتفاقية 11 آذار للسلام، أنا شخصياً وبناءاً على ما جاء في الإضافة أعلاه من الأخ الفاضل، أعتقد أن والدي وبحكم تواجده مع عائلته في بغداد فأنه كان حذراً من كشف موقعهُ المهم داخل حزب الإشتراكي بل وحتى علاقته بالحزب، لأنهُ لم يكن يخشى على نفسه بل كان حريصاً على أرواح القيادات الأخرى الموجودة في بغداد، وكان متأكداً بأن ذلك حتماً كان سيؤدي إلى كشف أسماء قيادات الحزب المتواجدة في بغداد وكل الذين كانوا يتواصلون مع والدي بأسم الحزب، ولا شك كانت خطة ذكية منهُ بأن يتبع هذا الأسلوب الحذر. ومن المفارقات التاريخية التي تبعث على الدهشة أن والدي وهو من داخل بيتنا في بغداد كان يبعث بتعليماته وتوجيهاته حول سير المفاوضات وبمنتهى السرية عن طريق المندوبين السريين بين مقره في بغداد إلى قيادة الحزب في المناطق المحررة التي كانت تقوم بدورها بالنقاش والحوار مع الوفد الكوردي المفاوض مع الحكومة العراقية، وحسب ما شاهدت بنفسي من خلال تلك الأحداث أتوقف عند هذه المشاهد خلال تلك الفترة كشاهدة عيان وأنا في المرحلة الثانوية، لأضيف البعض من الحقائق حول تلك الفترة، حيث أزدادت خلال هذه الفترة زيارات كل من الشهيدين دارا توفيق وشوكت عقراوي، كل منهما كان يأتي لوحده حرصاً من المراقبات الأمنية وأغلب زياراتهم كانت في وقت الظهيرة، فكان والدي أحياناً يكلفني أن أحضر لهما بعض من الشاي.. وحين كنت أقدم لهم الشاي كنت أرى والدي بصحبة العم شوكت عقراوي أو العم دارا توفيق يتناقشون في حوار سياسي وأمامهم بعض الأرواق يضيفون عليها آرائهم ويتداولون فيها حول بعض الأمور، وفي بعض الأحيان كان الشهيد دارا توفيق يأخذ بعضاً من هذه الأوراق يدسها في جيبه بحذر، وقد قدر الله أن أكون شاهدة على مثل هذه المواقف والله يشهد على قولي. رسائل ومفاوضات ..مع أستمرار الأتصالات الغير معلنة بين وفد الحزب الأشتراكي الكوردستاني والحكومة العراقية في عام 1979، أرسل والدي من بغداد هذه الأقتراحاته إلى قيادة الحزب في المناطق المحررة من كوردستان، وللأمانة وللتاريخ سأنشر هنا وبالتفصيل والتسلسل ما كتبه والدي من خلال رسالتين (مقتطفاتها الأصلية موجودة في التصميم). نص الرسالة الأولى:أخوتي الأعزاء المحترمون تحية نضالية حارة.. أستلمت رسالتكم المؤرخة 2/ منه بالأنشراح وقد بددت ما كانت تساورني من القلق لقطع الصلة فيما بيننا منذ مدة طويلة بسبب الظروف التي أسفرت عن بتر نقطة الأتصال رغم إدراك كلينا القيام بمسؤولياتنا الوجدانية في أحلك الظروف بقدر الأمكان وإن كنا نحمل سوية مسؤولية عدم إتخاذ الأحتياطات الضامنة في مثل هذه الحالات الطارئة آملين تجاوز ذلك في المستقبل.علما بأني لم أستلم منكم أية رسالة حسبما وردت في رسالتكم الأخيرة سوى رسالة واحدة فقط ومنذ مدة طويلة وقد جاوبتكم عليها في حينه، يرجي التحري عن أسباب ذلك نظراً للأهمية القصوى في حماية وضمانة سلامة قناة الأتصال بشكل مستمر. إليكم وجهة نظري حول جواب رسالتكم وأعتقد بأنها تعبر عن وجهة نظر المثقفين الواعين جميعاً وتنطبق تماماً مع مبادئ وأهداف الحركة الأشتراكية منذ تأسيسها المستهدفة بضرورة التمسك بالحلول السليمة ونبذ شعار إسقاط السلطة وهي :1- نؤيد بقوة الأتصالات الجارية فيما بينكم وبين المسؤولين من أجل الحل السلمي الديمقراطي وفق الأسس التي سبق وبينا وجهة نظرنا عليها معكم أكثر من مرة، ونؤكد ثانية التمسك بسياسة الأبواب المفتوحة وإبداء المرونة الكافية للتوصل إلى النتيجة المتوخاة بمختلف الصيغ على أن لا تتجاوز تلك المرونة والصيغ الأسس الواقعية المقررة في إستراتيجية الحركة وضمن روح آذار وبيانه التأريخي والتزاماتهما وتلتقى مع رغبات وتأييد جماهير شعبنا وتضمن مصلحته وطموحه ومصلحة المسؤولين أيضا على حد سواء - ومحاولة إنقاذ شعبنا من كابوس محنته بكرامة وتفويت الفرص من المحاولات التآمرية والعنصرية من منتفعين وغوغائين ومزايدين ومضللين في الداخل والخارج لأستغلالها في مصالحهم الملتوية والنيل من سمعة الحركة وبالتالي إطالة امد محنة شعبنا.كنا نتابع بأهتمام نبأ مجئ الأخ د. وأتصالاته مع المسؤولين وقد تعرض ذلك إلى بعض حملات التشويش والتضليل وحاولن تفنيدها وفضحها لثقتنا المطلقة بكم رغم سبق معرفتنا بذلك.2- كان من الأجدر بكم بيان النتائج الإيجابية للنقاط التي توصلتم إليها مع المسؤولين لحد الآن مع بيان العقد والعقبات المعلقة بالنسبة للنقاط المتبقية لتكون وجهة نظرنا حولها أكثر دقة ووضوحاً لذا فأن وجهة نظري لاتتعدى ما نقله لي حامل الرسالة وهي: 1- أن موقف المسؤولين وبالأخص من على رأس القمة كان متفتحاً وإيجابياً، تقبلوا برحابة صدر الأنتقادات التي وجهت إليهم من مواقفهم السلبية وتعهدوا بأزاحتها ولكن لم يبين فيما إذا هم قد تعهدوا بالعودة إلى ألتزاماتهم المنصوصة في بيان 11 آذار وتبني روحه المتفتح المتطور وهي من صميم قوانينهم وشعاراتهم ومبادئهم المعلنة.2- أوضح لي موافقتهم حول تصفية الأحزاب الكارتونية التي أفرزتها ظروف المواجهة الأستثنائية الطارئة، وكان من المفروض عليهم إزالتها بعد إنهاء تلك الظروف منذ عام 75 -  كما أخبرني بموافقتهم حول قيام الحزب الأشتراكي الكوردستاني بدوره في كوردستان ولم يوضح فيما إذا كان في نيتهم قيام هذا الحزب بدوره الرئيس الطبيعي في كوردستان بعد ضمان تعزيز أوامر التحالف المصيري مع حزب البعث وكأمتداد لدور الحزب الديمقراطي الكوردستاني والتزاماته المنصوصة في بيان 11 آذار ودون قيام مشاركة حزب كوردستاني آخر معه كرائد لحركة القومية الثانية وبجانب تحالفه. كما ولم يوضح دور حزب البعث في كوردستان أهل يبقى الحزب ثانوي يترك المسؤولية الرئيسية للحزب الأشتراكي الكوردستاني كأمتداد له ويصفى الأعضاء المنضوين في صفوفه في الظروف الأستثنائية بعد النكسة وبأساليب الرعب والتهديد والأغراء ويكتفي له بتنظيمات ثانوية شأنه شأن حزبنا في المناطق خارج كوردستان أو يبقى كحزب رئيس مزاحم ومنافس رغم خصوصيته القومية الواضحة وما ينطوي عليها من روح الأستفزاز والشوفينية ومبادئ الصهر والدمج والألحاق التي لامبرر لها ولا مصلحة له فيها مطلقا وهل يقر ويعترف ويدعم الحزب الأشتراكي الكوردستاني بأعتباره الممثل الحقيقي لقيادة حليفته المصيرية حركة القومية الكوردية – مع مراعاة التزاماته بأتخاذ كافة الوسائل السلمية لدمج وجذب الفئات والعناصر الكوردستانية والكوردية النظيفة من داخل العراق في صفوفه مع دعم ضمان التزاماته مع الأحزاب الكوردستانية والتقدمية في خارج العراق كعمق وقوة أستراتيجة لصالح كليهما مع تجاوز كل ما من شأنه تبديد الثقة والتضامن والتشاور المصيري مع بعضها البعض في جميع الأمور ومحاولة تعزيز تضامن الحركتين في أقصى الحدود على نطاق أيتهما ومع حركات التحرر والتقدم في العالم. 