الأمير جلادت عالي بدرخان ونضاله من أجل حماية وتطويراللغة الكوردية الجزأين: الثاني والثالث
في حلقات سابقة قدمنا بعض المعلومات الهامة عن نشاط ودور الأمير البوطاني الكبير جلادت بدرخان في تطوير وتحديث اللغة الكوردية وقواعدها وكيف أن الأمير جلادت واثناء دراسته الجامعية توصل الى قناعة راسخة أن الحروف اللاتينية هي التي تعبر بدقة عن المخارج الصوتية في اللغة الكوردية،نظرا لغياب مجموعة من الحروف في اللغة العربية،التي لاتنسجم مع اللغة الكوردية التي تنتمي الى مجموعة اللغات الهندو-أوربية.لقد أدرك بذكاءه الحاد وتفكيره القومي العميق والشامل أن الكورد بحاجة الى التعليم والثقافة وفي مقدمتها تعلم اللغة الأم وقواعدها،وهنا يلعب توحيد الألفباء دورا هاما جدا في نشر الوعي القومي وبالتالي لم الشمل ورص الصفوف،توحيد الأهداف واعداد برامج قومية شاملة تمهيدا للتحرر القومي واقامة دولة كوردية مستقلة,لهذا السبب بالذات اصدر مجلتي روناهي وهاوار في ثلاثينات القرن الماضي بدمشق،ناهيك عن اصدار منشورات وطباعة بعض الكتب والكراسات باللغة الكوردية وتحديدا بالحروف اللاتينية،ونجح فيها ايما نجاح حيث تحولت تلك المجلتين الى منتديات ثقافية،كتب فيها مجموعة من المثقفين والشعراء والكتاب الكورد نتاجاتهم الأدبية آنذاك.وجدير بالذكر أن جهود الأمير جلادت بدرخان استمرت 13 عاما حتى تمكن من صياغة ألفباء كوردية مؤلفة من 31 حرفا والمستخدمة حاليا في كتابة اللغة الكوردية.لقد كان الأمير انسانا نبيلا وذات روح سامية حقا،فهو يقول في معرض اهداء الألفباء التي وضعها:"أهدي هذا الألفباء الى شعبي،لأنني أعتبرها ثمرة لجهوده ونضاله الدؤوب أكثر مما هي ثمرة لجهدي".لقد قضى هذا الإنسان المناضل والعالم اللغوي والشخصية الاجتماعية سنوات طويلة من عمره متفانيا في خدمة شعبه،فما عدا الألفباء قام بتجديد وإحياء الأدب والثقافة الكورديتين وحاول قدر الإمكان أن تساير لغتنا روح العصر وتواكب منجزات الحضارة البشرية. لن نتطرق الى الكثير من التفاصيل والأحداث التاريخية الهامة الأخرى في حياته،نظرا لضيق المجال، ولكننا سنذكر هذه الحادثة البليغة التي يذكرها الأستاذ ديلاور زنكي في دراسته عن الأمير والعالم اللغوي جلادت بدرخان: بعد اندلاع نار الحرب العالمية الثانية بدأت الضغوط مرة أخرى تنهال على المثقفين الأكراد المقيمين في دمشق وفي ما بين أعوام 1943م و 1946م ألزمته السلطات الفرنسية بالإقامة الجبرية ومنعته من مغادرة دمشق. وعندما رفعتها عنه عام 1947م دعي الأمير الى ترشيح نفسه للنيابة عن الجزيرة المأهولة بالأكراد، فلبى الطلب وذهب الى الجزيرة بموافقة السلطات السورية للقيام بحملته الانتخابية، لكنه ما كاد يطؤها ويقضي 24 ساعة فيها حتى اعادته السلطات السورية الى دمشق مخفوراً.تلك الحادثة الشهيرة اكبر دليل على شعبية الأميرجلادت بدرخان واحتضان الجماهير الكوردية له،حيث ارعبت السلطات العربية الشوفينية في دمشق التي اعتقلته في الجزيرة واعادته مخفورا الى دمشق. . ولكن سوف نذكر ولو في عجالة بعض نتاجاته وكتاباته التي تركها لنا في المكتبة الكوردية وتحولت الى مرجعية لاغنى عنها للكثيرين من الباحثين والأدباء الكورد وهذه هي بعض انجازات وأبحاث الأمير جلادت بدرخان،بعد وفاته المأساوية في العام 1951 في دمشق والتي تغني المكتبة الكوردية بكل فخر واعتزاز: نذكر منها : 1-- مرشد الألفباء الكردية 2-- صفحات من الألفباء 3-- صلاة الإيزيدية 4-- رسالة إلى مصطفى كمال پاشا 5--القضية الكردية ( باللغتين الفرنسية والعربية ) 6-- قاموس اللغة الكردية بجميع لهجاتها 7 – قواعد اللغة الكردية ، شاركه في التأليف ، روجر ليسكو اصدار مجلتي هاوار وروناهي باللغة الكوردية وغيرها.8- ملاحظة1: المصادر هي نفسها المنشورة من قبلنا في الحلقات السابقة ولاسيما صفحتي الأستاذ:ديلاور زنكي والأمير عابدين فايز بدرخان مع تقديم الشكر الجزيل لهما على تلك المعلومات الغنية والهامة المنشورة لديهما. ملاحظة 2: سوف نخصص الحلقة القادمة لسيرة وحياة الأميرة سينم بدرخان ابنة الأمير الفذ جلادت بدرخان. أسرة دنكي كوردستان:لينز- النمسا 07.04.2019