1 قراءة دقيقة
الحلقة: السابعة والثمانون - الجزء الثاني عشر من أتفاقية 6 آذار/ مارس 1975

الحلقة: السابعة والثمانون - الجزء الثاني عشر من أتفاقية 6 آذار/ مارس 1975
بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي


مشاهد حية ويوميات من أتفاقية 6 آذار 1975..(6)
بالبداية أهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك.. صياماً مقبولا وكل عام وأنتم بألف خير..

قبل أن أبدأ بهذه الحلقة، أريد أن أضيف هذه الحقيقة والتي أكتشفتها تواً وأنا في صدد نشر هذه الحلقات، وذلك بعد عدة تحريات من جانبي على تلك الرسائل التاريخية التي أشرت إليها في حلقاتي السابقة حول موضوع الرسائل إلى الحكومة العراقية بعد أتفاقية 6 آذار 1975، وذلك بعد حصولي على رسالة من أرشيف أخي شيرزاد، تلك الرسالة التاريخية بنسختها الأصلية التي وصلت إلى مقر الزعيم البارزاني، الذي أوفد بدوره المناضل محسن دزه يى ليخبر والدي ليحضر فوراً إلى مقر الزعيم البارزاني في حاج عمران(1).
ذكرت في الحلقات السابقة كيف كانت الأحداث السياسية المتوترة والمشحونة بالقلق والأضطراب تجري على الساحة السياسية والعسكرية للقيادة الكوردية بعد أتفاقية 6 آذار 1975، وكيف كانت هذه الأيام المعدودة من أقسى اللحظات التي عاشتها القيادة وعاشها الشعب الكوردي، وكيف كانت هناك محاولات حثيثة من أجل خطوة السلام، رغم اليأس من هول صدمة الأتفاقية..! وقد نشرت رسالة المكتب السياسي التي أرسلت إلى الحكومة العراقية من أجل طرق أبواب المفاوضات بين الجانبين لوقف هذه الأتفاقية(2)، ورسالة من الأستاذ فؤاد عارف التي بعثها إلى صدام حسين بيد ضابط أسير يدعى (يعقوب موسى(3))، ثم أشرت إلى آخر مهمة قام بها والدي بعد منعه من السفر إلى الخارج عن طريق سوريا، فأضطر والدي في آخر مهمة بعد أستشارت الزعيم، من إرسال رسالة من أربعة نسخ إلى كل من الرئيس أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين والقيادة القطرية والقيادة القومية، بيد الطيار الأسير صفاء شلال والتي أشرت إليها في (حلقة 81).

وهنا لا بد أن أتوقف حيث أكتشفت.. يبدو أن والدي قد سبق وأرسل برسالة مع الأستاذ فؤاد عارف وبيد نفس الأسير الذي أشار إليه فؤاد عارف (يعقوب) قبل أن يرسل النسخ الأربعة التي أرسلها بيد الطيار الأسير صفاء شلال لاحقاً، وقد أشار المرحوم فؤاد عارف من خلال مذكراته(4) وبهذا النص:((بالمناسبة أتذكر أن المرحوم صالح اليوسفي بعث بدوره برسالة مماثلة إلى حزب البعث الذي أمر بنشر رد قاس عليه نشرته وسائل الإعلام..(4)))، ولكني أستغربت من الجملة الأخيرة للأستاذ فؤاد عارف حين أشار (بأن الرد كان قاسياً على رسالة والدي)..؟!! بينما الرد جاء إيجابياً على تلك الرسالة التي وصلت إلى مقر الزعيم البارزاني رداً على رسالة والدي.. والتي عثرت عليها في أرشيف أخي شيرزاد وهي النسخة الأصلية من مقر البارزاني(5)، وهي معنونة بأسم صالح اليوسفي من اللواء الركن عبد المنعم لفتة الربيعي - قائد فرقة المشاة الألي الثامنة في راوندوز، طالبين عودة والدي لمناقشة بعض الأمور، فطلب الزعيم إبلاغ والدي فوراً بمضمون البرقية مشيراً إنه لا مانع لديه من عودة صالح اليوسفي ليكون عنصر خير هناك.. وقد جاء في نص البرقية:(( باسم الله
قيادة الفرقة الثامنة
20 آذار 1975
الأخ الأستاذ صالح اليوسفي المحترم
تحية من عند الله مباركة طيبة وآمل أن تكون بخير وبعد
لقد علمنا من الملازم الأول يعقوب عبد الكريم الذي أطلقتم سراحه قبل حوالي أسبوع برغبتكم بالعودة إلى الصف الوطني وإني شخصياً أرحب بكم مع من ترغبون بحضوره معكم خاصة وأن لي معرفة كاملة بخدماتكم الجليلة لتربة هذا الوطن الغالي ولا شك أنك تقدر معي بأن بلدنا في هذه الظروف بحاجة إلى خدمات كافة المخلصين من أجل حقن الدماء وسد الفجوة التي أحدثتها ظروف القتال السابقة ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما فيه الصلاح لخير هذا البلد والتعاون المتحد من أجل بناء ما دمرته الحرب وآمل أن أستلم منكم الجواب قريبا وتفضلوا بقبول فائق تحياتي..
المخلص اللواء الركن عبد المنعم لفتة الربيعي
قائد فق مش(فرقة مشاة) 8
جاءت الرسالة خالية من أية عبارات أستفزازية بحق القيادة الكوردية مثل (الجيب العميل أو العصاة أو المتمردين)، كما كانت واردة حينها من قِبل نظام بغداد..
غادر والدي برفقة المناضل محسن دزه يى من مدينة نغدة إلى حيث مقر الزعيم البارزاني في يوم 22 آذار 1975 في (حاج عمران) حيث كان الزعيم ينتظر اللقاء بوالدي على أسرع وجه.

