1 قراءة دقيقة
الحلقة: الحادية والخمسون.الزيارات الرسمية لصالح اليوسفي في فترة تسلمه لمنصب وزير الدولة في العراق (1970 – 1974).

الحلقة: الحادية والخمسون.
بقلم وتصميم: زوزان صالح اليوسفي

الزيارات الرسمية لصالح اليوسفي في فترة تسنمه لمنصب وزير الدولة في العراق (1970 – 1974).
قام صالح اليوسفي بعدة زيارات رسمية لعدد من الدول العربية والأتحاد السوفيتي، سواء مع الوفود العراقية الرسمية، أو بصفة شخصية ممثلاً عن رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر، أو ممثلاً عن الزعيم البارزاني، في 28 سبتمبر 1970 توفي الزعيم جمال عبد الناصر أثر تعرضه لنوبة قلبية بعد أختتام قمة الجامعة العربية في القاهرة عام 1970، كان اليوسفي من ضمن الوفد العراقي المشارك في تشيع جنازة الرئيس جمال عبد الناصر، ممثلاً عن القيادة الكردية وزعيمها البارزاني، وكذلك شارك في حفلة ذكرى أربعين يوماً على وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وكان الوفد العراقي يتمثل في كل من حردان التكريتي نائب رئيس الجمهورية، والدكتور عبد الستار الجواري وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، وصالح اليوسفي وزير الدولة ممثلاً عن الزعيم البارزاني، تقديراً لمواقف الزعيم عبد الناصر من القضية الكوردية، وتهنئته بأتفاقية 11 آذار 1970، وأستقباله للزعيم البارزاني أثر عودته من الأتحاد السوفيتي عام 1958،(نشرت مقتطف بسيط في تصميمي بعد أن عثرت بالصدفة على فلم وثائقي في لحظة أستقبال الوفد العراقي يظهر فيه الوفد العراقي.. حردان التكريتي ثم الثالث والدي من خلالها).
كان العراق قد قام بسياسة إنفتاح على العالم العربي، فأرسلوا وفوداً إلى كافة البلاد العربية ومن بينها السودان، فأختاروا لهذه المهمة وزير دولة الأكراد، وهو السيد صالح اليوسفي، حيث كان لإعجاب الأكراد بالسيد الرئيس نميري أثر في ذلك الإختيار، إذ لم تشترك صحفهم في الهجوم على السودان، كما كان الرئيس نميري أول من أرسل برقية بالتهنئة على حل المشكلة الكردية، فأقترح سفير السودان أن تثار من الجانب العراقي، عند حضوره للسودان، مسألة الحملة الإعلامية الجائرة، بالإضافة إلى الموقف الذي بدر من السيد غنام عند زيارة الوفد السوفيتي للعراق، وحينما عاد السيد صالح اليوسفي إلى العراق قبيل أحداث 19 يوليو، أعلن قبول الرئيس نميري لزيارة العراق وترحيب الحكومة العراقية به(1).
بعث الرئيس أحمد حسن البكر بمبعوثه الخاص وزير الدولة صالح اليوسفي لزيارة إلى تونس في 28 أيار/ مايو 1972 للقاء بالسيد الهادي النويرة الوزير الأول في حكومة الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، وذلك حول موضوع النزاع القائم بين الجمهورية العراقية وشركات النفط الأجنبية العاملة في العراق، وفي 1 حزيران/ يونيو 1972 أستقبله الرئيس التونسي حبيب بورقيبة ممثلاً عن الرئيس أحمد حسن البكر من خلال هذه الزيارة الرسمية، وأهتم الرئيس بورقيبة بهذه الزيارة وبأستقباله بوالدي وأهداهُ كتاب من تأليفه عن حياته ونضاله السياسي، وكذلك أهداهُ تذكارات عن جمهورية تونس(2).