3- أوضح لي حامل الرسالة موافقة المسؤولين حول إجراء تغييرات واسعة في مؤسسات الحكم الذاتي وفي عناصرها الحالية وإبدالهم بالعناصر الجيدين على ضوء التشاور معكم ومنح تلك المؤسسات بالصلاحيات الشرعية الكافية وتطويرها في المستقبل كما بين موافقتهم حول النظر في توسيع اطار رقعة منطقة الحكم الذاتي بحيث ينظم اليها المناطق التي تشكل الأكراد فيها أكثرية ساحقة والتي لم تتحقق في حينه لتعنت الحركة الكوردية بالصيغ الحدية التعجيزية دون بيان تحديد المدة التي ينظر فيها.كما ولم يبين مصير بقية المناطق المختلطة في بعض أجزاء ألوية موصل وكركوك وديالى وحتى صلاح الدين بعد ضم قضاء طوز إليها تلك المناطق التي تعرضت إلى أقسى حملات التشرد وللتهجير والحرمان من الأقامة في أماكنهم أباً من جد وفيما إذا وافقوا على إزاحة حركة الأستيطان القهرى التي شملت من أجزاء عديدة من المناطق الكوردية بعد نكسة عام 75 وضرورة عودة مواطنيها المغربين المرحلين عنها إليها سريعاً ومساعدتهم مع تجريد تلك المناطق من جميع التصرفات والمظاهر الشوفينية والتمييز العنصري المدمرة، التي تنافي أبسط المبادئ والحقوق الانسانية وتضر ضرراً بليغاً بوحدة الصف الوطني والأخوة المصيرية بين الشعبين الشقيقين، وبالامكان الأخذ بمبدأ التوطين الأختياري المحض لكل المواطنين العراقيين في أي مكان كان مجرداً من جميع أساليب القهر والإكراه والإغراء، كما ومن الضروري والمصلحة مفاتحة المسؤولين بتقبل مبدأ المشاركة النسبية المتكافئة في الوظائف الحساسة في تلك المناطق المختلطة وكذا في النشاطات الحزبية والمنظمات والنقابات والجمعيات الفلاحية والتعاونيات وغيرها وبالتعاون والتضامن المشترك كما من الضروري إعادة تطبيق الدراسة الكوردية في تلك المناطق وفي جميع المناطق الأخرى التي تشكل الأكراد الأكثرية وربط وظائف تلك الدراسة بأمانة التربية والتعليم في منطقة الحكم الذاتي - علما بأن حاملها أشعرني بموافقة المسؤولين بأعادة الدراسة الكوردية ولكن هل تشمل هذه المناطق أيضاً من الضروري التأكيد على ذلك.4- أشعرني الحامل حول موافقة المسؤولين بعودة مواطني القرى المهجورة إليها بشكل مرحلي دون بيان نوعية تلك المراحل وفيما إذا حددت بسقوف زمنية معقولة بحيث لاتتجاوز شهر حزيران القادم أم لا، مع بيان ذلك إعلامياً مع مديد العون إلى أولئك المرحلين قهراً عن قراهم الأصلية كمخصصات سكن مقطوعة وبالأخص للعديد من أولئك الذين حرموا من أي تعويض أو تعويض قليل جداً وحرمان أولئك الذين تقاضوا تعويضاً كبيراً.5- أخبرني بموافقة المسؤولين على إبقاء جميع ( ب – م ) العائدين للحزب الأشتراكي الكوردستاني فقط كحرس حدود دون بيان فيما إذا يحق له مطالبة بقية ( ب – م ) المؤيدين له بعد تزكيتهم والذين لم تساعد ظروفهم الألتحاق الفعلي للإنضمام معهم كما لم يوضح موافقة المسؤولين حول نوع الرتب والدرجات والمخصصات التي تمنح إليهم ولمسؤوليهم وفيما إذا تظل أرتباطاتهم الحزبية معهم مشروعاً أم لا وهل يظلون حراساً لمنطقة الحكم الذاتي الحساسة فقط أو يجري نقلهم منها حسب الحاجة وبالتفاهم المشترك.6- لم يوضح لي حامل الرسالة فيما إذا تمت الموافقة حول تصفية الظروف والأوضاع الأستثنائية في منطقة الحكم الذاتي وتحديد المرحلة الزمنية حول ذلك وفيما إذا تمت الموافقة بأنسحاب القوات المسلحة إلى ثكناتها ومحلاتها الأصلية السابقة وبالكمية المحدودة المتواجدة فيها قبل المواجهة المسلحة عام 1974 مع بيان تحديد المدة المقررة. كما لم يوضح شيئاً حول ضرورة التغيرات الشاملة في معظم عناصر أجهزة الدولة وبالأخص الأدارية والأمن والشرطة والحزب في منطقة الحكم الذاتي أولئك الذين نسبوا وعينوا فيها خلال ظروف الحرب والمواجهة منذ عام 74 كأجهزة وعناصر ملائمة لظروف الأقتتال ولايزالون كما كانوا وقد ساهموا ولايزال بسقط كبير في الممارسات الأستفزازية الشوفينية وتأزم الأوضاع وتدهور الثقة لأدامة الظروف الأستثنائية، فمن الضروري إتخاذ إجراءات تنقلات واسعة في صفوفهم وإبدالهم بعناصر متفتحين ملائمين لظروف الثقة والتفاهم والسلام وبالتشاور والأتفاق المشترك سيما في المسؤوليات الرئيسة، الإدارة والأمن والشرطة وخلال مدة محددة علماً أن هذه الأجهزة ينبغي أن تنضم على مؤسسات الحكم الذاتي.... يتبع تتمة الرسالة في الحلقة القادمة. 



الحلقة: السابعة عشر بعد المائة

بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

أحداث عام 1979 (الجزء التاسع).تتمة للرسالة السابقة عن الأقتراحات التي أرسلها والدي إلى قيادة الحزب الأشتراكي الكوردستاني في المناطق المحررة من كوردستان مع أستمرار الأتصالات الغير معلنة بين وفد الحزب الأشتراكي الكوردستاني والحكومة العراقية عام 1979 (مقتطفاتها الأصلية موجودة في التصميم).7- هناك نقطة جوهرية أساسية ينبغي التأكيد على ضرورة الألتزام به قولاً وعملاً، أي نظرية وتطبيق وقد أثبتت في صلب بيان آذار التأريخي وهو الأعتراف بالأكراد كشعب وقومية رئيسة، الأمر الذي يتطلب ضرورة إزالة التناقض الذي أحدثته قرار القيادة القومية المنشورة في جريدة الثورة قبل بضعة أشهر والذي ينسف كل ماورد في بيان 11 آذار، ويؤكد فيه بصلافة شوفينية مستهجنة على أن الأكراد ليس فقط في العراق بل في جميع أجزاء كوردستان لا وطن لهم بل أنهم يقطنون في وطن عربي الذي كان خاضعاً للدولة العباسية التي أنشأت حينذاك كان من ضمن الوطن الفارسي وبجانب عاصمتهم المدائن (طاق كسرى) حيث بهذه المقولة يسيؤن إلى أنفسهم قبل غيرهم ودون أية مصلحة أو عزة قومية تشرفهم بل بالعكس تجعلهم في مصاف الغارقين في حصأة الشوفينية الأمر الذي يتطلب إزالة هذا التناقض المفضوح أزاء الواقع التأريخي الصارخ وأزاء قانونهم في بيان 11 آذار وهذا القرار والمبادئ والقيم الإنسانية وحقوقه وحقوق الشعوب في تقرير مصيرهم الذي ينادون ويتباهون بها أناء الليل وأطراف النهار ويدافعون عن الحقوق المبدئية لجزر صغيرة نائية لا تشكل حتى مقومات قومية أصيلة بل خليط من أوروبيين وهنود وأفارقة كجزر سوشيل وغيرها وينكرون في نفس الوقت شخصة شعب عريق بوطنه الأزلي كعراقة شعبهم ويستكثرون عبيه حتى مطالبه بأبسط حقوقه في الحكم الذاتي الحقيقي ضمن الأتحاد الطوعي في الدولة العراقية الموحدة. 8- أوضح لي بموافقة حول إعادة المنظمات الكوردستانية على حالتها الطبيعية السابقة وكذا النقابات والجمعيات والتعاونيات ولكن لم يوضح فيما إذا كانت تبقى تحت إشراف وتوجيه الحزب الأشتراكي الكوردستاني وبالتعاون والتشاور المشترك كما ولم يوضح فيما إذا كانت تحق لتلك المنظمات والنقابات والجمعيات ممارسة نشاطاتها من قبل المواطنين الأكراد المنضوين في صفوفها خارج منطقة الحكم الذاتي أي في المناطق المختلطة أو سائر أنحاء العراق كما كان كالسابق بعد صدور بيان آذار على أن تجري كلها بالتضامن والتشاور المشترك فمن الضروري إيضاح ذلك .9- أوضح لي بأن المسؤولين أبدوا أستعدادهم بالتوقيع سوية على محضر الأتفاق المشترك بجميع النقاط المتفقة عليها مع الحزب الأشتراكي الكوردستاني مع عدم نشره العلني.