1 قراءة دقيقة
إلى أبي الحبيب.. في ذكرى ميلاد حزبك..

زوزان صالح اليوسفي

إلى أبي الحبيب.. في ذكرى ميلاد حزبك..

حين كنت ترحل عنا كنت أورد الرسائل إليك كلما شعرت بالحنين إليك.. وما زلتُ..! والذكريات تأخذني إلى أول رسالة أرسلتها إليك وأنا في مرحلة طفولتي حين غبت أيام ثورة 1969 لم أكن حينها أجيد الكتابة جيداً فرسمتك ورسمت نفسي وأطلقت الرسالة عبر طائرتي الورقية..! وحين غابت طائرتي في الفضاء ظننت إنها وصلتك..! فرحت وصدقت حين أكدت لي بعد عودتك إنها وصلتك..! فقط لتفرح قلبي الصغير.. يا لروعتك أبي الحبيب..!
ثاني رسالة كانت في أولا مراحل صبايا حين ألتحقت بثورة 1974 ولكن هذه المرة وصلتك رسالتي العفوية عبر مراسل منكم جاء لزيارتنا مع بداية الحرب، كتبت لك كل ما تحمل به نفسي من لوعة الحنين إليك.. وبأنني أريد أن أكون معك أينما كنت وأني أكره الحياة والبيت دونك.. فأخبرتني أختي نارين لاحقاً، بأن عيني أبي أغرقت بالدموع وهو يتطلع إلى رسالتك الطويلة وحنينكِ وشكواكِ..! عذراً أبي إن سببت لك حزنا حينها فمشاعر البراءة والعفوية تطغي في هذه المرحلة كمرحلة الطفولة.. يا لروعة حنانك..!
ثالث رسالة كتبتها لك قبل عام من رحيلك، وكنت في الثانوية أرسلتها بيد أحدى صديقاتي في آخر الدوام، كتبت لك أبي العزيز لا تقلق سوف أتأخر اليوم قليلاً لأن صديقتي عزمتنا على الغذاء في بيتها.. وعندما عدت قبلت جبيني وأثنيت على هذه المبادرة الحريصة مني.. فأشعرتني بالفخر على مبادرتي.. يا لك من أب رائع..!
لم أكن أعلم حينها أنك كنت تدرك ما يجري حولك وحول رفاقك الذين بدأ النظام يقضي عليهم واحداً تلوا الآخر، وكنت تدرك أن الوقت قد حان لدورك أمام هذا الشرف.. وربما يشلمنا نحن عائلتك أيضاً فقد طال يد الأنذال لأمي ليخطفوها من الطريق ويعذبوها وكأن بهم يهددونك بأفعالهم الدنيئة..! لذا كنت حريصاً على غيابنا ولو لدقائق..
هنا أبي الحبيب ومن خلال منزلنا البسيط وذلك المعقل التاريخي الخالد في قلب العاصمة بغداد، تحديت جبروت النظام وأسست حزبك وكتبت منهجه بيديك المباركتين..
كانت في البداية حركة وجاءت تأسيس هذه الحركة في فكرك الحكيم كضرورة تاريخية وموضوعية ليملأ الفراغ في الساحة الكوردستانية، لتلعب دوراً بارزاً في وقف الأنهيار والأنتكاسة التي لحقت بثورتنا خلال نكسة 1975 وواصلت كفاحك المشهود بكافة الطرق، وجمعت خيرة المناضلين رغم الجراح التي لحقت بأبناء شعبنا للأرتقاء مرة أخرى إلى مطاف طموحاتنا القومية والديمقراطية، بمساعدة كل من المناضلين علي عسكري، د. خالد سعيد، عمر دبابة، علي هزار، كاردو كلالي، دارا توفيق، شيخ محمد شاكالي، رسول مامند، عزيز عقراوي، شوكت عقراوي، الحاكم نظام الدين كلي، وملا ناصح، قادر شورش، ماموستا أمين قادر، أحمد فقي ره ش، أحمد كورده، سيد سليم راوندوزي، سعد عبد الله إضافة إلى عدد من الكوادر العسكرية مثل الشهيد سعدي كجكه، ملازم طاهر علي ولي، نقيب عثمان، سيد كاكه، مام ياسين، برهان ملا مرشد، عريف عثمان وغيرهم العشرات من نخبة من العمالقة المناضلين..
ثم تحولت الحركة في مثل هذا اليوم إلى حزب جماهيري كسب قلوب الملايين من أبناء شعبك المخلصين، وأختاروك سكرتيراً للحزب وأنت في عقر دار أعتى نظام حكم العراق.. وكتبت البيان الأول لهذه الحركة بخط يدك المباركة.. فثار غيرة البعض من منافسيك ليعلونها عبر الإذاعات ليسمع القاصي والداني هذا الخبر والشرف.. رغم أنني أشك في نياتهم فربما كان نوعاً من الدهاء ليصل إلى مسامع النظام...! ومع ذلك لم يهمك ولم يقلقك ذلك..! بل بالعكس زادتك قوتاً وإيماناً وجرأة وتحدياً..
أبي الحبيب: لا جدل في أنك طيب القلب وحسن النيات... ولكنني حقاً أرثي لهؤلاء الذين يصفون قوتك وشجاعتك وجرأتك التي لا حدود لها وحكمتك السياسية العظيمة وتحدياتك ضد الأنظمة الحاكمة.. بطيبة القلب وحسن النية فقط..! حينما كنت تتحدى جبروت نظام صدام في عقر داره..!! يالهُ من تقدير مُخيب وساذج..! وتشمئز نفسي من أدعائتهم الساذجة تلك..! فهؤلاء بإعتقادي لا يعرفون معنى الرجولة ولا يستوعبون معنى أن تتحدى الظالم والظلم..!ولا يؤمنون إن كلمة الحق والجرأة من شيم الرجال العِظام من أمثالك..!
فهنيئاً لك والدي الحبيب على هذه القوة والشجاعة والجرأة والشهادة فأنت أيقونة تاريخية وثورية ونضالية قلما تتكرر في التاريخ.. سلاماً على روحك يا أجمل أيقوناتي..
أبنتك المحبة
زوزانكئ


-7:16







تم عمل هذا الموقع بواسطة