
الثامنة عشر (الجزء الثاني)
بقلم: زوزان صالح اليوسفي
العهد الجمهوري والصراع بين الزعيم قاسم وعبد السلام عارف
على الرغم من مرور ستة عقود على قيام ثورة 14 تموز/ يوليو 1958، ما زال العراقيون يختلفون حول تلك الثورة وعلى شخصية زعيمها عبد الكريم قاسم، وحتى الأجيال التي لم ترى عبد الكريم تتجادل حول هذه الشخصية، فهناك مَن يراهُ بطلاً وتدور حوله أوصاف وألقاب عديدة، وهناك من يراهُ دكتاتوراً، وهناك مَن يرى في تاريخ 14 تموز هي ثورة وهناك مَن يعتبرهُ إنقلاباً، تتصادم وتتجادل هذه الآراء حتى يومنا هذا، وفي كل الأحوال لا بد من سماع آراء النقيضين، وفي المحصلة نستطيع أن نقول أن الطبقة الفقيرة والتي أغلبهم من محافظات جنوب العراق أحبوا عبد الكريم قاسم، وذلك لمساعدته لهم وتعاطفه معهم في الكثير من الأمور من جهة، ومن جهة أخرى لكونه كان إنساناً نزيهاً.
ونقلاً عن الأستاذ عبد الجبار العتابي سوف أضيف أراء لشخصيتين عن الزعيم عبد الكريم قاسم وذلك لمعرفة وجهات نظر رأيين عن الزعيم عبد الكريم قاسم وفترة حكمه:
يقول مفيد الجزائري.. عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي: إن عبد الكريم قاسم رجل مخلص ونزيه ومحب لوطنه وشعبه، وإن منجزات تلك الثورة رغم قصر عمرها الزمني هي دليل على إنها ثورة حقيقية هدفها وغايتها النهوض بواقع بلد نحو التقدم والإزدهار، فمن الجانب السياسي حققت ثورة 14 تموز الكثير، وعلى سبيل المثال، إخراج العراق من حلف بغداد وإلغاء الأتفاقيات غير المتكافئة مع بعض الدول الأجنبية، إلغاء القواعد العسكرية الأجنبية الموجودة في قاعدتي الشعيبة والحبانية، تحرير الدينار العراقي من التبعية الاسترلينية، تشريع قانون الإصلاح الزراعي الذي كان حلم الفلاحين، إصدار قانون الأحوال الشخصية، تشريع قوانين للعمال لضمان حقوقهم، إبرام اتفاقيات مهمة في الجانب الاقتصادي مع الدول الإشتراكية لإقامة عدة صناعات ومشاريع لا يزال بعضها قائماً إلى الآن، وإن بغداد لم تحظ في تاريخها الطويل بزعيم عشق الفقراء بهذه الصورة وأخرجهم من الأكواخ ليسكنهم داخل مدن عصرية.
أما الباحث العراقي فوزي عبد الرحيم فيقول.. إن الزعيم عبد الكريم قاسم وكرجل عسكري، لم يستطع أن يطور أو يعمق التجربة السياسية بإتجاه بناء مؤسسات دستورية تحمي الثورة، وأستهوته الزعامة المطلقة فمضى في سياسات فردية ومزاجية أحيانا ولم يعد يطيق أي نقد أو نصيحة، ما أبعد عنه العديد من المخلصين والكفوئين وأتبع سياسة توازن بين أعداء نهجه ومؤيدي سياساته الوطنية، كما لم يسمح لهؤلاء بحرية العمل الحزبي وقد كان قاسم طوباويا في فهمه دوره في الحياة السياسية، والقرارات المهمة التي أتخذتها الثورة والتي أفادت جزءاً مهماً من المجتمع وأضرت بشدة بفئات كانت نافذة حيث تصرف كحكم بين الجميع وهو أمر ساهم في إضعافه، وإن ثورة 14 تموز 1958 هي حدث جاء تتويجاً ونتاجاً لكفاح طويل لحركة سياسية واسعة ودؤوبة أرادت الأفضل لشعبها ورفضت الأوضاع السائدة وقد كان تغيير الأوضاع مطلباً شعبياً واسعاً وملحاً وكانت الظروف مهيأة(1).