على الرغم من أهمية النشر العلني لتعزيز موقف الحزب الاشتراكي الكوردستاني وإزاحة البلبلة والشكوكية والطعون الموجهة إليه من قبل جميع أعداء السلم ومخربين ومع ذلك فليس العبرة بالنشر وحتى بالتواقيع على محضر الأتفاق المشترك لضمان الأيفاء بتلك الالتزامات المقررة بل الأهم من ذلك إيمان الفريقين بأن تلك الألتزامات المنصوصة نابعة عن مبادئها ومصالحها الملحة سيما في مثل هذه الظروف الحبلى بالأحداث السريعة مما يتطلب التفاني بالأيفاء بها بالسرعة المستطاعة لتفويت الفرص على أعدائهما المشتركة.10- لم يوضح شيئاً عن ميثاق العمل الوطني والجبهة الوطنية القومية التقدمية بعد التفاهم المنشود مع الحزب الاشتراكي الكوردستاني وتصفية الأحزاب الكارتونية المفتعلة وفيما إذا تشترك فيها أحزاب أخرى وبالأخص الحزب الشيوعي العراقي أم لا..؟ حيث من الضروري ضمان ذلك مع بيان مرتبة الحزب الأشتراكي الكوردستاني فيها كثاني حزب كما كان شأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بعد بيان 11/ آذار.11- لم يوضح فيما إذا تم بحث إزالة الأوضاع الأستثنائية وإعادة الحياة الدستورية وإناطة الصلاحيات الشرعية والقضائية بالمجلس الوطني وبرئيس الدولة بعد إنتخابه وكيفية أختيار أعضائها عن طريق التشاور المشترك مع أطراف الجبهة بالنسبة لجميع المناطق خارج منطقة الحكم الذاتي وبالتشاور المشترك مع الحزب الاشتراكي الكوردستاني بالنسبة للمجلس التشريعي في منطقة الحكم الذاتي وتحديد المدة المقررة حيث من المستحيل إجراء أنتخابات بالأقتراع السري الحر المباشر طالما لم تصفى الأوضاع الأستثنائية من جميع الوجوه.12- لم يوضح موقف الحزب الأشتراكي الكوردستاني بعد الأتفاق أزاء الأحزاب والعناصر الكوردية التي تحمل السلاح ضد السلطة، أهل يتحول إلى مناهضتها بالعنف مثلها..؟ أو تتخذ الأساليب السلمية المختلفة معها أبتداء من أستمالتها بمختلف وسائل القناعة الشفوية أو التحريرية وحتى محاولة فضح دورها وأضرارها المدمرة على قضية ومصير شعبنا بمختلف الوسائل على أن لا تتجاوز حدود المواجهة المسلحة معها في حالة واحدة وهي إقدام السلطة والمسؤولين بتنفيذ جميع مطاليبنا ومع ذلك إصرار تلك العناصر أو الجهات وبعد إتخاذ كافة الوسائل السلمية معها، بمختلف الوسائل للإنضواء في صفوف الحزب الاشتراكي الكوردستاني أو الرضوخ بعدم التحدي للالتزامات المقررة بينه وبين السلطة وعدم التحرش المسلح بالحزب ومنتسبيه والمسؤولين. وفي حالة التمادى على دورهم التخريبي المعادي دون مبرر، يحق للحزب الاشتراكي الكوردستاني بعدئذ بتحديهم بمختلف الوسائل لتصفيتهم، بصفتهم عقبة في سبيل معالجة قضية شعبنا سلميا، يجعلون أنفسهم في صفوف أعداء شعبنا للتآمر على قضيته وحقوقه المشروعة وديمومة محنته القاسية.13- لم يوضح فيما إذا تقوم السلطة بعد التفاهم المشترك حول جميع النقاط والشروع بتنفيذها العملى تقديم العون المادي اللائق للحزب الاشتراكي الكوردستاني والمنظمات والنقابات والجمعيات التعاونيات التي تحت إشرافه من جميع الوجوه من نقد وعين وأبنيه ... آلخ في سائر أنحاء العراق وكذا التزاماته مع الأحزاب الكوردستانية ورعايا المواطنين الأكراد المطرودين من أماكنهم في الدول المجاورة وكذا لمنظمات طلاب الأكراد في أوروبا وأمريكا وغيرها في إنحاء العالم مع إبداء التعاون المشترك في منظمات الحزب من جميع الوجوه وفي كل مكان. 14- لم يوضح فيما إذا بحثتم مع المسؤولين إعادة النظر في موضوع قبول الطلاب والطالبات الأكراد بنسبة عادلة في جميع المعاهد والكليات والدراسات العليا بما فيها كليات القوات المسلحة وكذا البعثات والزمالات وتقديم القوائم من قبل الحزب الاشتراكي الكوردستاني وبالتشاور المشترك وكذا لم يوضح مصير الضباط العسكريين والشرطة وضباط الصف من الأكراد الملتحقين بالحركة الكوردية وإحالتهم على الوظائف وضرورة إعادتهم إلى وظائفهم أو في منظمات حرس الحدود بعد إنصافهم إلى درجات رتبهم أسوة بزملائهم الآخرين أو على الأقل إحتساب ذلك منذ تأريخ عودتهم لحد الآن.هذا بالإضافة إلى ضرورة قبولهم قيام الحزب بنشاطه الحزبي المحدود في صفوف جميع صنوف القوات المسلحة وفق الصيغة التي يتفق معها بالاتفاق والتشاور المشترك.15- لم يوضح حامل الرسالة فيما إذا تم بحث مد يد العون إلى المنكوبين من شهداء ومشوهين عاطلين عن العمل سواء قبل بيان آذار أو بعده خلال عامي 74-75  وذلك بتخصيص رواتب مناسبة لعوائلهم المنكوبة مع توفير السكن لها إستجابة لمتطلبات إنسانية وحقوق المواطنة أسوة بزملائهم شهداء القوات المسلحة وما ورد في بيان آذار بشأنهم. أتوق بحرارة ملتهبة للقاء بكم ولكن ربما تدركون جيداً أن ظروفي لا تسمح لي بذلك ولم أتردد لحظة واحدة في حالة إتاحة الظروف المواتية وأشكركم جداً على حسن ظنكم وثقتكم وأبارك نضالكم وجهودكم المشرفة وأما بالنسبة للمسؤولية التي تتحدثون عنها فلم أطمح ولم أرغب في يوم من الأيام إليها وأتشرف بأن أكون أخا متواضعاً مع شرفاء مثلكم وأعاهد ربي وشعبي وضميري أن أتفتنى في سبيل تأدية رسالتي النظيفة بأستقامة وجرأة ونكران ذات.. ختاماً أبارك ثانية جهودكم السلمية راجيا المضى ببصر وجرأة دون خشية لائم لحين التوصل إلى الحل السلمي المشرف مع تحياتي النضالية الفائقة.الرسالة فيها مقتطفات أخرى مهمة وإن شاء الله تفاصيلها سيكون من ضمن كتابي الجديد، وفي الحلقة القادمة ستكون هناك نقاط مهمة حول بنود المفاوضات التي أشاد به والدي حينها.أما بالنسبة للشخصيات الأخرى التي كانت تزور والدي حينها إضافة إلى الشهيدين المناضلين دارا توفيق وشوكت عقراوي كان هناك كل من السادة يد الله كريم فيلي، عبد الرحمن كومشين، نجيب بابان، فؤاد عارف، صادق بهاء الدين آميدي، القائد العسكري فيصل نزاركئ، القائد العسكري رشيد سندي، فاروق عقراوي، عبد مراد فيلي، صلاح سعدالله وحرمه السيدة سينم جلادت بدرخان، مصطفى صالح كريم، د. كمال مظهر، د. عز الدين مصطفى رسول، عباس البدري، محمد البدري، دلير علي، صبري بوتاني، شيرزاد محمد صالح جبرائيل، حازم اليوسفي، محمد بيتاسي، وأأسف إلى عدم التعرف إلى أسماء شخصيات أخرى، وعلى أغلب تقديري كانا الأساتذة كل من يدالله كريم فيلي وعبد الرحمن كومشينى ونجيب بابان من المنظمين إلى صفوف الحزب، حيث كان والدي شديد الثقة بهم ويتداول معهم في كل الأمور من خلال زيارتهم المستمرة.كما كان يزور والدي الشخصية الدبلوماسية الأستاذ عصمت كتاني (رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية في وزارة الخارجية العراقية) كلما كان يزور العراق، ورغم منصبه المهم والحساس وفي ظل ذلك النظام.. إلا أنهُ لم يكن يتوانى عن زيارة والدي للقاء به والحوار في الشؤون السياسية، هذا إضافة إلى جلبه الرسائل لنا من الأستاذ شكيب عقراوي وأختي نارين دون أي خوف أو تردد، رغم تلك المرحلة الصعبة من نظام بغداد ومواقف النظام من قادة الحركة أمثال المرحوم شكيب عقراوي.. كان الكتاني شخصية وطنية وقومية جريئة وذو مبدأ، رجل بمعنى الكلمة.. وحقاً لبعض الرجال مواقف لا تنسى... يتبع 



