1 قراءة دقيقة
الحلقة: الثانية والسبعون..صالح اليوسفي وأتحاد أدباء الكورد في فترة الثورة 1974- 1975

الحلقة: الثانية والسبعون
بقلم وتصميم زوزان صالح اليوسفي

صالح اليوسفي وأتحاد أدباء الكورد في فترة الثورة 1974- 1975
يذكر الدكتور بدرخان السندي: أعتقد الإتحاد عاش عرساً حقيقياً في الفترة التأسيسية الأولى، أي فترة تنضيج أتفاقية 11 آذار 1970، فقد كان أعضاء إتحاد الأدباء يعملون بجدية وبشهية عالية وبإخلاص قل نظيره، ولكن بعد إنتكاس الثورة تم تأسيس الإتحاد رسمياً وأصبح أشبه بالخديعة، ثم صدر قانون بحل إتحاد الأدباء الكرد ودمجه بإتحاد الأدباء العراقيين على أن يتشكل المجلس المركزي للأخير من ثلاثين عضواً بضمنهم سبعة أعضاء من الكرد، وهكذا تحول إتحاد الأدباء الكرد بعد إنتكاسة الثورة إلى مكان مخيف وصندوق مالي فارغ وبناية مقفولة لا يراجعها أحد، غير الهيئة الإدارية الأصلية ظلت موجودة شكلياً فقد كنت فيها إلى جانب الدكتور عز الدين مصطفى رسول ومحمد كريم المدرس إلى أن أبلغنا رسمياً بقرار مجلس قيادة الثورة بالحل، لكن مجلة الكاتب الكردي (نووسه رى كرد) أستمرت في الصدور رغم المصاعب الجمة، قررنا في حينها يتجه إلى أننا لن نستطيع مقاومة بطش الحكومة فإذا أستطعنا أن ندخل كسبعة أعضاء إلى المجلس المركزي ونضمن أستمرار صدور المجلة بانتظام وقيام ندواتنا ونشاطاتنا كما في السابق فسيكون أهون الشرّين، فدخلنا في إتحاد الأدباء العراقيين وأعقب ذلك دعوة الهيئة العامة لإجراء إنتخابات جديدة للمجلس المركزي، أما بالنسبة للكرد فدخلوا عن طريق التسمية.
كان رئيس الإتحاد (في أوائل الثمانينات) هو الشاعر شفيق الكمالي الذي كان والحق إنساناً خلوقا وطيباً مع الأعضاء الأكراد لكنه أعدم بعد فترة وجيء بشخص آخر (دون إنتخاب) وقيل لنا هذا رئيس الإتحاد (مع ملاحظة أن منصب رئيس الإتحاد كان يختلف عن أمين الإتحاد الذي تولاه محسن الموسوي)، بعد ذهاب شفيق الكمالي ساءت حالتنا نحن الأعضاء الكرد فقدمنا إستقالاتنا من الإتحاد أنا والدكتور عزالدين مصطفى رسول ومحمد ملا كريم المدرس وعبد الستار طاهر شريف إذ أكتشفنا أنهم إنقلبوا على وعودهم وأصبح وجودنا في الإتحاد لا معنى له، فيما بقي كل من صلاح شوان ومحمد البدري أما نحن فقد أنقطعت علاقتنا بذلك الإتحاد وأستعيض عنا بأشخاص آخرين(1).
يضيف الأستاذ مصطفى صالح كريم: كان أتحاد الأدباء الكرد قد أصبح مشلولاً في بغداد لأن الأخوة الذين لم يكونوا قد ألتحقوا بالثورة لم يواصلوا العمل في الأتحاد بغياب رئيسه الشهيد صالح اليوسفي، أما في المحافظات فقد كانت السلطة قد أجازت للفروع العمل ولكن برضاها، وعلمنا بأن مقر بغداد قد تلقى كتاباً رسمياً من وزارة الداخلية عن طريق شرطة الأجرام بغلقه وعدم ممارسة عمله(2).

إتحاد الأدباء الكُرد في المناطق المحررة خلال ثورة 1974- 1975
كان مقر والدي في قرية (بابكرآواه) التي تقع في المناطق المحررة داخل الحدود العراقية وكان يتحمل هناك مسؤوليات عديدة، بالإضافة إلى عضويته في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتسلمه منصب الأمانة العامة للعدل والأوقاف لإدارة شؤون المناطق المحررة، بالإضافة إلى ترأسه وأهتمامه البالغ بأستمرار تواصل ونشاطات إتحاد الأدباء والكتاب الكورد خلال ثورة 1974وإلى حين نكسة آذار 1975.