سيكون ضيفي في هذه الحلقة الشخصية الكوردية الأستاذ فؤاد عارف لكونه عاصر كل الأنظمة والقيادات التي حكمت العراق، من الحكم الملكي ماراً بالحكومات الجمهورية، وليس هناك ملك أو رئيس عراقي أو حتى قيادات أو شخصيات إلا ولها موقف أو حدث مع هذه الشخصية الكبيرة المخضرمة هذا من جهة، ومن جهة أخرى لكون الأستاذ فؤاد عارف هو الذي رشح صالح اليوسفي عضو الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكوردستاني حينذاك للقائه بقادة إنقلاب 1963 وكان فؤاد عارف ملازماً لهُ في أغلب اللقاءات.
وقبل الدخول حول موضوع القضية الكوردية في ملف حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، سوف أذكر بعض الأحادث التي ذكرها الأستاذ فؤاد عارف من خلال ما جاء في مذكراته، عن الفترة التي أعقبت ثورة 14 تموز / يوليو 1958، ولست بصدد إطالة الحلقات، وإنما للتركيز على بعض النقاط معينة حول ما ذكرهُ الأستاذ فؤاد عارف، وأن كل مرحلة من هذه المراحل السياسية، سيعلل لاحقاً أحداث تخص تاريخ نضال الشعب الكوردي والقضية الكوردية، عبر هذه المرحلة من الحكم الجمهوري ليدخل الأكراد مرحلة جديدة وبآمال أكبر مما كان في العهد الملكي، خاصة بعد عودة الزعيم الملا مصطفى البارزاني من المنفى والتي سوف أذكر تفاصيل ذلك في الحلقة القادمة.
لذا سوف أمر على ذكر بعض المقتطفات المهمة للأستاذ فؤاد عارف وكما جاء في مذكراته حول الأيام الأولى من إنقلاب 14 تموز، والذي وضح خلالها مدى تدهور العلاقة بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ودور فؤاد عارف في الإصلاح بينهما، معللاً بذلك بأن بواكير الصراع بينهما بدأت منذ الأشهر الأولى من الثورة وتعمقت شيئاً فشيئاً، وظهور القوى البعثية والقومية وبعض من الناصرين في العمل للقضاء على نظام عبد الكريم قاسم المتهم من قِبل هؤلاء بالشعوبية والدكتاتورية والموالاة للشيوعية..
يذكر الأستاذ فؤاد عارف: ((في صباح الخامس عشر من تموز كنت في وزارة الدفاع في بغداد ودخلت على عبد الكريم قاسم وكان عبد السلام عارف واقفاً، في الحقيقة كنت منزعجاً بسبب مقتل الملك فيصل الثاني وأسرته المالكة وأخذت ألومهما، لأني كنت أعرف أن أغتيال الملك لم يكن في برنامج الثورة، وضحك عبد السلام عارف وقال معلقاً: أنت منزعج لأنك كنت مرافقاً للملك أيام زمان..؟
فقلت لهُ نعم كنت مرافقاً للملك، وأنا أعترف ولست نادماًعلى ذلك ولم يكن ضرورياً قتل فيصل الثاني، فأيدني عبد الكريم قاسم بمرارة وهذه حقيقة أقولها للتاريخ وقال لي: إن بعض الأمور تحدث خارج إرادة الفرد وخارج دائرة التخطيط..(2))).