الحلقة: الثامنة عشر بعد المائة


بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

أحداث عام 1979 (الجزء العاشر).أستمرت الرسائل بين والدي وقيادة الحزب الأشتراكي الكوردستاني في المناطق المحررة خلال هذه الفترة والمرحلة المهمة والحرجة، ويبدو واضحاً من خلال رسالة والدي كانت هناك مراسلة مستمرة وعلى العجل بينهما حول شأن المفاوضات، حيث يبدو أستمرت الأتصالات الغير معلنة بعض الفترة بين وفد الحزب الأشتراكي الكوردستاني والحكومة العراقية حينها مع أستمرار والدي بإرسال أقتراحاته إلى القيادات. وهنا أنقل نص بعض من الفقرات التي كتبها والدي في الرسالة الثانية والتي تتعلق بعدة نقاط مهمة.. منها ما تتعلق بالكورد المرحلين والمهجرين وما يتعلق بمشكلة المناطق التي تسمى الآن (المتنازع عليها) والتي من المفروض أنها كانت السبب الرئيسي والوحيد لإندلاع الحرب عام 1974 والتي ومع الأسف لم تحل مشكلتها حتى الآن رغم مرور كل هذه السنوات.. وللأمانة والتاريخ أنشر بعض تفاصيل ما كتبه والدي من خلال رسالة ثانية، والتي عنونها (إخوتي الأفاضل د - ر - ط ) وهم كل من السادة د. محمود عثمان، رسول مامند، طاهر علي والي.. هذا نص الرسالة (الرسالة وبخط والدي موجودة في التصميم).إخوتي الأفاضل د - ر - ط المحترمينتحية نضالية حارةأطلعت على محتوى رسالتكم وملحقاتها وإليكم وجهة نظري حولها رغم تطابق وجهة أنظارنا حولها في معظم ما وردت فيها وهي:1-أتفق معكم في الحوار في مثل هذه الظروف وبالأخص فيما يتعلق بميزان القوى والسياسة الشوفينية المتسمة بطابع التغالي والغرور، التي لا تزال تنتهجها السلطة وقيادتها، صعب ومعقد وفي أمس الحاجة إلى الجرأة والتخطيط الموضعي السليم ومرونة التكتيك والمناورة المسندة على التمسك بسياسة الأبواب المفتوحة، والأخذ بأساليب كسب القناعة المتبادلة حول المصالح والتطلعات المشتركة، كما أتفق معكم أن التمادي في ممارسة سياسة تلويح العضلات ومنطق القوة والضعف، من شأنها تعقيد الأمور وتفاقمها، وبالتالي إطالة وتعميق محنة شعبنا بشكل خاص والشعب العراقي بشكل عام - كما أتفق معكم أن جماهير شعبنا قاطبة تجنح إلى السلم العادل المشفوع بالكرامة.كذلك أتفق معكم أن تبنى شعار إسقاط السلطة، ومقاطعة الأتصال والحوار معها غير موضوعي وغير واقعي من أية جهة تتبناه ومضر في نفس الوقت ويتم بطابع العفوية وردود الأفعال المتشنجة والمزايدات بالاضافة إلى إستجابته لمطالب ومصالح دول أجنبية دون تلمس أي ضمان لمصلحة شعبنا وإنقاذه من محنته.2- ذكرتم بأن ما لمستموه نتيجة الأتصال مع المسؤولين بأنهم يرغبون في إنهاء الأوضاع الاستثنائية وإيجاد حل لقضية شعبنا ضمن إطار سياسة الأنفراج منذ مجىء الرئيس الجديد وإدراكهم بقدر الأحزاب الكارتونية القائمة والمعزولة عن الشعب الكوردي وإنهمم يفضلون التعاون مع جهة وطنية وبالأخص مع الحزب الاشتراكي الكوردستاني ولكن يبدو لحد الآن إنهم عملياً يقومون بالعكس ويتمادون في إنجرافهم في متاهات الغرور العفوية والمواقف المسرحية الشكلية ويتنصلون حتى عن تطبيق ألتزاماتهم المقررة في قوانينهم كبيان 11/ آذار وحتى أجزاء من قانون العفو العام حيث لايزال هناك العديد من أبناء شعبنا المبعدين عن محل إقامتهم الدائمة وحتى تجاهل ذلك البيان عملياً ليس فحسب بل عدم القيام بأزاحة المعوقات والأخطاء الجسيمة والحساسيات التي تكتنفه منذ عام 1974-1975 لحد الآن.اذا كانت قمة السلطة وبالأخص قمة هرمها المتمثل في الرئيس الجديد يحده الرغبة في الحل فمن البديهي إنه صاحب الكلمة والحل والربط دون معارض في كل القضايا والأمور ومن المعلوم عنه إنه جريء وحازم في تحقيق الأمور التي يؤمن بها دون تردد، فلِم هذه المناورة والتباطؤ، إن كل تسويف وتأجيل في حل هذه المعضلة الحيوية الكبرى التي تمس جميع نواحي حياة شعبنا والشعب العراقي بأسره وبقضاياهم المصيرية أن كل تأخير في حلها سواء بدافع كسب الوقت أو أية غاية أخرى تعد ضرراً بالغاً بمصلحتهم وبقدر ضرر حركة شعبنا وبالتالي تفلت زمام الأمور بيدهم وبيد شعبنا علماً بأن وضعهم الداخلي والعربي والدولي ضعيف كثيراً وفي غاية الخطورة والتي تهدد عواصف هذه المنطقة الحيوية الحساسة الحبلى بالمشاكل والأوضاع المتغيرة بالإطاحة بهم وإن العنصر الحيوي الممكن لضمان بقائهم وتعزيز مركزهم هو إسراعهم في حل قضية شعبنا بشكل جذري متفتح مجرد عن أية مناورة وغموض وذلك عن طريق الحزب الأشتراكي الكوردستاني الموحد ودعم مركزه ليصبح الركيزة الأساسية لأستقطاب جميع جماهير شعبنا وعن طريقها بالأمكان إكتساب تأييد ودعم شعبنا لها في جميع أجزاء كوردستان كما حدث أثناء إصدار بيان 11/ آذار التاريخي.- سبق وطلبت منكم تزويدي بالنقاط التي توصلتم إليها والنقاط المعلقة فيها ليتسنى على تبادل وجهات النظر حولها لإيجاد الصيغ الممكنة بأجتياز العقبات التي تعترض طريقها لأن عنصر السرعة في البت مهم وضروري جداً لشعبنا وحركته ولهم على حد سواء وإن هناك العديد من العناصر والفئات والأوساط الداخلية والخارجية المنتفعة تستغل كل تباطىء لتعقيد الحوار ونسفه والحيلولة دون التوصل إلى الحل المنشود بشتى الوسائل.مع الأسف أتت رسالتكم خالية من ذلك بأستثناء ذكر ثلاث نقاط فقط وصفتموها بأنه من الصعب حلها في هذه المرحلة من الحوار وهي: 1) تجريد الجحوش من السلاح بشكل فوري.2) إعادة المهجرين إلى قراهم.3) المناطق المختلطة.لست أدري هل تمت الموافقة على النقاط المهمة الأخرى وبالأخص موضوع.. 1-  تصفية الأحزاب الكارتونية وتجريد عضوية حزبهم من المواطنين الأكراد الذين أرغموا بمختلف وسائل التهديد والوعيد والأبتزاز والترغيب للأنضواء في صفوف حزبهم منذ عام 1975 بعد النكسة إلى الآن حيث لاتزال لحد الآن الحملات جارية على قدم وساق، والأستجابة إلى توحيد الحركة الكردية وتنظيمها الموحد مع أجنحتها من المنظمات الكوردستانية ليلعب دوره الرئيس وضمن إطار التحالف الوطني المصيري معهم في كوردستان العراق وعن طريقه إلى الحزب الأشتراكي الكوردستاني ومنظماته، مع الأجزاء الأخرى في كوردستان وحركاتها وأحزابها ومن الخارج أيضا.وأستدراك منطلق عودتهم إلى ألتزاماتهم المنصوصة في بيان 11/ آذار بالإضافة إلى ضرورة إدراكهم بأن تجارب السنوات الخمس المنصرمة منذ عام 1975 تنصلهم لإلتزاماتهم ومقرراتهم بحق حقوق شعبنا وحتى محاولة الألتفاف بأنكار وجوده كشعب ذو حركة طبيعية أصلية والتمادى في تزييف قيادة حركته وإملاء هذا الفراغ السياسي الهائل سواء من قبل حزبها أو الأحزاب الكارتونية المنتفعة التي ولدتها الأوضاع الأستثنائية إن هذه السياسة المضرة أثبتت فشلها الذريع وأدت إلى تفاقم الأوضاع على مر الأيام بحيث تهدد بمستقبلهم فيما إذا لم يقوموا بشكل واع وحازم بتلافى هذه السياسة الخاطئة والعمل من أجل إملاء هذا الفراغ من قبل أصحابها الشرعيين الحقيقيين ودعمهم في إطار التحالف الأخوي المعبر عنه وتجاوز كل الأخطاء التي حدثت سابقا. - هل تمت الموافقة على تصفية وإنهاء الظروف الأستثنائية في كوردستان وإعادة الأوضاع الطبيعية إليها ليتسنى قيام مؤسسات الحكم الذاتي بدورها الطبيعي المرتكز على الأسس التالية حسب نظري:1) تصفية عناصر المؤسسات الحالية إبدالها بالعناصر الخيرة بالتعاون والتشاور والأتفاق المشترك معكم.2) منحها أي المؤسسات بالصلاحيات الحقيقية.3) إعادة النظر في توسيع إطارها بحيث تشمل المناطق التي تشكل الأكثرية الكوردية المطلقة فيها كما ورد في بيان 11/ آذار.