من خلال رسالة من الأستاذ العزيز مصطفى صالح عبد الكريم(تغمدهُ الله بواسع رحمته): إلى إبنة الأخ العزيزة الست زوزان أجمل التحيات وأطيب التمنيات... أنا تلميذ وصديق الشهيد اليوسفي، وكنت أحد المخلصين والمقربين لهُ، عملتُ في إمرته في إتحاد الأدباء الكُرد كسكرتير لفرع السليمانية، وما يخص علاقتي بأستاذي الشهيد بأنه كان يحبني كثيراً وكان يحترم آرائي ويقدر نشاطي، كنتُ كالداينامو في إتحاد الأدباء الكرد وفي جمعية الثقافة الكردية وكان (رحمه الله) رئيساً لكلتا الجمعيتين، وعملتُ معهُ في الثورة أيضاً، وحين صعدنا إلى الجبل بالمناسبة لم أكن يوماً من الأيام عضواً في الحزب الديمقراطي الكردستاني ولكني كمواطن كردي وكصاحب قلم لم أشأ البقاء تحت حكم النظام وهناك بالنظر لعلاقتي بالشهيد دارا توفيق عينت مديراً للإذاعة، وأسبوعياً كنت أزور الشهيد اليوسفي في مقره الرسمي في بابكر آوا، بالمناسبة جاءنا أحد أخوتك (شيرزاد) فترة إلى الإذاعة ليعمل عندنا كان شاباً متواضعاً جداً، ولم يكن يحب التباهي بمركز أبيه، كان دمث الخلق، ولكنه لم يبق عندنا طويلاً.. وكانت زوجتي (رحمها الله) تزور أسرتكم الكريمة في مدينة (نغده) في إيران.
يذكر الأستاذ مصطفى صالح: في بداية إلتحاق الأدباء بالثورة الكردية عقدوا إجتماعاً موسعاً في قصر السلام بقضاء جومان برئاسة الأستاذ صالح اليوسفي، تقررخلاله أستمرار الإتحاد بعمله في الجبل ومواصلة الأعضاء المنتخبين في المؤتمر الرابع للهيئة الإدارية أعمالهم، فيما تم سد الشواغر التي حصلت جراء عدم أستطاعة بعضهم الإلتحاق بالثورة بعناصر أخرى كفوءة، وتقرر في الإجتماع أيضاً توجيه مذكرة إلى الأدباء والمثقفين العراقيين لنصرة القضية الكردية والدفاع عن هذا الشعب الذي يتعرض للإبادة من قبل النظام البعثي.
قررت الهيئة الإدارية لإتحاد الأدباء إتخاذ جناح من الأمانة العامة للعدل والأوقاف في منطقة بابكرآوا التي كان حينها صالح اليوسفي أميناً عاماً لها مقراً لإتحاد الأدباء الكرد، وتقرر أن يتفرغ كل من الشاعر أحمد هردي والأديب سعيد ناكام والروائي حسين عارف للعمل في الهيئة وأن يبقوا مقيمين في المقر ومتفرغين لشؤون الإتحاد، وخلال تلك السنة قدم الإتحاد عدداً من النشاطات الأدبية والثقافية وأصدر العدد الثاني عشر من مجلة (نووسه ري كورد) كما قدم مذكرات عديدة إلى الإتحادات الأدبية في الخارج حول مايتعرض له الشعب الكردي من إبادة جماعية عدا مساهماتهم في كتابة التعليقات السياسية والخواطر للإذاعة وخصصت إذاعة صوت كردستان برنامجاً أدبياً أسبوعياً بعنوان (الأدب والثورة)، وتم قراءة المذكرة الموقعة من قِبل الأدباء والكتاب الملتحقين بالثورة من إذاعة صوت كوردستان العراق بعنوان: (مع من أنتم أيها السادة..؟!).
وللحق أقول: أن الشهيد اليوسفي كان قد وضع عمله في إتحاد الأدباء في المقدمة، ورغم مشاغله الأخرى في المكتب السياسي وفي الأمانة العامة، كان حريصاً على لم شمل الأدباء والدفاع عن حقوقهم والإجتماع بهم بين فينة وأخرى والإستماع إلى آرائهم، وقد ظل دائماً داعية للسلام والديمقراطية.
في صيف ذلك العام (1974) ألتحق بالثورة الأديب والروائي حسين عارف الذي كان قد بقى في بغداد آنذاك وكان قد أنتخب في المؤتمر الرابع لعضوية الهيأة الإدارية المركزية للإتحاد، حسبما علمنا فيما بعد أنه كان قد حضر وليمة عشاء في أحد مطاعم بغداد مع عدد كبير من الأدباء والمثقفين العراقيين وذلك في إحدى المناسبات الثقافية، وكان قد تطرق الحديث إلى(العصيان الكردي) و(الجيب العميل) والنعوت الأخرى التي كان النظام قد ألصقها بالثورة الكردية زوراً وبهتاناً، لقد غلى الدم في عروق عارف وماكان منه إلا أن يقوم من مكانه ويخاطب الحضور بقوله: لقد وصل نهر الدم إلى جمجمال أيها السادة... وأنتم هنا لايهمكم مصير هذا الشعب.. بل تبحثون عن مبررات لضربه. ثم غادر الصالة، وفي اليوم التالي شد الرحال إلى حيث أصدقائه في صفوف الثورة(3).

يذكر الشاعر محمد البدري: وحين ألتحقت بثورة أيلول عام 1974 كنت أزوره في الأسبوع أكثر من مرة في مقر عمله كأمين عام للأوقاف والعدل فكان يقدم لي مقترحات بخصوص ما يبث في الإذاعة من أخبار وتعليقات، ذات يوم سألته هل يتصور سيادتكم بأن إيران ستبيعنا إذا ما حققت مصلحتها أجاب: نعم وبسهولة لأن إيران تريد نصف شط العراق وصدام سيتنازل لها عن ذلك إذا ما صار في زاوية محرجة (4)... يتبع

المصادر والهوامش:
(1)شموخ الثقافة الكردية عبر التاريخ وتجليات الواقع - لقاء مع الدكتور بدرخان سندي - ماجد الحيدر - صحيفة الزمان.
(2، 3)إتحاد أدباء الكُرد وعلاقته بإتحاد أدباء وكُتاب العراق (4) - مصطفى صالح كريم – مؤوسسة نور للثقافة والإعلام.
(4)الشهيد صالح اليوسفي كما عرفه بعض معاصريه.. الشاعر محمد البدري: كان ملاكاً في زي إنسان، عبق من سيرة معطرة بالنبل والمبدئية وشرف الكلمة، شخصيات مناضلة تتحدث عنه وتدعو إلى دراسته أكاديمياً ( جريدة التآخي ) العدد ( 4709 ) أعد الصفحة: أحمد لفتة علي – شرين البدري



تم عمل هذا الموقع بواسطة