يدعي الأستاذ فؤاد عارف: (( بدأ عداء عبد السلام عارف نحو الزعيم عبد الكريم قاسم منذ زيارته الأولى إلى مصر على رأس وفد من قِبل حكومة قاسم، وإن هذه الزيارة كانت بمثابة الجرس الذي نبه على خطر الإنشقاق بين قاسم وعبد السلام، وأخذ عارف يتصرف بالكثير من الأمور خاصة حين عرض عارف على الزعيم ناصر عن رغبته في إعلان الوحدة الفورية بين العراق والعربية المتحدة، وكأنه هو الرجل الأول في العراق، دون الأكتراث لعبد الكريم قاسم.. ومن هنا حصل الفتور ما بين قاسم وعارف(3)))، ويشير أستاذ فؤاد عارف: (( لقد بدأت بواكير الصراع على السطح شيئاً فشيئاً منذ الأشهر الأولى من حياة الثورة، لسببان الأولى يمتد لسنوات بعيدة من حياة الضباط الأحرار والثانية ذو علاقة بالظروف التنفيذية لثورة 14 تموز، كان الضباط الأحرار ينتمون إلى مدرستين مختلفتين على الرغم من أتفاقهما أو إجماعهما على ضرورة تفجير الثورة وإسقاط الحكم الملكي، المدرسة الأولى هي مدرسة بكر صدقي التي تاثر به فريق من الضباط من أمثال عبد الكريم قاسم وآخرون، فقد كان عبد الكريم قاسم متأثراً ببكر صدقي وبأبن عمته محمد علي جواد (قائد القوة الجوية)، لم يكن إتجاه هؤلاء الضباط أتجاهاً قومياً أو بالأحرى كان قومياً ولكن ليس بمستوى الأتجاه الثاني، أما المدرسة الثانية فهي مدرسة صلاح الدين الصباغ وجماعته التي تأثرت بها عدد من الضباط ومنهم عبد السلام عارف وغيره، وأختلاف هاتين المدرستين بقي كامناً، وأخذ الخلاف يطفوا على السطح بعد الثورة وظهرت معالم المدرستين بعد الحرية النسبية التي تمتعت بها فترة ما بعد ثورة 14 تموز(4).
زاد من إنفعال عبد السلام عارف حين كلفه الزعيم قاسم بمنصب سفير في (بون) بعد أن أعفي عنهُ من خلال محاكمة حين أتهمهُ عبد الكريم قاسم من خلال لقاء بينهما أن العارف أخرج مسدسه في لحظة غضب ليقتل الزعيم قاسم وأستطاع الأستاذ فؤاد عارف أن يسحب المسدس من يديّ عارف بقوة حتى لا يتسبب في حصول كارثة..! إلا أن عبد السلام عارف برر بأنهُ لم يكن ينوي قتل الزعيم وإنما كان يريد أن ينتحر..!(5)، ويذكر الأستاذ فؤاد عارف: (( في الواقع كنت أجد نفسي بين قوتين لا يمكن أن تتفقا بالسهولة، فعبد السلام كان يعتبر نفسه هو الذي قام بالثورة وهو الذي أذاع البيان بنفسه وأعلن الجمهورية وهذا الأنتصار العسكري جعل عبد السلام عارف يشعر بداء العظمة..!، وأخذ يعامل عبد الكريم قاسم وكأنه أدنى منه رتبة وبشكل علني وأحياناً متقصداً، فأخذت القوى الوطنية من الأتجاهين تساهم في دفع وتشجيع حالة الصراع بين الرجلين، وكانت القوى الوطنية التي تناصر عبد السلام عارف تتألف من الوحدويين وحزب البعث والقوميين العرب والأخوان المسلمين ومعظم المستقلين ممن لهم نزعة قومية أو دينية أما القوى الوطنية التي كانت تناصر عبد الكريم قاسم فقد كانت تتمثل بالشيوعيين والوطني الديمقراطي والحزب الديمقراطي الكوردستاني))، وبعد سفر عبد السلام إلى بون يقول الأستاذ فؤاد عارف بأن عبد الكريم قاسم صرح لهُ قائلاً: (( يا فؤاد أرأيت موقف عبد السلام عارف مني..؟ منذ بداية الثورة وهذا الرجل يريد أن يتخلص مني بكل وسيلة حتى بالقتل مع العلم أنا الذي جئت به إلى تنظيم الضباط الاحرار، وفرضته في مواقع من تنظيمات الضباط الأحرار، وإنما وافق الأخوة على قبوله نزولاً عند رغبتي وعلى مضض منهم، لأنه إنسان غير منضبط والآن أتلقى جزاء ما فعلت..(6))).