هاتين النقطتين 1- دعم الحركة الكوردية وتنظيمها الموحد في إطار التحالف المصيري وإقامة وتطوير مؤسسات الحكم الذاتي بشكل طبيعي، نقطتين جوهريتين تلحقها إيجاد الحلول المناسبة للمناطق المختلطة كأمتداد للحل العضوي الشامل للقضية بأسرها مع الاقرار بتوفير أفضل الضمانات للتحالف المبدئي المصيري المشترك علما بأن أدراكهم بدعم وتقوية الحركة الكوردية الطبيعية بالتشاور والتعاون المشترك دعم أكيد لهم ولأهدافهم وقضاياهم المبدئية.أما وجهة نظري حول إيجاد الصيغ الموضوعية للنقاط الثلاثة المذكورة في رسالتكم فهي تتضمن مقدما بتطبيق وجهة نظرينا حول الأخذ بأساليب المرونة للحد الممكن في إطار الأستراتيجية وأرى محاولة الأخذ بممارسة أسلوب الحد الأدنى والأعلى.بالنسبة للنقطة الأولى – أي تجريد الجحوش من السلاح حسب تعبيركم: 1- أرى من الأفضل عدم الإنطلاق من صيغة مطالبة تجريد الجحوش (الفرسان) من السلاح بل التركيز على صيغة الأخذ بمبدأ أختيار جميع مراتب حرس الحدود وما يتعلق بهم ورد في بيان آذار على أساس التفاهم والأتفاق المشترك وبين المسؤولين ولزيادة التفصيل والايضاح في حل هذه الصيغة أرى التركيز على الصيغ التالية:أ- حل جميع تشكيلات ومراتب ومسؤولي حرس الحدود الحالية وإعادة تشكيلاتها ومراتبها ومسؤوليتها من جديد بالاتفاق والتفاهم المشتركين تمشيا مع الظروف والاوضاع الجديدة بعد الاتفاق.ب- عدم الإلحاح بتصفيتهم النهائية لأن العديد منهم حسبما نعلم من العناصر الممكن الأعتماد عليها وبالإمكان الأستعانة ببعض الأخوان في جميع المناطق أثناء الفرز والأختيار تبعا لمبدأ الانفاق والأختيار المشترك – كما أن الإلحاح بالصيغة الحدية تجرد الحوار من المرونة ويسحبه إلى طريق مسدود.2- إعادة المرحلين المهجرين إلى قراهم الأصلية وهي كما لا يخفي لديكم وضعين مختلفين :الأول – يشمل حزام القوس الجنوبي من كوردستان المتشابك والمتفاعل مع المناطق المختلطة فقد تعرض لحملات الأبعاد والدمج والألحاق والمتعمد وحرم أصحابها الشرعيين المرحلين خارج مناطق سكانهم من العودة إليها.الثاني – الشمالي المتاخم على طول الحدود الشمالية والشمالية الشرقية بدافع نفس السياسة على المدى البعيد ولكن المرحلين منهم أسكنوا في مستوطنات والمجامع أو ما يسمى بالقرى العصرية القهرية في كوردستان وفي منطقة الحكم الذاتي.فحسب وجهة نظري أرى من الأفضل الأخذ بالصيغ التالية بالنسبة للوضع الأول وهي:1-  إعادة جميع المرحلين والعائدين الأكراد من القوس الأول إلى محلات سكانهم وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار خلال مدة معقوبة لا تتجاوز شهرين -2.2- تعزيز روح التآخي والألفة والتضامن بينهم وبين المواطنين الاخرين وبالأخص العرب منهم وإزاحة كل النعرات التي تصدع روح المودة والأخوة المصيرية ومحاسبة المسيئين بشدة وتعاون الحزبين بمنظماتهنا في هذه الشأن.3- إعادة الدراسة الكوردية إلى جميع المناطق التي شملتها منذ عام 1970 على ضوء بيان 11/آذار وربطها بأمانة التربية في منطقة الحكم الذاتي مع الاهتمام باللغة العربية في نفس الوقت.4- قيام التنظيم الكوردستاني الموحد، منظماتها الكوردستانية وأتحاداتها وجمعياتها المختلفة ونقاباتها بمزاولة نشاطاتها كما كانت سارية بعد بيان 11/آذار وفي اطار التعاون والتحالف مع حزب البعث ومنظماته في جميع الأمور.5- مراعاة التمثيل الكوردي في الوظائف وبالأخص الحساسة في تلك المناطق وبالتعاون والاختيار والاتفاق  المشترك.6- إعادة النظر في ضم بعض تلك الأقضية والنواحي التي تشكل أكثرية كوردية مطلقة إلى منطقة الحكم الذاتي .أرى الحد الأدنى بالنسبة لتفاصيل النقطة (6) كما يلي:1-  إعادة النظر في ضم الأقضية والنواحي التالية التي تشكل أكثرية كوردية إلى منطقة الحكم الذاتي.أ-  قضائيّ عقرة وشيخان وأجزاء الأقسام الكوردية المطلقة في أقضية سنجار وتلعفر وتلكيف والحمدانية من محافظة نينوى أي محافظة دهوك وإتخاذ قرارات إدارية بشأنها.ب- ربط الأجزاء الكوردية المطلقة من محافظة التأميم كركوك – التون كبرى وشوان بمحافظة أربيل. ج- ربط أقضية جمجمال وكلار وطوز وكفري وخانقين بمحافظة السليمانية أو تشكيل محافظة كوردية جديدة في إطار الحكم الذاتي تضم إليها تلك الأقضية.د- شمول بقية المناطق المختلفة خارج المنطقة الكوردية بما أوردته من فقرات المناطق المختلطة من 1-5.ه - حق أختيار الأكثرية من المناطق المختلطة الضم إلى الحكم الذاتي في المستقبل الحد الأدنى – إعادة النظر في ضم المناطق التالية التي تشكل أكثرية كوردية مطلقة إلى منطقة الحكم الذاتي وهي: 1- قضائي عقرة وشيخان وناحية الشمال (جبل سنجار) أي القسم الكوردي في قضاء سنجار وناحية زمار في قضاء تلعفر والقوش من قضاء تلكيف والأجزاء الكوردية من قضاء الحمدانية وفك أرتباطها من محافظة دهوك.2-  ضم قضاء ألتون كبرى وناحية شوان إلى محافظة أربيل .3- ضم أقضية جمجمال وكلار وخانقين وناحية قادر كرم إلى محافظة السليمانية.4- شمول بقية المناطق المختلطة التي لا تدخل في منطقة الحكم الذاتي بالفقرات التي ذكرتها من 1-5. 5- إعطاء حق الأختيار للأكثرية الكوردية في المناطق المختلطة بالضم إلى الحكم الذاتي في المستقبل.مع كل ذلك فأذا وجدتم رفض الحالتين فبالامكان التمسك بجميع الفقرات الواردة والخاصة بصيغ حل المناطق المختلطة الآنفة لذكر من 1-6 وحتى مضمون الفقرة (6) كما ورد في بيان 11/ آذار وما يترتب عليها من التعقيدات كما حدث لبيان 11/ آذار ولكن الفقرات السابقة تضمن محافظة هوية شعبنا وان هذه الصيغة رغم عدم تمديده يعتبر ألتزاما... وإحراجا لها ويتوقف تحقيقها في مرحلة متقدمة تبعا لتوفير الثقة المتبادلة كي يرفع الإحراج عن المسؤولية التآريخية بالنسبة للحزب إلى حد كبير.أما بالنسبة إلى القوس الثاني – المطالبة بعودة المهجرين إلى قراهم الأصلية في مدة محددة تقدرونها وإذا لم تتم الموافقة بهذه الصيغة وأثرت على جر الحوار إلى الأختناق فمن الممكن صياغتها بأشكل التالي – منح حق الأختيار بمحض الأرادة والرغبة إلى المهجرين للعودة إلى قراهم الأصلية على أن يشرف على مثل هذه الأختيار لجنة مشتركة تضم ممثلي الجانبين مع منح المعونات إلى المغبونين العائدين منهم.... يتبع 



الحلقة: االتاسعة عشر بعد المائة


بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي


أحداث عام 1979 (الجزء الحادي عشر).خارطة الطريق..بعث لي أحد الأخوة الأفاضل هذا الأستفسار:((هل أستطيع أن أطلب من بنت المناضل أن تجد بين الأوراق شيئاً حول الرؤية المستقبلية للرائد الفكري السيد صالح اليوسفي حول إدارة كرميان.. وأي شيء بما يتعلق بمناطق (جلولاء وخانقين وكلار وكفري وكلجو) إلى حدود دربنديخان وحلبجة الشامخة ولنا التحية والأحترام للرائد الفكري السيد صالح اليوسفي وكل مَن يحمل شعلته النيرة في إكمال الطريق..)). أخي الفاضل أشكرك على هذه الرسالة والثقة وإيمانكم بفكر ونهج والدي، كما هو معلوم كان والدي يحرص ويهتم بكل مدن أقليم كوردستان خلال كل مراحل المفاوضات منذ بدايات الستينيات وإلى آخر مفاوضات عام 1979 (الغير معلنة رسمياً من قِبل نظام بغداد مع الحزب الأشتراكي الكوردستاني التي تزعمها والدي والتي ترأس المفاوضات د. محمود عثمان والأستاذ عدنان المفتي) ولكون والدي كان زعيماً للحزب لذا كان حريصاً جداً على نجاح هذه المفاوضات لإنقاذ شعبه من آثار محنة نكسة 1975 فكانت الرسائل المتبادلة تجري بأستمرار بينهُ وبين قيادات الحزب في المناطق المحررة، وكانت رسائله دائماً تتعدى عدة صفحات يذكر من خلالها كل التفاصيل الدقيقة، ومن يطلع على رسائله سيرى مدى تتبعه للأحداث والأخبار الدائرة في المناطق المحررة ومدى أهتمامه بحقوق شعبه ومصير المناطق والمدن في كوردستان العراق، وقد أشرت في الحلقة الماضية على أغلب المقترحات التي أشار إليها والدي وكيف رسم خارطة الطريق، ومنها حول أستفسار الأخ، حين أشار إليها والدي كما جاء حول النقطة 6 نصاً من خلال هذا المقتطف:((إعادة النظر في ضم بعض تلك الأقضية والنواحي التي تشكل أكثرية كوردية مطلقة إلى منطقة الحكم الذاتي.. كما جاءت أيضاً في النقطة الأولى ضمن هذه الفقرة حول النقطة ج وهذا نصها: ربط أقضية جمجمال وكلار وطوز وكفري وخانقين بمحافظة السليمانية أو تشكيل محافظة كوردية جديدة في إطار الحكم الذاتي تضم إليها تلك الأقضية(1))). تتمة بعض الفقرات من الرسالة الثانية..أخوتي الأعزاء.. سبق وأن أشرت أنني أكتب الحقائق التاريخية بما يخص نضال وفكر والدي ووجهات نظره خلال تلك المرحلة العصيبة التي مرّ بها شعبنا المحمل بآلام النكسة، فالرجاء الرجاء مَن يتقبل هذه الحقائق بصدر رحب من خلال رأي والدي فاليتابع الحلقات دون أية تعقيبات تثير الحساسيات التي نحن في غنى عنها، وحين تكون هناك بعض محطات الأنتقادات من والدي حول مواقف معينة من تلك المرحلة، فهذا رأي ووجهة نظر زعيم عَرك الحياة السياسية لقرابة أربعة عقود ولا شك لهُ وجهة نظر من عدة جوانب، وهذا ليس معناهُ الأنتقاص من قيمة شخصية أو حزب، وإنما هي بعض الحقائق التاريخية عن مواقف الشخصيات السياسية أو الأحزاب من خلال وجهة نظر والدي الذي كان حينها ينظر للأمور برؤية عميقة وقلب مفجوع من آثار النكسة وتداعياتها، وكان كل أمله حينها أن تتكاتف جميع جهات والأطراف يداً واحدة من أجل إنقاذ شعبنا المظلوم وما جابهتنا من مآسي ومعاناة بعد النكسة والشواهد لا تعد ولا تحصى.. ويبدو من خلال رسائل والدي وكأنهُ كان يعيش في المناطق المحررة مطلعاً عن كل ما يجري على الساحة السياسية..! وهناك بعض الإشارات من حروف سواء عن بعض الشخصيات أو الجهات، ولأنني في الحقيقة لم أستطيع فك بعض الرموز والمصطلحات لمعرفة المقصود منها، وتفادياً من أي خطأ..سوف أقتطف من الرسالة بعض المقتطفات فقط إلى حين الإستشارة.. تتمة للرسالة السابقة يشير والدي نحو النقاط المتسلسلة في المفاوضات قائلاً:5- أؤيد موقفكم بحرارة على أهمية إصدار بيان مجلس قيادة الثورة بعد إكمال الوفاق بالنقاط المتفقة عليها ضمان ليس فقط لمصلحة شعبنا وحركته وإزاحة كل أشكال البلبلة والتخريب التي سوف تتذرع بها مختلف الأوساط الداخلية والخارجية المنتفعة من إبقاء وإدامة حالة العنف في كوردستان وبالتالي وضع قضية شعبنا في محلها السليم وتوفير الامكانيات والضمانات لقطع دابر الحركات التخريبية حاضراً ومستقبلاً كما أن ذلك في مصلحتهم بقدر ما هو في مصلحة شعبنا وحركته وتتناسب مصلحتهم تناسباً طردياً كلما أندفعوا بحزم وسرعة بتوسيع حجم إنفتاحهم على قضية شعبنا وتعزيز وتقوية حركته وإعطاء زخم قوى للحركة والسلطة معاً في هذه المنطقة الاستراتيجية الخطرة وفي الخارج أيضا بالتنسيق والتعاون المتبادل. 6- لقد أبديت وجهة نظري عن عمق وروية ودراسة مستفيضة وإدراك وتجربة وضمير حي حول آيديولوجية الحزب الأشتراكي الكوردستاني والنابع عن صميم مصلحة شعبنا وحركته التحررية التقدمية على مدار التأريخ وقد آنيت على نفس أن أكون تقدميا موضوعيا بكل معنى الكلمة مجردا عن جميع شوائب التضليل والتزييف والتطرف الإنفعالي اليميني واليساري على حد سواء والتي ألحقت ولاتزال تلحق وفي المستقبل بحركة شعبنا ومصلحته ومستقبله ضررا بليغا وأومن إيمانا جازما بأن البقاء هو للأصلح وإن هذا النهج يسود ليس فقط في كوردستان بل في العالم بأسره وليس علينا سوى القيام بدورنا الإيجابي الموضوعي المتواضع وبقدر ما نملك من الأمكانيات في هذا المجال الصائب النبيل. 7- أطلعت على البيان التأسيسي - وقد أبديت لكم وجهة نظري حول النقطة الجوهرية في الفقرة (6) وقبل ذلك بشكل مفصل وأما النقطة الثانية رغم عدم كونها غير جوهرية فقد ترددت فيها بشكل إنفعالي ممل تسمية الفاشية الموجهة إلى السلطة وتتسم العبارات الواردة فيها كأنها توحي إلى تغيير شعار الحزب نحو الإسقاط فكان من الأجدى توجيه الأتهامات والأنتقادات إليها بالتحريفية لقيامها بالممارسات الشوفينية والفاشستية المنافية لمبادئها وأهدافها ومقرراتها ومنها أتفاقية 11/ آذار لأن وقع مثل هذه العبارات بهذه الصورة أكثر تقبلاً وتأثيراً لدى الأوساط العراقية المثقفة التي ملت في العبارات الغوغائية المترددة وكذا بالنسبة لأوساط واسعة من جماهير حزبهم وحتى إحراجهم كما وتنسجم في توفير أجواء الحوار أستجابة للشعار القائم بهذا الصدد – كما وكان من الأفضل إبراز دوركم كأنصار ودعاوة للسلم الديمقراطي العادل في مثل هذه المناسبات.8- أتفق مع رأيكم بالنسبة لموقف الحزب الشيوعي ومع ذلك فمن الضروري والمصلحة محاولة إيجاد أفضل العلاقات الممكنة معه مع الحذر بأنه وتمشياً مع مصالحة الفئوية الضيقة تحاول أستغلال خلافاتكم مع العصبة وربما نحاول تعميقها في صالحها.  