كما كان والدي على رأس الوفد العراقي في زيارة الكوريت للمشاركة في المؤتمر الأقليمي الحادي عشر لمنظمة الغذاء والزراعة الدولية للشرق الأدنى في عام 1972، ومن خلال هذه الزيارة تعرف على ولي عهد الكويت الشيخ سعد عبد الله الصباح الذي أستقبله، وأعجب بشخصية والدي وكان يحمل له كل التقدير والأحترام، ونقلاً من أرشيف أخي شيرزاد فأنه في إحدى المناسبات خاطب السفير الكويتي والدي وطلب منهُ حرفياً: ((حبذا لو تنصح الجماعة (يقصد الحكومة العراقية) حتى لا يتحارشون بنا))، (وجاء طلب السفير الكويتي هذا إثر التحرشات العراقية في بداية السبعينيات لبعض المخافر الحدودية الكويتية)، وذلك لكون السفير الكويتي كان يعلم بقوة شخصية والدي ومدى تقدير الرئيس أحمد حسن البكر لوالدي والإستماع إلى آرائه، ولم يقصر والدي في تلبية هذا الطلب، فزداد تقدير وأمتنان ولي العهد الشيخ سعد عبد الله الصباح، كما زار والدي المملكة العربية السعودية في إحدى الزيارات الرسمية الموفدة هناك، وكانت هذه الزيارة في إحدى أوقات العمرة، فعرضت الحكومة السعودية على الوفد للقيام بالعمرة، فأسعد ذلك والدي وقام بهذا الواجب المشرف(3).
كما زار والدي عدة دول عربية أخرى من خلال عدة مؤتمرات، فتعرف من خلالها على أغلب رؤساء الدول العربية، فكان يحاول التقرب منهم ومد جسور الصداقة والثقة من أجل حاجة قضية شعبه الكوردي، وأستطاع بشخصيته العبقرية ودبلوماسيته الفذة من كسب قلوب وتعاطف الأغلبية من هؤلاء الشخصيات إلى قضية أمته والشعب الكوردي، ومن هؤلاء الشخصيات كانوا كل من الرئيس معمر القذافي وحافظ الأسد وياسر عرافات والزعيم كمال جنبلاط ويوسف السباعي وغيرهم من الشخصيات السياسية والثقافية، وكان معمر القذافي في إحدى اللقاءات والحورات مع والدي على القضية الكوردية، أظهر القذافي مدى تعاطفه مع القضية الكوردية وقد صرح لوالدي حرفياً في إحدى اللقاءات: (( بأن الشعب الكوردي يستحق أن يكون له دولة..))، كما كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مقرباً من والدي، وهو بطبيعته كان إنساناً بسيطاً ومتعاطفاً مع قضيتنا، وإلى حد ما كسب ثقة الرئيس حافظ الأسد (( لذا كان من بين الرؤوساء الأربعة الذين أختارهم والدي للقاء بهم أثر نكسة 1975 لنجدة الشعب الكوردي من الأتفاقية الخيانية، كان كل من الرؤوساء الأربعة (معمر القذافي، حافظ الأسد، السادات، ياسر عرفات) وسيأتي الحديث لاحقاً..)).
كما كان لوالدي علاقات طيبة مع العديد من السفراء الأجانب وقد حضر السفير الصين شخصياً إلى أحتفالية مهرجان جمعية الثقافة الكوردية التي أقيمت في (سلمان باك) بمناسبة نوروز.
كما كانت لوالدي علاقة صداقة متينة مع سفير الأتحاد السوفيتي في بغداد، حيث كان لوالدي مكانة خاصة لدى قادة الحزب الشيوعي السوفييتي وكان السفير السوفييتي على أتصال مستمر بوالدي في فترة السبعينيات وفي بعض الأحيان كان يحضر شخصياً إلى بيتنا برفقة مترجمه، ونقلاً من أرشيف أخي شيرزاد كان السفير الروسي يخبر والدي بأن لديه توجيهات من الكرملين بأن يستشيرونه في القضايا والمواضيع التي تهمهم والمتعلقة بالمنطقة، كما كان لوالدي دوراً هاماً في تعزيز العلاقات بين الإتحاد السوفيتي والعراق، وقد منحت الحكومة السوفيتية شرف وضع أكليل من الزهور على ضريح لينين في موسكو وذلك خلال مشاركته في أحتفالات الذكرى الخمسينية لتأسيس الإتحاد السوفيتي، وقد زار الأتحاد السوفيتي عدة مرات في زيارات رسمية منها زيارات رسمية مع الوفود ومنها شخصية نيابة عن رئيس الجمهورية العراقية، وقد طالت إحدى تلك الزيارات قرابة شهر كامل.