يقول الأستاذ فؤاد عارف: ((بعد أن أبعد عبد السلام عارف من الساحة السياسية خلا الجو لأنصاره من الشيوعيين وغيرهم، فسيطر الحزب الشيوعي على الساحة وبدأ بمحاربة جميع الأحزاب المناوئة لعبد الكريم قاسم، وكان يعتقد الزعيم قاسم إن الحزب الشيوعي إنما يعمل من أجله ناسياً إنه كان يعمل من أجل نفسه لثبيت قدميه وتحقيق مكاسبه الحزبية، فأخذ الحزب الشيوعي يتمادى في أتهام هذا وذاك بالتآمر على الجمهورية ويطالب إحالتهم إلى محكمة الشعب، وشرعت محكمة الشعب بدورها على إصدار الأحكام القاسية بحقهم، وشهدت لنا الأيام أحكام الإعدام بحق ناس أسهموا بالثورة..! ويضيف الأستاذ فؤاد عارف: (( في الحقيقة كان لأي تنفيذ حكم الإعدام وخصوصاً شهداء أم الطبول، وقعهُ النفسي الكبير عليّ، وأستطيع أن أقول أن أحد أبرز عوامل برود العلاقة بيني وبين عبد الكريم قاسم كان موضوع إعدام هؤلاء الشهداء، لكن الذي يحير فعلاً أن عبد الكريم قاسم لم يعدم عدداً من الأشخاص الذين أستهدفوا حياته وعلى طريقة (عفا الله عما سلف)..! ومن جهة أخرى كانت المفاجأة كبيرة عندما وجدنا عبد الكريم قاسم ينفذ حكم الإعدام في بعض المحكومين..!، ويبدو لي أن بعض العوامل أدت دوراً في تأليب عبد الكريم وملئ صدره بالحقد على غير طبيعته..! وقد أدى الحزب الشيوعي العراقي دوراً كبيراً في هذا الموضوع بلا شك، كانت قضية سعيد قزاز على سبيل المثال أول قضية إعدام تواجه الجمهورية، أردت التدخل فيها لإنقاذه لا لأنهُ كردي من مدينتي فإن الرجل من نظر الكثيرين لا يستحق الإعدام، لأنه أنقذ بغداد من الغراق عام 1954 ورفض تخلية العاصمة بسبب الفيضان، كان سعيد قزاز رجلاً نزيهاً في تطبيق القانون، كنت أشعر خلال مجريات المحكمة مع سعيد قزاز ولغة المحكمة وتباين المنطق بين المتهم والحاكم، كما كان سعيد قزاز أرفع من مستوى المحكمة التي حكمته..؟ هذه حقيقة أقولها للتاريخ، إن محكمة سعيد قزاز هزت مشاعري، ولا سيما تلويح بعض المهرجين بالحبال في قاعة المحكمة، فذهبت صباح اليوم التالي وقابلت قاسم وقلت لهُ: لقد فقدت العدالة من هذه المحكمة وباتت محكمة المهداوي مهزلة ليس إلا.. وصادف أن دخل المهداوي علينا في تلك اللحظة فسألتهُ مباشرة قائلاً: أمحكمة كانت الجلسة التي حضرتها أم مهزلة..؟، ولم ينبس المهداوي ببنت شفة، ولكني وجدته يشير إلى عبد الكريم قاسم موحياً أن عبد الكريم هو الموجه، ثم قال له عبد الكريم قاسم: أذهب وداوم على مهرجاناتك(7))).
وذكر الأستاذ فؤاد عارف عن محكمة ناظم الطبقجلي وجماعته قائلاً: (( كان ناظم الطبقجلي أحد الضباط الأكفاء والمخلصين، وكان صديقي منذ 1954 في جلولاء، تجمعنا مودة وصداقة وأحترام، ومما أذكر حين كنت وزيراً وأقوم بجولة في كردستان وعقب عودتي من السليمانية أستقبلني الطبقجلي في كركوك وحدثني في مسائل مهمة وكان يتحدث متألماً مما آلت إليه الأمور وكان قلقاً لما يجري، منها مسألة ضعف الضبط بين العسكريين بسبب الحزبية التي تغلغلت في صفوف الجيش وأستشراء الفوضى في حياة مدينة كركوك بسبب الشيوعيين والقوميين والبارتيين والتركمان، وكيف أن الشيوعيين يؤدون دوراً ضاراً بمصلحة الجيش العراقي ورجاني أن أفاتح عبد الكريم قاسم بهذا الشأن فنقلت لهُ بدوري معاناة الطبقجلي لأني كنت مؤمناً بالطبقجلي، لكن القاسم ضحك وقال: أعرف ماذا يقصدون إنهم يريدون أن يتآمروا عليّ وقد وضعتهم تحت المراقبة ولدي تقارير عنهم، وأنتظر القبض عليهم متلبسين بالجريمة..!(8))).