أخوتي الأفاضل.. النقطتان التاسعة والعاشرة سيؤجل الآن كما أشرت..11- عليكم الأستمرار في نهجكم الموضوعي الصائب والمتحرر من جميع أشكال قيود الأساليب الكلاسيكسة ونزعات التطرف والإنفعال والمزايدات.12- أما وجهة نظري حول الرسالتين المتبادلتين فيما يسمى بالأتحاد الوطني والحزب الشيوعي المشترك وجوابكم المنفرد إلى الحزب الشيوعي فهي كما يلي:أ- بالنسبة لرسالتيهما – أتفق ما وردت في كلتا الفقرتين الواردتين في رسالتكم الجوابية المنفردة رغم إسهابه وعدم تصويب بعض النقاط المحرجة بالنسبة لتذبذب موقف كليهما بهذا الصدد وقد ورد في رسالتكم الجوابية أكثر من مرة أسم الاتحاد الوطني ولست أدري هل هناك جبهة أو تنظيم قائم في الوقت الحاضر يسمى الأتحاد الوطني أو جهة سياسية معينة محدودة وهي العصبة الماركسية فقط تستغل هذه التسمية فأذا كانت هي تستغلها فأعتقد أن ترديدكم بهذه التسمية غير صحيح لأن هذه التسمية تشملكم أيضا وإنتقاص لكم. أما بصدد قيامكم بأحراجها فكان من الأجدر توجيه أنتقادكم إلى العصبة نفسها لأنها رغم تمسكها في شعاراتها ومناهجها تتبنى شعار إسقاط السلطة غير أن مواقفها المتذبذبة العديدة تدينها وتفضحها حيث كانت ولاتزال تحدوها رغبة محمومة ملحة للحوار مع المسؤولين ولو كان من الدرك الأسفل من المستويات كما حدث مراراً ولاتزال مثل هذه الأتصالات قائمة ومستمرة بواسطة بعض أغوات بشدر الكادحين وزعانف السلطة المرتزقة وذبيحي وتتردد الآن إشاعات قوية على السن جماعته بقيام تلك الأتصالات الجارية والمشفوعة بالتمويل وبالأموال وأن (م – ج) حسب الأشاعات الواسعة حصر مطاليبه في نقطتين فقط، 1- إعادة الشريط الحدودي من القرى. 2- سحب منظمات حزب البعث من النواحي وبعض الأقضية الكوردية، وكلا الطلبين لايمسان بحقوق شعبنا بشيء بل من الضروري تحقيق ذلك فهل يحق لجهة بعد هذا الموقف أن ينحي باللائمة على حزب تقدمي تحرر من كل أشكال التبعية ولم يرفع في يوم من الأيام شعار إسقاط السلطة منذ تأسيسه ليقظته الثورية وتصديه السياسي الموضوعي وتحرره من جميع أشكال التقليد والأساليب الكلاسيكية التي تقادم عليه الزمن ومن نزعات الأنفعال والتطرف والأبتزاز والمزايدة والتذبذب في المواقف وإنه قد أضطر للجوء إلى المقاومة لا كهدف وغاية بل كأسلوب من أساليب نضال الدفاع الشرعي من أجل أسترداد حقوق شعبنا الواضحة والممكنة تحقيقها بكرامة فأذا كانت السلطة المسؤولة سواء بدافع رغبتها وإدراكها أو لأسباب تتعلق بأحراج ظروفها وأوضاعها تستجيب فهل من المصلحة نبذ ذلك وهل هناك دافع من كائن من كان أن يحاسبه على ممارسة الأساليب التي تؤمن بها وتتخذها من أجل تحقيق شعاراته وأهدافه الذي يناضل من أجله – أهل يفرض عليه جهة ما أن تقاوم من أجل إسقاط السلطة أو من أجل تحقيق الحقوق التي أوجدت المقاومة كأسلوب من أجله – وهل يحق لجهة تتهافت برغبة محمومة وبشتى الوسائل للتشبث بذلك وفي أوطأ المستويات ثم تحاول ليس فقط تصويب الأنتقاد بل الحساب مع جهة تقوم بمحاولتها النضالية الصريحة في أعلى المستويات هذا رغم أن طوال تجربة ثورتنا السابقة من عام 1961 واللاحقة لحد الآن تبرهن على عدم أمكانية أسقاطها وأتخاذ بديل ضامن عنه ولسنا نقاوم من أجل المقاومة بل من أجل تحقيق الحقوق التي تناضل المقاومة من أجلها، علما بأن مثل هذا الشعار السلبي غير الواقعي يسبب في تعقيد قضية شعبنا وتعميق محنته ولا يستفيد منها سوى الأوساط الداخلية والأجنبية المنتفعة كما ثبت بالواقائع والشواهد الصارخة، علما بأننا نعلم وعلى ضوء التجارب التي مرت بشعبنا من مختلف العهود والأتجاهات ليس هناك عهد وجهة تتربع على السلطة وتؤمن حق الإيمان بحقوق شعبنا وتمنح إليه هذه الحقوق كهبة أو منحة بل الظروف والأوضاع تجبرها على ذلك وينبغي علينا أستغلال تلك الفرص والظروف والأوضاع حق قدرها وحتى القيام بمحاولة إنضاجها كجزء مهم من نضال شعبنا .هذا من جهة ومن جهة أخرى – إننا نؤمن بفعالية الأرتباط العضوي بين الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان ونؤمن على أهمية وضمان حقوق شعبنا في حالة تحقيق الديمقراطية والأشتراكية الحقيقيتين في العراق كما نعتقد بأن الأستجابة لحقوق شعبنا الكوردي العادلة توفر الأجواء الرحبة لإنهاء الظروف الأستثنائية ليس في كوردستان بل في كل العراق وتفتح أفاقا رحبة للديمقراطية، ولكن هنا يتبادر إلى الذهن سؤال – هل يقوم الأخ – ج والعصبة بتحقيق الديمقراطية وتعزيز الجبهة الوطنية الحقيقية في صفوف الأتجاهات القائمة في كوردستان وفي ظروف قاسية وملحة كمثل هذه الظروف والأوضاع والواجبات الوطنية..؟ والجواب سلبي بالنفي طبعا مع الأسف الشديد، فكيف بالأمكان تحقيق ذلك وبمثل هذه البساطة الكلامية المعسولة في هذه المرحلة، إن جميع الجهات الوطنية والديمقراطية والقومية والعناصر السياسية تتبنى هذا الشعار وتدعوا إليها بحرارة خاصة في الظروف التي تكون بعيدة عن السلطة أو مغبونة فيها ولكنهم عملياً أخفقوا ويخفقون في تحقيق هذا الشعار الحي إعلاميا والميت عملياً وواقعياً وهم يعلمون تعذر تحقيق ذلك بل حتى أستحالته وبالأخص في هذه المرحلة... وحتى في حالة تحقيقه يبدأ التنافس لمحاولات التسلط الفئوي والحزبي الضيقين أو الفردي كما نشاهده الآن حتى في كوردستان وخاصة بين تلك الجهات التي تتبنى دكتاتورية الحزب الواحد ولا تؤمن أصلا بالديمقراطية التي تناقض مبدأ هذه الدكتاتورية... يتبعالهوامش والمصادر:(1)إعادة النظر في ضم بعض تلك الأقضية والنواحي التي تشكل أكثرية كوردية مطلقة إلى منطقة الحكم الذاتي .أرى الحد الأدنى بالنسبة لتفاصيل النقطة (6) كما يلي:1-  إعادة النظر في ضم الأقضية والنواحي التالية التي تشكل أكثرية كوردية إلى منطقة الحكم الذاتي.أ-  قضائيّ عقرة وشيخان وأجزاء الأقسام الكوردية المطلقة في أقضية سنجار وتلعفر وتلكيف والحمدانية من محافظة نينوى أي محافظة دهوك وإتخاذ قرارات إدارية بشأنها.ب- ربط الأجزاء الكوردية المطلقة من محافظة التأميم كركوك – التون كبرى وشوان بمحافظة أربيل. ج- ربط أقضية جمجمال وكلار وطوز وكفري وخانقين بمحافظة السليمانية أو تشكيل محافظة كوردية جديدة في إطار الحكم الذاتي تضم إليها تلك الأقضية.د- شمول بقية المناطق المختلفة خارج المنطقة الكوردية بما أوردته من فقرات المناطق المختلطة من 1-5.ه - حق أختيار الأكثرية من المناطق المختلطة الضم إلى الحكم الذاتي في المستقبل الحد الأدنى – إعادة النظر في ضم المناطق التالية التي تشكل أكثرية كوردية مطلقة إلى منطقة الحكم الذاتي وهي: 1- قضائي عقرة وشيخان وناحية الشمال (جبل سنجار) أي القسم الكوردي في قضاء سنجار وناحية زمار في قضاء تلعفر والقوش من قضاء تلكيف والأجزاء الكوردية من قضاء الحمدانية وفك أرتباطها من محافظة دهوك.2-  ضم قضاء ألتون كبرى وناحية شوان إلى محافظة أربيل .3- ضم أقضية جمجمال وكلار وخانقين وناحية قادر كرم إلى محافظة السليمانية.4- شمول بقية المناطق المختلطة التي لا تدخل في منطقة الحكم الذاتي بالفقرات التي ذكرتها من 1-5. 5- إعطاء حق الأختيار للأكثرية الكوردية في المناطق المختلطة بالضم إلى الحكم الذاتي في المستقبل.مع كل ذلك فأذا وجدتم رفض الحالتين فبالامكان التمسك بجميع الفقرات الواردة والخاصة بصيغ حل المناطق المختلطة الآنفة لذكر من 1-6 وحتى مضمون الفقرة (6) كما ورد في بيان 11/ آذار وما يترتب عليها من التعقيدات كما حدث لبيان 11/ آذار ولكن الفقرات السابقة تضمن محافظة هوية شعبنا وان هذه الصيغة رغم عدم تمديده يعتبر ألتزاما... وإحراجا لها ويتوقف تحقيقها في مرحلة متقدمة تبعا لتوفير الثقة المتبادلة كي يرفع الإحراج عن المسؤولية التآريخية بالنسبة للحزب إلى حد كبير. 