كما أكتشفت أن هناك حلقة مفقودة حول مصير الطيار الأسير (صفاء شلال) والرسائل الأربعة التي أرسلها والدي للمرة الثانية بواسطة هذا الطيار الأسير.. حيث سمعت من عدة جهات أن الطيار صفاء شلال لم يصل للقوات العراقية وإنه أختفى تماماً مع الرسائل..؟!!
وكما تشير شهادة الأستاذ كاميران قره داغي أيضاً إلى ذلك حيث يذكر:(( بعد إنهيار الحركة المسلحة في آذار/ مارس 1975 ومكوثي في طهران حتى نهاية نيسان/ أبريل من العام نفسه، كنت أحد أعضاء مجموعة من رفاق الجبل أتخذنا قراراً بالعودة إلى العراق، مفضلين عدم البقاء في إيران. كان بيننا سياسيون وأكاديميون وإعلاميون، أذكر منهم فؤاد عارف ودارا توفيق (غادر وعائلته بداية إلى بيروت ومنها عاد إلى العراق)، وشقيقه الأكبر خسرو توفيق وعائلته وكمال مظهر أحمد وكمال خياط ودارا رشيد جودت وكمال محي الدين وجلال سام آغا، إضافة إلى آخرين.. وبعد نحو شهر على عودتي، تلقيت ذات يوم أتصالاً من ضابط في مديرية الأمن العام، قال إنه مدير شعبة ما وطلب مني بتأدب أن أراجعه في مكتبه. طبعاً كنت أضرب أخماساً في أسداس، وأنا في طريقي إلى بناية الأمن العامة المرعبة. دخلت إلى مكتب الضابط الذي أستقبلني باحترام، وكانت عنده سيدتان متشحتان بالسواد. وبعد السلام وتقديم الشاي قال لي: أستاذ كامران هل تعرف ماذا حدث للطيار صفاء شلال الذي كان أسيراً عندكم وأنت أجريت معه لقاء بثته إذاعتكم..؟ أضاف وهو يشير إلى السيدتين أن إحداهما، كانت والدة الطيار والأخرى زوجته ولا تعرف عائلته ولا وحدته شيئاً عن مصيره، لأنه لم يعد حتى ذلك الوقت، مع أن الأسرى الآخرين أطلقوا وعادوا إلى عائلاتهم ووحداتهم...(5))).
وهنا ينقلني سؤال دون جواب.. ماذا حصل للأسير الطيار في رحلة عودته مع رسائل والدي..؟!... يتبع

المصادر والهوامش:
(1)في اليوم 22 شهر آذار سنة 1975، كان السيد اليوسفي في مدينة نغدة الإيرانية مع عائلته وكنا في قرية حاج عمران عند الزعيم البارزاني، عندما وردت برقية بواسطة محطة المخابرة الخاصة بمقر البارزاني، معنونة إلى السيد صالح اليوسفي من أحد القادة العسكريين، طالباً عودته لمناقشة بعض الأمور، وقد طلب مني البارزاني الذهاب إلى نغدة لإبلاغ اليوسفي بمضمون البرقية وقال: إنه لا مانع لديه - أي لدى البارزاني من عودته فلا شك أنه سيكون عنصر خير هناك.. وعند وصولي دار الشهيد اليوسفي بلَّغته بمضمون البرقية وبرأي البارزاني، فنهض السيد اليوسفي وشرع بتبديل ملابسه وعاد معي إلى حاجي عمران، وقال إن وجوده هناك سوف يكون مفيداً وأن له أصدقاء كثيرين والأفضل هو عودته إلى العراق فله تأثير كبير على المسؤولين. جريدة خه بات العدد 961 - شهادة من الأستاذ محسن دزه يى.
(2،3) التفاصيل موجودة مع الرسائل في الحلقة 84.
(4)مذكرات فؤاد عارف - ص 283 .
(5)النسخة الأصلية موجودة في التصميم.
(6)الكاتب الكردي العراقي الأستاذ كاميران قره داغي.. شاهد على ثورة الكرد 4 - الطيار العراقي الذي أختفى..

تم عمل هذا الموقع بواسطة