ويقول الأستاذ فؤاد عارف: (( على الرغم من أن قراراً صدر في 29 كانون الأول 1958 يقضي بإبعاد الجيش عن التكتل الحزبي غير أن القرار ظل حبراً على ورق، وأعتقد أن عبد الكريم قاسم كان في تلك الفترة أضعف من أن يتصدى للحزبية في الجيش، فقد كان الأمر قد خرج من يده وكان يخشى أن يتخلى عنهُ الشيوعيون والمؤيدون له من الأطراف السياسية الأخرى، وعاش الجيش العراقي حالة فوضى وضعف في الضبط في تلك الفترة لم يعشها خلال كل حياته، وكان الطبقجلي أحد المطالبين بإعلان أهداف الثورة ضمن المنهاج الوزاري، وإن ما أكدهُ الطبقجلي في حينه بدأ يؤكده الكثيرون حتى من مؤيدي عبد الكريم قاسم أنفسهم، فكان ثمة مطلبان رئيسيان: الحزبية في صفوف الجيش وهوية الحكم وتوضيحها(9))).
يذكر الأستاذ فؤاد عارف: (( حضرت أجتماع في وزارة الدفاع، وعندما دخلت رأيت الفريق نجيب الربيعي، رئيس مجلس السيادة ومحي الدين عبد الحميد وأحمد صالح العبدي جالسين، وحزن كبير يخيم على وجوههم في حالة شبه بكاء..! وقالوا لي: سينفذ حكم الإعدام برفعت الحاج سري وناظم الطبقجلي والمجموعة غداً، عجبت الأمر وذهبت إلى عبد الكريم قاسم ورجوته بحرارة أن يعدل عن رأيه في تنفيذ حكم الإعدام، فقال لي: فؤاد لا تتدخل في هذا الأمر، هؤلاء خونة متآمرون عليّ، وقد قررت إعدامهم، إنهم كانوا يريدون أغتيالي وهدم الثورة... فأحتد الكلام والنقاش بيننا ووصلت المشادة إلى أن دفعني خارج غرفته وأغلق الباب ورائي بقوة..!(10)))، ونفذ حكم الإعدام صباح اليوم التالي، والحقيقة إن علاقتي به ساءت بعد إعدام هؤلاء الضباط، كنت أتألم دائماً عندما أجد هذه النخبة الممتازة من الضباط الأحرار وقد أصابهم هذا الصدع والتحاقد، حاولت إصلاح ذات البين، أخذت عبد الكريم قاسم ذات يوم حيث كان يشعر بالضيق إلى منزل طاهر يحيى حيث فرض عليه الإقامة الجبرية وأحاله للتقاعد، وأخذته إلى ناجي طالب، ورغم فرحه بهذه الزيارات ولكن للأسف لم يستمر عبد الكريم قاسم في تحسين علاقاته مع صحبه، بل أستمرت التقارير تؤثر فيه، ونشطت أجهزة الأمن والأستخبارات التي لم تكن متطورة في زمن عبد الكريم، وبدأت ترفع تقاريرها على هواها كل حسب مصلحته ومنظوره الخاص، بقي أقول أن عبد الكريم قاسم كان يعتمد على بعض الأشخاص ممن يقومون له التقارير السرية، وأعتقد أن كثير من المعلومات الواردة من هؤلاء الأشخاص كانت غير منطقية وغير صحيحة(11))).
المصادر:
(1)عبد الكريم قاسم.. البعض يراهُ بطلاً عراقياً وآخرون دكتاتوراً – عبد الجبار العتابي – جريدة إيلاف. (2)مذكرات فؤاد عارف ص 135
(3)مذكرات فؤاد عارف ص 138
(4)مذكرات فؤاد عارف ص 147
(5)مذكرات فؤاد عارف ص 152
(6)مذكرات فؤاد عارف ص 153
(7)مذكرات فؤاد عارف ص 155
(8)مذكرات فؤاد عارف ص 154
(9)مذكرات فؤاد عارف ص 156
(10) مذكرات فؤاد عارف ص157
(11)مذكرات فؤاد عارف ص158