الحلقة: العشرون بعد المائة

بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

أحداث عام 1979 - خارطة الطريق (الجزء الثاني عشر).يستمر والدي مع مقتطفات من تتمة الرسالة الثانية وهو يشير من خلالها إلى الضعف والمشاكل التي كان يعانيه النظام الجديد حينها.. فيبرهن لرفاقه على أستغلال فرصة ضعفه لتحقيق ما يمكن تحقيقه لشعبنا من خلال هذه المفاوضات، كما يؤكد من خلالها صعوبة إسقاط النظام رغم ضعفه خلال تلك الفترة، ثم يشير من خلال تنبأته فيما لو أطاح بالنظام الحاكم حينها.. وفي نهاية الرسالة يعبر عن أنتقاده للأوساط المستفزة التي كانت تثير الضجة والبلبلة حول تلك الخطوة من مرحلة المفاوضات للإنتقاص منها، في الوقت الذي كانت هذه الأوساط هي نفسها تترجى وتدعوا من خلال محاولاتها الحثيثة والمستمرة مع النظام من أجل أن تحظي بمثل هذه الخطوة والفرصة..!يذكر والدي:(( أرى ضرورة تبنى هذا الشعار الصائب ولكن من الضروري تغيير الأساليب الأيجابية للتوصل إليه كمراحل وأعتقد إن حل قضية شعبنا الكوردي سلمياً وعادلاً، الذي يشكل جزء مهما من الشعب العراقي هو بالتأكيد تمهيد ضامن لخلق أجواء أفضل نحو تحقيق هذا الشعار وعلى جميع الأطراف السياسية المعنية التحرر من قيود المنافع والأحتكارات الحزبية الضيقة وجميع أشكال التسلط الفئوي وتتجه بأيمان بتربية روح الديمقراطية الحقيقية المتكافئة بين مختلف الأتجاهات، هذا من جهة ومن جهة أخرى فرغم إدراكنا بما قاساه ويقاسي شعبنا الكوردي خاصة والعراقي عامة من الأهوال التي لا تعد ولا تحصى على أيدي السلطة ولكن كما قلنا ليس بوسع المفارز الثورية المسلحة وهي في هذه الحالة وحتى في أعلى أشكال تطورها إمكانية إسقاطها وتحقيق سلطة الجبهة الائتلافية كما ولا يمكن عملياً أن تتسع على نطاق لهذه الغاية رغم ضعفها والمشاكل التي تعانيها – فلماذا لا تستغل فرصة ضعفها في الظرف الراهن لتحقيق ما يمكن تحقيقه والذي تقوم المقاومة من أجله. فحسب أعتقادي أن المرشحين لأستلام زمام الحكم في حالة الأطاحة بالسلطة الحالية فرضياً وحتى محتملاً هي بالتأكيد ليست الجبهة الوطنية رغم تقديري وأحترامي لها بل من المرجح تسلط الحزب الجمهوري الإسلامي الشيعي على غرار ما هو قائم في إيران، أو إنفجار داخلي في حزب البعث يركن مع السلطة في سوريا وفي كلتا الحالتين تدمج الدولتين وأن سمات تينك الجهتين المتسمتين بالدكتاتورية وقبل تحقيق حقوق شعبنا من المؤكد أنها ليست في صالح الديمقراطية ولا في صالح الأستجابة لحقوق شعبنا رغم تقديم المطاليب المعسولة وهي بعيدتين عن الحكم حيث تتصاعد قوى الدولتين لمواجهة حركة شعبنا ومصينة والألتفاف حولها لأختناقها.نستخلص من ذلك أن الجانب الأكبر والأهم من نضالات الشعوب تتكرس على الجانب السلمي أولاً وآخراً وبقدر ما هو ممكن، فأذا كانت السلسلة المواجهة تبدي أستعدادها العملي السلمي العادل لمثل هذه القضية الحيوية التي لا يمكن أن تهيأ وتفتح آفاق الأجواء الديمقراطية في العراق بدون حلها وأن بقاء إلهابها وإداماتها يكرس بالمزيد من الظروف الأستثنائية من جميع أنحاء العراق و(تخنق) وتسمم بالمزيد الأجواء الديمقراطية.إن الحزب الأشتراكي قد رفع شعار عدم إسقاط السلطة لا حباً بها، بل لتعذر تحقيقه وإيجاد بديل ضامن لمصلحة شعبنا والشعب العراقي ولهذا فقد تمسكت بسياسة الأبواب المفتوحة وهو حر في تصرفه ولا يمكن بذلك أن يعادي أية جهة وطنية بل يدعو جميعها للتنسيق معه في هذا المجال وكنا وسوف نكون عامل خير ووفاق وتضامن معها جميعا أستجابة لمصلحة شعبنا والشعب العراقي بأسره ولمبدأنا وأهدافنا الواضحة وفي جميع الظروف والأحوال.إننا نرحب بحرارة بكل نصيحة وإنتقادات وجيهة ولكن في نفس الوقت نرفض كل تبعية ووصية ونزعة سلطية متعالية ونؤكد عن إيمان على ضرورة إحلال روح الإنفتاح والوئام والتعاون والتنسيق والأحترام المتبادل.لسنا ندري سبب الضجة المفتعلة ضدنا وفي مثل هذه الظروف ونحن نقوم بدورنا الأيجابي المشرف في الوقت الذي تجري تلك الجهة الأتصالات المتسترة المستمرة مع السلطة وفي أدنى المستويات كما قلنا سابقاً، إننا نترفع القيام بمثل هذه الأساليب الملتوية والواطئة المشفوعة فأتصالاتنا مكشوفة ومع قمة القيادة المسؤولة مباشرة ومنذ قيام المغفور له (علي عسكري) بذلك وأستجابة لشعارنا الموضوعي وقد فاتحناكم والآخرين عن حسن نية للتنسيق والتضامن سوية وسوف نمضي قدما فيها حتى بمفردنا ولا نخشى لوم لائم لإيماننا العميق بأنه هو الطريق الصحيح والسليم ويخدم بالتأكيد مصلحة شعبنا والشعب العراقي وقواه الوطنية والحكم الديمقراطي والدستوري في البلاد.ملحوظة أرى من الأفضل توجيه رسالة إلى الأخ عمر والجماعة المنشقة تدعوهم لتصحيح مواقفهم في صفوف الحزب خلال مدة شهرين..)). هذه كانت مقتطفات من الرسالة الثانية للوالدي أثناء مفاوضات 1979.يذكر الأستاذ عادل مراد:(( كان الشيخ محمد شاكلي حلقة الوصل بين صالح اليوسفي والمكتب السياسي الذي ترأسه المرحوم رسول مامند في الجبال، الذي كان يساعده كل من اللواء عزيز عقراوي والمقدم طاهر والي، وقد أستقطب الحزب الاشتراكي الكردستاني جماهير واسعة في المدن والأرياف...)).حول نهج والدي خلال تلك الفترة من المفاوضات يذكر الأستاذ صلاح مراد:(( كان يمتلك الشهيد اليوسفي النزاهة والصراحة والدبلوماسية، هناك الكثير من المناصب والوظائف يكفي إمتلاك الخبرة لتوليها، لكن أقولها بفخر وأعتزاز إن القائد السياسي الشهيد صالح اليوسفي كان يمتلك هذه القدرة العالية في الفصاحة والبلاغة والحوار السياسي والفكر القومي لتقديمها وإيصالها بالشكل الحضاري للطرف الآخر المعادي وهو حزب البعث الدموي، حقيقة لست أنا فحسب بل هناك الكثيرين من الوطنيين الشرفاء حسب تصريحاتهم على أن اليوسفي يعد أكبر رجالات الحكم البارزين في تاريخ الحركة الكوردية، ذلك المعاصر الذي أمتزجت رؤياهُ السياسية والحضارية بمواقفه الوطنية والقومية لتحقيق الغايات والأهداف، وهناك مقولة شهيرة للإمام علي بن أبي طالب: " إستصلاح العدو بحسن المقال، أصلح من أستئصاله بطول القتال" ذلك بإن أستصلاح الإعداء يكمن في التفاوض، فهو يقوم على حسن المقال والمنطق وقوة الأقناع، خصوصا أن قوة الدول اليوم أضحت تقاس بمدى تأثيرها وقدرتها على الإقناع للوصول إلى مصالحها وهذا ما كان يسعى إليه الشهيد والدكم، سلمت يداك على نشر هذه المعلومات التاريخية عسى ولعل يهتدي إليه الآخرين..)).رغم محاولات والدي الحثيثة من أجل إنجاح هذه المفاوضات ورغم معرفته التامة بمساوئ النظام إلا أنهُ على كل حال كان الخيار الأفضل حينها من أجل إيجاد حل لقضية شعبنا الذي عان وتجرع تداعيات وآلام نكسة 1975، ورغم ندائاته ورسائله المستمرة إلى كل الأطراف وقياداتها في المناطق المحررة من أجل التكاتف ووحدة الصف والمصير (وكما تقال الحكمة في الأتحاد قوة) إلا أنه وللأسف الشديد لم يرى أية ردة فعل إيجابية من أية جهة، مما أدى في النهاية إلى عدم نجاح هذه المفاوضات لأسباب عدة وعلى رأسها كانت عدم توافق وأهتمام الجهات الأخرى بهذه الخطوة، حيث كان غرور التفرد بالسلطة قد طغت على كل الأطرف، كل منها تريد التحكم في مثل هذه القرارات ويعتبر نفسه هو الأولى بمثل هذه المهمة والأستفراد بها لصالحه، رغم أستمرار محاولات تلك الجهات مع النظام في مثل هذه الخطوات قبل وبعد أغتيال والدي سواء سراً أو علناً إلا أن الفشل كان نصيبهم في النهاية، وقد تعاونت الدول الأقليمية كل من إيران وتركيا وسوريا وكان لهم دور واضح ومتفق في خلق المشاكل والخلافات بين الأحزاب الكوردية منذ إنهيار الثورة الكوردية 1975 لكي لا تنبثق حركة ثورية وكوردية مرة أخرى على نطاق واسع، فوسعت تلك الدول من إشعال فتيل الفتن والحرب الأهلية بين الأحزاب الكوردية لكي لا يستطيع حزب واحد من السيطرة على الساحة السياسية والثورية ويكتسب القوة والشعبية لدى القومية الكوردية، وللأسف كانت حينها أيضاً الأجواء والظروف أيضاً مؤهلة لذلك، من عدم التوافق فيما بينهما وأستفراد كل جانب بالسلطة والقرارات، فكانت تلك المرحلة من أسوء المراحل التي مرت على تاريخ حركتنا ومن أكثرها عنفاً وعداءاً مع أقتتال الأخوة، فتعرض حزب والدي إلى العديد من المعاناة والمشاكسات في هذه المرحلة وعبر إذاعات بعض الأطراف من خلال إعلامها كإذاعة (صوت شعب كوردستان الإتحادي) للأنتقاص من دور الحزب الأشتراكي الكوردستاني ومن قاداتها ومناضليها خاصة بعد أختيار والدي سكرتيراً للحزب من خلال مؤتمره، إضافة إلى عداء النظام السافر وقصفه الهمجي لمقراتهم، حيث أزداد أعداد الواشين الذين كان لهم الدور في إبلاغ النظام بالتفاصيل الدقيقة عن حزب والدي ونشاطه وأماكن مقرات قيادته والشخصيات القيادية، حتى من المنتمين بسرية في العاصمة بغداد من أمثال الشهيدين دارا توفيق وشوكت عقراوي والعشرات الآخرين الذين سمموا وأعتقلوا وعذبوا وأغتيلوا.. وجاء عام 1980 ليحمل معها أشد أنواع المعاناة... يتبع 



تم عمل هذا الموقع بواسطة