كان والدي يدعوا دائماً بعدم الأبتعاد صداقتاً ودبلوماسياً عن الإتحاد السوفيتي، فكان يقول بأن الإتحاد السوفياتي يُمثل نصف الدنيا وليس هناك حدث في العالم ما لم يكن بعلم أمريكا والإتحاد السوفيتي فإذا أبتعدنا عن الإتحاد السوفياتي فهل ستكون أمريكا معنا..؟ وأين الضمانات على ذلك..؟، لذا كان والدي يفضل المشورة والصداقة من قِبل الإتحاد السوفيتي في قضيتنا حينها إذا تطلب الأمر (رغم أنه وبشكل عام لم يكن يرغب بالتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية.. ولكن كان يعلم أن هناك بعض الظروف الأستثنائية يتطلب المساعدة أو المشورة لذا كان يفضل الأتحاد السوفيتي)، لا شك أنه كان يعلم سياسياً أنه الطريق الأفضل في أوقات المحن والحاجة، كما أن الزعيم البارزاني قد لجأ إليها سابقاً بعد أنهيار جمهورية مهاباد عام 1946 إلى حين عودته للعراق في عام 1958.
وقد نال والدي على عدد من الأوسمة من الإتحاد السوفيتي منها وسام لينين للسلام وأوسمة أخرى عديدة من بعض الدول العربية، (كنت قد أحتفظت بها، لكن للأسف وعقب أنتفاضة 1991سرقت جميعها من بيتي ضمن عدة أوسمة عربية وأجنبية منحت لوالدي).
ونقلاً عن والدي: (( أنني في الوقت الذي كنت أدافع بضرورة توثيق علاقات متكافئة وطيبة مع الحزب الشيوعي والأتحاد السوفيتي كمبدأ أستراتيجي بصفة الأول حزب وطني يناهض الأستعمار والرجعية وبصفته الثانية ركيزة أساسية من ركائز حركة التحرر والتقدم في العالم كنت في نفس الوقت أدافع بحماس وحذر من أن تتجاوز تلك العلاقات من التأثير ولو على جزء يسير من أنتهاك سيادة حزبنا وأستقلاله أو المسايرة في ظلال تكتيكاته ولا ألمس لحساب مطامحنا وأحساسنا القومي ولا التأثير في علاقة حزبنا مع الأحزاب القومية والوطنية الأخرى سيما حزبكم لثقل مركزه ودوره على الأحزاب القومية الأخرى، خاصة بالنسبة لتفهمه للقضية الكردية وحزبه وحركته أكثر من جميع الأحزاب القومية الأخرى، كنت أؤكد على أن تصرفاتنا ينبغي أن لا تتقيد بأي نوع من المسايرة والتبعية والتوصية من قبل حزب آخر بل منطلقاً من مصلحته وأهدافه ومبادئه مع إمكانية فتح أوسع أبواب الثقة والتفاهم والتشاور بينهما وبين القوى الوطنية الأخرى...(4)))... يتبع

المصادر والهوامش:
(1)تقرير لجنة د.علوب للتحقيق في 19 يوليو - (موقف العراق عند وقوع أحداث 19 يوليو بالسودان).
(2)كتاب حياة الرئيس بورقيبة المهداة بتوقيعه كانت في مكتبة والدي لحين أغتياله وبعد تفتيش الأمن لمكتبة والدي بعد أغتياله، للأسف أخذوا عدد من كتب والدي وعلى ما أظن كان هذا الكتاب المهداة من الرئيس بورقيبة من ضمنهم. 
(3)كان ضمن أرشيف والدي صور مع الشيخ سعد عبد الله الصباح وبعض الشخصيات الكويتية، وكذلك صور من زيارته الرسمية للملكة السعودية وكذلك من مناسك العمرة، ولكن للأسف البعض منها تلفت في عام 1974 خلال ترحيلنا من قِبل الحكومة، والبعض منها ضاعت خلال أنتفاضة 1991 في بيتنا حين تركناها إلى الحدود التركية، ما زال زي مناسك العمرة (الإحرام) لوالدي تحتفظ بها أختي هافين. 
عندما حاول أخي شيرزاد أن يهاجر طالباً اللجوء السياسي بين عامي (1992– 1993) من خلال زيارته إلى دمشق، أختار ثلاث سفارات حينها من ضمنها سفارة الكويت وكان قد بعث برسالة خاصة للشيخ سعد الصباح عن طريق السفارة، السفارات الثلاثة رحبت به، وكانت هناك بعض الإجرارات الروتينية، ولكن للأسف فيد المنون كانت أقوى من تحقيق رغبة أخي.
(4)من مذكرة والدي للرئيس أحمد حسن البكر 1975



تم عمل هذا الموقع بواسطة